كتبهابلال عبد الهادي ، في 7 أيار 2011 الساعة: 17:35 م
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسل الله قال
أبو القاسم الحسن بن بشر بن يحيى الآمدي: هذا ما حثثت - أدام الله لك العز
والتأييد، والتوفيق والتسديد - على تقديمه من الموازنة بين أبي تمام حبيب أوس
الطائي وأبي عبادة الوليد بن عبيد البحتري في شعريهما، وقد رسمت من ذلك ما أرجو أن
يكون الله عز وجل قد وهب فيه السلامة، وأحسن في اعتماد الحق وتجنب الهوى المعونة
منه برحمته.
ووجدت - أطال الله عمرك - أكثر من شاهدته ورأيته من رواة الأشعار المتأخرين يزعمون أن شعر أب يتمام حبيب بن أوس الطائي لا يتعلق بجيده جيد أمثاله، ورديه مطروحٌ ومرذول؛ فلهذا كان مختلفاً لا يتشابه، وأن شعر الوليد ابن عبيد البحتري صحيح السبك، حسن الديباجة، وليس فيه سفسافٌ ولا ردي ولا مطروح، ولهذا صار مستوياً يشبه بعضه بعضاً. ووجدتهم فاضلوا بينهما لغزارة شعريهما وكثرة جيدهما وبدائعهما، ولم يتفقوا على أيهما أشعر، كما لم يتفقوا على أحدٍ ممن وقع التفضيل بينهم من شعراء الجاهلية والإسلام والمتأخرين، وذلك كمن فضل البحتري، ونسبه إلى حلاوة اللفظ، وحسن التخلص، ووضع الكلام في مواضعه، وصحة العبارة، وقرب المآتي، وانكشاف المعاني، وهم الكتاب والأعراب والشعراء المطبوعون وأهل البلاغة، ومثل من فضل أبا تمامٍٍ، ونسبه إلى غموض المعاني ودقتها، وكثرة ما يورد مما يحتاج إلى استنباط وشرح واستخراج، وهؤلاء أهل المعاني والشعراء أصحاب الصنعة ومن يميل إلى التدقيق وفلسفي الكلام. وإن كان كثير من الناس قد جعلهما طبقة، وذهب إلى المساواة بينهما. وإنهما لأن البحتري أعرابي الشعر، مطبوعٌ، وعلى مذهب الأوائل، وما فارق عمود الشعر المعروف، وكان يتجنب التعقيد ومستكره الألفاظ ووحشي الكلام؛ فهو بأن يقاس بأشجع السلمي ومنصور وأبي يعقوب المكفوف وأمثالهم من المطبوعين أولى، ولأن أبا تمام شديد التكلف، صاحب صنعةٍ، ومستكره الألفاظ والمعانين وشعره لا يشبه أشعار الأوائل، ولا على طريقتهم؛ لما فيه من الاستعارات البعيدة، والمعاني المولدة، فهو بأن يكون في حيز مسلم بن الوليد ومن حذا حذوه أحق وأشبه، وعلى أنى لا أجد سبكة وصحة معانيه، ويرتفع عن سائر من ذهب هذا المذهب وسلك هذا الأسلوب؛ لكثرة محاسنه وبدائعه واختراعاته.
ولست أحب أن أطلق القول بأيهما أشعر عندي؛ لتباين الناس في العلم، واختلاف مذاهبهم في الشعر، ولا أرى لأحد أن يفعل ذلك فيستهدف لذم أحد الفريقين؛ لأن الناس لم يتفقوا على أي الأربعة أشعر في امرئ القيس والنابغة وزهير والأعشى، ولا في جرير والفرزدق والأخطل، ولا في بشار ومروان والسيد، ولا في أبي نواس وأبي العتاهية ومسلم؛ لاختلاف آراء الناس في الشعر، وتباين مذاهبهم فيه.
فإن كنت - أدام الله سلامتك - ممن يفضل سهل الكلام وقريبه، ويؤثر صحة السبك وحسن العبارة وحلو اللفظ وكثرة الماء والرونق فالبحتري أشعر عندك ضروةً. وإن كنت تميل إلى الصنعة، والمعاني الغامضة التي تستخرج بالغوص والفكرة، ولا تلوى على غير ذلك فأبو تمام عندك أشعر لا محالة.
فأما أنا فلست أفصح بتفضيل أحدهما على الآخر، ولكني أوازن بين قصيدتين من شعرهما إذا اتفقتا في الوزن والقافية وإعراب القافية، وبين معنى ومعنى، فأقول: أيهما أشعر في تلك القصيدة، وفي ذلك المعنى، ثم أحكم أنت حينئذ على جملة ما لكل واحد منهما إذا أحطت علماً بالجيد والردئ.
ووجدت - أطال الله عمرك - أكثر من شاهدته ورأيته من رواة الأشعار المتأخرين يزعمون أن شعر أب يتمام حبيب بن أوس الطائي لا يتعلق بجيده جيد أمثاله، ورديه مطروحٌ ومرذول؛ فلهذا كان مختلفاً لا يتشابه، وأن شعر الوليد ابن عبيد البحتري صحيح السبك، حسن الديباجة، وليس فيه سفسافٌ ولا ردي ولا مطروح، ولهذا صار مستوياً يشبه بعضه بعضاً. ووجدتهم فاضلوا بينهما لغزارة شعريهما وكثرة جيدهما وبدائعهما، ولم يتفقوا على أيهما أشعر، كما لم يتفقوا على أحدٍ ممن وقع التفضيل بينهم من شعراء الجاهلية والإسلام والمتأخرين، وذلك كمن فضل البحتري، ونسبه إلى حلاوة اللفظ، وحسن التخلص، ووضع الكلام في مواضعه، وصحة العبارة، وقرب المآتي، وانكشاف المعاني، وهم الكتاب والأعراب والشعراء المطبوعون وأهل البلاغة، ومثل من فضل أبا تمامٍٍ، ونسبه إلى غموض المعاني ودقتها، وكثرة ما يورد مما يحتاج إلى استنباط وشرح واستخراج، وهؤلاء أهل المعاني والشعراء أصحاب الصنعة ومن يميل إلى التدقيق وفلسفي الكلام. وإن كان كثير من الناس قد جعلهما طبقة، وذهب إلى المساواة بينهما. وإنهما لأن البحتري أعرابي الشعر، مطبوعٌ، وعلى مذهب الأوائل، وما فارق عمود الشعر المعروف، وكان يتجنب التعقيد ومستكره الألفاظ ووحشي الكلام؛ فهو بأن يقاس بأشجع السلمي ومنصور وأبي يعقوب المكفوف وأمثالهم من المطبوعين أولى، ولأن أبا تمام شديد التكلف، صاحب صنعةٍ، ومستكره الألفاظ والمعانين وشعره لا يشبه أشعار الأوائل، ولا على طريقتهم؛ لما فيه من الاستعارات البعيدة، والمعاني المولدة، فهو بأن يكون في حيز مسلم بن الوليد ومن حذا حذوه أحق وأشبه، وعلى أنى لا أجد سبكة وصحة معانيه، ويرتفع عن سائر من ذهب هذا المذهب وسلك هذا الأسلوب؛ لكثرة محاسنه وبدائعه واختراعاته.
ولست أحب أن أطلق القول بأيهما أشعر عندي؛ لتباين الناس في العلم، واختلاف مذاهبهم في الشعر، ولا أرى لأحد أن يفعل ذلك فيستهدف لذم أحد الفريقين؛ لأن الناس لم يتفقوا على أي الأربعة أشعر في امرئ القيس والنابغة وزهير والأعشى، ولا في جرير والفرزدق والأخطل، ولا في بشار ومروان والسيد، ولا في أبي نواس وأبي العتاهية ومسلم؛ لاختلاف آراء الناس في الشعر، وتباين مذاهبهم فيه.
فإن كنت - أدام الله سلامتك - ممن يفضل سهل الكلام وقريبه، ويؤثر صحة السبك وحسن العبارة وحلو اللفظ وكثرة الماء والرونق فالبحتري أشعر عندك ضروةً. وإن كنت تميل إلى الصنعة، والمعاني الغامضة التي تستخرج بالغوص والفكرة، ولا تلوى على غير ذلك فأبو تمام عندك أشعر لا محالة.
فأما أنا فلست أفصح بتفضيل أحدهما على الآخر، ولكني أوازن بين قصيدتين من شعرهما إذا اتفقتا في الوزن والقافية وإعراب القافية، وبين معنى ومعنى، فأقول: أيهما أشعر في تلك القصيدة، وفي ذلك المعنى، ثم أحكم أنت حينئذ على جملة ما لكل واحد منهما إذا أحطت علماً بالجيد والردئ.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق