الأحد، 29 مارس 2015

كلّنا ميّتون يا ستيف جوبز

كلّنا ميّتون، نترك كلّ شيء ونرحل. عاجلاً أم آجلا، كان ستيف جوبز يقول ان فكرة الموت حرّرته من كلّ شيء. وكانت له زادا في لحظات الضيق كمستشار لا يخون. بفضل فكرة الموت استطاع ان يختار شريكة حياته، واستطاع ان ينجز أغلب اعماله. كيف يكون الموت الذي يجلب اليأس الى كثير من الناس مصدر رزق وخلق وحبّ وابتكار لستيف جوبز؟
سأحاول أن أشرح ذلك، تعميما للفائدة والأمل. لا ولعا بذكر الفناء والعدم، ولا ولعا بدعوتكم الى النوم قرب المقابر لتوليد كوابيس في هدأة نومكم.
نعم، الموت مصدر خير، ومستشار ليته يقبل العمل مع رجال الساسة في بلادي.
كان ستيف جوبز، حين يعجز عن الاختيار بين شيئين يميل اليهما او يحتار بينهما، يستعين بفكرة الموت. ويقول: انه كان ذات يوم في مرآب للسيارات، وهو ذاهب الى موعد عمل، فوقعت عيناه على فتاة في المرآب، وقع اسير عينيها، ورشاقة قوامها. فقال: في حال كانت هذه هي اللحظات الأخيرة من عمري، أين افضل ان اقضيها، في مكتب العمل أم برفقة هذه الفتاة.
شعر انه يفضّل قضاء الوقت المتبقي من عمره في حال أتته المنية بعد لحظات، أن يقضيها مع تلك الفتاة، ساعدته فكرة الموت في حسم خياراته.
وهكذا ساعده الموت بكلّ نبل في اختيار شريكة عمره.
لم يكن ستيف جوبز فقط مخترع الماكنتوش او مسوقه، ولا مبتكر فكرة الهاتف الذكيّ أيفون، كان ايضا مبتكرا " فن الموت الذكيّ".
الهذا يا ترى قال الرسول الكريم حديثا لا يخلو من الافكار التي طرحها ستيف جوبز، :" اذكروا هازم اللذات، وفي رواية أخرى، هادم اللذات".
ما يدهشني في ستيف جوبز رحمه الله هو انني لم ار او اقرأ في حياتي عن انسان احسن اتقان عمله مثله، ولا سمعت عن انسان بسيط مثله، سرّه بساطته.
ومن هنا، استعين بفكرة الموت لحسم خيارات كثيرة في حياتي.
وفكرة الموت هي التي تمنعني من ان اكون طائفيا او مذهبيا او كارها لمذهب او طائفة.
ومن هنا، ايضا، جاءتني فكرة من تساؤلين، ولا مفرّ من حذف واحد منهما:
التساؤل هو التالي:
ايهما احلى على قلبك يا بلال، ان تسمع وانت عار على المغسل ان تسمع: الله يرحمو أو الله يغمقلو؟
أذني تميل الى سماع الشطر الأوّل من التساؤل" الله يرحمو" ، وشروط الرحمة قاسية في الحياة الدنيا، أقسى مما يتصوّر السذّج أو الأغبياء أو أبالسة الأنس.
شروط الرحمة كشروط البساطة.
والبساطة تتطلّب الكثير من الجهد، والكثير من النحت، والكثير الكثير من الحذف.
رحم الله ستيف جوبز الذي اقدّم لروحه الطاهرة هذه الخواطر الأخروية بهدف العيش في دنيا جميلة، لا يحكمها حقد، أو يملي عليها الغباء المذهبيّ شروطه القاتلة، أو تفتك بعيبنيها حوريّة مارقة.
وما أمهر غوايات الحوريات المارقات!،
غوايات لم تمر ببال الجاحظ نضّر الله روحه وضريحه، في رسالته" الجواري والقيان"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق