قالت زوجة الفارياق له رأيت في هذا البلد أحوالاً غريبة. قال ما هي؟ أني أرى الرجال لا ينبت في وجوههم الشعر ولا يستحيون. قال كيف ذلك؟ قالت لم أرَ في وجه أحد منهم لحية ولا شاربا فهل هم كلهم مرد. قال أجهلت إنهم يحلقون وجوههم بالموسى في كل يوم، قالت لأي سبب، قال حتى يعجبوا النساء فإنهن يحبن الخد النقي الناعم قالت لا بل المرأة يلذها من الرجل كل ما دل على الرجولية، وكثرة الشعر في وجه الرجل هي كعدمه في وجه المرأة. قال وما معنى قولك انهم لا يستحيون هل طلب أحد منهم منك فاحشة. قالت ما وقع ذلك بعد، وإنما أراهم يحزّقون سراويلاتهم حتى تبدو عورتهم من ورائها، قال وذلك مما يلذ للنساء على مقتضى تقريرك. قالت نعم أن هذا الزي أقر لعين النساء من زي العرب. فإنه يظهر الفخذين والساقين والبطن والعجز غير أن المغالاة في التزنيق مخلة بالأدب عند من لم تتعوّد عليه وان يكن في نفس الأمر أحسن وأفتن. ولكن ما شأن هؤلاء القسيسين فإني أراهم أكثر مغالاة من العامة بتبابينهم هذه القصيرة فهذا لا يليق برتبتهم. وأقبح من ذلك حلقهم شواربهم مع أن الشوارب هي زينة لوجه الرجل كما أن اللحية زينة لوجه الشيخ. فما الذي أغراهم بهذه العادة وهم ليسوا متزوجين حتى يعجبوا نساءهم؟ لعمري لو أن أحداً منهم ذهب إلى مصر لظنه الناي بعض هؤلاء المخنثين المدعوّين خَوَلا الذين ينتفون شعر وجهوههم ويتحففون تشبيها بالنساء فأخزى الله كل رجل يتخنث قال فقلت وكل امرأة تتذكر. قالت نعم وكل من يتبع العادات الفاسدة. أنظر العادة هنا كيف جعلت حلق الشعر علامة على الفضل والكمال وعندنا هو سمة النقص والفساد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق