خطة" سحب الحطب من تحت المرجل" على حد تعبيرها تعني اخراج الحطب المشتعل من تحت المرجل أو الفرن لوقف تسخين المياه فيه وتبريدها. وبعبارة أخرى أي: تسوية القضية من أساسها. ويرى الناس أن غلي المرجل بما فيه من المياه يعتمد على تعزيز اشتعال الحطب تحته، وطبعا ان كلا من المرجل الساخن وما فيه من المياه الساخنة اضافة الى النيران تحت المرجل لا يمكن لمسها باليد للتجنب من الاحتراق بها، إلا أنه يمكن أن نسحب الحطب من تحت المرجل لإطفاء النار ووقف تسخين المياه وتبريدها. ويمكن تطبيق هذه الخطة في العمليات العسكرية، إذ أن القائد العسكري العاقل غالبا ما يتجنب المواجهة المباشرة مع العدو الأقوى نظرا لعدم امتلاك القدرة على تحقيق الانتصار عليه مهما بذل من جهود وحتى التضحية الهائلة أثناء القتال. لذلك يسعى دائما لاكتشاف نقطة ضعف العدو التي يمكن انتهازها مع ايجاد وقت وفرصة ملائمة يدبر فيها عملية مفاجئة خارج حسبان العدو للهجوم على العدو والقضاء عليه في النهاية، كتنظيم حملة دعائية وحرب نفسية لاضعاف معنوية العدو والهجوم على قاعدته أو مستودعات امداداته في مؤخرته، وقطع طريق نقل الامدادات والتعزيزات له، وما الى ذلك. وكل هذه العمليات تنتمي الى خطة: سحب الحطب من تحت المرجل." هناك قضية حدثت في الصين القديمة استخدمت فيها هذه الخطة تحكي أن في قديم الزمان شهدت احدى المناطق اضطرابا داخل معسكرات الجيش حيث قتل الجنود المشاغبون ضابطهم وأضرموا الحرائق في بعض مباني الحكومة المحلية. وأمام هذا الشغب لزم معظم مسئولي الحكومة المحلية بيوتهم خوفا من التعرض لأخطار وأضرار، فضلا عن اجراء الاتصال مع المشاغبين لاقناعهم بوقف الشغب وتهدئة الاوضاع. إلا أن مسئولا شجاعا إسمه شوي تشانغ روه تقدم وتوجه الى معسكر المشاغبين، وقال لهم إن لديكم عائلات،فيها الأب والأم والإخوان والأخوات، وستواجهون كما سيواجهون أيضا عقابا شديدا ومصيرا سيئا إذا واصلتم المشاركة في هذا الشغب الذي سيبوء بالفشل الأكيد. لذلك آمل ألا تفكروا في مصالحكم فقط بل تفكروا جيدا في مصالح أبائكم وأمهاتكم وأشقائكم في عائلاتكم. وإذا سلمتم أنفسكم طوعا للحكومة وتتركون مثيري الشغب فسنتعامل معكم بالتسامح الأكيد، ولا نحملكم المسئولية عن هذا الشغب. فما رأيكم ؟ بعد الاستماع الى كلامه بدأ الكثير من الجنود المشاركين في الشغب يشعرون بشئ من الندم، لأنهم التحقوا بصفوف المشاغبين تحت اجبار وخداع من مدبري الشغب أو تورطوا فيه بشكل عشوائي غير متعمدين. وبعد أن شاهد شوي تشانغ روه ظهور تغيرات على وجوههم واصل في اقناعهم حيث قال: أطلب ممن لا يريدون المشاركة في هذا الشغب أن يقفوا في جانبي ليبقى مثيروه في جانب آخر. وفور انتهاء كلامه هذا توجه مئات الجنود اليه ليقفوا معه تاركين أفرادا قليلة من مثيري الشغب في أماكنهم. وبعد أن رأوا أن الوضع قد اصبح في غير صالحهم هربوا فورا وفروا الى قرى بعيدة. فقاد شوي تشانغ روه رجاله لمطاردتهم وإلقاء القبض عليهم مع احالتهم للعدالة في النهاية. وأثناء هذا الشغب أستخدم شوي تشانغ روه خطة " سحب الحطب من تحت المرجل " لتهدئة الاوضاع. وبالنسبة له كان المشاغبون المسلحون أقوياء قد يعرضونه لخطر في أي وقت من الأوقات عندما تقدم اليهم وتحدث معهم. إلا أنه ذكي وعاقل، حيث حذر الجنود المخدوعين من مواجهة مصير خطير إذا واصلوا المشاركة في هذا الشغب مع تذكرهم بمصالح أفراد عائلاتهم الذين قد يتعرضون لعقاب بسبب أخطائهم هذه إضافة الى توضيح موقف الحكومة من المستسلمين طوعا. الأمر الذي فرّق صفوف المشاغبين ودفع مثيري الشغب الى العزلة وجعلهم يفرون بعد فشلهم في محاولاتهم، مع القاء القبض عليهم في النهاية. النقطة الحاسمة اثناء تطبيق هذه الخطة هى التمسك بالتناقض الرئيسي القائم لدى العدو أو المنافس لايجاد الفرصة القابلة للتطبيق للانتصار عليه. وهناك أعمال عسكرية مثالية توضح هذه النقطة منها الهجوم المفاجئ على الأعداء من خلفهم، وخطف امداداتهم أو قطع طريق انسحابهم لاضعاف معنويتهم وما غير ذلك. تستخدم خطة " سحب الحطب من تحت المرجل" أيضا في الانشطة الاقتصادية وبالمجتمع العصري. مثلا إذا شهدت دولة ما خلال فترة زيادة مفرطة للقروض الائتمائية التي تستثمر في قطاع العقارات أو الأصول الثابتة. فمن المحتمل أن تظهر بسبب ذلك فقاعات اقتصادية قد تؤدي الى التضخم المالي. وأمام هذا الوضع غالبا ما يقوم البنك المركزي للدولة بتعديل سياستها المالية والنقدية مثل رفع نسبة احتياطي الودائع المصرفية أو أسعار الفوائد لمواجهة احتمال التضخم. وبذلك قد تنخفض السيولة النقدية التي تغذي الأسواق مما يخفض الزيادة المفرطة للاستثمارات التي تستهدف العقارات أو الاصول الثابتة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق