ولادة النجوم
هناك أناس يسخرون من الأساطير، ولكن الأساطير لا تهتمّ
بهزء الناس ولا بسخريتهم منها، تستمرّ على قيد الحياة في حين لا يبقى ممّن ضحك
عليها فم يضحك أو يسخر.
واليوم قرأت أسطورة
من اساطير الهنود الحمر أو قل حكاية عن ولادة النجوم. فالإنسان لا يحبّ ان
يترك الأمور سائبةً بلا تفسير. الغموض مرعب، والضباب أشباح تبثّ الذعر، والأطفال ماهرون
أكثر من الكبار في إعطاء أجوبة تربك أسماع الكبار.
تروي الحكاية ان السماء فيما
مضى من أزمان كانت منخفضة جدا ( من الجميل تتبع ولادة السماء في ثقافات الشعوب،
بعض الحضارات تعتبر السماء فتقاً أو جلدا انسلخ عن الأرض) بحيث ان الانسان البالغ
كان رأسه يرتطم بالسماء كلّما ودّ الانتصاب، بخلاف الصغار. قرأت في كتاب "عرائس
المجالس" للثعلبيّ وهو عن قصص الأنبياء من أعمال القرن الرابع للهجرة قصة طريفة عن آدم بعد سقوطه من الفردوس، ويقول
الثعلبيّ أنّ آدم كان طويلا جدا بحيث انه كان يتلصص على ما تقوله الملائكة.
قرّر الصغار رفع سقف السماء
حتى يسير الكبار على غرار الصغار منتصبي القامة، فحملوا قضبانهم وراحوا يحاولون
رفع سقف السماء. ذهب مجهودهم، في اليوم الأوّل، هباء منثورا، لم تتزحزح السماء،
بقيت كما هي، لم ييأس الأطفال، اليأس عاهة يكتسبها الصغار من الكبار! في اليوم
الثاني قاموا بما قاموا به في اليوم الأوّل ولكن مع اختيار قضبان أطول، ظلّت
السماء مكانها.
كانوا يتوقفون عن محاولاتهم
مع حلول الظلام الدامس، ويعاودون، مع شروق الشمس، محاولاتهم. وفي كل مرّة كان يزيد
اصرارهم، ويختارون قضبانا اطول، وبدأوا ، في اليوم الرابع، بمحاولات رفع السماء
بكل ما أوتيت عضلات زنودهم الصغيرة من قوة، وفجأة سمعوا صوتا قويا هو صوت انفتاق
السماء، وراحت السماء تعلو شيئا فشيئا أمام أعينهم التي كان يقفز منها فرح الانتصار.
وانفسح الجوّ، وصار بإمكان الاشجار ان تنمو، والعصافير أن تطير على هوى أجنحتها،
والغيوم أن تسرح وتمرح في فسحة الجو الشاسعةّ.
شيء ما غريب، حدث مع حلول
الظلام في تلك الليلة، نقاط من الضوء مبعثرة في السماء، ولم تكن هذه الأضواء
المبعثرة الاّ آثار القضبان التي ثقبت جلدة السماء وهم يرفعونها، ومن هذه الثقوب
كانت تتسرّب أشعة الشمس التي غطّاها ظلام الليل، وأطلقول عليها اسم النجوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق