تهدف خدعة " الاختلاق " الى صنع الأخبار أو المعلومات أو الأشياء المزيفة لخدع العدو أو المنافس وتشويش تفكيره ودفعه الى اتخاذ قرار خاطئ مما يتيح فرصة يمكن انتهازها للإنتصار عليه وتحقيق الهدف المخطط. وخلال تطبيق هذه الخدعة يجب تخطيطها بشكل رائع وبسرية مطلقة لتكون الأشياء المختلقة شبيهة جدا بالأشياء الطبيعية، ذلك لتنطلي الخدعة بشكل تام على العدو أو المنافس. وتشير السجلات التاريخية الصينية الى أمثال عديدة لاستخدام هذه الخدعة. واحداها كانت في عهد الممالك الثلاث التي يرجع تاريخه الى حوالى ألف وسبعمائة سنة حيث كان في خريطة الصين القديمة ثلاث ممالك وهى ممالك وي وشو و وو. ودائما ما كانت تحدث الحروب والمعارك بين هذه الممالك. وذات مرة إنهزمت مملكة وي في معركة مع مملكة شو. وعرف ملك وي/ تساو تساو بعد هزيمته أن لدى ملك شو مستشارا عسكريا بارزا إسمه شوي شو، وضع الخطة الحربية الرائعة التي لعبت دورا حاسما لتحقيق الانتصار على جيشه. فأراد تساو تساو أن يستخدم حيلة لتحريض هذا المستشار على خيانة الملك شو والتمرد عليه والالتحاق بعد ذلك بجيشه ليساعده ضد مملكة شو. فطبق الملك تساو تساو فكرته هذه فعلا. وحصل على معلومات بأن بان شوي شو رجل بار ومطيع لأمه المسنة، ولا يقوم بأي عمل يخالف تعليماتها. فأرسل تساو تساو مبعوثا الى بيت شوي شو لزيارة أمه المسنة وطلب منها أن تكتب رسالة الى إبنها وتطلب منه أن يلتحق بمملكة وي. إلا أن أمه المسنة رفضت هذا الطلب بشكل قاطع وقالت للمبعوث:" أنا أفضل الموت على الخيانة ". وبعد أن سمع المبعوث كلامها هذا لم ييأس، بل فكر في حيلة " الاختلاق " إذ كتب رسالة مزورة بتقليد خط الأم المسنة وبعث بها الى شوي شو تطالبه بزيارة ملك شو. وبعد أن قرأ شوي شو الرسالة لم يشك في حقيقتها وذهب فعلا الى مملكة شو لزيارة الملك تساو تساو. وعندما وصل اليه وعرف الحقيقة شعر بندم شديد. ورغم انطلاء الحيلة عليه إلا أنه لم يستسلم ولم يقدم أية خدمة لملك تساو تساو. وأصبح بذلك شخصية مشهورة باخلاصه وأمانته في تاريخ الصين. لم يشهد المسرح العسكري والسياسي في العهد القديم والحديث استخداما كثيرا لخدعة " الاختلاق " فحسب بل تطورت هذه الحيلة واكتسبت أساليب كثيرة وتخطيطات رائعة. ومن بينها: اختلاق الأشياء المزيفة لخدع العدو أو المنافس. وإذا كشف العدو أو المنافس تلك الأشياء المزيفة تم تحويلها فورا الى حقيقية لخدع العدو أو المنافس مرة ثانية وإذا كان العدو أو المنافس مؤمنا بأن هذه الأشياء ما زالت مزيفة ومختلقة تم استخدامها فعليا. وبهذا الأسلوب يمكن تشويش تفكير العدو أو المنافس من أجل مسك زمام المبادرة في المعركة أو المنافسة السياسية وتحقيق الانتصار على العدو أو المنافس في النهاية. في القرن الثامن الميلادي كان زعيم قوات المتمردين لينغ هو تشاو يقود جيشه في هجوم على مدينة يونغ تسيو التي كان يحرسها الجيش الملكي بزعامة الضابط البارز تشانغ شون. وعندما اقتربت قوات المتمردين من المدينة أمر تشانغ شون جنوده بصنع ألف دمية على شكل الجنود باستخدام الأعشاب وقش الأرز، وربطها بالحبال ووضعها تحت سور المدينة بعد غروب الشمس. وعندما وصلت قوات المتمردين الى سور المدينة وشاهدوا تلك الدمى ظنوا أنها من حرس المدينة فأطلقوا السهام عليها. وبعد أن ملأت السهام أجسام الدمى سحبها الجنود بالحبال وأخذوها. وبهذه الحيلة حصلوا على عشرات الآلاف من السهام من المتمردين. وفي ليلة اليوم الثاني قام تشانغ شون بنشر جنوده تحت سور المدينة استعدادا لشن هجوم على الأعداء، وعندما رآهم المتمردون اعتقدوا انهم من الدمى كما كانت في اليوم الاول. فلم يهتموا بهم. وفي منتصف الليلة تسلل الجنود الى معسكرات المتمردين واشعلوا النار فيها واحرقوا المعسكرات كلها ثم بدأوا بقتال المتمردين وقضوا عليهم في النهاية. وأحيانا تطبُق حيلة " الاختلاق " بتحويل الأشياء المزيفة الى حقيقية وأحيانا تحويل الأشياء الحقيقية الى المزيفة. وتختلف هذه التطبيقات حسب الأوضاع الواقعية في ميدان المعركة أو في المنافسات السياسية. أما استخدام هذه الحيلة في التجارة فيعتبره بعض الناس مخالفا للعدالة والأخلاق المهنية. لذلك يجب الاهتمام بهذه النقطة من خلال المنافسات التجارية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق