الجمعة، 15 فبراير 2013

امثال وجكم من نثر الدر للآبي(2)

كان يقال: إذا غضب الكريم فألن له الكلام، وإذا غضب اللئيم فخذ له العصا.
وقال بعضهم: غضب العاقل في فعله، وغضب الجاهل في قوله.
قال بعضهم وقد رأى رجلاً يتكلم فيكثر: أنصف أذنيك من فمك؛ فإنما جعل لك أذنان وفم واحد لتسمع أكثر مما تقول.
قالوا: دع المعاذر فإن أكثرها مفاجر.
وقال إبراهيم النخعي: دع الاعتذار فإنه يخالطه الكذب.
قالوا: مكتوب في الحكمة: اشكر لمن أنعم عليك، وأنعم على من شكرك.
قال إبراهيم النخعي: سل مسألة الحمقى، واحفظ حفظ الأكياس يعني العلم.
قالوا: مروا الأحداث بالمراء، والكهول بالفكر، والشيوخ بالصمت.
وقال: عود نفسك الصبر على جليس السوء؛ فإنه لا يكاد يخطئك.
قال حاتم لعدي ابنه: يا بني إني رأيت الشر يتركك إن تركته، فاتركه.
وكان يقال: لا تطلبوا الحاجة إلى ثلاثة: إلى كذوب، فإنه يقربها وإن كانت بعيدة ويباعدها وهي قريبة، ولا إلى أحمق، فإنه يريد أن ينفعك فيضرك؛ ولا إلى رجل له إلى صاحب الحاجة حاجة، فإنه يجعل حاجتك وقاية لحاجته وقالوا: لا تصرف 422 حاجتك إلى من معيشته من رؤوس المكاييل وألسنة الموازين.
وكان يقال: إياك وصدر المجلس وإن صدرك صاحبه، فإنه مجلس قلعة.
قالوا: احذروا صولة الكريم إذا جاع، واللئيم إذا شبع.
قال بعضهم: سرك دمك، فلا تجرينه في غير أوداجك.
كان يقال: إياك وعزة الغضب، فإنها تصيرك إلى ذلة الاعتذار.
قال بعضهم: إذا أرسلت لتأتي ببعر فلا تأت بثمر، فيؤكل تمرك، وتعنف على خلافك.
قالوا: إذا وقع في يدك يوم السرور فلا تخله فإنك إذا وقعت في يد يوم الغم لم يخلك.
قال آخر: احفظ سيئك ممن لا تنشده. أي ممن تستحي أن تسأله عنه. ومثله لابن المقفع: احذر من تأمن فإنك ممن تخاف على حذر.
قالوا: إذا أردت أن تؤاخي رجلاً فانظر من عدوه. وإذا أردت أن تعادي رجلاً فانظر من وليه.
قيل: إذا قلدت أحداً مهماً فعجل له منفعة، وأجمل له في العدة، وابسط له في المنية.
قال بعضهم: الانقباض من الناس مكسبة للعداوة، والانبساط مجلبة لقرين السوء، فكن بين المنقبض والمسترسل؛ فإن خير الأمور أوساطها.
كان يقال: اجعل عمرك كنفقة دفعت إليك، فأنت لا تحب أن يذهب ما تنفق ضياعاً، فلا تذهب عمرك ضياعاً.
قيل: من أظهر شكرك فيما لم تأت إليه فاحذر أن يكفرك فيما أسديت إليه.
لا تستعن في حاجتك بمن هو للمطلوب أنصح منه لك.
لا يؤمننك من شر جاهل قرابة ولا إلف، فإن أخوف ما تكون لحريق النار أقرب ما تكون منها.
لا ترفع نفسك عن شيء قربك إلى رئيسك.
كن في الحرص على تفقد عيبك كعدوك.
عليك بسوء الظن فإن أصاب فالحزم، وإن أخطأ فالسلامة.
رضا الناس غاية لا تدرك، فتحر الخير بجهدك، ولا تكره سخط من يرضيه الباطل.
إذا رأيت الرجل على باب القاضي من غير حاجة فاتهمه.
رأى رجل ابنه يماكس في ابتياع لحم، فقال: يا بني، ساهل فما تضيعه من عرضك أكثر مما تناله من غرضك.
وقال بعضهم: الدين رق، فلا تبذل رقك لمن لا يعرف حقك.
وقال بعضهم: احذر كل الحذر أن يخدعك الشيطان فيمثل لك التواني في صورة التوكل، ويورثك الهوينا بالإحالة على القدر، فإن الله أمرنا بالتوكل عند انقطاع الحيل، وبالتسليم للقضاء بعد الإعذار فقال: " خذوا حذركم. ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة" وقال النبي عليه السلام: "اعقل وتوكل".
قالوا: لتكن عنايتك بحفظ ما اكتسبته كعنايتك باكتسابه، ولا تصحب غنياً؛ فإنك إن ساويته في الإنفاق أضر بك، وإن تفضل عليك استذلك.
إذا سألت كريماً حاجة فدعه يتفكر؛ فإنه لا يفكر إلا في خير. وإذا سألت لئيماً حاجة فغافصه ولا تدعه يتفكر فيتغير. وفي ضد ذلك: إذا سألت لئيماً حاجة فأجله حتى يروض نفسه.
العدو عدوان: عدو ظلمته، وعدو ظلمك.. فإن اضطرك الدهر إلى أحدهما فاستعن بالذي ظلمك؛ فإن الآخر موتور.
لا تستصغرن أمر عدوك إذا حاربته، لأنك إن ظفرت به لم تحمد، وإن ظفر بك لم يعذر، والضعيف المحترس من العدو القوي أقرب إلى السلامة من القوي 423 المغتر بالضعيف.
لا تصحب من تحتاج أن ما يعرفه الله منك.
صن الاسترسال منك حتى تجد له مستحقاً، واجعل أنسك آخر ما تبذله من ودك.
لا تسل غير الله فإنه إن أعطاك أغناك.
الصاحب كالرقعة في الثوب فالتمسه مشاكلاً.
إياك وكثرة الإخوان؛ فإنه لا يؤذيك إلا من يعرفك.
قال بعضهم: لا تسبوا الغوغاء؛ فإنهم يطفئون الحريق، ويخرجون الغريق؛ ويسدون البثوق.
قال ابن السماك: دع اليمين لله إجلالاً، وللناس جمالاً، واعلم أن العادات قاهرات، فمن اعتاد شيئاً في سره فضحه في علانيته.
قال إسحاق بن إبراهيم بن مصعب: إذا كان لك صديق فلم تحمد إخاءه ومودته فلا تظهر ذلك للناس؛ فإنما هو بمنزلة السيف الكليل في منزل الرجل، ويرهب به عدوه، ولا يعلم العدو أقاطع هو أم كليل.
قالوا: دع الذنوب قبل أن تدعك.
كان معاوية بن الحارث يقول: لا يطمعن الخب في كثرة الصديق، ولا ذو الكبر في حسن الثناء.
قيل: من مدحك بما ليس فيك فلا تأمن بهته لك، ومن أظهر لك شكر ما لم تأت فاحذر أن يكفر نعمتك.
قال عبد الحميد: لا تركب الحمار؛ فإنه إن كان فارهاً أتعب يدك، وإن كان بليداً أتعب رجلك.
كان ابن المقفع يقول: إذا نزل بك مكروه فانظر، فإن كان له حيلة فلا تعجز، وإن كان مما لا حيلة فيه فلا تجزع.
قال آخر: تصفح طلاب حكمك، كما تتصفح خطاب حرمك.
قال آخر: تعلموا العلم فإنه زين للغني، وعون للفقير. إني لا أقول يطلب به ولكن يدعوه إلى القناعة.
لا ترض قول أحد حتى ترضى فعله، ولا ترض فعل أحد حتى ترضى عقله، ولا ترض عقل أحد حتى ترضى حياءه؛ فإن ابن آدم مطبوع على كرم ولؤم، فإذا قوي الحياء قوي الكرم، وإذا ضعف الحياء قوي اللؤم.
تعلموا العلم وإن لم تنالوا به حظاً؛ فلأن يذم الزمان لكم أحسن من أن يذم بكم.
اجعل سرك إلى واحد ومشورتك إلى ألف.
قال بعضهم: إن الله خلق النساء من عي وعورة؛ فداووا العي بالسكوت واستروا العورة بالبيوت.
قال رجل لابنه: تزي بزي الكتاب، فإن فيهم أدب الملوك، وتواضع السوقة.
قال الزهري: سمعت رجلاً يقول لهشام بن عبد الملك: لا تعدن يا أمير المؤمنين عدة لا تثق من نفسك بإنجازها. ولا يغرنك المرتقى السهل إذا كان المنحدر وعراً. واعلم أن للأعمال جزاء، فاتق العواقب، وأن للأمور بغتات فكن على حذر.
قال آخر: لا تجاهد الطلب جهاد المغالب، ولا تتكل إتكال المستسلم؛ فإن ابتغاء الفضل من السنة، والإجمال في الطلب من العفة. وليست العفة بدافعة رزقا، ولا الحرص بجالب فضلاً.
سمع بعضهم إنساناً يتكلم بما لا يعنيه فقال له: يا هذا إنما تملي على حافظيك، وتكتب إلى ربك؛ فانظر على من تملى، وإلى من تكتب.
قال بعضهم: أقم الرغبة إليك مقام الحرمة بك، وعظم نفسك عن التعظم، وتطول ولا تتطاول.
قال آخر: عاملوا الأحرار بالكرامة المحضة، والأوساط بالرغبة والرهبة والسفل بالهوان.
كن للعدو المكاتم أشد حذراً منك للعدو المبارز.
قال سلم بن قتيبة لأهل بيته: لا تمازحوا فيستخف بكم السوقة، ولا تدخلوا 424 الأسواق فتدق أخلاقكم ولا ترجلوا فيزدريكم أكفاؤكم.
قال آخر: احفظ شيئك ممن تستحيي أن تسأله عن شيء إن ضاع لك .
إذا كنت في مجلس فلم تكن المحدث ولا المحدث فقم.
كان يقال: لا تستصغرن حدثاً من قريش، ولا صغيراً من الكتاب، ولا صعلوكاً من الفرسان، ولا تصادقن ذمياً ولا خصياً ولا مؤنثاً؛ فإنه لا ثبات لموداتهم.
قالوا: لا تدخل في مشورتك بخيلاً فيقصر بعقلك، ولا جباناً فيخوفك ما لا يخاف.
ولا حريصاً فيعدك ما لا يرجى؛ فإن الجبن والبخل والحرص طبيعة واحدة يجمعها سوء الظن.
قال عون بن عبد الله: لا تكن كمن تغلبه نفسه على ما يظن ولا يغلبها على ما يستيقن.
قال رجل لابنه: يا بني؛ اعص هواك والنساء واصنع ما بدا لك.
كان مالك بن مسمع إذا ساره إنسان في مجلسه يقول: أظهره فلو كان خيراً أو حسناً ما كتمته. وكان يقال: ما كنت كاتمه من عدوك فلا تظهر عليه صديقك.
قال:


كل من الطعام ما تشتهي، والبس من الثياب ما يشتهي الناس.
قالوا في الدار: لتكن أول ما يبتاع وآخر ما يباع.
قال الثوري: من كان في يده شيء فليصلحه، فإنكم في زمان إذا احتاج الرجل فيه إلى الناس كان أول ما يبذله لهم دينه.
قال الحر العقيلي لابنه: إذا قدمت المصر فاستكثر من الصديق، وأما العدو فلا يهمنك.
قال ابن المقفع: ابذل لصديقك دمك ومالك، ولمعرفتك رفدك ومحضرك وللعامة بشرك وتحيتك. ولعدوك عدلك وإنصافك. واضنن بدينك وعرضك عن كل حد.
وقالوا: رو بحزم، فإذا استوضحت فاعزم.
قال صعصعة لابن أخيه: إذا لقيت المؤمن فخالطه، وإذا لقيت الفاجر فخالفه، ودينك فلا تكلمنه.
قالوا: لا تزوجن حرمتك إلا عاقلاً؛ إن أحبها أكرمها، وإن أبغضها أنصفها.
دخل عبد العزيز بن زرارة الكلابي على معاوية فقال: يا أمير المؤمنين؛ جالس الألباء أعداء كانوا أو أصدقاء؛ فإن العقل يقع على العقل.
قال أبو السرايا لأبى الشوك غلامه: كن بحيلتك أوثق منك بشدتك وبحذرك أفرح منك بنجدتك؛ فإن الحرب حرب المتهور وغيمة المتحدر.
قال بعضهم: قرأت على قائم بحمص مكتوباً: إذا عز أخوك فهن.
وتحته مكتوباً: قال هامان: - وكان أعلم وأعقل وأحكم: إذا عز أخوك فأهنه.
قالوا: النعم وحشية فقيدوها بالمعروف.
قال الربيع بن زياد: من أراد النجابة فعليه بالمق الطوال، ومن أراد التلذذ فعليه بالقصار؛ فإنهن كنائن الجماع.
قال الشافعي: احذر من تأمنه، فأما من تحذره فقد كفيته. وقال: إذا أخطأتك الصنيعة إلى من يتقي الله فاصنعها إلى من يتقي العار.
قال ابن السماك: لا تشتغل بالرزق المضمون عن العمل المفروض.
وقال عون بن عبد الله: لا تكن كمن تغلبه نفسه على ما يظن ولا يغلبها على ما يستيقن.
قال ابن المقفع: إذا أكرمك الناس لمال أو سلطان فلا يعجبنك ذلك؛ فإن زوال الكرامة بزوالهما، ولكن ليعجبك إن أكرموك لأدب أو دين.
كان مطرف يقول: انظروا قوماً إذا ذكروا بالقراءة لا تكونوا منهم، وقوماً إذا ذكروا بالفجور لا تكونوا منهم، ولكن كونوا بين هؤلاء وهؤلاء 425 قال بعضهم: من سألك لم يكرم وجهه عن مسألتك فأكرم وجهك عن رده.
قال ميمون بن ميمون: لا تطلبن إلى بخيل حاجة؛ فإن طلبت إليه فأجله حتى يروض نفسه.
قال ابن المقفع: إياك ومشاورة النساء؛ فإن رأيهن إلى أفن، وعزمهن إلى وهن، وأكفف عليهن من أبصارهن بحجابك إياهن، فإن شدة الحجاب خير لك من الارتياب وليس خروجهن بأشد من دخول من لاتثق به عليهن؛ فإن استطعت أن لا يعرفن غيرك افعل. ولا تملكن امرأة من الأمر ما جاوز نفسها ، فإن ذلك أنعم لحالها، وأرخى لبالها. وإنما المرأة ريحانة وليست بقهرمانة؛ فلا تعد بكرامتها نفسها، ولا تعطها أن تشفع لغيرها. ولا تطل الخلوة مع النساء فيمللنك وتملهن، واستبق من نفسك بقية؛ فإن إمساكك عنهن وهن يردنك باقتدار خير من أن يهجمن منك على انكسار. وإياك والتغاير في غير موضع غيرة، فإن ذلك يدعو الصحيحة منهن إلى السقم.
قال ابن المقفع: الختم حتم؛ فإذا أردت أن تختم على كتاب فأعد النظر فيه فإنما تختم على عقلك. وقال: الدين رق، فانظر عند من تضع نفسك.
كان يقال: إذا قال أحدكم: والله. فلينظر ما يضيف إليها.
دخل عبد العزيز بن زرارة الكلابي على معاوية فقال: يا أمير المؤمنين جالس الألباء؛ أعداء كانوا أو أصدقاء، فإن العقل يقع على العقل.
كان بعضهم يقول: أحيوا الحياء بمجالسة من يستحيا منه.
كان يقال: إذا وجدت الشيء في السوق فلا تطلبه من صديق.
قال العباس بن الحسن العلوي: اعلم أن رأيك لا يتسع لكل شيء، ففرغه للمهم من أمورك؛ وأن مالك لا يغني الناس كلهم، فاخصص به أهل الحق؛ وأن كرامتك لا تطبق العامة، فتوخ بها أهل الفضل، وأن ليلك ونهارك لا يستوعبان حوائجك فأحسن قسمتك بين عملك ودعتك.
وكان يقال: أحيوا المعروف بإماتته.
وقال قيس بن عاصم: يا بني اصحبوا من يذكر إحسانكم إليه: وينسى أياديه لديكم.
وكان مالك بن دينار يقول: جاهدوا أهواءكم كما تجاهدون أعداءكم.
إذا رغبت في المكارم فاجتنب المحارم.
من كان في وطن فليوطن غيره وطنه ليرتع في وطن غيره في غربته.
أراد رجل سفراً فقال له بعضهم:


إن لكل رفقة كلباً يشركهم في فضلة الزاد، ويهر دونهم؛ فإن قدرت ألا تكون كلب رفقتك فافعل، وإياك وتأخير الصلاة عن وقتها فإنك مصليها لا محالة، فصلها وهي تقبل منك.
قال ابن السماك: إن من الناس ناساً غرهم الستر، وفتنهم الثناء. فلا يغلبن جهل غيرك بك علمك بنفسك.
قيل: لا تثقن كل الثقة بأخيك؛ فإن صرعة الاسترسال لا تستقال.
من أمثال الترك: اسكت تربح ما عندك، وشاور تربح ما عند غيرك.
قيل: لا تكن مثل من تغلبه نفسه على ما يظن ولا يغلبها على ما يستقين.
انتقم من الحرص بالقناعة كما ينتصر من العدو بالقصاص.
أوصى أبو الهذيل أصحابه فقال: لا تدخلوا في الشهادة فتصيروا أسراء 426 الحكام، ولا في القضاء؛ فإن فرحة الولاية لا تفي بترحة العزل، ولا في رواية الحديث فيكذبهم الجهال والصبيان، ولا في وصية فيطعن عليكم بالخيانة، ولا في إمامة الصلاة فمن شاء صلى وراءكم ومن شاء لم يصل. وقال: لا تجالسوا من لا يوثق بدينه وأمانته، ولا تبدءوا المخالفين بالسلام فإنهم إن لم يجيبوا تقاصرت إليكم نفوسكم ولحقتكم خجلة.
قالوا: إذا قصرت يدك عن المكافأة فليطل لسانك بالشكر.
قال بعضهم لمؤدب ولده: فقههم في الحلال والحرام، فإنه حارس من أن يظلموا، ومانع من أن يظلموا.
كن إلى الاستماع أسرع منك إلى القول، ومن خطأ القول أشد حذراً من خطأ السكوت.
قال بكر بن عبد الله المزني: اجتهدوا بالعمل، فإن قصر بكم ضعف فكفوا عن المعاصي.
وقال بعضهم: من لم ينشط بحديثك فارفع عنه مئونة الاستماع منك.
قالوا: من ثقل عليك بنفسه، وغمك في سؤاله، فألزمه أذن صماء، وعيناً عمياء.
وقال عبد الله بن شداد: أرى داعي الموت لا يقلع، وأرى من مضى لا يرجع. ولا تزهدن في معروف؛ فإن الدهر ذو صروف، فكم من راغب قد كان مرغوباً إليه. وطالب أصبح مطلوباً إليه، والزمان ذو ألوان، ومن يصحب الزمان ير الهوان وإن غلبت يوماً على المال فلا تغلبن على الحيلة على كل حال. وكن أحسن ما تكون في الظاهر حالاً أقل ما تكون في الباطن مالاً.
وقال آخر: لا يكونن منكم المحدث لا يستمع منه، ولا الداخل في سر اثنين لم يدخلاه فيه، ولا الآتي دعوة لم يدع إليها، ولا جالس في مجلس لا يستحقه، ولا طالب الفضل من أيدي اللئام، ولا المتعرض للخير من عند عدوه، ولا المتحمق في الدالة.
قالوا: اطلبوا المعيشة فإن الفقر أول ما يبدأ بدين الإنسان.
إذا خالطت فخالط حسن الخلق؛ فإنه لا يدعو إلا إلى خير، ولا تخالط سيء الخلق؛ فإنه لا يدعو إلا إلى شر.
اطبع الطين ما دام رطباً، واغرس العود ما دام لدنا.
قال ابن السماك: خف الله حتى كأنك لم تطعه، وأرجو الله حتى كأنك لم تعصه.
قال رجل لآخر: كيف أسلم على الإخوان? فقال: لا تبلغ بهم النفاق ولا تقصر بهم عن الإستحقاق.
قال بعض العرب: إذا وضعت طعامك فافتح بابك، وإذا وضعت شرابك فأغلقه؛ فإن النبيذ رضاع فانظر من تراضع.
انصح لكل مستشر، ولا تستشر إلا الناصح اللبيب. استشر عدوك تعرف مقدار عداوته. لا تشاور إلا الحازم غير الحسود، واللبيب غير الحقود.
قال زياد بن أبي حسان: لا تطلب من نفسك العام ما عودتك عام أول.
عاشروا النساء بأمور ثلاثة: ألزموهن البيوت، واتهموهن على الأسرار، واطووا عنهن الأحاديث.
صن عقلك بالحلم، ومروءتك بالعفاف، ونجدتك بمجانبة الخيلاء، وجهدك بالإجمال في الطلب.
لا تملك المرأة من أمرها ما جاوز نفسها، فإن ذلك أنعم بحالها وأرخى لبالها وأدوم لجمالها، ولا تطمعها في الشفاعة لغيرها فيميل من شفعت له عليك معها.
427 عود نفسك السماح، وتخير لها من كل خلق أحسنه؛ فإن الخير عادة، والشر لجاجة، والصدود آية المقت، والعلل آية البخل.
كن سمحاً ولا تكن مبذراً، وكن مقدراً ولا تكن مقتراً.
إياك والمرتقى السهل إذا كان المنحدر وعرا. روي ذلك عن محمد بن علي عليه السلام.
احترس من ذكر العلم عند من لا يريده، ومن ذكر القديم عند من لا قديم له؛ فإن ذلك يحدث التعيير، وبالحري أن تتخذه سلماً إلى الضغن عليك.
إذا زللت فارجع، وإذا ندمت فأقلع، وإذا أسأت فاندم، وإذا مننت فاكتم، وإذا منعت فأجمل. ومن يسلف المعروف يكن ربحه الحمد.
اطلب الرحمة بالرحمة. اتق العثار بحسن الاعتبار. لا تستأنس بمن لم تبل خلائقه. لا تأمن العدو على حال. لا تغتر بفضل قوتك على الضعيف لتشتد وحشتك من اللطيف الموتور.
أعدد السيئات للتراث.
لا تفرح بالرجاء فإنه غرور، ولا تتعجل الغم بالخوف فإنه شك.
حاسب نفسك تسلم وتسعد.
لن يخلوا أحد من ذم، فاجهد أن تخلوا من ذم الأخيار.
حارب عدوك ما حاربك بشخصه، فإذا أخفى شخصه فاحرس نفسك منه؛ لأن من يعلم أنه لا ينجيه منك إلا الموت لا ينجيك منه إلى مثل ذلك، والمستسلم للموت لا يبالي على ما أقدم.
احذر فلتات المزاحي وصرعات البغى.
لا تجاهد الطلب جهاد المغالب، ولا تتكل على القدر إتكال المستسلم فإن ابتغاء الفضل سنة، وإجمال الطلب عفة، وليست العفة بدافعة رزقاً، ولا الحرص بجالب فضلاً، والرزق مقدور والأجل موقوف، وفي استعجال الحريص اكتساب المآثم.
لا تشبهن رضاك بغضبك؛ فتكون ممن لا يضر غضبه ولا ينفع رضاه.
اغتنم العمل ما دامت نفسك سليمةً، وأجعل كل ساعة بشغلها لآخرتك غنيمة.
لا تكونن لغير الله عبداً ما وجدت من العبودية بداً.
احم نفسك القنوط ، وأتهم الرجاء. لا تغير أخاك وأحمد الذي عافاك.
أنظر ما عندك فلا تضعه إلا في حقه، وما ليس عندك فلا تأخذه إلا بحقه.
احتمل ممن أدل عليك وأقبل ممن أعتذر إليك.
ليكن عملك فيما بينك وبين أعدائك العدل، وفيما بينك وبين أصدقائك الرضا؛ فإن العدو خصم تصرفه بالحجة، وتغلبه بالحكم. والصديق ليس بينك وبينه قاض، وإنما هو رضاه وحكمه.
إذا أردت أن تخدع الناس فتغاب عليهم.
إذا صافاك عدوك رياء منه فتقلق مصافاته إياك بأوكد مودة؛ فإنه إذا ألف ذلك واعتاده خلصت لك مودته.
فكر قبل أن تعزم، وأعرض قبل إن تصرم، وتدبر قبل أن تهجم، وشاور قبل أن تقدم.
اسع في طلب رضا الأحرار فإن رضا اللئام غير موجود.
اقتصد وداوم وأنت الجواد السابق.
لا تألف المسألة فيألفك المنع.
لا يغلبن جهل غيرك بك علمك بنفسك؛ فإن أقواماً غرهم ستر الله وفتنهم حسن الثناء.
قال ابن ضبارة: ليس للأحرار ثمن إلا الكرامة، فأكرموا الأحرار تملكوهم.
اطلب الحاجة إلى إخوانك، قبل تأكد مودتهم لك؛ فإنك 428 إذا طلبتها ممن قد وثق بك اتكل على الدالة، وردك عن حاجتك بالثقة. لا تسأل الحوائج غير أهلها، ولا تسألها في غير حينها، ولا تسأل ما لست له مستحقاً؛ فتكون للحرمان مستوجباً.
إذا غشك صديقك فاجعله مع عدوك.
إذا غلبك عدوك على صديقك فخل عنه.
لا تعدن من إخوانك من آخاك في أيام مقدرتك للمقدرة. واعلم أنه يتثقل عليك في أحوال ثلاث: فيكون صديقاً يوم حاجته إليك، ومعرفة يوم استغنائه عنك، ومتجنياً عدواً يوم حاجتك إليه.
لا تسرن بكثرة الإخوان ما لم يكونوا خياراً؛ فإن الإخوان عند المتخيرين بمنزلة النار، التي قليلها متاع وكثيرها بوار.
ارع حق الإخوان وحق الأخ على الأخ أن يحوطه غائباً، ويعضده شاهداً ويخلف عليه محروباً، ويعوده مريضاً، ويواسيه محتاجاً، ويضحك في وجهه مقبلاً، ويدعو له مدبراً.
ليشتد عطفك على سقطات إخوانك.
ارض بالعفو من إخوانك، وأبذل لهم مجهودك، واستزد من الجميع.
إذا دفعتم عن حقكم فاطلبوا أكثر منه، وإذا بخع لكم به فصيروا إليه.
جالسوا الألباء أصدقاء كانوا أو أعداء، فإن العقول تلقح العقول.
لا يغلبهن عليكم سوء الظن فيدعكم ومالكم من صديق.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق