الاثنين، 3 يونيو 2013

الدكتور بلال عبد الهادي وقع كتابه الأول "لعنة بابل" في "مركز الصفدي الثقافي"

 

   
image عبدالهادي ، الحلوة وبركة في مؤسسة الصفدي
طرابلس : عامر الشعار
بالتعاون بين "مؤسسة الصفدي" و"مركز محمود الأدهمي الثقافي":
 الدكتور الكاتب بلال عبد الهادي وقع كتابه الأول "لعنة بابل" في "مركز الصفدي الثقافي"
"أقول لطلاّبي أننا نفتح المعجم عادة للبحث عن معنى كلمة نجهله، وهذا ممتع لا ريب، ولكني أقول لهم : الأمتع هو أن نفتح المعجم على الكلمات التي نعرفها، فنكتشف أننا لا نعرفها. وما أمتع أن نكتشف أننا لا نعرف ما نعرف"... 
كلمات أعلنها الكاتب والأستاذ الجامعي الدكتور بلال عبد الهادي، خلال توقيعه كتابه الأول "لعنة بابل" في "مركز الصفدي الثقافي"، وذلك بدعوة من "مؤسسة الصفدي" و"مركز محمود الأدهمي الثقافي للتوثيق والأبحاث والمعلومات"، لصاحبه وناشر صحيفة "الإنشاء" الطرابلسية الإعلامي مايز الأدهمي. كما أعلن عبد الهادي أيضاً عن إعداده لكتابين آخرين سوف يظهران تباعاً، هما: الفكر الاستراتيجي الصيني، وحكايات عربية. 
حفل التوقيع الذي تميز بحضوره اللافت والمتنوع، بين أكاديميين وطلاب جامعيين وباحثين وفاعليات فكرية واجتماعية وثقافية وبلدية من طرابلس والشمال، أكد بما لا يقبل الشك، إرادة أبناء المدينة الحقيقية بالعيش بسلام وفرح بعيداً عن لغة العنف والاقتتال. 
وقال الكاتب في مداخلته:" يُروى عن حكيم هنديّ جاءه سائل يريد أن يعرف سرّ الفلسفة، وكانت البساطة جزءاً من طبع الحكيم الهنديّ، فقال للسائل: "الفلسفة هي أن تحسن استخدام واو العطف". أضاف: ومن يتأمّل المقالات الواردة في الكتاب سوف يلحظ ولعِي الشخصيّ بهذه "الواو" العاطفة والواصلة بين عالمين، أليس من وظيفة الكتابة، إلى حدّ ما، تسليط الضوء على الصلات المتينة ولكن الخفيّة، أحياناً، بين الأشياء؟ هذا ما سعيت إلى القيام به في هذه المقالات بدءاً من المقال الأوّل "الماء إنْ حكى" الذي حاول أن يميط اللثام عن وجه الشبه المحذوف بين الماء واللغة العربيّة من خلال استنطاق بعض الوقائع اللغوية، مروراً بالعلاقة القائمة بين الكلام والطعام (ألا يجمع بينهما اللسان؟) في مقال "الكرواسان" أو "المآكل اللغويّة" أو "مطبخ ابن الرومي" مثلاً، ووقوفاً عند أثر الكلام على توجيه دفّة المنام والتحكّم بمعانيه، وانتهاءً بالكلام الذي يفيض من أصابع الأخرس وعينيه. وقال: البعض قد يستعيذ بالله من شيطان اللغة، فكلمة "لغة" منفّرة، تذكّر بالـ"نحو" ومشقّات الإعراب، وألاعيب الفتحة والضمّة والكسرة بأفواه الناس، كان هذا البعض يلوح في خاطري وأنا أختار مواضيع مقالاتي. وختم الكاتب بالقول: كنت، بيني وبين نفسي، أسعى إلى إيقاع من لا يحبّ اللغة في حبّ اللغة، - فأنا من المؤمنين بأنّ كره الإنسان للغته هو وليد سوء تفاهم لا أكثر ولا أقلّ. 
كلمة "مؤسسة الصفدي"
وقد افتتح الحفل بكلمة للدكتور مصطفى الحلوة ممثلاً "مؤسسة الصفدي"، والذي بالمناسبة أعد بحثاً موسعاً حول الكتاب سينشر في صحيفة "الإنشاء". ومما قال: بدءاً من مقالته الأولى "الماء إنْ حكى" وحتى مقالته الأخيرة " كلام الخرسان" وما بينهما من مقالات يصطحبنا الكاتب في رحلةٍ لغوية سندبادية، هي أقرب ما تكون إلى المغامرة الممتعة، حيث نتسلق وإياه قلاع بابل، وإذا بنا بإزاء فوضى لغوية خلاّقة! نقفُ مشدوهين، سواءٌ أكنا متخصصين أم غير متخصصين في علوم اللغة، أمام باحث يُتقن أساليب الكر والفر لغوياً. بل هو يُحسن استخدام سائر الأسلحة اللغوية: خفيفها ومتوسَّطها وثقيلها! 
وقال: وما يلفت، في هذا المجال، أن الكاتب ذو قدرة فائقة على استنبات قضايا لا تخطر ببال. فهو، بعد إعمالِ فكره، يطلعُ علينا بطرائف لغوية غير مسبوقة. فمن قضيةٍ قد تبدو للبعض، بل لكثيرين، عاديةً أو تافهة، يخلصُ إلى تعرية حقيقة ما، مُبيناً أن "البداهة أحياناً حجاب"!... 
وختم الحلوة: إننا، في "مؤسسة الصفدي" ، إذ  نتشارك الدعوة مع "مركز محمود الأدهمي الثقافي" احتفاءً بهذا الكتاب القيم، نؤكد المرة تلو المرة أن أبواب "المؤسسة"  ومركز الصفدي الثقافي مُشرّعةٌ للنتاجات الفكرية والثقافية الجادة، انطلاقاً من إيماننا بدور الكلمة الوازنة الملتزمة قضايا شعبها وأمتها والإنسان. إن "مؤسسة الصفدي"، بأطروحتها، "ثروتُنا عقلُنا" ، تُثمّن عالياً دور النخب الجامعية، أساتذةً وطلاباً، فهم حملةُ راية التغيير والعبور إلى غدٍ أفضل وأكثر إشراقاً. ولا شك أن د. بلال عبد الهادي هو في عداد تلك النخب التي آمنت بالكلمة، فكان "لعنة بابل" كتاباً إنحاز إلى واحدةٍ من قضايا الأمة، عَبْرَ مجاز اللغة!
قراءة أ. الدكتور بسام بركة
ثم قدم أستاذ الترجمة في الجامعة اللبنانية-الفرع الثالث، الدكتور بسام بركة، قراءة حول كتاب "لعنة بابل"، جاء فيها: عندما يقرأ أحدنا هذا الكتاب يُخيَّل إليه أن بلال عبد الهادي لم يكن لوحده عندما كتب كلماته. يُخيل إليه أنَّ هناك من كان يشاركه في خط كل سطر من سطوره. أو بالأحرى يشعر أنه عندما كان المؤلف يكتب، كانت هناك عينان تنظران من وراء كتفه إلى ما يخطه، لا بل هي عينان تحدقان النظر في عينيه تارة وفي قلمه تارة أخرى. إنهما عينا القارئ. أعني بذلك أن القارئ موجود في الحكاية – فكتاب عبد الهادي حكايات – وهو يحاوره ويلاطفه وفي معظم الأحيان يفاجئه. وقال: هذا الكتاب نوع من الفسيفساء – موزاييك – ينتقل فيها القارئ من موضوع إلى آخر. فإذا اقتربتَ من الصفحات وتفرست في الصفحة الواحدة وتأملت مفرداتها، أو إذا نظرت إلى المقالة الواحدة على حدة دون أن تعتدّ بالصفحات والمقالات الأخرى، فإنه يُخيَّل إليك أنها قطعة واحدة منفصلة، قد تبدو غريبة عن جاراتها في الموضوع أو اللون أو الشكل. لكن، إذا ابتعدت قليلاً ونظرت إلى الكتاب بشموليته لتبيَّن لك أنه لوحة كبيرة تضمّ في أشكالها العامة رؤيةً واحدة تنسج من خلال اللغة، بل من خلال الكلام على الكلام، لوحةً، أو كما يحب أن يقول المؤلف، سجادة عجمية، مليئة بالألوان المنمقة والأشكال المزخرفة، كل جزء منها عبارة عن لوحة، وكلها معاً لوحة واحدة. فجاء بذلك هذا الكتاب وكأنه لوحة كبيرة مكوّنة من لوحات فنية صغيرة.
ولفت بركة: يتنزّه بلال عبد الهادي في حديقة اللغة العربية، بين كلماتها وعباراتها وتراكيبها النحوية، ويقفز من مستوى استعمالٍ لها إلى مستوى آخر، كل ذلك من أجل أن يقطف من هنا نادرة ومن هناك درّة، وأن يروي من هنا حادثة ومن هناك جدالاً، وأن يستعيد من التراث العربي من هنا دلالة أو لمعة ومن هناك جذوراً في الكلمات أو فروعاً في الدلالات. من هنا جاء كتابه "لعنة بابل" في صورة باقة من المقالات يستطيب القارئ فيها شذا ألف عطرٍ وعطر.
كلمة مركز محمود الأدهمي الثقافي
وقبل أن يوقع الدكتور بلال عبد الهادي كتابه للحضور، توجه الإعلامي مايز الأدهمي إلى الحضور بكلمة استهلها بتوجيه الشكر إلى "مؤسسة الصفدي" على الاستضافة والتعاون، وإلى الدكتور بسام بركة على المداخلة القيمة، مؤكداً شكره الكبير للدكتور بلال الذي اقتنع بعد إصرار كبير على إصدار الكتاب، الذي جمع نصوصاً نُشرت على مدار أكثر من عام في صحيفة "الإنشاء"، ليضعها في كتابه الأول الذي حمل عنوان "لعنة بابل"، عسى أن لا "تتبلبل" لغتنا. 
الجدير بالذكر، أن الدكتور بلال عبد الهادي، من مواليد طرابلس، حائز على شهادة الدكتوراه من جامعة السوربون-باريس في علم اللغة الحديث، أستاذ متفرغ في الجامعة اللبنانية – كلية الآداب – قسم اللغة العربية وآدابها(الفرع الثالث)، له عشرات المقالات في عدد من المجلات اللبنانية والعربية، ويتهم منذ سنوات باللغة الصينية والحضارة الصينية، وقد نقل إلى العربية كتاب "الميسّر في تعليم الصينية" للمؤلف لي تزانغ يين.
 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق