خطة " ضرب الخصم وهو يعاني من مشكلة " أي استغلال وضعه المتأزم للنيل منه. لأن مثل هذا الوقت هو أفضل فرصة للإنتصار على العدو أو المنافس. نشأت الفكرة الأولية لخطة " ضرب الخصم وهو يعاني من مشكلة " منذ زمن بعيد جدا. وجاء في سجل صيني قديم يرجع تاريخه الى أكثر من ألفين وخمسمائة سنة حديث يقول إن أفضل وقت للقضاء على الأعداء هو توجيه الضربة لهم وهم يعانون من أزمة أو مشكلة داخل صفوفهم. وقد تكون هذه المشكلة من الأزمات السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية أو الكوارث الطبيعية. وإذا تعرضت أي دولة لمثل هذه المشاكل مهما كانت دولة قوية في السابق فستعاني بلا شك من الفوضى والإضطرابات الى درجة معينة، الأمر الذي يهيئ فرصة للآخرين الذين يحاولون مهاجمتها والانتصار عليها. كان في الصين القديمة كثير من القصص عن استخدام هذه الخطة في الحرب، منها قصة حدثت قبل ألفين وخمسمائة سنة حيث كانت الصين في عهد الحروب بين مختلف الممالك الصغيرة. ومن بين هذه الممالك مملكة وُو ومملكة يوي المجاورتان والمتساويتان في القوة العسكرية. وكانت كل منهما تحاول الاستيلاء على الأخرى، لذلك كانت الحروب غالبا ما تحدث بينهما. وفي النهاية إنتصرت مملكة وو على مملكة يوي، وأصبح الملك يوي بعد سقوط سلطته أسيرا تمّ سجنُه في مملكة وو ثم أصبح عبدا للملك وو. ومنذ ذلك الوقت بدأ الملك يوي يتحمل كل الاهانات من قبل الملك وو وكان يأكل أغذية رديئة وينام داخل حظيرة الخيول ويقوم بأعمال مرهقة كل يوم. ووصف نفسه أمام الملك وو بأنه إنسان حقير وعبد أبدي للملك وو. وبعد ثلاث سنوات حصل بتصرفاته هذه على ثقة الملك وو الذي أطلق بعد ذلك سراحه. فعاد الملك يوي الى موطنه، وكان يقدم كل سنة قرابين للملك وو تعبيرا عن خضوعه له بينما عمل على تعبئة المواطنين وتعزيز وحدتهم حوله. وفي نفس الوقت إتخذ سلسلة من السياسات التي تهدف الى تنمية الزراعة والاقتصاد الوطني من أجل تحقيق الازدهار والرخاء لمملكته وشعبها. وبعد مرور سنوات عديدة حقق جميع أهدافه هذه فعلا، وأصبحت مملكة يوي قوية. وفي عام 473 قبل الميلاد حدث في مملكة وو قحط شديد وجفّت كل المزروعات بالحقول، الأمر الذي أوقع أبناء الشعب في كارثة شديدة. ولكن الملك وو ظل يعيش حياة الترف والبذخ والفسق والخمول، وأنفق كل أموال المملكة لبناء قصوره. فأثار ذلك استياءا شديدا من أبناء الشعب الذين تمرد بعضهم وقاموا بالانتفاضة ضد الملك. في ذلك الوقت قاد الملك يوي جيشه القوي لمهاجمة مملكة وو. وانتصر عليها وأسقط حكم الملك وو في النهاية. وكانت هذه القصة خير دليل لتطبيق خطة " ضرب الخصم وهو يعاني من مشكلة ". وشهد المجتمع الحديث أيضا استخدام هذه الخطة في الحروب والمعارك. مثلا: في أواخر القرن التاسع عشر الميلادي بدأت أسبانيا التي كان من أقدم الدول الاستعمارية في العالم تتهاوى قوتها بالتدريج. وقام أبناء الشعب في كوبا والفلبين اللتين كانتا من الدول المستعمرة الخاضعة لحكم أسبانيا قاموا بانتفاضة مسلحة ضد الحكم الاسباني. وفي ذلك الوقت شنت الولايات المتحدة التي أصبحت حينذاك دولة قوية إتخذت عمليات عسكرية واستولت بتكلفة قليلة على بعض المناطق التي كانت تحت الحكم الاسباني كبورتوريكو وغوام والفلبين وغيرها. الى جانب الحروب والمعارك التي تستخدم فيها هذه الخطة شهد قطاع التجارة والاعمال الاقتصادية المختلفة في المجتمع الحديث أيضا الاستخدام الدائم لخطة " ضرب الخصم وهو يعاني من مشكلة ". إلا أن أساليب تطبيقها عديدة ومتنوعة. منها اجبار المنافس الذي يعاني من صعوبة أو مشكلة على قبول الشروط، وفرض الضغوط عليه ليتراجع عند المنافسة أو الانسحاب منها، وحتى تدبير اضطرابات في صفوف المنافسين من أجل أضعافهم والانتصار عليهم. وهناك نقطة مهمة يجب الاهتمام بها وهى أنه أثناء تطبيق هذه الخطة يجب أن نحافظ على الاستقرار داخل صفوفنا ونعمل على تعزيز الوحدة من أجل تجنب وقوع " المشكلة " داخل بيتنا ولتركيز جميع الطاقة والقوة لمواجهة المنافسين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق