حين بدأت عاملة المقهى في عملها اكتشفت شيئا غريباً. بعد انتهاء دوام اليوم الأوّل تقدّمت منها صاحبة المقهى وأعطتها عدّة أوراق مطبوعة تتضمّن معلومات عن حبّة القهوة، ثم قالت لها: غدا أسئلتي لك حول مضمون الأوراق.
بلعت ضحكتها، وبلعت أيضا استغرابها، فالمقهى ليس مدرسة ولا جامعة، حاجتها للعمل دفعتها إلى قراءة الأوراق، وليس فضولها، ولكن ومع تكرار القراءة وزيادة معلوماتها عن المقهى والقهوة راودتها أفكار، وتولّدت لديها أحلام.
بعض الكلمات المكتوبة مفاتيح مستقبل، وطرقات إلى ديار وأفكار . صارت تحلم بأن تحصل على شهادة لإدارة المقاهي، وكان مدخلها إلى ذلك التسجيل في كلّية إدارة مطاعم الفنادق.
حققت مع الوقت أحلامها بتأسيس مقهى صار مع الوقت فندقا، كما زادت لهفتها للكتابة عما تعرف فصارت تكتب مقالات في مجلة Fresh Cup .
تدهشني كلمة مطالعة التي نستعملها بمعنى القراءة حين أربطها بجذرها الذي خرجت من تضاعيف حروفه الثلاث( طلع)، المطالعة طلوع ، صعود إلى الأعلى ، إلى المرتفعات حيث تنبسط أمام عينيك مشاهد ما كان لك أن تراها وأنت تحبو .
إقرأ حتّى عن أبسط الأشياء، تتحوّل هذه الأشياء البسيطة إلى كنوز، وأحلام وتطلعات.
ولا تغيب العلاقة ، أيضا، بين المطالعة والتطلعات!
لا أنسى يوما قولي لابن اسكافيّ يعمل مع والده حين سألني : ماذا تنصحني أن أقرأ، وكان قد أظهر لي حبّه للمطالعة، فقلت له: إقرأ عن الأحذية والجلد والنعال والصمغ والمسامير والخيطان.
إقرأ مهنتك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق