الاثنين، 10 فبراير 2020

#人口 كيف تنشىء الصين رموزها؟


rén kǒu

الرمزان سهلان، لا يتعبا الناظر ولا يرهقا الذاكرة.
إنسان وفم!
كلمة تتألّف من مفتاحين حرّين!
قلت في منشور سابق إنّ المفتاح في اللغة الصينية نوعان:
- مفتاح حرّ
- مفتاح مقيّد
الحرّ يمكن أن يكون مفتاحاً وفي الوقت نفسه رمزا.
المقيّد لا يكون إلاّ مفتاحاً ولا يكون رمزاً أي بتعبير آخر لا لا يأتي إلاّ كعنصر مكوّن من مكوّنات رمز.
استوقفتني كلمة 人口 ، ورحت أتساءل عن دور الفم في الكلمة.

(ملاحظة: الكلمة الصينيّة قد تتألف من رمز واحد، أو رمزين ، أو أكثر، كما في العربية، ( حلاوة الجبنة، أو أصابع زينب، أو كل واشكر، أو قوس قزح، أو بابا غنّوج...)، فهنا لا تتوصّل إلى المعنى بكلمة واحدة، وما تراه في العربية تراه في الفرنسية والإنكليزية والألمانية، الكلمة المفردة أحيانا لا تكفي للإشارة إلى المطلوب).

الصين بلد الكمّ، الكمّ البشريّ الهائل، والكمّ همّ!
همّ على قلب الحاكم، همّ إطعام هذه الملايين الغفيرة ، والطعام فم!
والفم الجائع فمٌ ثوريّ، متمرّد، كان أبو ذرّ الغفاري الصحابيّ الجليل يستغرب كيف لا يخرج الجائع على الناس شاهراً سيفه!
تخيّل السيوف التي تشهر في الصين بسبب الجوع!
وللصين تجارب مريرة مع المجاعات!
وتكتب حول الجوع والمجاعات كتب ضخام حول نقصان الطعام في الصين عبر السنين!
نحن لا نستعمل كلمة فم بالمعنى الذي تستعمله الصين في هذا المقام.
الكلمة التي تختارها حضارة ما للتعبير عن شيء ما هو اختيار ابن طبيعة هذه الحضارة أو تلك.
نستعمل في لبنان مثلا عبارة "نسمة" للإشارة إلى عدد سكّان لبنان، فنقول ، على سبيل المثال، عدد سكان لبنان أربعة ملايين " نسمة" ، أو " نفس"، وفي العامية قد نسمع كلمة " تِنْفُسْ"، كأن نقول خمس ( تنفس)!
بديل الفم عندنا الأنف! ( نفس، نسمة)!
ليس عندنا هاجس الجوع كما في الصين!
بل أنّنا لا نقيم وزناً للجوع، وهذا سبب عزوفنا عن الزراعة ، وعزوفنا عن تمتين الأمن الغذائيّ!
بينما الجوع هاجس في الصين، هاجس لا يغيب عن سياسات الحكّام، وهو كان أحد أسباب تحديد النسل الصارم على امتداد حوالي ثلاثة عقود في الصين، لكبح جماح المجاعة التي تكبح، بدورها، النموّ الاقتصادي !
همّ الصين توفير الغذاء لملايين الأفواه، وبالتالي، توفير الأمن، وتوفير النموّ!
جزء من مآكل الصينيّين هو ابن تجربتهم المريرة مع الجوع، وكنت قد قرأت كتاباً عن تاريخ الجوع، وتاريخ المجاعات، وتخللت الكتاب أشياء موجعة، وأشياء من قبيل الطرائف، ومنها اختراع مآكل ما كانت لتخطر ببال شبعان!
من هنا حضور الفم 口 في كلمة السكّان

!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق