في الحياة تفاعلات بين الأزمنة، فقد تحدد اللحظة التي أنت فيها مستقبلك، ولكن قد يحدد المستقبل اللحظة التي تعيشها الآن.
ما أقوله هو ترجمة حرفية لطريقة حياكة الجملة التي يتلفظ بها المرء.
لآخذ جملة بسيطة " أكلت الفتاة تفاحة".
فإذا نظرنا إلى الجملة نجد ان فعل أكل ينتهي بتاء، هل كان بإمكان التاء أن تخرج من فمي لو أن الفاعل ذكر وليس أنثى؟
الفتاة بالنسبة للتاء هي المستقبل، حين تكونت التاء في فمي كانت الفتاة لا تزال في رحم المستقبل، من فرض على التاء الحضور؟ مستقبل القول لا حاضر القول.
المستقبل لا يتحكم فقط في الحاضر ولكنه يتحكم ايضا بالماضي وبالماضي السحيق؟
الانسان هو لحظة راهنة بين لحظتين ، ويتوق الى زمنين، واكتشاف زمنين، زمن ماض انتهى دون ان تنتهي مفاعيله، وزمن آت لم تنته ايضا مفاعيله.
نفكر كثيرا في تأمين المستقبل، ولكن نادرا ما يدخل في التفكير " تأمين الماضي" رغم جبروت الماضي وعتوّه.
ومن المستحبّ تأمين الماضين وترويضه أيضاً.
قلت ما قلت من وحي صيغة الماضي " أكلت" في الجملة أعلاه التي حدّدها ورسم حدودها الفاعل المنتظر لفعل الأكل!
وعليه يمكن من دراسة أنماط الجمل العربية البسيطة والمركبة وبما فيها من تقديم وتأخير وتشابك زمني تبيان طريقة الفكر العربي في عملية رؤيته للزمن، وفي طريقة تجواله في الأزمان.
بأي زمن تربطنا لغتنا أكثر ؟
بالزمن الذي غبر أم بالزمن الذي لم يطلّ برأسه بعد؟
ولعلّ هذا النمط من الدرس للجملة العربية يفتح لنا مجالا أو يمنحنا فرصة رسم خارطة طريق التفكير العربي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق