وردت في القصة
السابقة عبارة " التفكير بالمقلوب" وهنا سأعطي بعض الامثلة عن التفكير
بالمقلوب وكيف انه يمكن ان يثمر افكارا مبتكرة اقتصادية او غير اقتصادية، ويمكن له
ان يثمر منتوجات يتلقفها الناس بشغف. لعلّ من حسنات التفكير بالمقلوب هو انه يكسر
ظهر الرتابة. العادة تعمي النظر احيانا عن اشياء كثيرة، وهناك مثل عربيّ لا يخلو
من تفويت فرص كثيرة، يقول المثل:" يللي بغيّر عادتو بتقلّ سعادتو". انّه
مثل وديع، لا يحبّ المغامرة، ولا يحبّ الاكتشاف، مثل خامل، ( لا انكر نواحيه الجيدة،
ولكن هنا احاول الكلام على سيئاته لا على حسناته). ومن وحي هذا المثل خطرت ببالي
ذات يوم العبارة التالية :" عادِ عاداتك".
اللعب بالحرارة
، مثلا، قد يؤدي الى توليد فكرة جديدة اذا اعتمدنا على منهجية " التفكير
بالمقلوب". الطعام مرتبط بالحرارة، والشراب مرتبط بالحرارة. شرب الشاي ارتبط
بالسخونة، وكاد ان يكون ارتباطه بالسخونة ارتباطا عضويا، فكّ الارتباط جزء من
الابداع وتوليد الأفكار. خطر ببال احدهم السؤال التالي: ولماذا لا نشرب الشاي
باردا، مثلجا؟ انتج هذا السؤال الذي لا يخطر ببال كثيرين مشروباً جديدا هو الشاي
البارد.
مثال أخير من
عالم الحيوان. الانسان الذي يذهب الى حدائق الحيوانات يلحظ ان الحيوانات تكون ( عادة) في الأقفاص، والناس يعبرون بين الاقفاص
للتمتع برؤية الحيوانات. ومن يتأمّل الحيوانات في الأقفاص يلحظ الحزن في عيونها ومشيها، والحرّية حقّ حتذى للحيوانات! ولكن خطر
ببال احدهم ذات يوم سؤال غير مألوف، لماذا لا اضع الانسان في القفص واترك الحيوان
خارج القفص؟
هذا السؤال هو
ابن التفكير بالمقلوب، ولكن ماذا كانت نتيجة هذا السؤال، حدائق حيوانات من نمط
جديد. تسرح الحيوات وتمرح على ذوقها في الحديقة بينما الانسان يتجوّل بين
الحيوانات وهو في شاحنة متحركة لها شكل القفص ليحمي نفسه من الحيوانات، ولكنه يرى
الحيوانات على طبيعتها من وراء القضبان التي تحيط به لا من وراء القضبان التي تحيط
بالحيوانات.
بلال عبد الهادي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق