كتبهابلال عبد الهادي ، في 31 آذار 2011 الساعة: 11:28 ص
أن رجلاً من أهل مرو كان لا يزال يحج ويتجر وينزل
على رجل من أهل العراق فيكرمه ويكفيه مؤنته.
ثم كان كثيراً
ما يقول لذلك العراقي: ليت أني رأيتك بمرو حتى أكافئك لقديم
إحسانك وما تجدد لي من البر في كل قدمة.
فأما هاهنا فقد
أغناك الله عني.
قال: فعرضت
لذلك العراقي بعد دهر طويل حاجة في تلك الناحية.
فكان مما هون
عليه مكابدة السفر ووحشة الاغتراب مكان المروزي هناك.
فلما قدم مضى
نحوه في ثياب سفره وفي عمامته وقلنسوته وكسائه ليحط رحله عنده كما يصنع الرجل بثقته وموضع
أنسه.
فلما وجده
قاعداً في أصحابه أكب عليه وعانقه.
فلم يره أثبته
وسأل به سؤال من رآه قط.
قال العراقي في
نفسه: لعل إنكاره إياي لمكان القناع.
فرمى بقناعته
وابتدأ مسألته.
فكان له
أنكر.
فقال: لعله أن
يكون إنما أتي من قبل العمامة فنزعها.
ثم انتسب وجدد
مسألته فوجده أشد ما كان إنكاراً.
قال: فلعله
إنما أتي من قبل القلنسوة.
وعلم المروزي
أنه لم يبق شيء يتعلق به المتغافل والمتجاهل.
قال: لو خرجت
من جلدك لم أعرفك!.
من كتاب البخلاء للجاحظ
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق