لكلّ شعب تصوّراته عن عالم الغيب، كما له طرقه
الخاصّة في ممارسة عالم الشهادة، وهذا من نعم ربّ العالمين سبحانه وتعالى علينا، لو
انّ حياة الناس تخضع لسنّة واحدة لأضحت الحياة جحيماً لا تطاق، فالتنوّع سرّ الهيّ،
نراه في كلّ ما هو مبثوث في العالم. واليابانيّ له تصوّر عن عالم الغيب ترويه
الحكاية التالية. علم احد فرسان الساموراي ذات يوم بوجود حكيم يدعى " هاكوين" فقصده
ليعرف ما اذا كان هناك حقّا نعيماً وجحيماً في مكان ما في هذا الكون الرحيب. حين
وصل الساموراي مستفسرا عن ابواب الجحيم والنعيم، التفت اليه الحكيم ببرودة اعصاب
وقال له: من تحسب نفسك حتى تطرح هذا السؤال؟ استشاط الساموراي غيظا من استخفاف
الحكيم به، وقال له بصوت صاخب: من أنا؟ ألا تعرفني؟ انا الساموراي، المحارب الأوّل
في بلاد الشمس المشرقة. هنا، نظر الحكيم من طرف عينه الى الساموراي قائلا: أأنت
ساموراي حقّا، شكلك يقول انّك شحّاذ. لم يحتمل الساموراي سخرية الحكيم، فسحب سيفه
من غمده، وببرودة اعصاب قال الحكيم: وهل تحسن استخدام السيف، لا اظنّ. جنّ جنون
الساموراي من تمادي الحكيم في السخرية فرفع سيفه والشرر يتطاير من عينيه ليفصل رأسه
عن جسمه، لم يرفّ للحكيم جفن، ولكنه توجّه الى الساموراي بالقول: هنا، تفتح أبواب
الجحيم. جمّدت كلمات الحكيم الساموراي في أرضه، كما جمّد سلوك الحكيم البارد
والمطمئنّ سلوك الساموراي، شعر ان كلمة الحكيم كانت أشبه بمياه باردة غسلته، فأعاد
سيفه إلى غمده. نظر اليه الحكيم وقال: الآن فتحت لك ابواب النعيم. لقد تعلّم
الساموراي ان يتجرّع الغيظ.
يروى عن
معاوية، وهو مشهود له ليس فقط بالدهاء وانّما ايضاً بالحلم، عبارة يمكن ان ندرجها
في هذا السياق، وهي:" ماوجدت شيئا ألذ ّعندي من غيظ أتجرّعه"، ولذّة معاوية، هنا، لذّة لا يمكن لأي كان
أن يصبر على مذاقها المرّ والفردوسيّ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق