جاءت هذه الخطة أصلا من عمل صيد السمك. إذ ان الصياد دائما ما يحاول خلال سعيه لصيد الأسماك من النهر الى تعكير المياه لارباك واخافة الأسماك، مما يوفّر الفرصة له لاصطيادها باليد أو الشبكة. وتستخدم هذه الخطة دائما في الأعمال العسكرية حيث يتم تدبير الفوضى والاضطرابات بين الأعداء ليصبحوا بعد ذلك في حيرة أو ذهول. ومن ثم مهاجمتهم في الوقت الملائم. وفيما يلي قصة قديمة استخدمت فيها هذه الخطة. شهدت الصين في القرن الثامن الميلادي الموافق عهد أسرة تانغ الملكية القديمة شهدت تطورا جياشا وازدهارا شاملا اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا. وكانت مدينة تشانغ آن، أي مدينة شيآن الحالية عاصمة لهذه الأسرة الملكية، وكانت تعتبر من أكثر مدن العالم ازدهارا وفخرا حينذاك. إلا أن قومية تشي دان - إحدى الأقليات القومية بشمال شرقي الصين – كانت دائما ما تتمرد وتغزو المناطق الداخلية. فأرسل الامبراطور ضابطا إسمه تشانغ شو قوي ليقود الجيش الملكي الى مدينة يو تشو أي مدينة بكين حاليا ليرابط فيها لتعزيز الحراسة في منطقة الحدود الشمالية ولصد غزو قوات تشي دان. وجدير بالذكر أن مدينة يو تشو كانت تتمتع بأهمية استراتيجية حاسمة وظلت موقعا تتنازع الجيوش للاستيلاء والسيطرة عليه. توجه جيش تشي دان فعلا الى مدينة يو تشو في محاولة للهجوم عليها واحتلالها. إلا أنه بعد تنظيم هجمات عديدة عليها لم يشهد أي تقدم. فدبر قائد الجيش حيلة ونفذها حيث أرسل مبعوثه الخاص لزيارة مدينة يو تشو لمقابلة الضابط تشانغ شو قوي تعبيرا عن الرغبة في اجراء مفاوضات السلام معه وتهدئة الاوضاع في المنطقة، ولكن نيته الحقيقية هى التجسس ومعرفة الاخبار وتقويض يقظة الخصوم. فاستقبل تشانغ شو قوي مبعوث تشي دان بمودة، وأجرى معه مباحثات لبحث القضية. وفي اليوم التالي عمل بالمثل، إذ أرسل أيضا مبعوثه لزيارة معسكرات تشي دان بهدف التجسس عليها. لقى مبعوث تشانغ شوي قوي داخل معسكرات تشي دان استقبالا وديا أيضا. وفي مأدبة أقيمت ترحيبا به وجد المبعوث أن آراء ضباط تشي دان ومواقفهم من الحرب مع الجيش الامبراطوري متباينة بحيث تمسك بعضهم بموقف متصلب بينما يعارض البعض الآخر هذا الموقف، وعبّر بعض الضباط للمبعوث عن إن أبناء قومية تشي دان يفضلون التعايش السلمي مع أبناء قومية هان أكثر من محاربتهم والتمرد ضد الامبراطور. وبعد المأدبة قابل المبعوث هؤلاء الضباط سرّا لإقناعهم بالاستسلام، وتعهد لهم بمنحهم المناصب والمنافع إذا استسلموا. فاقتنع هؤلاء الضباط بنصيحته وقبلوها مع التعهد باغتيال قائد جيش تشي دان. وبعد اتمام المهمة عاد المبعوث الى مدينة يو تشو وأبلغ تشانغ شو قوي بما حدث بينه وبين هؤلاء الضباط في معسكراتهم. حدث الأمر كما يُتوقع إذ تمرد الكثير من ضباط جيش تشي دان، وقتلوا قائدهم الاعلى. الأمر الذي اثار اضطرابات داخل معسكراتهم. فانتهز الضابط الملكي تشانغ شو قوي هذه الفرصة وخرج مع جنوده من المدينة واقتحموا معسكرات الأعداء، وقضوا اثناء الاضطرابات على عدد من ضباط تشي دان وأسرو عددا كبيرا من الجنود. وبذلك انتصروا في هذه المعركة التي تمت بعدها تهدئة الاوضاع في منطقة الحدود الشمالية للبلاد. ورأينا من خلال هذه القصة أن اختلاف المواقف بين قادة وضباط جيش تشي دان ومعارضة الشعب للحرب كانت السبب الرئيسي لفشل جيش تشي دان في المعركة، كذلك وبفضل الخطة التي وضعها الضابط الحكيم تشانغ شو قوي لتخريب وحدة هؤلاء الضباط وزرع بذور الشقاق في صفوفهم. واستخدم هذه الخطة لتعكير المياه من أجل اصطياد الأسماك فيها. خطة " الصيد في الماء العكر " مشابهة لخطة " ضرب الخصم وهو يعاني من مشكلة ". وفي المجتمع العصري تستخدم هذه الخطة أيضا ودائما في المنافسات التجارية، إذ يستخدم بعض التجار التقلبات وحتى الاضطرابات التي تحدث أحيانا في الاسواق لرفع أسعار البضائع أو الانتصار على منافسيهم. ومن أجل الحفاظ على صفاء المياه وتجنب توغل العدو أو المنافس فيها لكسب المنافع يجب علينا أن نحافظ دوما على يقظتنا، ونحافظ على حذرنا للحيلولة دون ترك أية فرصة للعدو أو المنافس لينتهزها لاصطياد أسماكنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق