العوارض والأعمدة تلعب دور إسناد هاما بالنسبة للمبنى. أما في العمليات العسكرية فتستخدم هذه الكلمات بصفتها قواما أو قوة رئيسية أو قائدا عاما للجيش أثناء الحرب. أما خطة " تبديل العوارض والأعمدة بالأخشاب البالية " فتعني استخدام الخداع لتغيير الأوضاع والظروف من أجل تحقيق الأهداف المخططة. كان الجيش بالصين القديمة يشكّل قبل بدء القتال تشكيلة مشاة معينة في ميدان الحرب. وأما القوام العسكري ضمن هذه التشكيلة فيمثل " العارضة " أو " العمود " للجيش، وغالبا ما يقوم الطرف المهاجم أولا بشن هجمات خادعة على العدو لكشف نقطة ضعفه. وليجبر العدو على تغيير تشكيلة مشاته في ميدان الحرب أو خطته العسكرية لمواجهة الهجوم. ومن خلال هذه التغيرات قد تُكتشف أماكن تواجد قوام الجيش أو تتغير مواقعه حتى يعرفها الطرف المهاجم الذي يحاول تبديل " العارضة المساندة لجانب العدو بأخشاب بالية. وبعد تشويش تشكيلة مشاة العدو يشنّ الطرف المهاجم هجوما مباغتا عليه وينتصر عليه في النهاية. وفيما يلي قصة حقيقية شهدت تطبيق هذه الخطة في احدى المعارك في الصين القديمة. في عهد أسرة تشن الملكية الصينية الموافق القرن الثالث قبل الميلاد. حقق الامبراطور تشن شي هوانغ توحيد البلاد، وأسس مملكة تشن الكبرى. ورغم كبر سنه حينذاك إلا أنه كان على ثقة تامة بصحته معتقدا بأن حكمه سيستمر سنوات طويلة. لذلك لم يفكر في مسألة خليفته. إلا أن إبنيه فو سو وهو هاي وضعا منذ زمن خططا تستهدف انتزاع سلطة الدولة بعد وفاة أبيهما بحيث سعى كل منهما بكل جهوده لتوسيع نفاذه بين الوزراء وفي بلاط العائلة. الأمر الذي جعل أفراد العائلة الملكية والوزراء وكبار مسؤولي الدولة ينقسمان الى مجموعتين مواليتين لكل منهما يهاجم بعضهما البعض بشكل خفي دون أن يعرف ذلك الامبراطور تشن. كان الإبن الأكبر فو سو لطيفا ومتواضعا لدى تعامله مع الناس، فحظى بحب وتأييد من المواطنين. أما أخاه الصغير هو هاي فعاش في اسراف وتبذير فضلا عن أنه قاس وظالم في معاملة الآخرين. فأراد الامبراطور أن يعيّن إبنه الأكبر فو سو خليفة له. وطبّق فكرته هذه بحيث أرسل فو سو الى الجيش متتلمذا على يد ضابط كبير إسمه مون كو ليتعلم منه المزيد من المعلومات العسكرية وكيفية قيادة الجيش وممارسة الأعمال الادارية الأخرى. ذات يوم أصيب الامبراطور بمرض شديد أثناء زيارته التفقدية خارج العاصمة، فطلب من وزيره الكبير لي سي أن يعود الى قصره بمرسومه الملكي بتعيين إبنه الأكبر فو سو وليا للعهد وخليفة له بعد وفاته. إلا أن لي سو بعد عودته الى القصر الملكي اعتقله الوزير الكبير الآخر تشاو قاو لمنع نشر المرسوم الملكي المذكور. ولم تمض أيام حتى توفى الامبراطور، إلا أن المرسوم الملكي لم يُعلن. كان الوزير تشاو قاو طماحا كبيرا. وبعد أن عرف مضامين المرسوم الملكي ذهب الى لي سي وقال له:" إن الإبن الأكبر فو سو إذا اعتلى العرش فسيمنح منصبا هاما لمعلمه مون كو الذي لا تربطك به علاقات جيدة، وإذا أصبح مون كو وزيرا أو مسئولا أعلى منك سيعزلك من منصبك الحالي وحتى قد يقتلك. لذلك يجب أن نفكر في منع الإبن الأكبر من اعتلاء العرش للحفاظ على مصالحنا. فكّر لي سي في كلام تشاو قاو تفكيرا عميقا، ووافق عليه أخيرا انطلاقا من مصلحته الشخصية. فقررا الإثنان مخالفة المرسوم الملكي المذكور بنقل سلطة الدولة الى الإبن الأكبر فو سو. بل صنعا مرسوما ملكيا مزوّرا يأمر الإبن الأكبر بالانتحار مع قتل معلمه مون كوه، بينما يُعيّن الإبن الثاني هو هاي امبراطورا جديدا للمملكة. باستخدام خطة " تبديل العارضة والعمود " قام تشاو قاو ولي سي بانقلاب ناجح في العائلة الملكية، واعتلى الإبن الثاني هو هاي أخيرا العرش. إلا أنه أساء الأعمال الادارية وشؤون الدولة مما جعل الأوضاع الاقتصادية داخل البلاد تتراجع وتتدهور يوما بعد يوم، ولم يمض إلا ثلاثة أعوام حتى انهارت أسرة تشين وحلت محلها أسرة ملكية جديدة تُعرف باسم أسرة هان الملكية الموافقة القرن الثاني قبل المبلاد وعاشت زمنا طويلا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق