غريب رأي
الناس في أبي جهل الفيحاويّ – قبّح الله ما له من صيت - فهناك من يظنّ أنّه سلفيّ زمّيت،
وهناك من يقول إنّه علمانيّ مقيت، وهناك من يلصق به تهمة الماسونيّة اللعينة، وهناك من يعتقد انه
شيعيّ مقنّع، وهناك من يرجح أنّه علويّ مبطّن، هناك من يقول انّه من أحباش
المشاريع، وهناك من يشمّ من أقواله إنّه سنّي متطرّف، وهناك من يدّعي إنّه إخوانيّ
الميول، وهناك من يحسبه وهّابياً ضيّق العطن، وهناك من يخيّل اليه أنّ أبا جهل
الفيحاويّ درزيّ، وهناك من يعدّه من أتباع عيسى بن مريم، وهناك من يتمثّل له جنيّا
في زيّ إنسيّ مشّاء بنميم، وهناك من يخمّن انه من أولياء الله الصالحين، وهناك من
يذهب فكره الخبيث الى القول انه من اتباع ماركس ولينين، وهناك من يقسم بالله إنّ
هذا الكائن القبيح كائن افتراضيّ على غرار شقّ أو سَطيح، وهناك من يقول انه عميل أميركيّ
مدسوس، وهناك من يقدّر انه عميل مزدوج بألف لبوس ولَبوس، وهناك من يجنح نحو الاعتقاد
انه جاسوس من جواسيس المجوس ولكنّه من جذور عربية باع دينه بحفنة من الدلالير، ووظيفته
بثّ الفرقة بين الفرق المستنفرة، وإيقاد نار الفتنة – وهو بها خبير!- كلّما همّ
لهيبها الفوّار بالفتور، وهناك من يؤكّد أنّه عربيّ النجار صهيونيّ الجذور.
وهناك من
يقول إنّه من قوم الرابع عشر من آذار وهذا افتراء، ومنهم من يعلن انه من حواريّي الثامن
من آذار وهو من أفاعيلهم النكراء براء، وكأنّ الجهل وقف على آذار من سائر الشهور!
وهناك من
يقول إنه من الفيحاء لأنّ كنيته " الفيحاويّ"، وهو ظنّ مخادع، إذ غاب عن
بال هؤلاء ان ليس من صيدا كلّ من شهرتُه "صيداويّ"
، ولا كلّ من شهرته " طرابلسي" أو " مصراويّ" يكون من طرابلس أو
أرض الكنانة. فالأسماء - كما الناس- بالرؤوس خدّاعة، وبالقلوب لعوب. فكم من جميل
الاسم قبيح الصفات! وكم من قبيح الاسم مليح الصفات! الأسماء مطّاطة كالرجل المطّاط
الذي كان له، فيما مضى من أزمان، حضور وجولات الى جانب "الرجل البرق" أو "سوبرمان"
وغيرهما من بنات الخيال الوثّاب الخلاّب!
لكلّ
هؤلاء أقول: ليس للجهل دين، فالجهل تراه في كلّ ملّة ونحلة، وطائفة ومذهب، ومعتقد وتيّار،
تراه في العلمانيّ كما تراه في السبحانيّ، وتراه في الجاحد كما تراه في الزاهد،
وتراه في الناسك كما تراه في الفاتك، فهذا حال الجهل الجهول الذي يجول في الأذهان والعقول،
فما بالك بأبي الجهل وأمّه، وخال الجهل وعمّه؟ وهل للجهل نسب أو حسب؟ انه يخترق
المذاهب والأحزاب كلّها كما يخترق خيط المسبحة كلّ الحبّات.
قطع الله
دابره، وان كان من المظنون أنّ قطع دابره لن يختلف عن قطع ذيل أفعى في الفتن تسعى!
أو قطع الربع الخالي سيراً على الأقدام حتّى ولو كنت تسير بقدمي السليك بن السلكة أو شقيق عنترة شيبوب الهبوب!
لهذا ترى
هذا الجاهل المعتوه من كلّ حكيم عاقل مكروه.
فهو عليه اللعنة ملوان كالحرباء، وإن كان لا يعرف ألف من باء، ، وملسان كسحبان وائل، وان فاق في السوء الأواخر والأوائل!
فهو عليه اللعنة ملوان كالحرباء، وإن كان لا يعرف ألف من باء، ، وملسان كسحبان وائل، وان فاق في السوء الأواخر والأوائل!
مبارك لكم ولقراء اللغةالعربية وأحبائها هذه المدونة...ولعلل باكورتها هذه المقامة "الفيحاوية"
ردحذفنسبة لكاتبها ابن طرابلس الفيحاء الصديق الدكتور بلال عبد الهادي والتي تناولت شخصية حمالة اوجه سميت بـ "ابوجهل الفيحاوي" الذي كما وصفه د.بلال وكان بارعاً في وصفه انه"من كل حكيم عاقل مكروه".
مصطفى عجم - طرابلس