السبت، 4 مايو 2019

رغيف خبز



الشكل خدّاع، فلا شيء في ظاهر الصورة يوحي بأنّ هذا الرغيف لا علاقة له بالقمح.
ولكن، فعلا، لا علاقة له بالقمح!
فهو رغيف معمول من الأرزّ والبطاطا!
هل يمكن للبطاطا أن تكون خبزاً؟
انظر إلى كلمة دقيق.
ماذا تفعل كلمة دقيق؟
لكلمة دقيق قدرات خارقة !
دقيق القمح معروف!
دقيق الذرة معروف!
دقيق البطاطا معروف!
ال purée دقيق بطاطا، قل طحين بطاطا!
كلمة طحين مختلفة عن كلمة دقيق.
المترادفات طرقات مختلفة.
والدور الذي يؤديه الترادف في اللغة هو الدور الذي تؤديه الطرق والدروب في المدن والبلدات .
كلّما حسّنت شبكة المواصلات حسّنت عيشة الناس
الدول الحضارية تحسب كيلومترات الطرق وتشابكها فهي معيار حضاري.
شبكة الترادف هي ايضا معيار حضاري.
وكما تجد طرقاً قادوميّة في الجغرافيا تجد طرقاً قادومية في الجغرافية اللغوية.
أزمة الشوارع في طرابلس مثلا هي أزمة ايضا اقتصادية!
قلت: الدقيق غير الطحين
ولو وضعت كلمة طحين في ذهني وأنا أتعامل مع كلمة دقيق لتغيرت علاقتي بالطحين والدقيق معا.
كلمة طحين في طرابلس مثلا تغيب عن التناول وأنا أحكي عن الحمّص، رغم أنّ مشتقات جذر " ط ح ن" تحيط بالحمّص عبر كلمة " حمّص مطحون"، وعبر كلمة " طحينة" التي تستعمل من أجل تحضير الحمّص " المدقوق".
كلمة " مدقوق" تأخذني إلى " الدقيق"، وكلمة " مطحون" تأخذني إلى الطحين.
ومن هنا، أتعامل مع " طحين" الحمّص، ومع " دقيق" الحمّص.
كما تعامل الرغيف في الصورة مع دقيق البطاطا أو طحين البطاطا وطحين الأرزّ.
الحضارة الصينية حضارة بوجهين: وجه أرزّي، ووجه قمح

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق