الخميس، 28 فبراير 2013

على الصين كبح قراصنتها

 
«ذي ايكونوميست» *
الأربعاء ٢٧ فبراير ٢٠١٣
تشتبه الحكومات والشركات الأجنبية منذ زمن في أن قراصنة المعلوماتية الصينيين الذين يضيّقون الخناق على الشبكات يرتبطون بعلاقات مع القوات المسلحة الصينية. وقدمت شركة الأمن الأميركية «مانديانت» في 19 شباط (فبراير)، دليلاً على ذلك. وفي تقرير هو ثمرة 6 سنوات من التحقيقات، جرت فيه ملاحقة أفراد مجموعة قراصنة معلوماتية صينية، يحملون أسماء مستعارة من نوع «آغلي غوريللا» و»سوبرهارد» («الغوريللا البشعة» و»شديد القسوة») إلى منطقة سكنية مغمورة في شنغهاي تتخذها «الوحدة 61398» من «جيش التحرير الشعبي» مقراً لها. ودانت الصين تقرير «مانديانت»، وأعلنت أميركا في 20 شباط خططاً لمحاربة سرقة الأسرار التجارية.
وتزعم «مانديانت» أن قراصنة المعلومات في «الوحدة 61398» سرقوا مخططات تكنولوجية واستراتيجيات التفاوض وعمليات إنتاج من اكثر من مئة شركة أكثرها أميركي، يتوزع على عدد كبير من الصناعات. ولم يشر التقرير إلى أسماء الضحايا، بيد أن تحقيقاً لصحيفة «نيويورك تايمز» وجد أن القراصنة استهدفوا شركة توفر امن شبكة الإنترنت للعملاء السريين الأميركيين. وتمكن القراصنة أيضاً من النفاذ إلى أنظمة شركة متعاقدة مع البتناغون. ولعل أكثر ما يدعو إلى القلق كان تسللهم إلى شبكات شركة تساعد في إدارة أنابيب النفط وشبكات الطاقة في أميركا الشمالية. ولا أحد يعلم كم من بلايين الدولارات تكلف الجرائم المرتكبة في الفضاء الافتراضي شركات الأعمال، لكن الجميع تقريباً بات مقتنعاً بأن الصين هي المعتدي الأوقح.
أميركا ليست بريئة في عالم التجسس على شبكة الإنترنت، بل تمارسه بكثرة وتعتبر تلك العمليات جزءاً شرعياً من أمنها القومي. ولكن، في الوقت ذاته، يتعين بذل المزيد من الجهود لتعزيز الفكرة القائلة إن الجميع مستفيد من «السيطرة على السلاح الافتراضي» لإرساء أسس للاشتباك.
ويُظهر تقرير «مانديانت» أن تعريف الصين للأمن القومي يشمل اللصوصية الصريحة. أحد الدروس هو أن على كل الشركات تعزيز دفاعاتها (الإلكترونية) عاجلاً. وأعلن الرئيس باراك اوباما إجراءات لزيادة التعاون بين الشركات والوكالات الحكومية لاقتسام المعلومات. وكانت شركات كثيرة تشعر بخوف شديد إلى حد منعها من الاعتراف بأنها تعرضت إلى القرصنة، خشية إثارة ذعر لدى الزبائن والمستثمرين. ولكن على الشركات هذه إبداء مقدار اكبر من الانفتاح حرصاً على مصلحتها أولاً. وعلى أميركا أن توضح للصين أن الجريمة التي تموّلها الدولة، أمر غير مقبول. وتحاول الولايات المتحدة الاحتجاج على لصوصية بكين الإلكترونية في النقاشات مع المسؤولين الصينيين خلف الأبواب الموصدة، ولكن مع تزايد الأدلة على انتهاكات الصين الفاضحة، يجب النظر في اللجوء إلى مزيد من التشهير.
ثمة دروس يجب أن يأخذها في الاعتبار الزعيم الصيني الجديد. لقد وصل تسي جينبينغ إلى السلطة داعياً إلى تبني اصلاحات وإظهار مزيد من الاحترام لحكم القانون. ولديه الآن فرصة لإثبات انه يعني ما يقول. وتزعم الصين أن تقرير «مانديانت» غير دقيق ويفتقر «الدليل التقني». هذه فرصة ضائعة. ورغم أن ذلك يسير عكس كل الغرائز المحرّكة للحزب الشيوعي المولع بالسرية، يمكن لتسي الاعتراف بأن الجرائم في العالم الافتراضي صادرة عن هيئات تمولها الدولة وأن حكومته ستسيطر عليها من الآن فصاعداً. إذا لم يفعل ذلك، سينظر إلى الصين نظرة اقل جدية عندما تندد بالحديث في الغرب عن «الخطر الصيني». وسيستمر التعامل مع الشركات الصينية بوصفها مشبوهة حين تسعى إلى العمل مع مؤسسات في الخارج. على الصين فرض النظام على جيش اللصوص العاملين في خدمتها.

* افتتاحية، عن «ذي إيكونوميست» البريطانية، 23/2/2013، إعداد حسام عيتاني.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق