قال أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ، رحمه الله: إني ربما ألفت الكتاب المحكم المتقن في الدين، والفقه، والرسائل، والخطب، والخراج، والأحكام، وسائر فنون الحكمة، وأنسبه إلى نفسي، فيتواطأ على الطعن فيه جماعة من أهل العلم بالحسد المركب فيهم، وهم يعرفون براعته ونصاحته؛ وأكثر ما يكون هذا منهم إذا كان الكتاب مؤلفاً لملك معه المقدرة على التقديم، والتأخير، والحط، والرفع، والترهيب، والترغيب، فإنهم يهتاجون عند ذلك، اهتياج الإبل المغتلمة. فإن أمكنتهم الحيلة في إسقاط ذلك الكتاب عند السيد الذي ألف له، فهو الذي قصدوه وأرادوه، وإن كان السيد المؤلف فيه الكتاب تحريراً نقاباً، ونقريساً بليغاً، وحاذقاً فطناً، وأعجزتهم الحيلة، سرقوا معاني ذلك الكتاب، وألفوا من أعراضه وحواشيه كتاباً وأهدوه إلى ملك آخر، ومتوا إليه به، وهم قد ذموه وثلبوه لما رأوه منسوباً إلي، وموسوماً بي.
وربما ألفت الكتاب الذي هو دونه في معانيه وألفاظه، فأترجمه باسم غيري، وأحيله على من تقد مني عصره مثل ابن المقفع والخليل وسلم صاحب بيت الحكمة، ويحي بن خالد، والعتابي، ومن أشبه هؤلاء من مؤلفي الكتب، فيأتيني أولئك القوم بأعيانهم، الطاعنون على الكتاب الذي كان أحكم من هذا الكتاب، لاستنساخ هذا الكتاب وقراءته علي، ويكتبونه بخطوطهم، ويصيرونه إماماً يقتدون به ويتدارسونه بينهم، ويتأدبون به، ويستعملون ألفاظه ومعانيه في كتبهم وخطاباتهم، ويروونه عني لغيرهم من طلاب ذلك الجنس، فتثبت لهم به رياسة يأتم بهم قوم فيه، لأنه لم يترجم باسمي، ولم ينسب إلى تأليفي.
وربما ألفت الكتاب الذي هو دونه في معانيه وألفاظه، فأترجمه باسم غيري، وأحيله على من تقد مني عصره مثل ابن المقفع والخليل وسلم صاحب بيت الحكمة، ويحي بن خالد، والعتابي، ومن أشبه هؤلاء من مؤلفي الكتب، فيأتيني أولئك القوم بأعيانهم، الطاعنون على الكتاب الذي كان أحكم من هذا الكتاب، لاستنساخ هذا الكتاب وقراءته علي، ويكتبونه بخطوطهم، ويصيرونه إماماً يقتدون به ويتدارسونه بينهم، ويتأدبون به، ويستعملون ألفاظه ومعانيه في كتبهم وخطاباتهم، ويروونه عني لغيرهم من طلاب ذلك الجنس، فتثبت لهم به رياسة يأتم بهم قوم فيه، لأنه لم يترجم باسمي، ولم ينسب إلى تأليفي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق