الألزهايمر موجع، رهيب، ولاّد قصص وحكايات.
قرأت هذه الحكاية عن امرأة عجوز تعاني من الألزهايمر، والضياع يهدّد المصابين بهذا النوع من تبعثر الذاكرة.
ضاعت العجوز، ولكن طريق العثور عليها لا يخلو من دلالات. من ينسى لا ينسى كلّ شيء، ولا أحد يعرف متى تستيقظ ذكرى في ذاكرة من فقد ذاكرته كلّها.
ضاعت المرأة ، والضياع يبعثر الزمان كما بعثر المكان والذكريات، ويظنّ بعض الماضي شيئاً من الحاضر، تمحى الحدود بين الحاضر والغابر، تلعب الذاكرة التي يتعتعها الألزهايمر بصاحبها كما تلعب الريح بقشّة هشّة، وهذا ما حصل لتلك العجوز التي ذهبت إلى الحضانة لتحضر ابنتها، دهشت الموظّفة من طلب العجوز فليس عندهم فتاة تحمل الاسم الذي تلفظت به المصابة بالالزهايمر، استغربت الموظّفة وبدأت تشكّ بحالة المرأة العقلية فاتصلت بالشرطة وبدأ البحث عن اهل العجوز، الى أن تمّ العثور على ابنتها البالغة من العمر الثلاثين، ولكنها لا تزال في ذاكرة امها تلك الفتاة الصغيرة التي كانت توصلها الى الحضانة.
كان ذاكرة الأمّ دموعاً في عيني ابنتها، حين أخبرتها الحاضنة بكيفية العثور على أمها التي فقدت ذاكرتها وبقيت عالقة فيها طفولة ابنتها.
الألزهايمر عالم جارح، يريك الإنسان في صورة هشّة، محيّرة.
مرض يأكل الذكريات، يقضمك من الداخل، يجوّفك من نفسك وروحك ، وتصير أنت في مرآة نفسك كائناً غريباً، تصير صورتك في المرآة صورة واحد غيرك، تحدّق في ملامحه بقدر ما يحدّق في ملامحك، وتحدثه بحديث لن يفهمه إلا ذلك الذي يصغي إليك من وراء المرايا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق