الأحد، 27 أبريل 2014

بين الكتب


كان يعرف صاحب مكتبة يتكلّم مع زبائنه من طرف شفته، وكان يعرف ان مكتبة هذا البائع كنز بكتبها التي لا يجدها في أي مكان. فالبائع كبير في السنّ وكتب مكتبته كبيرة في السنّ لا يسهل الحصول عليها من أماكن أخرى.

تحمّل غلاظة البائع كرمى لعيني كتبه، ولكنه لا يطيق الغلاّظ، ولا يحتمل الجفاصة، فصار حين يزور المكتبة لا يزورها فارغ اليد أو فارغ الجيب.

كان يعمد الى المرور الى بائع البزورات ويشتري أوقيّة مخلوطة من البندق واللوز والكاجو من دون أن يدنو من الفستق فأكل الفستق يتطلّب جهدا أكثر من اللوز المقشّر أو البندق، وينقرش في طريقه الى المكتبة ويدخل بكل احترام مع القاء سلام حارّ على صاحب المكتبة ويضيّفه بعد دقائق من وصوله قبضة صغيرة من فحوى الكيس.

ويجول كالمعتاد في أرفف المكتبة، ويشتري ما يستحليه ثم يذهب مودّعا بحرارة صاحب المكتبة الجفص دون أن ينسى وضع كمّية قليلة من الكيس على مكتب البائع.

وفي زيارة أخرى يختار نوعا معتبرا من المعلل او دفّ شوكولا  ثمّ يضيّفه بعض الدفّ او بعض حبّات " البونبون".

وبقي علي هذه الحال عدّة أشهر، كانت المسافة بينهما مع كلّ زيارة تتقلّص وتضمر.

كان الزبون يتعامل مع البائع بذهنية مروّض الأسود.

مرّ الوقت وصارت العلاقة حميمة جدّا بينهما، وصار من يعرف الشخصين بستغرب هذه العلاقة الغريبة بينهما، فلكل منهما طبع يغاير كلّيا طبع الآخر.

لم يعد صاحب المكتبة يفكّر في علاقته مع زبونه بالربح، سقط الربح من اعتباره فصار رغم انّه لا يتهاون بالأسعار ولا يخطر بباله أن يقوم بالحسم على أسعار الكتب أن يخصّ زبونه الحميم بحسم خاصّ على ما ينتقيه من الكتب.

احتفظ بسر علاقته ، فلم يرد أن تصل الى صاحب المكتبة الطريقة التي استعملها لنيل هذه الحظوة.

فالنصّ يفسده أحياناً شارح النصّ  ويعمد الى تشويه معناه.

هناك تعليق واحد: