كلّ انسان يسعى إلى نيل السعادة، وإنْ كان لا يمكن لأحد أن
يحدّد ما معنى السعادة، ومن أين تأتي؟ حاولت أن أمشي في بستان المعنى اللغويّ
للسعادة على هدْي " جذر" السعادة أملاً في الوصول إلى قطف ثمرة دلالتها
العربية.
جذور الكلمات العربية تقول لنا، أحياناً، رأيها بالأشياء
ببساطة جميلة من غير لفّ أو دوران. وللغات رأي، ورأي نافذ بل وسلطان مبرم، أشير
هنا إلى كتاب العالم الاجتماعيّ الفرنسيّ الراحل بيار بورديوPierre
Bourdieu " الكلام والسلطة الرمزية" (Langage
et pouvoir symbolique) الذي تناول فيه سلطان الكلام على مجريات أمور الناس.
حاولت أن أطرح، بداية، على كلمة "سعادة" جملة
من الأسئلة، تساءلت: هل من علاقة بين اليد والسعادة؟ قد يقول قائل: وما دخل
السعادة باليد؟ اليد، هنا، مختبئة، لا تكشف عن أصابعها إلاّ من طريق مفردة أخرى لا
تخلو بدورها من صلة قرابة بيّنة مع السعادة. ثمّة كلمة "ساعِد" في
العربية وهي ذات صلة باليد، وتعني ما بين المرفق والكتف. وأظنّ أنّ السامع ينتبه
إلى رنّة الشبه بين "الساعد" و"السعادة"، وهو شبه دالّ على
أنّ للساعد دوراً ما في تحقيق السعادة، فالسعادة لا تهبط "بالقفّة" كما
يقال من السماء، وإنّما هي بنت الساعد أي بنت اليد بما تحمل من دلالات العمل. وثمّة
فعل آخر مولود من قلب الساعد، فحين "يساعد" القويّ، مثلاً، الضعيف فإنّه،
بشكل من الاشكال، "يأخذ بيده" ليجلب إلى قلبه السعادة. والمساعدة كانت
تحتاج، في الأساس، إلى سواعد الناس وزنودهم. وتاريخ اليد تاريخ الانسان، وهو تاريخ
يستحقّ التدوين، ولا أعرف مبرّراً للاستهانة بالحرف "اليدوية".
الحرية واليد
صنوان: أليس هذا ما يقوله المقطع الشعريّ بصوت كوكب الشرق: "أعطني حرّيتي،
أطلق يديّ". اليد ترجمان العقل العمليّ. فهل عن عبث جمعت اللغة العربية أضلاع
هذا المثلث الدلاليّ: الساعد والسعادة والمساعدة؟ أظنّ أنّ الجذر اللغويّ"
س،ع، د" لا يعجز عن الإجابة المستفيضة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق