الخميس، 31 يناير 2013

لماذا نلعب بساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس؟

على مدخل طرابلس الجنوبيّ ثمّة ساحة اسمها ساحة عبد الحميد كرامي ولكن تحوّل اسمها في زمن الحرب الى ساحة النور. وهو اسم مزيّف، مغتصب، ومنتحل صفة، لأنّ اسمها الشرعي هو ساحة عبد الحميد كرامي، الرجل الذي كان وزملاء له من مؤسسي عهد الاستقلال. ولكن ظروف الحرب ازالت تمثال عبد الحميد كرامي من الساحة ووضع محله اسم الجلالة "الله" بالاسمنت الأخضر مرفوعا بعبارة :"طرابلس قلعة المسلمين ترحب بكم". وهي عبارة تثير لغطا كثيرا في المدينة. ناس مع بقائها وناس مع محوها. ناس يرون فيها اعتداء على حرمة طرابلس التي لا تنتمي الى طائفة. وناس يرون فيها صورة عن الطائفية البغيضة. وناس يرون ان العبارة هي وجه طرابلس الحقيقي ذي البعد السنّي.

ولكن…

ولكن….

ولكن المداهنة هي سيّدة اللعبة. مداهنة السياسيين المحلّيين للتيارات الاسلامية في المدينة.

لا احد ينكر ان طرابلس ذات غالبية اسلامية سنيّة.

وعبارة انها "ذات غالبية اسلامية سنية" لا تعني انّها مدينة سلفيّة ولا مدينة لادنيّة ( من لادن) ولا مدينة لا تخرج من الجامع الا الى البيت.

مدينة فيها المسلم السني الملتزم، والسلفي، والحبشيّ، والمنغلق، والمنفتح، والذي لا يمارس الدين، والذي لا يؤمن .

مدينة فيها المؤمن والملحد والبين بين.

مدينة فيها المسلم المتعدد والمسيحيّ المتعدد.

وكل مدينة طبيعية تعيش الحالات كلّها بنسب متفاوتة.

المدينة مناطق، ولكل منطقة غلبة لون على لون، او بروز لون على حساب لون آخر، فباب التبّانة غير بعل محسن، وبعل محسن غير المينماء، والميناء ليست كأبي سمراء، وابو سمراء ليس القبّة، والسويقة ليست منطقة الضمّ والفرز…إلخ

وجه سا�ة عبد ال�ميد كرامي المزيّف

نلحظ في الصورة لافتة تقول:طرابلس قلعة كل اللبنانيين مسلمين ومسيحيين، وهي موقف معارض للعبارة الموجودة تحت اسم الجلالة.

العبارة في مدخل طرابلس تنتمي الى التبجّح الديني، والتعصّب الديني، اكثر مما تنتمي الى الايمان الديني السموح والرحيب.

طرابلس ليست مدينة اهل السنة، ولا عاصمة اهل السنة، واكبر خطر على طرابلس هو تحويلها الى مدينة سنية، او تحويلها الى قلعة سنية، قلعة طرابلس الوحيدة في المدينة ليست قلعة اسلامية وليست قلعة سنية انها قلعة تحمل تاريخ طرابلس بكل الوانه. فيها رائحة المسيحية كما فيها رائحة الاسلام.القلعة الطرابلسية كتاب في التاريخ مفلوشة صفحاته على الجغرافيا الطرابلسية.

عبارة"طرابلس، قلعة المسلمين" من مخلفات الحرب، لم تكن موجودة قبل الحرب، ولا يجوز لها ان تبقى بعد الحرب. والطرابلسي الذي ينتمي الى المدينة اكثر مما ينتمي الى طائفته يعرف انها عبارة ليست صادقة تماما.

طرابلس عاصمة الشمال وليست عاصمة السنة. يعني عاصمة الزغرتاوي والكوراني والعكاري. ليست عاصمة ابن بيروت السني وليست عاصمة ابن صيدا السني. هي عاصمة المسيحي الكوراني اكثر مما هي عاصمة السني الصيداوي.

اللعب بالكلام مخيف، وخبيث.

طرابلس قلعة الشمال اللبناني، وعاصمة الشمال اللبناني.

من يريد لها ان تموت وان تنعزل وان تنغلق على نفسها يعتبرها قلعة السنّة.

اللعب على مشاعر الناس، واستغلال الشعور الديني هو لعب مكروه وخبيث لأنّه لا يريد الخير للمدينة.

ولا يلعب هذه اللعبة الخبيثة الا انسان انانيّ، تفكيره لا يعدو ارنبة انفه!

اذا اردنا الدفاع عن طرابلس، ومحبّة طرابلس، والعمل لأجل طرابلس علينا ان نعيد الامور الى نصابها، اي ان نعيد تمثال عبد الحميد كرامي الى ساحته بعد تغرّب قسري، وقهري.

السا�ة بوجهها ال�قيقي

صورة ساحة عبد الحميد كرامي قبل الحرب اللبنانية الأهلية

ليس بالضرورة ان تكون مع سياسة عبد الحميد كرامي، وليس المطلوب ان تكون من اتباع ابناء او احفاد عبد الحميد كرامي.

ربّ العالمين لا يحتاج الى ساحة باسمه!

وعلى رجال السياسة في طرابلس ان يعيدوا عبد الحميد بتمثاله ورمزيّة التمثال الى ساحته.

فالتمثال ليس حراما!

والتمثال ليس صنما!

ولسنا في زمن عبادة الأوثان!

نحن في زمن عبادة الواحد الديّان.

التمثال مقطع من التاريخ اللبناني. واللعب بمقاطع التاريخ ودلالات التاريخ لعب لا يبشّر الا بالفتن.

والفتن هي الوثن الاخطر على الوطن!

الطائفية هي الوثن الوحيد الذي يجب تحطيمه.

انا الى اليوم اقول لها ساحة عبد الحميد كرامي.

طرابلس لا تستعيد دورها الفعليّ الا في حال استعادت ساحة عبد الحميد كرامي اسمها الفعلي، وتمثالها المخطوف.

كل مدينة لبنانيّة تعتبر نفسها قلعة لطائفة هي مدينة منبوذة، ومسكينة ومظلومة. يظلمها من يريدها قلعة خرافيّة او قلعة لها كلّ مواصفات السجن!

العبارة تسيء الى سمعة طرابلس، لأنّ طرابلس لكلّ الناس، وقلعة كلّ محبّ لها.

لا تصغرّوا او تحقرّوا قلب طرابلس.









 


2 تعليق على “ساحة عبد الحميد كرامي في طرابلس”


  1. كل ما ادليت به صحيح، لكن عقدة المنشار ليست في إستعادة "تمثال عبد الحميد كرامي" بل هي في النفوس المتزمتة والمتعصبة للملة التي تنتمي إليها.
    العمل الحقيقي والتغيير الفعلي بدءًا من السياسيين لينتهي بالأماكن وملحقاتها.
  2. عودة التمثال أوّل الغيث.
    المسائل رمزيّة.
    والانسان كائن رمزيّ بامتياز.
    شكر للتعليق اخت ميرنا

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق