هناك سجع ظاهر، مكشوف لا
يخفى عن العين ولا يخفى عن السمع، مثل قول الله سبحانه:" قل هو الله أحد،
الله الصمد" .فالدال في
أحد والصمد واضحة. ولكن هناك سجعا خفيا عن العين، وقد لا تنتبه له الأذن. كما في
قول الله سبحانه:" الحمد لله ربّ العالمين، الرحمن الرحيم". هل النون في
"عالمين " تشكّل سجعة مع "رحيم"؟ على المرء أن يستعين بعلم
الأصوات لتبرير هذا التساؤل ويفكّ سمات ومخارج الأصوات ليكشف عن وجه الجواب. وعلم
الأصوات نافذة جميلة لتأمّل الهندسة الصوتية للكلمات. في العربية هناك ما يعرف
بالابدال الصوتيّ، اي تحوّل صوت الى صوت آخر. واطلالة بسيطة على اي كتاب لغوي في
الابدال الصوتي ككتاب الابدال لأبي يوسف يعقوب بن السكيت تفرج عن كثير من الاسرار
الايقاعية. ان الميم والنون يتبادلان الأدوار في كلمات كثيرة. فهما معا ينتميان
الى الاصوات الانسدادية الانفية. وهناك كلمة حلقوم التي تخرج من الافواه احيانا
حلقون . الم تتحوّل الميم الى نون؟ ويقال للغيم غين( ص 77 ، ابن
السكيت)، ويقال ماء آجن وآجم ( ص 78 ، ابن السكيت)، ويقال امتقع لونه وانتقع (ص 79، ابن
السكيت).
والسبب في هذا التبديل هو
الشبه في مخرج الحرفين.
من هنا فإنّ بين الميم
والنون شيئاً من السجع الخفيّ أو بحسب المصطلح الخاص بعلوم القرآن" الفاصلة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق