الأربعاء، 6 مارس 2019

الغربة في زمن #التكنولوجيا



كان المغترب العربيّ فيما مضى والى زمن قريب يعيش في الغربة، ولكن الغربة اليوم لم تعد غربة. التكنولوجيا امتصّت مفاعيل الغربة. الغربة تآكلت. الغربة غياب، ولم يعد للغياب حضور قاهر. كان المرء يشتاق لصوت امه مثلا، او وجه امّه، كان ينتظر مسافرا او بريدا ليزوده بقطرة حنان من وجه امه او ابيه او اخيه.
كان يعيش في غربة لسانية. لا كتاب ، لا جريدة بلغة امّه.
لم يعد الأمر هكذا اليوم الآن. لم يعد المغترب مضطرا لحمل كتاب او التزوّد بمجموعة كتب يعود اليها كلّما حنّت عيناه الى حرف عربيّ.
بكبسة زر، او لمسة زر افتراضي تنسدل امامه كلمات وصور وافلام ووثائق مباشرة.
كانت الغربة مرّة، لم تعد مرّة، فقدت حلاوتها أقصد مرارتها.
ومع موت الغربة مات مفهوم " الرحلة" لم يعد من امكان قراءة كتاب على غرار رحلة #ابن_بطوطة او كتاب #البيروني البديع:"تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة ".
#التكنولوجيا اغتالت الغربة.
الغربة كالكتاب الورقيّ قد تضمحلّ مع الوقت وتصير نسيا منسيا.
المسافات تقلصّت، صارت بحجم " ايفون" .
احتال #التلفون_الذكي على الناس، واحتال ايضا على الغربة.
الغربة احساس في حالة يرثى لها.
ما ينقص التكنولوجيا هو حاسةّ الشمّ. الامّ تستحلي ان تشمّ ابنها او بنتها المغتربة، ( لا يكتمل الضمّ إلاّ بالشمّ) وهذا امر الى الان لم تنتصر عليه التكنولوجيا بشكل نهائي، وكذلك اللمس. وهاتان الحاستان فريدتان.
ليس كاللمس حاسّة. هي الحاسة الوحيدة المنتشرة على كلّ نانوملليمتر من جسدك، وكذلك #حاسة_الشمّ التي تغاير ما تبقى من حواس من حيث علاقتها بالدماغ البشريّ.
ولكن قدر الشمّ واللمس كالقدر المكتوب على العين والاذن والحنجرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق