السبت، 7 فبراير 2015

هل تدخل الأطعمة الصينية قائمة اليونسكو؟

"المطبخ الصيني واحد من ثلاثة مطابخ عالمية مشهورة، مع المطبخين الفرنسي والتركي. وبرغم أن المطبخ الصيني يحظى بمكانة عالية واعتراف عالمي، لم تدرج فنون الطبخ الصينية بعد في قائمة اليونسكو للتراث الثقافي العالمي غير المادي، وهذا أمر تأسف له أوساط الطبخ في الصين." بهذه الكلمات، بدأ حديث بيان جيانغ، نائب رئيس الجمعية الصينية للطبخ، وهي الجهة المعنية بملف طلب إدراج الأطعمة الصينية في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو).
.
محاولة لم يكتب لها النجاح
قال السيد بيان إن الجمعية الصينية للطبخ، تقدمت في عام 2011، بمشروع إلى وزارة الثقافة الصينية لتتقدم الوزارة بطلب لإدراج الأطعمة الصينية في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي لليونسكو. ولكن المشروع كان مرفوضا في بداية الأمر بعد سمع أصوات المختصين. أضاف السيد بيان: "وفقا للوائح اليونسكو بشأن إدراج التراث الثقافي غير المادي في قائمتها، تم تقسيم مشروع طلب إدراج الأطعمة الصينية إلى ثلاثة أقسام، الأول هو قسم طهي ويتمثل رئيسيا في توارث فنون وتقنيات الطبخ، والثاني هو قسم عادات وتقاليد تناول الطعام الصيني، والقسم الثالث يتضمن بعض النماذج الناجحة في مسيرة التوارث والحماية. في عام 2011، كان الطلب المقدم من الجمعية الصينية للطبخ يتضمن فنون الطبخ التقليدية الصينية. من الواضح، أنه موضوع كبير لدرجة لا يمكن معها شرح ثقافة الأطعمة الصينية وأفكارها بكلمات موجزة. فالمطابخ المدرجة إلى قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي، كانت معظمها بمثابة فروع صغيرة من ثقافة الطعام، مضمونها ليس واسعا مثلما في المطبخ والأطعمة الصينية"، حيث إن أساليب الطبخ الصيني تشمل خمسة وثلاثين نوعا ومائة وثلاثين فرعا. وهذا أمر يصعب شرحه.
منذ إقرار اليونسكو لاتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي في الدورة الثانية والثلاثين لمؤتمرها العام في شهر أكتوبر عام 2003، أدرجت المنظمة ستة مطابخ في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي، وهي المطبخ الفرنسي، ومطبخ البحر المتوسط، والمطبخ التركي، والمطبخ المكسيكي التقليدي، والكيمتشي الكوري، والمطبخ الياباني. قال السيد بيان: "بعد دراسات عميقة حول هذه المطابخ المدرجة، وجدنا أن ما يؤثر في لجان التقييم ليس الطعام أو تقنية الطبخ، وإنما العناصر الثقافية التي تقف خلف الطعام."
 ثقافة الطعام الصينية
.
برغم أن الطعام الصيني نال شهرة عظيمة لدى أوساط الأطعمة العالمية، ظل التعريف بالأفكار الثقافية للطعام الصيني موضوعا صعبا في مشروع طلب إدراج المطبخ الصيني في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي. السبب هو الاختلاف الكبير بين الأطعمة الصينية والغربية في المواد الغذائية والأذواق وطرق الطبخ. قال السيد بيان: "المحتوى الثقافي في المطبخ الصيني هائل؛ ابتداء من تنوع المواد الغذائية والتي تشمل النباتات والحيوانات وكل ما يطير في السماء ويسبح في المياه. والثاني، هو تعدد تقنيات الطبخ التي تنقسم إلى أكثر من ثلاثين نوعا ومائة فرع، إلى جانب تنوع أساليب العرض التي تتمثل في أشكال تقطيع المواد، وفي أدوات المائدة، مثل الطاسات والصحون. الهدف من طلب إدراج المطبخ الصيني في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي هو تعظيم ثقافة الصين الغذائية وتعزيز قوة الصين الناعمة وتعزيز حماية عناصر التراث الثقافي غير المادي في مجال الأطعمة الصينية.
مسيرة متواصلة
بدأت الجمعية الصينية للطبخ، منذ إنشائها في ثمانينات القرن الماضي، جمع وتأليف وطباعة مطبوعات حول فنون الطبخ الصينية، ولم تتوقف مساعيها لتعميم ثقافة الطعام الصينية بمختلف الطرق والأشكال. وفي السنوات الأخيرة، تعمل الجمعية من أجل إدخال الطعام الصيني ضمن مناهج معاهد كونفوشيوس والمشاركة في المعارض الدولية للطعام، لتعريف مزيد الناس على نطاق العالم بالطعام الصيني.
قال السيد بيان: "في داخل الصين، ظلت ثقافة الطعام هامشية في الثقافة الصينية لفترة طويلة، ولم يكن الطعام يمثل ثقافة باعتباره شيئا عاديا يتناوله الناس كل يوم. في السنوات الأخيرة، بدأت ثقافة الطعام الصينية تبدي ملامحها تدريجيا، وفي شهر فبراير عام 2014، شاركت الجمعية الصينية للطبخ في أحد المعارض الثقافية بالخارج، تلبية لدعوة من وزارة الثقافة الصينية التي كانت الطرف المنظم. كان لهذه الدعوة مغزى هام، لأنها تعني أن الحكومة أدخلت ثقافة الطعام في الإطار العام للثقافة الصينية."
برغم أن بيان جيانغ يفتخر بأن الجمعية الصينية للطبخ هي الكيان الرئيسي المعني بطلب إدارج الطعام الصيني في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي، تظل الصعوبات الواقعية عائقا يضعف عزيمته هو ومن معه. قال إن فرنسا والمكسيك وغيرهما من الدول قبل أن تنجح في إدراج أطعمتها في التراث الثقافي غير المادي، أنشأت كل منها لجنة وطينة تابعة لوزارة الاقتصاد أو الثقافة، تضم الاتحادات المعنية بالأطعمة الغذائية رئيسيا، إضافة إلى كثير من المؤسسات البحثية المهنية والخبراء وممثلين عن المواطنين، فحشدت قوى متنوعة لدعم طلب الإدراج. بينما في الصين، كانت الجمعية الصينية للطبخ هي الجهة الوحيدة التي تسعى في طريق طلب إدراج الطعام الصيني في قائمة التراث الثقافي غير المادي. وقال: "حاليا، هناك أكثر من عشرين عنصرا ثقافيا صينيا أطلقت مشروعات طلب إدراج في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي، جميعها تحظى بدعم مالي من الحكومة، إلا الطعام الصيني. قوة الجمعية ضعيفة ومحدودة، نرجو أن تدعم الدوائر الحكومية ثقافة الطعام الصيني وأن تهتم بها."
وقال السيد بيان، إن الهدف من إدراج الطعام الصيني في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي، ليس الحصول على شهادة أو تقدير، فالأهم من ذلك هو تعميق فهم ومعرفة الصينيين والأصدقاء في العالم  بالثقافة التقليدية الكامنة في الأطعمة الصينية اللذيذة. برغم أن مشروع طلب إدراج الطعام الصيني في قائمة اليونسكو لم يحصل على الموافقة حتى الآن، لن تتوقف جهود الجمعية الصينية للطبخ والجمعيات المحلية الأخرى لدفع مسيرة إدراج الطعام الصيني في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق