الأحد، 25 نوفمبر 2018

كوب ماء


للمرء قدرة على أن يرى في الأشياء ما ليس فيها، ويولّد لها وظيفة لم تكن من صلب مهامّها.
وثمة مشهد لا يزال عالقا في ذاكرتي منذ ما يقرب من نصف قرن، كنت صغيرا دون العاشرة من العمر، وكنت مع عائلتي في البرّية ، فلفت نظري سلوك رجل مع اولاده الصغار حيث لم يكن الماء في متناول افواه الصغار ولم يكن معه لا كوب ولا اي وعاء لتوصيل المياه الى شفاههم العطشى. راحت عيناه تتجوّلان في الأشياء المحيطة به فعثر على ورقة، ولكنه لم يرها كما هي، رآها كوبا، تناولها وبلمح البصر حوّلها الى قمع وملأها بالماء وراح أبناؤه ينهلون فرحين بهذا الكوب الغريب الذي روى ظمأهم.
لم ير الورقة ورقة فصارت ما رآها ، شيئا مغايرا لوظيفتها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق