تعرفت
الصين الى الفن السينمائي عام 1896 وذلك بعد سنة واحدة فقط من أول عرض سينمائي
للجمهور في العالم بباريس , حيث تم عرض الافلام الهزلية القصيرة الفرنسية المنتجة
للأخوين لوميير في احدى المقاهي بمدينة شنغهاي .
شهدت الصين انتاج أول فيلم سينمائي تسجيلي عام 1905 في مدينة بكين , وأول فيلم طويل تم انتاجه عام 1913 في شنغهاي . ومنذ أواخر العشرينات من هذا القرن كانت مدينة شنغهاي مركزا هاما لانتاج الافلام الصينية حيث ظهرت فيها أكثر من 20 شركة انتجت عشرات الافلام الروائية الصامتة, البوليسية والعاطفية . وكانت هذه الافلام بسيطة من حيث البناء السينمائي , ومع ذلك فانها كانت بدايات لظهور صناعة السينما في الصين . و في عام 1931 انتجت الصين اول فيلم ناطق " مطربة الفراولة الحمراء " ويلخص انتكاسات ومأساة حياة مطربة فقيرة وسط مجتمع قاس وشرير . وفي عام 1932 أسس الحزب الشــيوعي الصـيني ما يســمى بفرقة ســينمائية لتعمل تحت الأرض وظهرت إلى حيز الوجــود مجموعة من الأفلام الســينمائية المتميزة منها ( ثلاثة نســاء معاصــرات ) و ( أغنية صــياد الســمك ) و ( المرأة الســـحرية ) و ( على قارعة الطريق ) وغيرها ...
وكشفت هذه الأفلام ظلم المجتمع القديم , ولعبت دورا إيجابيا في توعية الشــعب للمقاومة ضــــد الغزاة اليابانيين .
وفي عام 1938 تم تأسيس جماعة ســـينمائية في ( يانان ) وحقق الســينمائيون عددا من الأفلام الإخبارية التســـجيلية كان منها ( جيش الطريق الثامن ) و ( الدكتور بيثون ) و ( الحياة العسكرية لجيش الطريق الرابع الجديد ) ... وسجلت هذه الأفلام تاريخ النضـــال الثوري للشــعب الصيني .
تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949 فتح صفحــة جديدة في التاريخ الصــيني ... حيث توارثت الصين التقاليد الواقعية التي ميزت الســينما من قبل فترة الثلاثينات والأربعينات , وتأسست على التوالي ثلاثة استوديوهات في منطقة الشمال الشرقي وبكين وشنغهاي , حيث بدأت في تصوير الافلام الروائية بكميات كبيرة . ومنذ هذا التاريخ حتى عام 1965 انتجت الصين 603 افلام روائية و3300 فيلم قصير من الانواع المختلفة . وأقامت وزارة الثقافة الصينية في عام 1959 شــهر الأفلام الجديدة , إحياء الذكرى العاشــرة لتأسيس الجمهورية الشــعبية وعرض في هذا الشـــهر تقريبا ( 38 ) فيلما من أنواع مختلفة .
وكسبت الأفلام الروائية حجز الشهرة وكان من أهم هذة الأفلام ( لمســة شيوي ) و ( أنشودة الشــباب ) و ( متجــر أســرة لين ) و ( خمسة أزهار ذهبية ) ... وقــد تميزت هذه الأفلام بمســـتوى فني لافت للأنظـــار .
وفي ظل ســياسة الإصــلاح والإنفتاح تكثف التعاون الســينمائي بين الصين والدول الأخــرى , ولقيت المهارات الفنية والتطورات التقنية في الســينما العالمية أهتمام الصين .
وأدى هذا الحـــوار الســينمائي إلى تطور الســـينما الصينية شــكلا وأســلوبا وأدى ذلك مرة أخرى إلى خروج الأفلام الصينية بميزاتها الوطنية المتفردة إلى خارج الحـــدود .
ومنذ الثمانينات ظهرت إلى حيز الوجود . «السينما الصينية الجديدة» أو «الموجة الجديدة في السينما الصينية» التي اكدت وجودها عالميا، حصدت الجوائز في المهرجان الدولية، ونالت القبول والنجاح في العواصم الكبرى أكثر من الداخل وتحققت مدرسة جديدة في الاخراج والتصوير والاداء والتعبير، وصدرت عنها الكثير من الدراسات التي تحاول اكتشاف ملامحها وسر تفوقها،
ويمكن أن نجمل خصائص السينما الصينية الجديدة بأنها تتعامل مع التراث بمفهوم عصري وتتناول التاريخ بمنظور نقدي، كما طرحت بشجاعة العلاقة بين الرجل والمرأة، وبين السلطة والفرد، وتناولت موضوعات الحب والخيانة والصداقة والجنس بجرأة، ولكن بأصالة ورقة وتمسك بالجذور دون انغلاق بل انفتحت على الثقافة العالمية واستفادت من التراث الإنساني في الشعر والمسرح والفن التشكيلي والأدب وهي لا تتعامل مع التاريخ لمجرد الرغبة النوستالجية في ابداء الحنين للماضي، بل من أجل فهم النسيج الاجتماعي القائم وأسباب جموده ومقاومته المستمرة للتغيير، كما يتميز عدد من أفلامها بتناول جانب من التجربة الشخصية للمخرجين ورغم كل هذا فإنها اختلفت اختلافا جذريا عن سينما الآباء التي تعتمد الأيديولوجية الاشتراكية...ومن اهم نماذج هذه السينما :.:
فيلم } الأرض الصـــفراء { وهذا الفيلم الذي يعود الى العام 1984 تؤرخ به بداية ظهور حركة السينما الصينية الجديدة - ببساطته الرقيقة الشفافة ونسيجه الشعري وأغانيه الشعبية الموحية بالحلم المستحيل، لا عجب أن يهز عرش السينما الصينية التقليدية السابقة، وكان بمثابة انقلاب في جماليات الفيلم الصيني، وقد تميز بأسلوب سينمائي يشع بالثقافة البصرية والقدرة التعبيرية الصامتة للوجود والأيدي وللطبيعة في حزنها ورونقها، في قسوتها وروعتها في آن. ويتعرض الفيلم للتقاليد البالية التي بقيت حتى في عهد «ماو» تزويج الفتيات الصغيرات أو بيعهن بسبب الفقر، وتتحدث كلمات أغنية في الفيلم عن فتاة تزوجت في الثالثة عشرة وترملت في الرابعة عشرة، ثم انتحرت في الخامسة عشرة!، واضطرار الأب لتزويج ابنته مقابل مهر يدفع منه ديونه المستحقة عن تكاليف جنازة زوجته الراحلة وتكاليف شراء زوجة لابنه
فيلم } الذرة الحمـــراء }للمخرج زانغ ييمو المنتج عام 1987 وكان اول فيلم صيني يحصل على جائزة كبرى في مهرجان دولي وهي هنا الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي 1988 - ورغم أنه اثار ردود فعل عنيفة في الصين عند ظهوره، واتهمه نقاد رسميون بالاغراق في الشكلية وتصوير الانحطاط والنماذج السلبية للشخصيات والخضوع للقيم الجمالية الغربية . الجديد أو الجريء في هذا الفيلم انه للمرة الأولى في السينما الصينية يطرح موضوع الرغبة الجنسية والشهوة المدمرة والانتهاك المباشر للمألوف، أو السكوت عنه في الثقافة الصينية التقليدية - وقد عبر عن الأحاسيس الداخلية للمرأة التي كانت من المحظورات في الأدب الصيني التقليدي، كما صور العلاقة القمعية بين الرجل والمرأة في المجتمع الذكوري، الرجال في الفيلم قمعيون امتلاكيون في الخارج، ضعفاء مترددون من الداخل مما كان يتعارض مع الصورة الايجابية للرجل في السينما الصينية من قبل.
وفيلم «وداعا ياخليلتي» فيلم للمخرج تشين كايج.. يتناول زمنيا التطورات التي شهدتها الصين على مدار خمسين عاما من النظام الاقطاعي حتى الغزو الياباني ـ ثم الثورة الثقافية - فيلم ملحمي كبير يتجاوز عملا مشهورا عن نفس الفترة وهو «الامبراطور الأخير» للمخرج برتولوتسي لأنه شهادة فنان صيني على مرحلة هامة من تاريخ وطنه أدان الفيلم الايدلوجيات الشمولية وانتصر للفرد.
والفيلم الشــهير } المصابيح الحمراء { لنفس المخرج زانغ ييمو « 1991» الذي تميز بجماليات عالية، بأسلوبه البصري واستخدامه الحيوي للألوان ومزجه شريطي «الصوت والصورة» واعتبره النقاد والمشاهدون في في العالم كله واحدا من الأعمال السينمائية التي بلغت حد الكمال الفني سواء من ناحية بنائه السينمائي أو أسلوبه التشكيلي أو اداء ممثليه.
وقد ترشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 1992
وحصــل على جائزة ( الأســـد الفضي -) في عام 1991 في مهرجان فينيسيا الدولي
وما بين عامي 1949 و 1995 فازت الأفلام الصينية في المهرجانات العالمية بأكثر من ( 400 ) جائزة ... وكسبت الســــــينما الصينية إعتراف العالم وتأكيدة .
ماهو وضع السينما الصينية الجديدة اليوم؟ ماذا بعد الجيل الخامس؟ هل برز جيل سادس؟.. لقد حدثت تغييرات هامة في الصين أثرت على صناعة السينما.. سياسة الانفتاح الاقتصادي.. تحرير السوق... لم يعد الاعتماد على الاستوديوهات التي تملكها الدولة.. والتي خفضت الدولة دعمها المالي لها.. وظهرت شركات انتاج مستقلة.. لا يجد مخرجو الجيل الخامس صعوبة في تمويل أفلامهم.. فقد حصل المخرج جانج يميو على تمويل فيلمه «لا أقل من واحدة 1999» من شركة كولومبيا الأمريكية.. ثم حصل على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا.. وبيعت حقوق توزيعه في أمريكا..، ويجد المخجر تشين كايج سهولة في تدبير المال من أوروبا واليابان وقد تكلف فيلمه.. الامبراطور والقاتل 1999 أحد عشر مليون دولار تكلف ديكور القصر الامبراطوري وحده 20 مليون دولار. وبيعت حقوق توزيعه في أمريكا.
الجيل الجديد في السينما الصينية أو قل الجيل السادس اتجه الى صنع المسلسلات التليفزيونية - يصنعون أفلاما تجارية في الغالب - يهتمون بارضاء الذوق المتغير للجمهور المحلي - يرون أن شباك التذاكر هو مقياس النجاح - أحد هؤلاء المخرجين الشبان فينج تسياو جانج اخرج ثلاثة أفلام تجارية. مولتها شركة انتاج مستقلة وحققت رقما قياسيا في الشباك - أحد مخرجي الجيل الخامس تيان جوانج يبذل جهده لمساعدة وتمويل أفلام الجيل السادس وهو «لو يي» عد أن حقق أعمالا تليفزيونية ناجحة أخرج فيلمه الروائي الطويل الأول «عشاق عطلة نهاية الأسبوع «الذي فاز بجائزة فاسبندر في مهرجان مانهايم 1996 - ثم فاز عن فيلمه الثاني «نهر سوزو» بالجائزة الكبرى لمهرجان روتردام - وهو فيلم بوليسي رومانسي يؤكد نجاحه أن السينما الفنية الابداعية ماتزال ممكنة التحقق في الصين بالرغم من الزحف المتواصل في اتجاه القيم التجارية وهلودة الثقافة.
ونذكر بعض أفضل الأفلام الصينية .الحديثة.. التي تتمحور قصصها حول المشاعر الإنسانية والعلاقات ذو أهداف سامية وتحقيق رغبة الذات ...
- 1 الوان عمـــياء إخراج : جووكسينج تشين - بطولة : تاو هونج / جيانج كي من إنتاج عام 2000 ....
. وتدور قصــة الفيلم حــول الفتاة المكفوفة ( عمياء ) دينغ لي ليست جريئة فحسب إنما تتطلع إلى مســـتقبل أفضــــــل .
تنضـــم "دينغ لي" إلى مدرســـة رياضــية للمعوقين وهنــاك تتعلم الكثير من حكمة الحــياة وتتفوق في التدريب وتفوز بميدالية ذهبية في إحدى المســـابقات العالمية ... وتقترب كثيرا من الحياة الحقيقية .
- 2 شوربة الحب الكثيرة التوابل من إخراج : زانغ يانغ - بطولة : ليوي لي بينغ من إنتاج عام 1998 ....
. قصص مختلفة تصــور علاقات الحب بين أهل المدن الصينية المعاصـــرة ... ويعرض الفيلم رفض الآباء للصــداقة البريئة بين طلاب المدارس بينما يحظي الحب الناضج بين المسنين بالتأييد والتشجيع من قبل الشـباب .
في الفيلم أكثر من حكاية موضوعها العلاقات والمشاكل العاطفية بين الشـباب والكبار .
- 3 عالم جديد جميل من إخراج : شي يونجيو - من بطولة : جيانج وو تاو هونغ من إنتاج عام 1999.
. الفيلم مشــترك بين كل من الصين وتايوان .يذهب شــاب "بوجان" إلى مدينة للبحث عن عمل لكن خالتة الصــغيرة التي يقارب عمرها عمرة ... تستهين بة وتســخر منة وتســتغلة .
"بوجان" يغض النظر عن أعمال خالتة وما تفعلة بة ويتصرف كرجل مجتهــد ومخلص ويستطيع من خلال إرادتة القوية تحقيق نجاح كبير .
وتأخر المخرج الصيني وونغ كار واي (شنغهاي 1958) أربع سنوات في إعداد فيلم «2046»، الذي يعرض في أنحاء متفرقة من العالم في هذه الآونة. وكما حصل في «مزاج رائق للحب»، فإن المخرج يأخذنا إلى عالم الإيحاء ذاك المليء باستدعاءات غرامية مفعمة بالحنين، حيث يكتب رجل في الغرفة رقم 2046 من فندق قديم حول قطار يسافر إلى عام 2046 ويعتقد هذا الرجل المنفي في غرفته بأنه يكتب حول المستقبل فقط بينما هو يفعل ذلك حول الماضي.
إذ يقول وونغ كار: «في الواقع إنها قصة رجل يبتكر في مخيلته صور العديد من النساء كي لا ينسى المرأة الوحيدة التي أحب، ويذهب إلى المرأة الوحيدة التي خانته». ويشارك في هذا الفيلم كل من طوني لينغ وكونغ لي وشانغ زالي وماجي شينغ، من بين نجوم آخرين من السينما الشرقية. وتجري أحداثه في مكانين ضيقين هما فندق وقطار، حيث تتحرك الجدران في كلا الحالتين.
ويكتب وونغ كار واي لتوضيح هذه الفكرة قائلا: «كلنا لدينا حاجة لمكان للاختباء أو لحفظ بعض الذكريات والأفكار والحوافز والأحلام. إنها عناصر من حياتنا لا نستطيع حلها أو أننا لسنا قادرين على اتخاذ قرار بصددها. ونشعر في الوقت نفسه بالخوف منها. بالنسبة للبعض، فإن الأمر يتعلق بمكان حقيقي، وبالنسبة لغيرهم فإنه يتعلق بحيز عقلي وهو لا يعني شيئاً بالنسبة لقلة قليلة من الأشخاص.
شهدت الصين انتاج أول فيلم سينمائي تسجيلي عام 1905 في مدينة بكين , وأول فيلم طويل تم انتاجه عام 1913 في شنغهاي . ومنذ أواخر العشرينات من هذا القرن كانت مدينة شنغهاي مركزا هاما لانتاج الافلام الصينية حيث ظهرت فيها أكثر من 20 شركة انتجت عشرات الافلام الروائية الصامتة, البوليسية والعاطفية . وكانت هذه الافلام بسيطة من حيث البناء السينمائي , ومع ذلك فانها كانت بدايات لظهور صناعة السينما في الصين . و في عام 1931 انتجت الصين اول فيلم ناطق " مطربة الفراولة الحمراء " ويلخص انتكاسات ومأساة حياة مطربة فقيرة وسط مجتمع قاس وشرير . وفي عام 1932 أسس الحزب الشــيوعي الصـيني ما يســمى بفرقة ســينمائية لتعمل تحت الأرض وظهرت إلى حيز الوجــود مجموعة من الأفلام الســينمائية المتميزة منها ( ثلاثة نســاء معاصــرات ) و ( أغنية صــياد الســمك ) و ( المرأة الســـحرية ) و ( على قارعة الطريق ) وغيرها ...
وكشفت هذه الأفلام ظلم المجتمع القديم , ولعبت دورا إيجابيا في توعية الشــعب للمقاومة ضــــد الغزاة اليابانيين .
وفي عام 1938 تم تأسيس جماعة ســـينمائية في ( يانان ) وحقق الســينمائيون عددا من الأفلام الإخبارية التســـجيلية كان منها ( جيش الطريق الثامن ) و ( الدكتور بيثون ) و ( الحياة العسكرية لجيش الطريق الرابع الجديد ) ... وسجلت هذه الأفلام تاريخ النضـــال الثوري للشــعب الصيني .
تأسيس جمهورية الصين الشعبية عام 1949 فتح صفحــة جديدة في التاريخ الصــيني ... حيث توارثت الصين التقاليد الواقعية التي ميزت الســينما من قبل فترة الثلاثينات والأربعينات , وتأسست على التوالي ثلاثة استوديوهات في منطقة الشمال الشرقي وبكين وشنغهاي , حيث بدأت في تصوير الافلام الروائية بكميات كبيرة . ومنذ هذا التاريخ حتى عام 1965 انتجت الصين 603 افلام روائية و3300 فيلم قصير من الانواع المختلفة . وأقامت وزارة الثقافة الصينية في عام 1959 شــهر الأفلام الجديدة , إحياء الذكرى العاشــرة لتأسيس الجمهورية الشــعبية وعرض في هذا الشـــهر تقريبا ( 38 ) فيلما من أنواع مختلفة .
وكسبت الأفلام الروائية حجز الشهرة وكان من أهم هذة الأفلام ( لمســة شيوي ) و ( أنشودة الشــباب ) و ( متجــر أســرة لين ) و ( خمسة أزهار ذهبية ) ... وقــد تميزت هذه الأفلام بمســـتوى فني لافت للأنظـــار .
وفي ظل ســياسة الإصــلاح والإنفتاح تكثف التعاون الســينمائي بين الصين والدول الأخــرى , ولقيت المهارات الفنية والتطورات التقنية في الســينما العالمية أهتمام الصين .
وأدى هذا الحـــوار الســينمائي إلى تطور الســـينما الصينية شــكلا وأســلوبا وأدى ذلك مرة أخرى إلى خروج الأفلام الصينية بميزاتها الوطنية المتفردة إلى خارج الحـــدود .
ومنذ الثمانينات ظهرت إلى حيز الوجود . «السينما الصينية الجديدة» أو «الموجة الجديدة في السينما الصينية» التي اكدت وجودها عالميا، حصدت الجوائز في المهرجان الدولية، ونالت القبول والنجاح في العواصم الكبرى أكثر من الداخل وتحققت مدرسة جديدة في الاخراج والتصوير والاداء والتعبير، وصدرت عنها الكثير من الدراسات التي تحاول اكتشاف ملامحها وسر تفوقها،
ويمكن أن نجمل خصائص السينما الصينية الجديدة بأنها تتعامل مع التراث بمفهوم عصري وتتناول التاريخ بمنظور نقدي، كما طرحت بشجاعة العلاقة بين الرجل والمرأة، وبين السلطة والفرد، وتناولت موضوعات الحب والخيانة والصداقة والجنس بجرأة، ولكن بأصالة ورقة وتمسك بالجذور دون انغلاق بل انفتحت على الثقافة العالمية واستفادت من التراث الإنساني في الشعر والمسرح والفن التشكيلي والأدب وهي لا تتعامل مع التاريخ لمجرد الرغبة النوستالجية في ابداء الحنين للماضي، بل من أجل فهم النسيج الاجتماعي القائم وأسباب جموده ومقاومته المستمرة للتغيير، كما يتميز عدد من أفلامها بتناول جانب من التجربة الشخصية للمخرجين ورغم كل هذا فإنها اختلفت اختلافا جذريا عن سينما الآباء التي تعتمد الأيديولوجية الاشتراكية...ومن اهم نماذج هذه السينما :.:
فيلم } الأرض الصـــفراء { وهذا الفيلم الذي يعود الى العام 1984 تؤرخ به بداية ظهور حركة السينما الصينية الجديدة - ببساطته الرقيقة الشفافة ونسيجه الشعري وأغانيه الشعبية الموحية بالحلم المستحيل، لا عجب أن يهز عرش السينما الصينية التقليدية السابقة، وكان بمثابة انقلاب في جماليات الفيلم الصيني، وقد تميز بأسلوب سينمائي يشع بالثقافة البصرية والقدرة التعبيرية الصامتة للوجود والأيدي وللطبيعة في حزنها ورونقها، في قسوتها وروعتها في آن. ويتعرض الفيلم للتقاليد البالية التي بقيت حتى في عهد «ماو» تزويج الفتيات الصغيرات أو بيعهن بسبب الفقر، وتتحدث كلمات أغنية في الفيلم عن فتاة تزوجت في الثالثة عشرة وترملت في الرابعة عشرة، ثم انتحرت في الخامسة عشرة!، واضطرار الأب لتزويج ابنته مقابل مهر يدفع منه ديونه المستحقة عن تكاليف جنازة زوجته الراحلة وتكاليف شراء زوجة لابنه
فيلم } الذرة الحمـــراء }للمخرج زانغ ييمو المنتج عام 1987 وكان اول فيلم صيني يحصل على جائزة كبرى في مهرجان دولي وهي هنا الدب الذهبي في مهرجان برلين السينمائي 1988 - ورغم أنه اثار ردود فعل عنيفة في الصين عند ظهوره، واتهمه نقاد رسميون بالاغراق في الشكلية وتصوير الانحطاط والنماذج السلبية للشخصيات والخضوع للقيم الجمالية الغربية . الجديد أو الجريء في هذا الفيلم انه للمرة الأولى في السينما الصينية يطرح موضوع الرغبة الجنسية والشهوة المدمرة والانتهاك المباشر للمألوف، أو السكوت عنه في الثقافة الصينية التقليدية - وقد عبر عن الأحاسيس الداخلية للمرأة التي كانت من المحظورات في الأدب الصيني التقليدي، كما صور العلاقة القمعية بين الرجل والمرأة في المجتمع الذكوري، الرجال في الفيلم قمعيون امتلاكيون في الخارج، ضعفاء مترددون من الداخل مما كان يتعارض مع الصورة الايجابية للرجل في السينما الصينية من قبل.
وفيلم «وداعا ياخليلتي» فيلم للمخرج تشين كايج.. يتناول زمنيا التطورات التي شهدتها الصين على مدار خمسين عاما من النظام الاقطاعي حتى الغزو الياباني ـ ثم الثورة الثقافية - فيلم ملحمي كبير يتجاوز عملا مشهورا عن نفس الفترة وهو «الامبراطور الأخير» للمخرج برتولوتسي لأنه شهادة فنان صيني على مرحلة هامة من تاريخ وطنه أدان الفيلم الايدلوجيات الشمولية وانتصر للفرد.
والفيلم الشــهير } المصابيح الحمراء { لنفس المخرج زانغ ييمو « 1991» الذي تميز بجماليات عالية، بأسلوبه البصري واستخدامه الحيوي للألوان ومزجه شريطي «الصوت والصورة» واعتبره النقاد والمشاهدون في في العالم كله واحدا من الأعمال السينمائية التي بلغت حد الكمال الفني سواء من ناحية بنائه السينمائي أو أسلوبه التشكيلي أو اداء ممثليه.
وقد ترشح لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم أجنبي عام 1992
وحصــل على جائزة ( الأســـد الفضي -) في عام 1991 في مهرجان فينيسيا الدولي
وما بين عامي 1949 و 1995 فازت الأفلام الصينية في المهرجانات العالمية بأكثر من ( 400 ) جائزة ... وكسبت الســــــينما الصينية إعتراف العالم وتأكيدة .
ماهو وضع السينما الصينية الجديدة اليوم؟ ماذا بعد الجيل الخامس؟ هل برز جيل سادس؟.. لقد حدثت تغييرات هامة في الصين أثرت على صناعة السينما.. سياسة الانفتاح الاقتصادي.. تحرير السوق... لم يعد الاعتماد على الاستوديوهات التي تملكها الدولة.. والتي خفضت الدولة دعمها المالي لها.. وظهرت شركات انتاج مستقلة.. لا يجد مخرجو الجيل الخامس صعوبة في تمويل أفلامهم.. فقد حصل المخرج جانج يميو على تمويل فيلمه «لا أقل من واحدة 1999» من شركة كولومبيا الأمريكية.. ثم حصل على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا.. وبيعت حقوق توزيعه في أمريكا..، ويجد المخجر تشين كايج سهولة في تدبير المال من أوروبا واليابان وقد تكلف فيلمه.. الامبراطور والقاتل 1999 أحد عشر مليون دولار تكلف ديكور القصر الامبراطوري وحده 20 مليون دولار. وبيعت حقوق توزيعه في أمريكا.
الجيل الجديد في السينما الصينية أو قل الجيل السادس اتجه الى صنع المسلسلات التليفزيونية - يصنعون أفلاما تجارية في الغالب - يهتمون بارضاء الذوق المتغير للجمهور المحلي - يرون أن شباك التذاكر هو مقياس النجاح - أحد هؤلاء المخرجين الشبان فينج تسياو جانج اخرج ثلاثة أفلام تجارية. مولتها شركة انتاج مستقلة وحققت رقما قياسيا في الشباك - أحد مخرجي الجيل الخامس تيان جوانج يبذل جهده لمساعدة وتمويل أفلام الجيل السادس وهو «لو يي» عد أن حقق أعمالا تليفزيونية ناجحة أخرج فيلمه الروائي الطويل الأول «عشاق عطلة نهاية الأسبوع «الذي فاز بجائزة فاسبندر في مهرجان مانهايم 1996 - ثم فاز عن فيلمه الثاني «نهر سوزو» بالجائزة الكبرى لمهرجان روتردام - وهو فيلم بوليسي رومانسي يؤكد نجاحه أن السينما الفنية الابداعية ماتزال ممكنة التحقق في الصين بالرغم من الزحف المتواصل في اتجاه القيم التجارية وهلودة الثقافة.
ونذكر بعض أفضل الأفلام الصينية .الحديثة.. التي تتمحور قصصها حول المشاعر الإنسانية والعلاقات ذو أهداف سامية وتحقيق رغبة الذات ...
- 1 الوان عمـــياء إخراج : جووكسينج تشين - بطولة : تاو هونج / جيانج كي من إنتاج عام 2000 ....
. وتدور قصــة الفيلم حــول الفتاة المكفوفة ( عمياء ) دينغ لي ليست جريئة فحسب إنما تتطلع إلى مســـتقبل أفضــــــل .
تنضـــم "دينغ لي" إلى مدرســـة رياضــية للمعوقين وهنــاك تتعلم الكثير من حكمة الحــياة وتتفوق في التدريب وتفوز بميدالية ذهبية في إحدى المســـابقات العالمية ... وتقترب كثيرا من الحياة الحقيقية .
- 2 شوربة الحب الكثيرة التوابل من إخراج : زانغ يانغ - بطولة : ليوي لي بينغ من إنتاج عام 1998 ....
. قصص مختلفة تصــور علاقات الحب بين أهل المدن الصينية المعاصـــرة ... ويعرض الفيلم رفض الآباء للصــداقة البريئة بين طلاب المدارس بينما يحظي الحب الناضج بين المسنين بالتأييد والتشجيع من قبل الشـباب .
في الفيلم أكثر من حكاية موضوعها العلاقات والمشاكل العاطفية بين الشـباب والكبار .
- 3 عالم جديد جميل من إخراج : شي يونجيو - من بطولة : جيانج وو تاو هونغ من إنتاج عام 1999.
. الفيلم مشــترك بين كل من الصين وتايوان .يذهب شــاب "بوجان" إلى مدينة للبحث عن عمل لكن خالتة الصــغيرة التي يقارب عمرها عمرة ... تستهين بة وتســخر منة وتســتغلة .
"بوجان" يغض النظر عن أعمال خالتة وما تفعلة بة ويتصرف كرجل مجتهــد ومخلص ويستطيع من خلال إرادتة القوية تحقيق نجاح كبير .
وتأخر المخرج الصيني وونغ كار واي (شنغهاي 1958) أربع سنوات في إعداد فيلم «2046»، الذي يعرض في أنحاء متفرقة من العالم في هذه الآونة. وكما حصل في «مزاج رائق للحب»، فإن المخرج يأخذنا إلى عالم الإيحاء ذاك المليء باستدعاءات غرامية مفعمة بالحنين، حيث يكتب رجل في الغرفة رقم 2046 من فندق قديم حول قطار يسافر إلى عام 2046 ويعتقد هذا الرجل المنفي في غرفته بأنه يكتب حول المستقبل فقط بينما هو يفعل ذلك حول الماضي.
إذ يقول وونغ كار: «في الواقع إنها قصة رجل يبتكر في مخيلته صور العديد من النساء كي لا ينسى المرأة الوحيدة التي أحب، ويذهب إلى المرأة الوحيدة التي خانته». ويشارك في هذا الفيلم كل من طوني لينغ وكونغ لي وشانغ زالي وماجي شينغ، من بين نجوم آخرين من السينما الشرقية. وتجري أحداثه في مكانين ضيقين هما فندق وقطار، حيث تتحرك الجدران في كلا الحالتين.
ويكتب وونغ كار واي لتوضيح هذه الفكرة قائلا: «كلنا لدينا حاجة لمكان للاختباء أو لحفظ بعض الذكريات والأفكار والحوافز والأحلام. إنها عناصر من حياتنا لا نستطيع حلها أو أننا لسنا قادرين على اتخاذ قرار بصددها. ونشعر في الوقت نفسه بالخوف منها. بالنسبة للبعض، فإن الأمر يتعلق بمكان حقيقي، وبالنسبة لغيرهم فإنه يتعلق بحيز عقلي وهو لا يعني شيئاً بالنسبة لقلة قليلة من الأشخاص.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق