الأحد، 11 سبتمبر 2016

حبّة الحمّص بين وجه الصقر ومنقار النسر


اللغة الهيروغلوفية كانت لغة تصويريّة على غرار اللغة الصينيّة، ومن هنا كانت طريقة تسمية الأشياء مفعمة بالطرافة. فحين نقول لغة تصويريّة، يمكن أن نقول، أيضاً، لغة الى حدّ ما أيقونية. ولا ريب في أن عين المصوّر والرسّام ذات تركيب بيولوجيّ يختلف عن عين الإنسان العاديّ أو قل إنّ دماغ المصوّر يعمل، من حيث المبدأ، بطريقة مغايرة عن دماغ الإنسان العاديّ. فالمهنة تؤثّر، بحسب علماء الدماغ، في تقسيم مناطق الدماغ وفي توليد روابط بين نيروناته. ومن الطريف في أساطير الصينيين عن مخترع الكتابة التصويريّة ( سانغ دجيه  cang jie  ) الذي عاش قبل حوالي خمسة آلاف سنة، أنّه كان يتمتّع بأربع عيون لا بعينين اثنتين. هذا ما يبدو في الرسومات الصينيّة، وكأنّ الأسطورة تريد أن تقول لنا ان الكتابة التصويرية تتطلّب طريقة في النظر مختلفة عن طريقة الكتابات الألفبائية!.
 والإنسان المعاصر أعاد وصل ما انقطع من علاقات مع الأيقونات، وهذا ما نلحظه في وفرة الأيقونات أو ما يسمّى Emoji أو إيموتيكون émoticône في الحواسيب والهواتف النقّالة حيث يستعين المرء في مواقع التواصل الاجتماعي بهذه الأيقونات تعبيراً عن ردّة فعل إزاء رأي، أو تعليقاً أيقونيّاً على منشور. والأيقونة اختصار. فالصورة الواحدة تغني، كما ورد في قول منسوب لحكيم الصين كونفوشيوس، عن ألف كلمة.
كنت أقرأ في كتاب دسم عن " المطبخ الفرعونيّ" فوجدت عبارة تحكي عن الحمّص، وتحكي عن اسم الحمّص باللغة الهيروغلوفية، وهو اسم طريف استلّ صورته من شكل الحبّة، ومن يتأمل الحبّة يجد أنّ لها شبهاً برأس طائر.
ومن هنا، عمد المصريّون القدامى إلى منح  حبّة الحمّص اسم ( وجه الصقر" ، هير _ بيك،  her – bik ). واللغة الصينية لم تبعد كثيراً عن اللغة المصرية من حيث التسميّة إذ إنّ اسم حبّة الحمّص هو ( منقار النسر  yīng zuǐ dòu 鹰嘴豆  يين تْزوي تو).

وبين النسر والصقر وجوه شبه عديدة! التقطتها عين المصريّ القديم  كما التقطتها عين الصينيّ. ومن أسباب هذا التشابه الطريف بين اللغتين هو أنّ كلاّ منهما تعامل مع المعنى من منطلق الكتابة التصويرية لا من منطلق الكتابة الألفبائية أو الصوتيّة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق