الثلاثاء، 2 أبريل 2013

هيلين كيلر

هيلين كيلر .

 
” إن العمى ليس بشيء وإن الصمم ليس بشيء، فكلنا في حقيقة الأمر عمي وصم عن الجلائل الخالدة في هذا الكون العظيم”.
250px-Helen_Keller
صاحبة هذه الكلمات العظيمة هي ( هيلين كيلر ) هذه الفتاة التي فقدت عدد من حواسها الأساسية، وعلى الرغم من ذلك تمكنت من النبوغ وحفرت لنفسها مكاناً مميزاً في المجتمع تفوقت به على كثير ممن يملكون حواسهم كاملة ولا يستطيعون أن يحققوا أي شيء في حياتهم.
هي أمريكية كانت مصابة بالصمم والعمى والبكم منذ صغرها، ورغم هذا تعلمت الكتابة والنطق، ثم تعلمت اللغة الإنجليزية والفرنسية والألمانية واللاتينية ،ودخلت الجامعة وتخرجت، ثم تفرغت للكتابة والتأليف، ولها كتب وقصص ومقالات، ومن مؤلفاتها: ” مفتاح حياتيالذي صدر عام ١٩٠٢ وهو كتاب عن تاريخ حياتها، وكذلك كتاب العالم الذي أعيش فيه الذي صدر عام ١٩٠٨ و كتابها الشهير الخروج من الظلامعام ١٩١٣.
في ولاية (الباما) الأميركية, ولدت ( هيلين كيلر ) وبدت عليها مظاهر النجابة في سن مبكرة؛ فما كادت تكمل العام الأول حتى بدأت تنطق ببعض الكلمات ولكنها ما أن بلغت الشهر التاسع حتى إصابتها حمى أفقدتها بصرها و سمعها، فغرقت في ظلام وسكون شاملين، ونسيت ما كانت تعرفه من كلمات قليلة، ثم ما لبثت أن فقدت قدرنها على النطق .
أرسل والدها إلى مدير معهد المكفوفين بأمريكا يطلب مشـــورته ، فأرسل له المربية العجيبة ( آن سولفان ) التي نشأت هي الأخرى كفيفة ، حيث تعلمت العلم واللغة والأخلاق وعندما بلغت الرابعة عشر من عمرها وبعد العملية التاسعة استطاعت أن تبصر . لم يجد مدير المعهد أفضل منها ليرسلها إلى ( هيلين )، فقد قال لها : لقد مضى الوقت الذي كنت فيه تلميذة ، اذهبي إلى العالم الواسع لتخدمي الآخرين. كانت ( آن ) ذات إرادة حديدية ، لم يرضها معاملة الأم لإبنتها وحنانها الزائد لأنها كانت تؤمن أن الإنسان مهما كان لديه من عاهات يستطيع أن يتعلم ويصبح إنسانا عاديا.
070625114232_anne_sullivan_seated_with_helen_keller_lg
حاولت ( آن ) تعليم ( هيلين ) اللغة ولكنها تمردت عليها وأصابتها يوما وكسرت أسنان معلمتها ولكن ( آن ) كانت صارمة ولم تيأس وكانت المعجزة .البداية عندما كانت ( هيلين ) تبدي ابتهاجا حينما تلمس يديها الماء وهو الأمر الذي أثار اهتمام معلمتها ووجدت منه المدخل الذي سوف تتمكن به من العبور إلى عقل ( هيلين ) وذلك عن طريق استغلال حاسة اللمس وتعليمها الكثير عن البيئة المحيطة بها من خلالها، وأصبحت حاستي اللمس والشم هما وسيلتا التعارف بين كل من ( هيلين ) والعالم.
وابتكرت المعلمة طريقة فذة يتم من خلالها التعامل مع ( هيلين ) وتعليمها خاصة وأن ( هيلين ) لا تسمع ولا ترى ولا تتكلم فجاءت طريقة المعلمة العبقرية بتعليم ( هيلين ) الحروف الهجائية بلمس داخل كف اليد، وقد وجدت المعلمة في طريقة برايل فرصة لتتعلم ( هيلين) القراءة، وبعد عامين من الجهد والمثابرة تمكنت الطفلة من إجادة القراءة بطريقة برايل، ولم يكن هذا هو كل شيء فقد أجادت الطباعة أيضاً على الآلة الكاتبة المصممة بنفس حروف برايل وبذلك تمكنت ( هيلين ) من الإطلاع على العديد من الكتب وكتابة عدد من الكتب والمقالات الخاصة بها.
عندما وصلت ( هيلين ) إلى العاشرة من عمرها أصرت على تعلم الكلام والنطق فاستجابت المعلمة لطلبها وذلك بعد أن لاحظت أن ( هيلين ) يمكنها فهم الأصوات وتمييزها عن طريق لمس حنجرة المعلمة وتحسس الذبذبات الصوتية بواسطة اللمس، وتمكنت ( هيلين ) من التحدث مع الناس وهي لا تسمعهم وذلك بتحريك شفتيها فقدمت عدد من الخطب القصيرة.
keller2
في عام ١٩٠٠ التحقت ( هيلين ) بكلية “رد كليف” بصحبة معلمتها (آن) وكانت حينها في العشرين من عمرها، وكانت (آن) تعمل على ترجمة المحاضرات لها بطريقة لمس بطن كفها، وبعد أربع سنوات أنهت ( هيلين ) دراستها ووهبت حياتها لمساعدة أمثالها من المعاقين، كما حصلت على درجة الدكتوراه في القانون من جامعة جلاسجو باسكتلندا ،وتزوجت وألفت كتب وألقت محاضرات وسافرت إلي كل أرجاء العالم تدافع عن قضية المكفوفين.

من مقولاتها الشهيرة :


HelenKellerOscar

- “يتعجب كثير من الناس عندما أقول لهم باني سعيدة، فهم يتخيلون أن النقص في حواسي عبء كبير على ذهني يربطني دائماً بصخرة اليأس، ومع ذلك فإنه يبدو لي أن علاقة السعادة بالحواس صغيرة جداً فإننا إذا قررنا في أذهاننا أن هذا العالم تافه يسير جزافاً بلا غاية فإنه يبقى كذلك ولم تتبدل صورته، بينما نحن إذا اعتقدنا أن هذا العالم لنا خاصة وأن الشمس والقمر يتعلقان في الفضاء لنتمتع بهما فإن هذا الاعتقاد يملأنا سروراً لان نفوسنا تتمجد بالخلق وتسر به كأنها نفس رجل الفن، والحق أنه مما يكسب هذه الحياة كرامة ووجاهة أن نعتقد أننا ولدنا لكي نؤدي أغراضاً سامية وأن لنا حظاً يتجاوز الحياة المادية”.
وقالت هيلين أيضاً : إذا اعترض علي شخصاً متسائلاً ألا تسأمين من وحدة الأشياء التي تمسينها وأنت لا ترين اختلاف الضوء والظلام عليها؟ أليست الأيام كلها سواء لديك؟
سوف أقول : كلا إن أيامي كلها مختلفة فليست هناك ساعة تشبه أخرى عندي فإني بحاسة اللمس أشعر بجميع التغيرات التي تطرأ على الجو، وإني متأكدة بأن الأيام تختلف عندي بمقدار اختلافها عند الذين ينظرون إلى السماء ولا يبالون بجمالها بل يرصدونها ليقفوا منها هل تمطر أم لا، وفي بعض الأيام تنسكب الشمس في مكتبي فأشعر بأن مسرات الحياة قد احتشدت في كل شعاع من أشعتها، وهناك أيام ينزل فيها المطر فأشعر كأن ظلاً يتعلق بي وتنتشر رائحة الأرض الرطبة في كل مكان، وهناك أيام الصيف المخدرة حين يهب النسيم العليل ويغريني بالخروج إلى مظلتي حيث أتمدد واحلم بالزهر يغشاه النحل وهناك ساعات العجلة والازدحام حين تحتشد الخطابات على منضدتي ثم ساعات لانهاية لها تختلف وتتفق مع المفكرين والشعراء، وكيف أسأم ما دامت الكتب حولي.
كما تتحدث هيلين عن حاسة الشم لديها، فتقول ” أن حاسة الشم لدي من أثمن واهم ما املكه في حياتي اليومية فإن الجو ممتلئ بالروائح التي لا حصر لها أعرف منها الأماكن والأشياء”
الحياة إما أن تكون مغامرة جرئيه … أو لا شيء .
- لقد وهبني الله الكثير حتى أنني ليس لدي وقت للحزن على ما حرمني إياه. 
helen-keller

(هيلين مارست ركوب الخيل والسباحة والتجديف ،و زارت أكثر من خمسة وعشرين دولة لتحسين حال المكفوفين حتى أنها وصلت للهند ،وقطعت أربعين ألف ميل ، وهي في الخامسة والسبعين من عمرها لتحمل الأمل والخير لكل المكفوفين،و أيضًا زارت مصر عام ١٩٥٢ وقابلت الدكتور طه حسين ، وقال لها الصحفي الكبير كمال الملاح :مالذي تتمنين أن تشاهديه في حال استطعتي أن تبصري ولمدة ثلاثة أيام ؟ فأجابته: “أني أتمنى أن أرى هؤلاء الناس الذين عطفوا علي وجعلوا لحياتي قيمة وأشكرهم من أعماقي “.عندما اشتعلت نيران الحرب العالمية ، قامت بزيارة الجرحى والمصابين و عندما تعجب الناس منها ، قالت لهم : إني أستطيع أن أتنقل وأنا عمياء وصماء وأنا سعيدة لأني أصبحت أقرأ أعمال الله التي كتبها بحروف بارزة لي ، فدائما عجائبه ومحبته تشملني.
لقد استطاعت ( هيلين كيلر ) إقناع الأمم المتحدة بتأليف لجنة لوضع حروف دولية بطريقة برايل يقرأها المكفوفون جميعا وترجمت كتبها إلي 50 لغة. إن هذه السيدة العظيمة تبكت كل إنسان يتذمر على الحياة و عنده كثير من نعم الله العديدة ، كما إنها تدعو كل إنسان يائس يشعر أن الحياة قست عليه ،تدعوه ألا ييأس بل يسعد بحياته ويحاول اسعاد الآخرين .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق