الأربعاء، 29 نوفمبر 2017

للإنسان وطنان: جغرافيّ ولغويّ.


الوطن الجغرافيّ ذو حدود معروفة.
الوطن اللغويّ ذو حدود متغيّرة، غير ثابثة.
والناس يعيشون في الجغرافيا كما يعيشون في اللغة.
هناك من لا يعرف إلاّ لهجته، يتقوقع في لهجته ولم أقل لغته، وهذا يشبه من يعيش في قرية نائية، يولد ويعيش ويموت في حدودها لا يتعدّاها.
وهناك من يعيش في لهجته ولغته ولهجات الآخرين ضمن حدود وطنه الجغرافيّ.
وهناك من يحبّ السفر في مسالك الأرض وممالكها فيتعرّف على الآخرين بلغاتهم المتغايرة، ويقارن بين طريقته في استعمال الأصوات وطرائق غيره، فيعرف نسبية الأشياء.
جاء زمن العولمة والأسواق المفتوحة وانكسرت حدود الجغرافيا الى حد جعلت مارشال مكلوهان عبارته الذائعة: العالم قرية.
والقرية قطعة جغرافية، كانت قطعة جغرافية ناطقة بلهجة معينة لكنها صارت قرية ناطقة بكل لهجات العالمين.
صارت كل لغات العالم في متناول سمعك عبر كبسة زر على يوتيوب.كما صارت كل الجغرافيا الأرضية في متناول عينيك عبر كبسة زر تفلش امام ناظريك جبال العالم ووديانه وبحاره وانهاره، وناسه في حياتهم اليومية.
صادر قدرك ان تعيش في حدود جغرافية مفتوحة، واصوات لغوية مفتوحة.
حاول ان تطرد كل الكلمات غير العربية من لسانك، تحد ان لسانك صار فأفاء وتأتاء.
وهذا لا يعني، بالضرورة، ضعفا في العربية، بقدر ما يؤكّد على مقولة مكلوه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق