الفصول الأربعة خلقة إلهية، وأجمل
ما فيها أنّها لا تعترف بالنقاء. انظر إلى فصول الأرض الأربعة فأجدها متداخلة، لا
تتداخل فقط عند الحدود بل تتداخل في كلّ النقاط. ليس هناك فصل صاف، فصل لا يعترف
ببقية الفصول. لا يمكن للصيف ان يقول للغيمة: ارحلي عن سمائي، انت دخيلة، وغير
مرحب بك في فصل الصيف. ولا يطرد الشتاء قرص الشمس المشرق لأنّ الموسم ليس موسمها،
أو انها تتدخل في تفاصيل شؤون فصول غيرها، ولا تعتبر الغيمة أنّ وجود الشمس على
ضفافها ارتكاب معصية في حقّها أو احتلال لأراضيها. في كلّ فصل كلّ الفصول، ولو لم يكن في كلّ فصل كلّ الفصول
لما كان لأيّ فصل نكهة. الفصول لا تتصرّف من تلقاء نفسها، ولا تعمل ما برأسها، وإنّما
هناك مدبّر – سبحانه- يتدبّر سلوكها النبيل.
قلت وأنا اتأمّل سلوك الفصول:
لماذا لا يتعلّم الانسان من تجربة الفصول مع بعضها بعضا؟ أليست الفصول الأربعة مدرسةً
عليا وراقيةً في التسامح والانفتاح على الآخر واحتضانه؟
فضيلة الفصول تكمن في أنّها لا
تعترف بالحقد ولا
بالعنصرية ولا بالانغلاق، وتعرف أنّ فكرة "النقاء" ليست نقيّة الغايات بما
يكفي بل هي فكرة تسمّ بدن الأرض، وبدن الشمس، وبدن الغيوم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق