جاءت عبارة هذه الخطة أصلا من قصة صينية قديمة تحكي أن شجرة برقوق كانت تنمو بجانب شجرة خوخ، وبعد مرور سنوات ظهرت دودة ضارة داخل التراب، واقتربت حتى كادت تصل الى جذور شجرة الخوخ وتهاجمها. إلا أن شجرة البرقوق مدت جذورها نحو شجرة الخوخ لاعاقة تقدم الدودة التي بدأت بعد ذلك تأكل من جذور شجرة البرقوق. وأخيرا ضحت شجرة البرقوق بحياتها لضمان سلامة حياة شجرة الخوخ. وهناك قصة أخرى تحكي أنه في قديم الزمان كانت هناك أسرة فيها خمسة أشقاء كل منهم غنيُ يملك أموالا كثيرة. وذات يوم عاني احدهم من أزمة يصعب عليه حلها بنفسه. ولكن أشقاءه الأربعة الآخرين لم يمد أي منهم يد العون اليه لانقاذه من الأزمة. فتحدث الناس عنهم قائلين: إن شجرة البرقوق، رغم أنها ليس من البشر، إلا أنها أفضل من الانسان كرما وشجاعة وأخلاقا. أستخدمت خطة " فداه بنفسه من أجل الجميع " كثيرا في الأعمال العسكرية. ودائما ما يكون الطرفان المتحاربان قبل القتال متساويين في القدرة، أي لا متفوق قوي ولا ضعيف واهن. وإذا خاضا المعركة فستكون الهزيمة لكلا الطرفين. وأمام هذا الوضع يجب على أحد الطرفين أن يتراجع أو يضحي بالقليل من أجل حماية المصالح العامة وتحقيق النصر النهائي. كانت هذه الخطة دائما ما تستخدم في العمليات العسكرية في الصين القديمة. وهناك قصة تحكي أن مملكة تشاو - وهى احدى الممالك المشهورة بالصين القديمة قبل أكثر من ألفي عاما كانت تعاني دائما من ازعاج مناوشات فرسان المنغول في منطقتها المحاذية لدولة منغوليا، فأرسل ملك تشاو ضابطا كبيرا إسمه لي مو لحراسة مدينة يان مون الحدودية لحماية مواطنيها والدفاع عنها من هجمات الفرسان المنغول. وبعد وصوله الى المدينة لم يضع أي عملية عسكرية بل قبع مع جنوده داخل المدينة واكتفى بمجرد حراستها ولم يحرك ساكنا تجاه الأعداء. فتحيّر الفرسان المنغول ولم يعرفوا الخطوة التي سيقوم بها فتوقفوا عن تحركاتهم العدائية. وبعد مرور أيام استراح الجنود في المدينة بشكل كامل وارتفعت معنوياتهم، أرسل لي مون عددا منهم ليخرجوا من المدينة لمصاحبة الرعاة المحليين الى المروج ، فرأى الفرسان المنغول ذلك وهاجموهم، فتظاهر بالخوف الشديد وفرّوا جميعا الى داخل المدينة تاركين خيولهم والمواشي للأعداء. فأبلغ الفرسان المنغول هذا الخبر لقائدهم الذي صار متأكدا من أن لي مو شخص ضعيف لا يملك القدرة والجرأة لمواجهتهم. فقاد جيشه لشن الهجوم على المدينة. وبعد أن عرف لي مو الخبر نصب كمينا في طريق أعدائه بينما أرسل عددا من جنوده لمواجهة الفرسان المنغول لهدف جذبهم الى موقع الكمين. وبعد أن انطلت الحيلة على الفرسان حيث دخلوا جميعا الى موقع الكمين أمر لي مو جنوده بمحاصرتهم وتقسيمهم ثم شن هجوما قويا انتصر فيه انتصارا كاملا حيث تم القضاء على جميع الاعداء. ومنذ ذلك الحين عادت المنطقة الى وضعها الطبيعي ولم يعد الفرسان المنغول يجرأون على أي عمل عدائي يزعج المواطنين المحليين. تستخدم هذه الخطة في المنافسة التجارية أيضا بحيث يقبل بعض التجار عمدا بخسارة لا بأس بها من أجل كسب أرباح أكثر في المستقبل. مثلا: ان شركة باوتش أند لووب الأمريكية المشهورة لانتاج النظارات استخدمت هذه الخطة في اصلاح الشركة. وفي عام 1981 تم تعيين دانيل جيل مديرا عاما جديدا للشركة التي كانت أوضاعها حينذاك غير جيدة سواء في الانتاج والابحاث التقنية أو في تسويق المنتجات. فقام نانيل أولا باصلاح مختلف المؤسسات التابعة للشركة بنظام " التنافس يعنى البقاء للأصلح " وباع المؤسسات الضعيفة الانتاج والتي كان بعضها يعاني خسائر مستمرة، وبينما عزز وحافظ على أعمال الادارة للمصانع التي تنتج فقط العدسات اللاصقة. ثم استغل الأموال الواردة من بيع تلك المؤسسات الخاسرة لإجراء التجديد التكنولوجي وزيادة الابحاث العلمية مع تبديل معدات الانتاج القديمة بالجديدة داخل ورش الانتاج. وفي المرحلة الاولى بعد تنفيذ هذه الاجراءات شهدت الشركة انخفاضا مؤقتا في الانتاج والمبيعات. الأمر الذي جعل الكثير من الناس يشكون في صحة هذه الاجراءات التي يتخذها دانيل إلا أن دانيل كان مثابرا ومصرا على الاصلاح. وبعد مرور فترة غير طويلة تحسنت أوضاع الشركة حيث بدأت تحقق أرباحا متزايدة، كما بدأت منتجاتها تحظى باقبال متزايد في أسواق الكثير من الدول والمناطق. إن دل ذلك على شئ فإنما يدل أن هذا النجاح لم يأت إلا بفضل تنفيذ خطة دانييل هذه التي جعلت شركته ضمن صفوف الشركات العملاقة المشهورة لانتاج النظارات في العالم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق