الخميس، 7 مايو 2020

الإعراب ووسائل الدفاع عن النفس


الإعراب في اللغة العربيّة حربوق. آخذ كلّ احتياطاته، ولا يسمح لأحد أن يضحك عليه، وخصوصاً التسكين.
"سكّن تسلم" عبارة نسمعها ويقصد بها وضع سكون في أواخر الكلمات.
العبارة جذّابة، تدعو الى الاطمئنان، وتغري بعدم الاهتمام بالإعراب.
أتباع هذه العبارة يشعرون أنّهم انتصروا بالتسكين ، وأسقطوا الإعراب بالضربة القاضية، ونجوا بجلدهم أو بلحمهم من تعقيدات الإعراب.
كلّ ما طبيعيّ زوّده الله بوسائل دفاعية من الشجرة إلى الحشرة.
وسائل الدماع كثيرة، قد يكون اللون وسيلة دفاع عن النفس، قد تكون الرائحة، قد يكون الشكل، قد يكون الإنجاب؟
تخيّل أن الذبابة لا تختلف عن اللبوة في الإنجاب، ماذا كاان حدث؟
كانت الذبابة انقرضت قبل الديناصورات؟
لماذا الفقير يبجب أكثر من الغني؟
الإنجاب وسيلة دفاع عن النفس!
وقد يكون " التماوت" وسيلة هروب من الموت!
الطبيعة ملأئ كسنابل القمح بالأسرار!
أعود إلى الإعراب!
الإعراب طبيعيّ في العربية الفصحى!
قد يعترض البعض، ويقول إنّه من عمل النحاة، لن أدخل في سجال مع أحد حول هذا الموضوع، وانا اعرف أّن هناك من يعتبر أنّ الإعراب " دقّة قديمة" ، وأنّ الإعراب يعيش بالتنفّس الاصطناعيّ، الاعتراضات على الإعراب كثيرة، لست هنا في طور الدفاع عن الفصحى، فمقصدي هو كيف أنّ الطبيعة زوّدت كل ما هو طبيعيّ بوسيلة يدافع بها عن نفسها.
الإعراب مثله مثل الشجرة، ومثل العصفور، ومثل السمكة عندة أدوات دفاع عن النفسّ
ما هي وسيلة الدفاع التي يشهرها في وجه " التسكين"؟
لم يفكر الإعراب أن يدافع عن الفتحة ولا الضمّة ولا عن الكسرة، وكذلك لا يمكنه أن يقف ضد السكون، فالسكون علامة إعرابية، وإن كانت علامة عدميّة. وأقصد بالعدميّة، أنّ السكون تعني " عدم" وجود فتحة أو ضمّة أو كسرة. السكون هي نفي للحركات، ونفي الحركات، أو كفّ يدها هو إعراب، مثلا في النحو نسمع عبارة " وعلامة جزمه السكون" .
الحركات نقطة ضعف الإعراب، والدليل أنّ المرء يمكن أن يطيح بها بجرّة تسكين.
كيف تكشف من يضحك عليها بالتسكين؟
لوّحت بالتنوين!
التنوين لا يحبّ أن يمزح أحد معه.
التنوين جدّي لا يتساهل بالهيّن من المشاغبين غعرابيا!
ولكن لم يكتف الإعراب بسلاحه التنوينيّ.
لا أحد يمكن أن يحارب بسلاح واحد!
حتى قبل اختراع الأسلحة النارية، كان هناك سيف، رمح، خنجر، نبال، معلاق...
والإعراب في جعبته عدّة أسلحة يشهرها في وجه من يريد أن يخفي عجزه الإعرابيّ.
أدار الإعراب ظهره للحركات، واستعان بالحروف، ببعض الحروف: وبحروف عليلة تحديداً، جعل من الحروف العليلة، أي المريضة والضعيفة ، ولهذا نقول عنها " أحرف العلّة!" سلاحه الأعتى، وثمّة حكمة هنا تتجلّى في قوة الضعف.
أليس مدعاة تبصر كون الإعراب استمدّ من أضعف الحروف سلاحاً يحمي به حماه؟
أحياناً تكون نقطة الضعف هي نقطة القوّة!
المتنبي استثمر ذلك في عدد من أبيات شعره الهجائية!
الألف والواو والياء لها أدوار كثيرة، يمكن ان نقول عنها إنّها " مسبعة الكارات"، وهي حروف كالحرباء متلونة!
أسكن حين يكون الإعراب بالحركات.
ولكن كيف أسكّن حين يكون الإعراب بالحركات أو بالتنوين؟
لا يوجد فيما أظنّ ملاذ آمن يحمي المتكّلم اللحّان لسانه من الانزلاق على أرض الإعراب بالحركات!
لينقذ ماء وجهه ليس أمامه إلا أن يشدّ همّة لسانه ويهرب من اللحن بالحروف، أو إتقان الإعراب بالحروف، وإن أتقن الإعراب بالحروف انفتحت أمامه الطريق من غير جهد إلى إتقان الإعراب بالحركات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق