وقد جمع بديع الزمان جوامع ما جرى بينه وبينه في
كتاب أنفذه إلى بعض الأشراف، أنا أكتب منه ها هنا قطعة على اختصار، وهو وإن كان
طويلاً فليس مملولاً، لما ألبسه من حلل البلاغة، وحلل البراعة، وجدته في الآذان،
وحلاوته في الأذهان؛ وفيه أنواع تنفتح لها الأسماع، وتنشرح لها الطباع، مما ألف
هذا الكتاب له من الملح الظريفة، والفكاهات الشريفة.
وأولها: سأل السيد أمتع الله ببقائه إخوانه أن أملي جوامع ما جرى بيننا وبين أبي بكر الخوارزمي أعزه الله من مناظرة مرة، ومنافرة أخرى، وموادعة أولاً، ومنازعة ثانياً، إملاء يجعل الأسماع له عياناً؛ فتلقيته بالطاعة، على حسب الاستطاعة، ولكن للقضية سبب لا تطيب إلا به، ومقدمات لا تحسن إلا معها، وسأسوق بعون الله صدر حديثنا إلى النجز، كما يساق الماء إلى الأرض الجرز: وأولها: إنا وطئنا خراسان، فما اخترنا إلا نيسابور داراً، وإلا جوار السادة جواراً، لا جرم إنا حططنا بها الرحل، ومددنا عليها الطنب، وقديماً كنا نسمع بحديث هذا الفاضل فنتشوقه، ونخبر به ونخبره على الغيب فنتعشقه، ونقدر أنا إذا وطئنا أرضه، ووردنا بلده، يخرج لنا في العشرة على القشرة، وفي المودة عن الجلدة، فقد كانت كلمة الغربة جمعتنا، ولحمة الأدب نظمتنا، وقد قال شاعر القوم غير مدافع.
أجارتنا إنّا غريبان ها هنا ... وكلّ غريبٍ للغريب نسيب
فأخلف ذلك الظن كل الإخلاف، واختلف ذلك التقدير كل الاختلاف، وقد كان اتفق علينا في ذلك الطريق من العرب اتفاق، لم يوجبه استحقاق، من بزة بزوها، وفضة فضوها، وذهب ذهبوا به. ووردنا نيسابور براحة أنقى من الراحة، وكيس أخلى من جوف حمار، وزي أوحش من طلعة المعلم، بل اطلاعة الرقيب، فما حللنا إلا قصبة جواره، ولا وطئنا إلا عتبة داره، هذا بعد رقعة قدمناها، وأحوال أنس نظمناها؛ فلما أخذتنا عينه، سقانا الدردي من أول دنه، وأجنانا سوء العشرة من باكورة فنه، من طرف نظر بشطره، وقيام دفع في صدره، وصديق استهان بقدره، وضيف استخف بأمره؛ لكنا أقطعناه جانب أخلاقه، ووليناه خطة رأيه، وقاربناه إذ جاذب؛ وواصلناه إذ جانب، ولبسناه على خشونته، وشربناه على كدورته، ورددنا الأمر في ذلك إلى زي استغثه، ولباس استرثه، وكاتبناه نستلين قياده، ونستميل فؤاده، ونقيم مناده، بما هذه نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم الأستاذ أبو بكر والله يطيل بقاءه، أزرى بضيفه إذ وجده يضرب إليه آباط القلة، في أطمار الغربة؛ فأعمل في ترتيبه أنواع المصارفة، وفي الاهتزاز له أصناف المضايقة، من إيماء بنصف الطرف، وإشارة بشطر الكف، ودفع في صدر القيام، ومضغ للكلام، وتكلف لرد السلام.
وقد قبلت ترتيبه صعراً، واحتملته وزراً، واحتضنته نكراً، وتأبطته شراً، ولم آله عذراً، فإنما المرء بالمال، وثياب الجمال، ولست مع هذه الحال، وفي هذه الأسمال، أتقذر صف النعال. فلو أني صدقته العتاب، وناقشته الحساب، لقلت: إن بوادينا ثاغية صباح، وراغية رواح، وناساً يجرون المطارف، ولا يمنعون المعارف:
وفيهم مقاماتٌ حسانٌ وجوههم ... وأنديةٌ ينتابها القول والفعل
وأولها: سأل السيد أمتع الله ببقائه إخوانه أن أملي جوامع ما جرى بيننا وبين أبي بكر الخوارزمي أعزه الله من مناظرة مرة، ومنافرة أخرى، وموادعة أولاً، ومنازعة ثانياً، إملاء يجعل الأسماع له عياناً؛ فتلقيته بالطاعة، على حسب الاستطاعة، ولكن للقضية سبب لا تطيب إلا به، ومقدمات لا تحسن إلا معها، وسأسوق بعون الله صدر حديثنا إلى النجز، كما يساق الماء إلى الأرض الجرز: وأولها: إنا وطئنا خراسان، فما اخترنا إلا نيسابور داراً، وإلا جوار السادة جواراً، لا جرم إنا حططنا بها الرحل، ومددنا عليها الطنب، وقديماً كنا نسمع بحديث هذا الفاضل فنتشوقه، ونخبر به ونخبره على الغيب فنتعشقه، ونقدر أنا إذا وطئنا أرضه، ووردنا بلده، يخرج لنا في العشرة على القشرة، وفي المودة عن الجلدة، فقد كانت كلمة الغربة جمعتنا، ولحمة الأدب نظمتنا، وقد قال شاعر القوم غير مدافع.
أجارتنا إنّا غريبان ها هنا ... وكلّ غريبٍ للغريب نسيب
فأخلف ذلك الظن كل الإخلاف، واختلف ذلك التقدير كل الاختلاف، وقد كان اتفق علينا في ذلك الطريق من العرب اتفاق، لم يوجبه استحقاق، من بزة بزوها، وفضة فضوها، وذهب ذهبوا به. ووردنا نيسابور براحة أنقى من الراحة، وكيس أخلى من جوف حمار، وزي أوحش من طلعة المعلم، بل اطلاعة الرقيب، فما حللنا إلا قصبة جواره، ولا وطئنا إلا عتبة داره، هذا بعد رقعة قدمناها، وأحوال أنس نظمناها؛ فلما أخذتنا عينه، سقانا الدردي من أول دنه، وأجنانا سوء العشرة من باكورة فنه، من طرف نظر بشطره، وقيام دفع في صدره، وصديق استهان بقدره، وضيف استخف بأمره؛ لكنا أقطعناه جانب أخلاقه، ووليناه خطة رأيه، وقاربناه إذ جاذب؛ وواصلناه إذ جانب، ولبسناه على خشونته، وشربناه على كدورته، ورددنا الأمر في ذلك إلى زي استغثه، ولباس استرثه، وكاتبناه نستلين قياده، ونستميل فؤاده، ونقيم مناده، بما هذه نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم الأستاذ أبو بكر والله يطيل بقاءه، أزرى بضيفه إذ وجده يضرب إليه آباط القلة، في أطمار الغربة؛ فأعمل في ترتيبه أنواع المصارفة، وفي الاهتزاز له أصناف المضايقة، من إيماء بنصف الطرف، وإشارة بشطر الكف، ودفع في صدر القيام، ومضغ للكلام، وتكلف لرد السلام.
وقد قبلت ترتيبه صعراً، واحتملته وزراً، واحتضنته نكراً، وتأبطته شراً، ولم آله عذراً، فإنما المرء بالمال، وثياب الجمال، ولست مع هذه الحال، وفي هذه الأسمال، أتقذر صف النعال. فلو أني صدقته العتاب، وناقشته الحساب، لقلت: إن بوادينا ثاغية صباح، وراغية رواح، وناساً يجرون المطارف، ولا يمنعون المعارف:
وفيهم مقاماتٌ حسانٌ وجوههم ... وأنديةٌ ينتابها القول والفعل
فلو طرحت بأبي
بكر إليهم طوائح الغربة لوجد منال البشر قريباً، ومحط الرحل رحيباً، ووجه المضيف
خصيباً.
ورأي الأستاذ أبي بكر أيده الله في الوقوف على هذا العتاب الذي معناه ود، والمر الذي يتلوه موفق إن شاء الله تعالى.
فأجاب بما في نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم: وصلت رقعة سيدي ورئيسي، أطال الله بقاءه، إلى آخر السكباج، وعرفت ما تضمنه من خشن خطابه، ومؤلم عتبه وعتابه، وصرفت ذلك منه إلى الضجرة التي لا يخلو منها من مسه عسر، ونبا به دهر، والحمد لله الذي جعلني موضع أنسه، ومظنة مشتكى ما في نفسه.
أما شكاة سيدي ورئيسي من مضايقتي إياه كما زعم في القيام، فقد وفيته حقه أيده الله سلاماً وقياماً على قدر ما قدرت عليه، ووصلت إليه، ولم أرفع عليه إلا السيد أبا البركات العلوي، وما كنت لأوثر أحداً على من أبوه الرسول وأمه البتول، وشاهده التوراة والإنجيل، وناصره التأويل والتنزيل، والبشير به جبريل وميكائيل. فأما القوم الذين صدر عنهم سيدي فكما وصف: حسن عشرة، وسداد طريقة، وكمال تفصيل وجملة، ولقد جاورتهم فأحمدت المراد، ونلت المراد:
فإن أك قد فارقت نجداً وأهله ... فما عهد نجدٍ عندنا بذميم
والله يعلم نيتي للأحرار كافة، ولسيدي من بينهم خاصة؛ فإن أعانني على بعض ما في نفسي بلغت له بعض ما فيه النية، وجاوزت به مسافة القدرة، وإن قطع علي طريق عزمي بالمعارضة، وسوء المؤاخذة، صرفت عناني عن طريق الاختيار، بيد الاضطرار:
وما النفس إلاّ نطفةٌ بقرارةٍ ... إذا لم تكدّر كان صفواً غديرها
وبعد: فحبذا عتاب سيدي إذا استوجبنا عتباً، واقترفنا ذنباً؛ فأما أن يسلفنا العربدة، فنحن نصونه عن ذلك، ونصون أنفسنا عن احتماله؛ ولست أسومه أن يقول: استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين. ولكني أسأله أن يقول: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين.
فحين ورد الجواب، وعين العذر رائدة تركناه بعره، وطويناه على غره وعمدنا لذكره فسحوناه، ومن صحيفتنا محوناه؛ وصرنا إلى اسمه فأخذناه ونبذناه، وربكنا خطته، وتجنبنا خطته، فلا طرنا إليه ولا طرنا به. ومضى على ذلك الأسبوع ودبت الأيام، ودرجت الليالي، وتطاولت المدة، وتصرم الشهر، وصرنا لا نعير الأيام ذكره، ولا نودع الصدور حديثه، وجعل هذا الفاضل يستزيد ويستعيد، بألفاظ تقطفها الأسماع من لسانه، وتوردها إلي، وكلمات تحفظها الألسنة من فمه وتعيدها علي، فكاتبناه بما هذه نسخته: أنا أرد من سيدي الأستاذ أطال الله بقاءه شرعة وده وإن لم تصف، وألبس حلة بره وإن لم تضف، وقصاراي أن أكيله صاعاً عن مد؛ فإني وإن كنت في الأدب دعي النسب، ضعيف السبب، سيىء المنقلب: ضيق المضطرب، أمت إلى عشرة أهله بنيقة، وأنزع إلى خدمة أصحابه بطريقة، ولكن بقي أن يكون الخليط منصفاً في الوداد، إن زرت زار، وإن عدت عاد. وسيدي أيده الله ناقشني في القبول أولاً، وصارفني في الإقبال ثانياً. فأما حديث الإقبال، وأمر الإنزال، فنطاق الطمع ضيق عنه، غير متسع لتوقعه منه، وبعد، فكلفة الفضل هينة، وفروض الود متعينة، وأرض العشرة لينة، وطرقها بينة، فلم أختار قعود التغالي مركباً، وصعود التعالي مذهباً، وهلا ذاد الطير عن شجر العشرة، وذاق الحلو من ثمرها؛ فقد علم الله تعالى أن شوقي إليه قد كد الفؤاد برحاً إلى برح، ونكأه قرحاً على قرح، ولكنها مرة مرة ونفس حرة، لم تقد إلا بالإعظام، ولم تلق إلا بالإجلال والإكرام، وإذا استعفاني من معاتبته، وأعفى نفسه من كلف الفضل يتجشمها، فليس إلا غصص الشوق أتجرعها، وحلل الصبر أتدرعها، ولم أعره من نفسي، وأنا أعلم لو أني أعرت جناحي طائر لما طرت إلا إليه، ولا وقعت إلا عليه:
أحبّك يا شمس المعالي وبدرها ... وإن لامني فيك السّها والفراقد
وذاك لأنّ الفضل عندك باهرٌ ... وليس لأنّ العيش عندك بارد
ورأي الأستاذ أبي بكر أيده الله في الوقوف على هذا العتاب الذي معناه ود، والمر الذي يتلوه موفق إن شاء الله تعالى.
فأجاب بما في نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم: وصلت رقعة سيدي ورئيسي، أطال الله بقاءه، إلى آخر السكباج، وعرفت ما تضمنه من خشن خطابه، ومؤلم عتبه وعتابه، وصرفت ذلك منه إلى الضجرة التي لا يخلو منها من مسه عسر، ونبا به دهر، والحمد لله الذي جعلني موضع أنسه، ومظنة مشتكى ما في نفسه.
أما شكاة سيدي ورئيسي من مضايقتي إياه كما زعم في القيام، فقد وفيته حقه أيده الله سلاماً وقياماً على قدر ما قدرت عليه، ووصلت إليه، ولم أرفع عليه إلا السيد أبا البركات العلوي، وما كنت لأوثر أحداً على من أبوه الرسول وأمه البتول، وشاهده التوراة والإنجيل، وناصره التأويل والتنزيل، والبشير به جبريل وميكائيل. فأما القوم الذين صدر عنهم سيدي فكما وصف: حسن عشرة، وسداد طريقة، وكمال تفصيل وجملة، ولقد جاورتهم فأحمدت المراد، ونلت المراد:
فإن أك قد فارقت نجداً وأهله ... فما عهد نجدٍ عندنا بذميم
والله يعلم نيتي للأحرار كافة، ولسيدي من بينهم خاصة؛ فإن أعانني على بعض ما في نفسي بلغت له بعض ما فيه النية، وجاوزت به مسافة القدرة، وإن قطع علي طريق عزمي بالمعارضة، وسوء المؤاخذة، صرفت عناني عن طريق الاختيار، بيد الاضطرار:
وما النفس إلاّ نطفةٌ بقرارةٍ ... إذا لم تكدّر كان صفواً غديرها
وبعد: فحبذا عتاب سيدي إذا استوجبنا عتباً، واقترفنا ذنباً؛ فأما أن يسلفنا العربدة، فنحن نصونه عن ذلك، ونصون أنفسنا عن احتماله؛ ولست أسومه أن يقول: استغفر لنا ذنوبنا إنا كنا خاطئين. ولكني أسأله أن يقول: لا تثريب عليكم اليوم يغفر الله لكم وهو أرحم الراحمين.
فحين ورد الجواب، وعين العذر رائدة تركناه بعره، وطويناه على غره وعمدنا لذكره فسحوناه، ومن صحيفتنا محوناه؛ وصرنا إلى اسمه فأخذناه ونبذناه، وربكنا خطته، وتجنبنا خطته، فلا طرنا إليه ولا طرنا به. ومضى على ذلك الأسبوع ودبت الأيام، ودرجت الليالي، وتطاولت المدة، وتصرم الشهر، وصرنا لا نعير الأيام ذكره، ولا نودع الصدور حديثه، وجعل هذا الفاضل يستزيد ويستعيد، بألفاظ تقطفها الأسماع من لسانه، وتوردها إلي، وكلمات تحفظها الألسنة من فمه وتعيدها علي، فكاتبناه بما هذه نسخته: أنا أرد من سيدي الأستاذ أطال الله بقاءه شرعة وده وإن لم تصف، وألبس حلة بره وإن لم تضف، وقصاراي أن أكيله صاعاً عن مد؛ فإني وإن كنت في الأدب دعي النسب، ضعيف السبب، سيىء المنقلب: ضيق المضطرب، أمت إلى عشرة أهله بنيقة، وأنزع إلى خدمة أصحابه بطريقة، ولكن بقي أن يكون الخليط منصفاً في الوداد، إن زرت زار، وإن عدت عاد. وسيدي أيده الله ناقشني في القبول أولاً، وصارفني في الإقبال ثانياً. فأما حديث الإقبال، وأمر الإنزال، فنطاق الطمع ضيق عنه، غير متسع لتوقعه منه، وبعد، فكلفة الفضل هينة، وفروض الود متعينة، وأرض العشرة لينة، وطرقها بينة، فلم أختار قعود التغالي مركباً، وصعود التعالي مذهباً، وهلا ذاد الطير عن شجر العشرة، وذاق الحلو من ثمرها؛ فقد علم الله تعالى أن شوقي إليه قد كد الفؤاد برحاً إلى برح، ونكأه قرحاً على قرح، ولكنها مرة مرة ونفس حرة، لم تقد إلا بالإعظام، ولم تلق إلا بالإجلال والإكرام، وإذا استعفاني من معاتبته، وأعفى نفسه من كلف الفضل يتجشمها، فليس إلا غصص الشوق أتجرعها، وحلل الصبر أتدرعها، ولم أعره من نفسي، وأنا أعلم لو أني أعرت جناحي طائر لما طرت إلا إليه، ولا وقعت إلا عليه:
أحبّك يا شمس المعالي وبدرها ... وإن لامني فيك السّها والفراقد
وذاك لأنّ الفضل عندك باهرٌ ... وليس لأنّ العيش عندك بارد
فلما وردت عليه
الرقعة؛ حشد تلاميذه وخدمه، وزم عن الجواب قلمه، وحبس للإيجاب قدمه، وطلع مع الفجر
علينا. ونظمت حاشيتنا دار الإمام أبي الطيب. فقلت: الآن تشرق الحشمة وتنور، وتنجد في العشرة وتغور، وقصدناه شاكرين لمأتاه؛
وانتظرنا عادة بره، وتوقعنا مادة فضله، فكان خلباً شمناه، وآلاً وردناه، وصرفنا
الأمر في تأخره، وتأخرنا عنه إلى ما قال عبد الله بن المعتز:
إّنا على البعاد والتفرّق ... لنلتقي بالذكر إن لم نلتق
وقول آخر وقد أحسن وزاد:
أحبّك في البتول وفي أبيها ... ولكنّي أحبّك من بعيد
وبقينا نلتقي خيالاً، ونقنع بالذكر وصالاً، حتى جعلت عواصفه تهب، وعقاربه تدب، وهو لا يرضى بالتعريض حتى يصرح، ولا يقنع بالنفاق حتى يعلن، وأفضت الحال به وبنا معه إلى أن قال: لو أن بهذا البلد رجلاً تأخذه هزة الهمم، وتملكه أريحية الكرم، لجمع بيني وبين فلان يعنيني:
ثم أرى إذا انجلى الغبار ... أفرس تحتي أم حمار
وود فلان بوسطاه، بل بيمناه، لو رحلنا وقلنا في المناخ له، وأتى بكلمات تحذو هذا الحذو، وتنحو هذا النحو، وألفاظ أتتنا من علو، فكان من جوابنا: بعض الوعيد يذهب في البيد. وقلنا: الصدق ينبىء عنك لا الوعيد. وقلنا: إن أجرأ الناس على الأسد أكثرهم له رؤية.
وقد قال بعض أصحابنا: قلت لفلان: لا تناظر فلاناً فإنه يغلبك. قال: أمثلي يغب وعندي دفتر مجلد، ووجدنا عندنا دفاتر مجلدة، وأجزاء مجودة، وأنشدناه قول حجل بن نضلة:
جاء شقيقٌ عارضناه رمحه ... إنّ بني عمّك فيهم رماح
هل أحدث الدهر لنا توبة ... أم هل رفت أم شقيق سلاح
وقلنا: إنا نقتحم الخطب، ونوسط الحرب، فنردها مفحمين ونصدر بلغاء:
وألسننا قبل النزيل قصيرة ... ولكنّها بعد النّزال تطول
فمن ظنّ أن قد يلاقي الحرو ... ب وألاّ يصاب فقد ظنّ عجزا
فإنك متى شئت لقيت منا خصماً ضخماً، ينهشك قضماً، ويأكلك خضماً، وحملناه على قول القائل:
السلم تأخذ منها ما رضيت به ... والحرب تأخذ من أنفاسها جزع
وقلنا له:
نصحتك فالتمس يأويك غيري ... طعاماً إنّ لحمي كان مرّا
ألم يبلغك ما فعلت ظباه ... بكاظمةٍ غداة لقيت عمرا
وجعل الشيطان يثقل بذلك أجفان طرفه، ويقيم به شعرات أنفه:
وحتى ظنّ أنّ الغشّ نصحي ... وخالفني كأنّي قلت هجرا
واتفق أن السيد أبا علي أدام الله عزه نشط للجمع بيننا؛ فدعاني فأجبت، وعرض علي حضور أبي بكر فطلبت ذلك، وقلت: هذه عدة لم أزل أتنجزها، وفرصة لا أزال أنتهزها.
فتجشم السيد أبو الحسن أعزه الله مكاتبته يستدعيه، فاعتذر أبو بكر بعذر في التأخر. فقلت: لا ولا كرامة للدهر أن نقعد تحت ضيمه، أو نقبل خسف ظلمه. وكتبت أنا له أشحذ عزمته على البدار، وألوي رأيه عن الاعتذار، وأعرفه ما في ذلك من ظنون تشتبه، وتهم تتجه، وتناذير تختلف، واعتقادات تخلف، وقدنا إليه مركوباً لنكون قد ألزمناه الحج، وأعطيناه الراحلة؛ فجاءنا بطبقة أف، وعدد تف:
كل بغيض طوله أصبع ... وأنفه خمس أشبار
مع أصحاب عانات، وأرباب جربانات، وسرحنا الطرف منه ومنهم في أحمى من است النمر، وأعطس من أنف النغر، فرأينا رجالاً جوفاً، قد حلقوا صوفاً، فأمنا المعرة، ولم نخش المضرة.
والمناظرة بينهما يطول ذكرها، ويعظم قدرها، ويخرج بها الكتاب عن حده؛ ولكني ألمع منها باليسير، إذ لو ذكرت جميع المعارضات والمناقضات، والمبادهة والمواجهة، لأضعفت على ما كتبت.
فمن ذلك أن البديع قال قلت له: اقترح علي غاية ما في طوقك، ونهاية ما في وسعك، حتى أقترح عليك أربعمائة صنف من الترسل؛ فإن سرت فيها برجلين، ولم أطر بجناحين، فلك فيها السبق.
مثال ذلك، أن أقول لك: اكتب كتاباً يقرأ جوابه منه؛ هل يمكنك أن تكتب ؟ أو أقول لك: اكتب كتاباً على المعنى الذي أقترح، وانظم شعراً وافرغ منهما فراغاً واحداً؛ هل كنت تمد لهذا ساعداً ؟
إّنا على البعاد والتفرّق ... لنلتقي بالذكر إن لم نلتق
وقول آخر وقد أحسن وزاد:
أحبّك في البتول وفي أبيها ... ولكنّي أحبّك من بعيد
وبقينا نلتقي خيالاً، ونقنع بالذكر وصالاً، حتى جعلت عواصفه تهب، وعقاربه تدب، وهو لا يرضى بالتعريض حتى يصرح، ولا يقنع بالنفاق حتى يعلن، وأفضت الحال به وبنا معه إلى أن قال: لو أن بهذا البلد رجلاً تأخذه هزة الهمم، وتملكه أريحية الكرم، لجمع بيني وبين فلان يعنيني:
ثم أرى إذا انجلى الغبار ... أفرس تحتي أم حمار
وود فلان بوسطاه، بل بيمناه، لو رحلنا وقلنا في المناخ له، وأتى بكلمات تحذو هذا الحذو، وتنحو هذا النحو، وألفاظ أتتنا من علو، فكان من جوابنا: بعض الوعيد يذهب في البيد. وقلنا: الصدق ينبىء عنك لا الوعيد. وقلنا: إن أجرأ الناس على الأسد أكثرهم له رؤية.
وقد قال بعض أصحابنا: قلت لفلان: لا تناظر فلاناً فإنه يغلبك. قال: أمثلي يغب وعندي دفتر مجلد، ووجدنا عندنا دفاتر مجلدة، وأجزاء مجودة، وأنشدناه قول حجل بن نضلة:
جاء شقيقٌ عارضناه رمحه ... إنّ بني عمّك فيهم رماح
هل أحدث الدهر لنا توبة ... أم هل رفت أم شقيق سلاح
وقلنا: إنا نقتحم الخطب، ونوسط الحرب، فنردها مفحمين ونصدر بلغاء:
وألسننا قبل النزيل قصيرة ... ولكنّها بعد النّزال تطول
فمن ظنّ أن قد يلاقي الحرو ... ب وألاّ يصاب فقد ظنّ عجزا
فإنك متى شئت لقيت منا خصماً ضخماً، ينهشك قضماً، ويأكلك خضماً، وحملناه على قول القائل:
السلم تأخذ منها ما رضيت به ... والحرب تأخذ من أنفاسها جزع
وقلنا له:
نصحتك فالتمس يأويك غيري ... طعاماً إنّ لحمي كان مرّا
ألم يبلغك ما فعلت ظباه ... بكاظمةٍ غداة لقيت عمرا
وجعل الشيطان يثقل بذلك أجفان طرفه، ويقيم به شعرات أنفه:
وحتى ظنّ أنّ الغشّ نصحي ... وخالفني كأنّي قلت هجرا
واتفق أن السيد أبا علي أدام الله عزه نشط للجمع بيننا؛ فدعاني فأجبت، وعرض علي حضور أبي بكر فطلبت ذلك، وقلت: هذه عدة لم أزل أتنجزها، وفرصة لا أزال أنتهزها.
فتجشم السيد أبو الحسن أعزه الله مكاتبته يستدعيه، فاعتذر أبو بكر بعذر في التأخر. فقلت: لا ولا كرامة للدهر أن نقعد تحت ضيمه، أو نقبل خسف ظلمه. وكتبت أنا له أشحذ عزمته على البدار، وألوي رأيه عن الاعتذار، وأعرفه ما في ذلك من ظنون تشتبه، وتهم تتجه، وتناذير تختلف، واعتقادات تخلف، وقدنا إليه مركوباً لنكون قد ألزمناه الحج، وأعطيناه الراحلة؛ فجاءنا بطبقة أف، وعدد تف:
كل بغيض طوله أصبع ... وأنفه خمس أشبار
مع أصحاب عانات، وأرباب جربانات، وسرحنا الطرف منه ومنهم في أحمى من است النمر، وأعطس من أنف النغر، فرأينا رجالاً جوفاً، قد حلقوا صوفاً، فأمنا المعرة، ولم نخش المضرة.
والمناظرة بينهما يطول ذكرها، ويعظم قدرها، ويخرج بها الكتاب عن حده؛ ولكني ألمع منها باليسير، إذ لو ذكرت جميع المعارضات والمناقضات، والمبادهة والمواجهة، لأضعفت على ما كتبت.
فمن ذلك أن البديع قال قلت له: اقترح علي غاية ما في طوقك، ونهاية ما في وسعك، حتى أقترح عليك أربعمائة صنف من الترسل؛ فإن سرت فيها برجلين، ولم أطر بجناحين، فلك فيها السبق.
مثال ذلك، أن أقول لك: اكتب كتاباً يقرأ جوابه منه؛ هل يمكنك أن تكتب ؟ أو أقول لك: اكتب كتاباً على المعنى الذي أقترح، وانظم شعراً وافرغ منهما فراغاً واحداً؛ هل كنت تمد لهذا ساعداً ؟
أو أقول لك: اكتب كتاباً في المعنى الذي أقول وأنص عليه، وأنشد
من القصائد ما أريده من غير تثاقل ولا تغافل، حتى إذا كتبت ذلك قرىء من آخره إلى
أوله، وانتظمت معانيه إذا قرىء من أسفله؛ هل كنت تفوق لهذا الغرض سهماً، أو تجيل
قدحاً، أو تصيب نجحاً ؟ أو قلت لك: اكتب كتاباً إذا قرىء من أوله إلى آخره كان كاتباً، وإذا عكست سطوره مخالفة
كان جواباً؛ هل كنت في هذا العمل واري الزند، قاصد القصد ؟ أو قلت لك: اكتب كتاباً على المعنى الذي أقترح، لا يكون فيه
معنى متصل من واو تتقدم الكلمة، أو منفصل عنها بديهة، هل كنت تفعل ؟ أو قلت لك: اكتب كتاباً خالياً من الألف واللام، لا تصب
معانيه إلا على قالب ألفاظه، ولا تخرجه من جهة أغراضه، هل كنت تقف من ذلك موقفاً
مشهوراً ؟ أو يبعك ربك مقاماً محموداً؟ أو قلت لك: اكتب كتاباً أوائل سطوره كلها ميم، وآخرها جيم، على المعنى الذي أريد، هل
كنت تغلو في قوسه غلوة، أو تخطو في أرضه خطوة ؟ أو أقول لك: اكتب كتاباً يخلو من الحروف العواطل، هل كنت تحظى
منها بطائل ؟ أو تبل لهاتك بناطل ؟ أو أقول لك: اكتب كتاباً إذا قرىء معوجاً، أو سرد معرجاً، كان شعراً، هل كنت تقطع في
ذلك شعراً ؟ بلى، والله تصيب ولكن من بدنك، وتقطع ولكن من ذقنك.
أو أقول لك: اكتب كتاباً إذا فسر من وجه كان مدحاً، وإذا فسر من وجه آخر كان قدحاً، هل كنت تقدر على هذه العمدة ؟ أو تخرج من هذه العهدة ؟ أو أقول لك: اكتب كتاباً كنت قد حفظته من دون أن لحظته، هل كنت تثق من نفسك به ؟ بل است البائن أعلم.
فقال أبو بكر: هذه الأبواب شعبذة فقلت: وهذا القول طرمذة، فما الذي تحسن أنت من الكتابة وفنونها، حتى أباحثك عن مكنونها، وأكاثرك بمخزونها، وأثير فيها قلمك، وأسبر لسانك وفمك. فقال: الكتابة التي يتعاطاها أهل الزمان، المتعارفة بين الناس.
فقلت: أليس لا تحسن من الكتابة إلا هذه الطريقة الساذجة، وهذا النوع الواحد المتداول بكل قلم، المتناول بكل يد وفم، ولا تحسن هذه الشعبذة.
فقال: نعم ! فقلت: هات الآن حتى أطاولك بهذا الحبل، وأنابلك بهذا النبل، ثم تقاس ألفاظي بألفظاك، ويعارض إنشائي بإنشائك؛ فأقترح كتاباً يكتب في النقود وفسادها، وفي التجارات وكسادها ووقوفها، والبضاعات وانقطاعها، والأسعار وغلائها.
فكتب أبو بكر بما نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم، الدرهم والدينار ثمن الدنيا والآخرة؛ بهما يتوصل إلى جنات النعيم، ويخلد في نار الجحيم، قال الله تعالى: " خُذ من أموالهم صدقةً تُطهِّرهم وتزكّيهم بها وصَلّ عليهم إنّ صلاتك سكنٌ لهم واللّه سميع عليم " . وقد بلغنا من فساد النقود ما أكبرناه أشد الإكبار؛ وأنكرناه أعظم الإنكار، لما نراه من الصلاح للعباد، وننويه من الخير للبلاد، وتعرفنا في ذلك بما يربح الناس في الزرع والضرع إلى كلمات لم تعلق بحفظنا.
فقلت: إن الإنكار والإكبار، والبلاد والعباد، وجنات النعيم ونار الجحيم، والزرع والضرع، قد نبت عن العد، وزلت عن اليد، وقد كتبت كما ترى بما ساوق فيه اللسان القلم، وسابقت اليد الفم، ولا أطالبك بمثل ما أنشأت. فاقرأه ولك اليد، وناولته الرقعة فبقي وبقيت الجماعة، وبهت وبهتت الكافة.
وهذا ما كتب البديع ارتجالاً: بسم الله الرحمن الرحيم: الله شاء أن المحاضر صدور بها وتملأ المنابر، ظهور لها وتفرع الدفاتر، وجوه بها وتمشق المحابر، بطون لها ترشق آثاراً، كانت فيه، آمالنا مقتضى على أياديه، في تأييده الله أدام الأمير جرى، وإذا المسلمين ظهور عن الثقل هذا ويرفع الدين، أهل عن الكل هذا يحط أن في إليه نتضرع، ونحن واقفة، والتجارات زائفة، والنقود صيارفة، أجمع الناس صار فقد كريماً نظراً إلينا لينظر شيمه، مصاب وانتجعنا كرمه، بارقة وشمنا هممه، على آمالنا رقاب وعلقنا أحوالنا، وجوه له وكشفنا آمالنا، وفود إليه بعثنا فقد نظره بجميل يتداركنا أن ونعماءه تأييده وأدام بقاءه الله أدام الحال الجليل الأمير رأى أن وصلى الله على النبي محمد وآله وصحبه وسلم.
أو أقول لك: اكتب كتاباً إذا فسر من وجه كان مدحاً، وإذا فسر من وجه آخر كان قدحاً، هل كنت تقدر على هذه العمدة ؟ أو تخرج من هذه العهدة ؟ أو أقول لك: اكتب كتاباً كنت قد حفظته من دون أن لحظته، هل كنت تثق من نفسك به ؟ بل است البائن أعلم.
فقال أبو بكر: هذه الأبواب شعبذة فقلت: وهذا القول طرمذة، فما الذي تحسن أنت من الكتابة وفنونها، حتى أباحثك عن مكنونها، وأكاثرك بمخزونها، وأثير فيها قلمك، وأسبر لسانك وفمك. فقال: الكتابة التي يتعاطاها أهل الزمان، المتعارفة بين الناس.
فقلت: أليس لا تحسن من الكتابة إلا هذه الطريقة الساذجة، وهذا النوع الواحد المتداول بكل قلم، المتناول بكل يد وفم، ولا تحسن هذه الشعبذة.
فقال: نعم ! فقلت: هات الآن حتى أطاولك بهذا الحبل، وأنابلك بهذا النبل، ثم تقاس ألفاظي بألفظاك، ويعارض إنشائي بإنشائك؛ فأقترح كتاباً يكتب في النقود وفسادها، وفي التجارات وكسادها ووقوفها، والبضاعات وانقطاعها، والأسعار وغلائها.
فكتب أبو بكر بما نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم، الدرهم والدينار ثمن الدنيا والآخرة؛ بهما يتوصل إلى جنات النعيم، ويخلد في نار الجحيم، قال الله تعالى: " خُذ من أموالهم صدقةً تُطهِّرهم وتزكّيهم بها وصَلّ عليهم إنّ صلاتك سكنٌ لهم واللّه سميع عليم " . وقد بلغنا من فساد النقود ما أكبرناه أشد الإكبار؛ وأنكرناه أعظم الإنكار، لما نراه من الصلاح للعباد، وننويه من الخير للبلاد، وتعرفنا في ذلك بما يربح الناس في الزرع والضرع إلى كلمات لم تعلق بحفظنا.
فقلت: إن الإنكار والإكبار، والبلاد والعباد، وجنات النعيم ونار الجحيم، والزرع والضرع، قد نبت عن العد، وزلت عن اليد، وقد كتبت كما ترى بما ساوق فيه اللسان القلم، وسابقت اليد الفم، ولا أطالبك بمثل ما أنشأت. فاقرأه ولك اليد، وناولته الرقعة فبقي وبقيت الجماعة، وبهت وبهتت الكافة.
وهذا ما كتب البديع ارتجالاً: بسم الله الرحمن الرحيم: الله شاء أن المحاضر صدور بها وتملأ المنابر، ظهور لها وتفرع الدفاتر، وجوه بها وتمشق المحابر، بطون لها ترشق آثاراً، كانت فيه، آمالنا مقتضى على أياديه، في تأييده الله أدام الأمير جرى، وإذا المسلمين ظهور عن الثقل هذا ويرفع الدين، أهل عن الكل هذا يحط أن في إليه نتضرع، ونحن واقفة، والتجارات زائفة، والنقود صيارفة، أجمع الناس صار فقد كريماً نظراً إلينا لينظر شيمه، مصاب وانتجعنا كرمه، بارقة وشمنا هممه، على آمالنا رقاب وعلقنا أحوالنا، وجوه له وكشفنا آمالنا، وفود إليه بعثنا فقد نظره بجميل يتداركنا أن ونعماءه تأييده وأدام بقاءه الله أدام الحال الجليل الأمير رأى أن وصلى الله على النبي محمد وآله وصحبه وسلم.
فجعلت أقرؤه
منكوساً، وأسرده معكوساً، والعيون تبرق وتحار. فلما فرغت من قراءتها انقطع ظهر أحد الخصمين. وقال الناس: قد عرفنا الفاضل من المفضول، ثم ملنا إلى اللغة
والعروض والنحو والشعر والحفظ، فلما برد ضجر الناس وقاموا يفدونني بالأمهات،
ويشتمون الفرس المنبت؛ وقام أبو بكر فغشي عليه، وقمت إليه فقلت:
يعزّ عليّ في الميدان أنّي ... قتلت مناسبي جلداً وقهرا
ولكن رمت شيئاً لم يرمه ... سواك فلم أطق يا ليث صبرا
وخرجت وقد اجتمع الناس؛ فتلقوني بالشفاه تقبيلاً، وبالأفواه تبجيلاً، وانتظروا خروجه إلى أن غابت الشمس فلم يظهر أبو بكر، حتى خفره الليل بجنوده، وخلع عليه الظلام خلع بروده.
يعزّ عليّ في الميدان أنّي ... قتلت مناسبي جلداً وقهرا
ولكن رمت شيئاً لم يرمه ... سواك فلم أطق يا ليث صبرا
وخرجت وقد اجتمع الناس؛ فتلقوني بالشفاه تقبيلاً، وبالأفواه تبجيلاً، وانتظروا خروجه إلى أن غابت الشمس فلم يظهر أبو بكر، حتى خفره الليل بجنوده، وخلع عليه الظلام خلع بروده.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق