لم أفهم معنى هذه الكلمة يوم سمعتها في أوّل مرّة. وهي ليست،
الى الآن، كثيرة الشيوع على الأفواه، فيما أظنّ. ولم أكن اعرف من قام بإدخالها الى
اللغة العربية، وتحت اي ظرف، ولست ادري ان كانت من الكلمات التي اعترف بها المعجم،
فالمعجم يتدّلل على كلمات كثيرة، ويعاند فتح الأبواب أمام كثير من الكلمات، ولا
يعجبه العجب، ولكن لهذه الكلمة حضور مرحّب به في " غوغل" الديمقراطيّ إلى
أقصى حدود الديمقراطية، وسوف تعثر وأنت تتجوّل في أرجاء غوغل على تعريفات له بسيطة
وحادّة الملامح.
سوف تعرف أنّ هذه الكلمة المنحوتة لم تخرج من فم كاتب
عاديّ، بل من كاتب قصص وروايات بديعة، ومن قلم ناقد جريء وصاحب طرفة عفوية تنبت من
شفتيه دون تعمّل، انه سعيد تقيّ الدين، وهو من الكتاب البارعين في نحت الكلام،
واختراعه لمآرب فنية، وماهر في دمج كلمتين دمجا كيميائياً بديعاً. واسم من يحبّ
الزحفطة كما يقول الراحل تقي الدين:"زحفطون" وهو مصطلح أطلقه الكاتب على
المتملقين. والزحفطون هو اختصار للـ"زاحف على بطنه" تكسباً وتملّقاً!
واللغة العربية لا تبخل بهكذا اشتقاقات، فالجذر الرباعيّ
لا يزال ارضاً بوراً ولكنّها قابلة للاستصلاح. الجذر الرباعيّ أشبه بصحراء تتخللّها
واحات، ولكن يمكن لمن يرغب أن يعزّز حضور هذه الواحات. وتخضير الصحراء ليس بمستبعد،
وها نحن نرى بأمّ العين تحوّلات الخليج الصحراويّ الى واحات وبساتين وميادين تلعب
في ارجائها الخضرة.
وتقيّ الدين أحد هؤلاء الذين لديهم مقدرة على توليد
الرباعيّات من الثلاثيات . ففعل "زحفط"
وليد اتصال حميم بين فعل " زحف" وفعل " بطن". أخذ فعل الزحف
بكليته واستعان بحرف الطاء من البطن فأنتج " زحفط" وأعطاه دلالة لاسعة:
" الزحف على البطون" ليس في المعسكرات حيث يتدرب العسكريّ على الزحف تحت
الاسلاك الشائكة لغايات أمنية، وانما من زحف الناس لغير ما مبرّر على الزحف على
البطون تقرّباً من ذي سلطان أو مكنة أو أملاً بحظوة موعودة، ويروحون يكيلون له
المديح كيلاً، وإن عجزت اصواتهم عن الصياح استعانوا بفوّهات بنادقهم مثلاً للتعبير
عن فرح تحته زحف، واعجاب تحته ولع بما في الجيوب، وقد يستعينون بأوراق الصحف، وصدر
الصحف رحب، وواسع الذمّة أحيانا! أو يطلّون من الشاشات ويهللون ويعلّلون بالحجج
المنطقية والعقل الديكارتيّ انّهم صادقون ويقولون ما به يشعرون.
وللزحفطون مترادفات وتعابير أخرى، فهو من " يمسح
الجوخ" أو " يلحس الأحذية"، أو يشتغل مبيّضاً في عالم الوجوه والأقنعة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق