الجمعة، 15 فبراير 2013

التذكرة الحمدونية/في شوارد الامثال/ الباب الثاني والثلاثون

المجلد السابع


الباب الثاني والثلاثون


في شوارد الأمثال


أمثال العرب كثير، وإن وقعت عليها أشعارهم، ومن تلاهم من المخضرمين والمحدثين، لم يضبطها حصرٌ. وفي الأمثال الخامل والنادر، والبعيد المغزى، والعقد المعنى، والجافي اللفظ. فاعتمدت في هذا الباب على المشهور منها، وما جزلت ألفاظه، وسهلت معانيه، وحسن استعماله في عصرنا، ولم يكن بعيداً من الملاءمة، فمن الأمثال: البس لكل حالةٍ لبوسها. واقتصدت فيما أوردته في الأمثال النبوية، مع أن كلامه صلى الله عليه وسلم حكمةٌ، وأمثاله كثيرة، وفيما لأوقعته عليها من الشعر. فإن الكتاب الذي هذه الأمثال بابٌ من أبوابه، قد تضمن من كلامه صلى الله عليه وسلم، ومن الأشعار في كل أبوابه ما يقع شاهداً في عموم المعاني والمقاصد، فلا حظ في تكريرها. وأضفت كل معنىً إلى ما يجانسه ويقاربه لئلا تكثر الفصول فيضل المتأمل لها.
وهي اثنان وسبعون فصلاً: شواهد من الكتاب العزيز، من كلام الرسول عليه السلام، منتهى التمثيل في لفظ أفعل التفضيل، والحنكة والتجارب، الأخذ بالحزم والاستعداد للأمر، الاغترار والتحيل والاطماع، البر والعقوق، الحمية والأنف، الحلم والثبات، الصدق والكذب، وصف الرجل بالتدبير والفعل الجميل، التمسك بالأمر الواضح، التوسط في الأمور، التساوي في الأمر، المجازاة، التفرق والزيال، حفظ اللسان، التصريح والمكاشفة، التسويف والوعد والوعيد، المكر والمداهنة، الضرورة والمعذرة والأعذار، تعذر الكمال المحض، تعلق الفعل بما يبعد، والامتناع عنه ما اتصل المانع أو فعله ما استمر الشيء، وضع الشيء في موضعه، وضع الشيء في غير موضعه، إصلاح المال، تسهيل الأمور ودفع الأقدم بالأحدث، العداوة والشماتة والرمي بالعصبية، الاتفاق والتحاب والاستمالة، قوة الخلق إلى التخلق، دليل استعان بمثله النفع والضر وفي معانيهما، النفع من حيث لا يحتسب، المبالغة، الأمر النادر، الجبن والذل، الجهل والحمق، البلية على البلية، خيبة الأمل والسعي، العدة تأوي إليها، ألزم الأمور بصاحبها، الجاني على نفسه، الإحالة بالذنب على من لم يجنه، لقاء الشيء بمثله أو أشد، تنافي الحالات، الرضى بالميسور إذا تعذر المنشود، الأمر المضاع والمهمل، ارتفاع الخامل، خمول النبيه، الشر وراءه الخير، ضد ذلك، الخطأ والاختلاط، الجميل يكدر بالمن، اغتنام الفرصة، اللقاء، تعذر الأمر وما يعرض من دونه، طلب الحاجة، التعجيل وفوت الأمر، سوء المكافأة وظلم المجازاة، الظن، التبري من الأمر، الاستهانة وقلة الاحتفال، المشاركة في الرخاء والخذلان في الشدة، والرخاء والسعة، المعجب بخاصة نفسه، الساعي لنفسه في صلاحه، اليسير يحيي الكثير، الشدة والداهية، الدعاء.


�من شواهد الكتاب العزيز


على أنه يحيط بما لا تفنى عجائبه، ولا تنفد غرائبه، وإنما نشير إلى ما يقتضيه شرط الكتاب، والله الموفق للصواب.
��قوله تعالى: إنما مثل الحياة الدنيا كماءٍ أنزلناه من السماء فاختلط به نبات الأرض مما يأكل الناس والأنعام حتى إذا أخذت الأرض زخرفها وازينت وظن أهلها أنهم قادرون عليها أتاها أمرنا ليلاً أو نهاراً فجعلناها حصيداً كأن لم تغن بالأمس كذلك نفصل الآيات لقومٍ يتفكرون يونس: 24.
وقال الحسن: ضرب الله مثلاً، فأقل الناس انتفع به وأبصره، يقول الله عز وجل: أيود أحدكم أن تكون له جنةٌ من نخيلٍ وأعنابٍ تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذريةٌ ضعفاء فأصابها إعصارٌ فيه نارٌ فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون البقرة: 266.
ثم قال: هذا الإنسان حين كبرت سنه وكثر عياله ورق عظمه، بعث الله على جنته ناراً فأحرقتها، أحوج ما كان إليها، فهذا مثلٌ ضربه الله ليوم القيامة، يوم يقوم ابن آدم عريان ظمآن، ينتظر ويحذر شدة ذلك اليوم، فأيكم سره أن يذهب عمله أحوج ما كان إليه? .
وقال تعالى في خيبة السعي: قل هل ننبئكم بالأخسرين أعمالاً الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعاً الكهف 103- 104.
وقال عز وجل: وقدمنا إلى ما عملوا من عملٍ فجعلناه هباءً منثوراً الفرقان: 23.
وقال سبحانه: مثل الذين كفروا بربهم أعمالهم كرمادٍ اشتدت به الريح في يومٍ عاصفٍ لا يقدرون مما كسبوا على شيءٍ ذلك هو الضلال البعيد إبراهيم: 18.
وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ضرب الله مثلاً صراطاً مستقيماً، والصراط الإسلام.
وقال عز من قائل: يا أيها الناس ضرب مثلٌ فاستمعوا له، إن الذين تدعون من دون الله لن يخلقوا ذباباً ولو اجتمعوا له، وإن يسلبهم الذباب شيئاً لا يستنقذوه منه، ضعف الطالب والمطلوب. ما قدروا الله حق قدره إن الله لقويٌّ عزيزٌ الحج: 73- 74.
وقال تعالى: يوم يكشف عن ساقٍ ويدعون إلى السجود القلم: 42.
وإنما يراد بذلك الشدة- العرب تفرق فتقول: كشف عن ساقه، وحسر عن ذراعه، وأسفر عن وجهه. هذا هو الفصيح، وربما وضعت هذه الأفعال بعضها موضع بعضٍ ولا يفسد الكلام.
وقال عز وجل: أإنا لمردودون في الحافرة النازعات: 10.
وقال سبحانه: مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبةٍ أنبتت سبع سنابل في كل سنبلةٍ مائة حبةٍ والله يضاعف لمن يشاء والله واسعٌ عليمٌ البقرة: 261.
العرب تقول: عاد فلانٌ في حافرته، أي عاد إلى طريقه الأولى.


ومن الأمثال المأخوذة عن النبي صلى الله عليه السلام


إياكم وخضراء الدمن. فهذا كلامٌ مفهوم من لفظه، والمراد به غير خضراء الدمن، فلما سئل عنها قال: المرأة الحسناء في منبت السوء.
وقال صلى الله عليه وسلم: إن مما ينبت الربيع ما يقتل حبطاً أو يلم. يريد بذلك على ما في عاقبة الغنى وزخرف الدنيا وزبرجها من الخطر، وأن من ذلك ما يؤدي إلى هلاك المرء في دينه وآخرته.
وقال صلى الله عليه وسلم: مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تفيئها الريح مرةً هاهنا ومرةً هاهنا، ومثل الكافر كمثل الأرزة المجذية على الأرض حتى يكون انجعافها مرةً. الخامة من الزرع قصبته ويقال: الأصل خامة، والأرزة العرعرة، وهي شجرة صلبةٌ، والمجذية القائمة، الانجعاف الانقلاع.
وقوله عليه السلام: الإيمان قيد الفتك. وليس هناك قيدٌ، وإنما معناه الإسلام حاجزٌ عما حظره.
وقوله عليه السلام في أهل الإسلام والشرك: لا تراءى ناراهما.
وقوله صلى الله عليه وسلم: لا ترفع عصاك عن أهلك.
وقد قال صلى الله عليه وسلم: لا يلسع المؤمن من حجرٍ مرتين. ولا ينتطح فيها عنزان، تسهيلاً لأمر القتل لأن العنز إنما تشام في نطاحها وترجع.
وقال عليه السلام: كل ما أصميت ودع ما أنميت. العرب تقول: رمى فأصمى إذا أثقله فلم يتحامل، ورمى فأنمى إذا تحامل بالرمية، ورومى فأشوى إذا أصاب غير المقتل، والشوى الأطراف.


منتهى التمثيل في لفظ أفعل التفضيل


ويقع التمثيل به في معانٍ كثيرة جداً، والعرب تقول: هو أعز من الأبلق العقوق، تعني في الشيء الذي لا يوجد، لأن العقوق إنما هو في الإناث دون الذكور. وكان المفضل يخبر أن المثل لخالد بن مالك النهشلي، قاله للنعمان ابن المنذر، وكان أسر ناساً من بني مازن بن تميم، فقال: من يكفل هؤلاء? فقال خالد: أنا، فقال النعمان: وبما أحدثوا? فقال خالد: نعم وإن كان الأبلق العقوق. فذهبت مثلاً.
قال الأصمعي: إذا أرادوا العز والمنعة قالوا: إنه لأمنع من أم قرفة، وهي امرأة مالك بن حذيفة بن بدر، كان يعلق في بيتها خمسون سيفاً كلهم محرم. وقال غير الأصمعي: هي بنت ربيعة بن بدر الفزارية.
ومن أمثالهم: هو أعز من كليب وائل، وهو كليب بن ربيعة التغلبي، كان أعز العرب في دهره، فقتله جساس بن مرة، ففيه كانت حرب بكرٍ وتغلب ابني وائل، وهي حرب البسوس.
ويقال: هو أعز من مروان القرظ؛ أعز من الزباء أعز من الزباء أعز من حليمة؛ أعز من عقاب الجو؛ أعز من قنوع؛ أمنع من لهاة الليث؛ أعز من است النمر.
ويقولون: هو أذل من فقع القرقر؛ وهو أذل من وتد، وذلك لأنه يدق. وإنه لأذل من يدٍ في رحم، ومعناه أن صاحبها يتوق أن يصيب بيده شيئاً؛ وهو أذل من الحوار؛ وأذل من عير؛ أذل من حمار قعيد، أذل من قيسي بحمص؛ أذل من النقد؛ أذل من قرادٍ.
ويقولون: هو أحلم من الأحنف؛ أحلم من قيس بن عاصم، وأخبارهما قد وردت في مكان آخر.
ويقولون هو أجود من حاتم؛ وأجود من كعب بن مامة؛ أجود من هرم وأخبارهم مشهورة، وأجود من لافظة يقال: إنها الرحى سميت بذلك لأنها تلفظ ما تطحنه، وقيل: إنها العنز، وجودها أنها تدعى إلى الحلب وهي تعتلف، فتلقي ما في فيها وتميل للحلب.
ويقال: هو أشجع من ليث عفرين قال أبو عمرو: هو الأسد. وقال الأصمعي: هو دابةٌ مثل الحرباء تتعرض للراكب، وهو منسوب إلى عفرين اسم بلد؛ وهو أجرأ من خاصي الأسد؛ وأجرأ من ذي لبد؛ وأشجع من أسامة؛ وأجرأ من قسورة؛ وأجرأ من ليثٍ بخفان خادر.
قال الشاعر: من الطويل


فتىً كان أحيا من فتاةٍ حـييةٍ وأشجع من ليثٍ بخفان خادر

ويقولون: إنه لأجبن من المنزوف ضرطاً. قال إبراهيم بن أبان: المنزوف دابةٌ تكون في البادية، إذا صحت بها لم تزل تضرط حتى تموت؛ وأجبن من صافر، وهو ما يصفر من الطير، ولا يكون الصفير في سباع الطير، إنما يكون في خشاشها وما يصاد منها. وأجبن من صفردٍ.
ويقولون: أبخل من مادرٍ، لاط حوضه وسقى منه، فلما استغنى عنه سلح فيه لئلا يستقي منه غيره. أبخل من ذوي معذرة؛ أبخل من الضنين بنائل غيره.
ويقولون: أقرى من أزواد الركب؛ وهم ثلاثة نفرٍ من قريش؛ أقرى من غيث الضريك، وهو قتادة بن مسلمة الحنفي؛ أقرى من مطاعيم الريح؛ وهم أربعة: أحدهم أبو محجن الثقفي، وقد كان لبيد بن ربيعة العامري يطعم إذا هبت الصبا إلى أن تنقضي.
أوفى من عوف بن محلم؛ وخبره مع مهلهلٍ، أخي كليبٍ، لما أمنه يوم التحالق مشهور؛ أوفى من السموأل، وخبره مشهور؛ أوفى من الحارث، يقول نصر: هو الحارث بن عباد.
ويقولون: هو أحسن من الطاووس؛ وأجمل من ذي العمامة، وهو سعيد بن العاص بن أمية ويكنى أبا أحيحة، وله يقول الشاعر: من البسيط


أبو أحيحة من يعتـم عـمـتـه يضرب وإن كان ذا مالٍ وذا ولد

ويقولون: إنه لأمضى من السهم؛ وأمضى من سليك المقانب.
ويقولون: أعلى فداءً من حاجب بن زرارة؛ ومن بسطانم بن قيس؛ ومن الأشعث، أسرته مذحج ففدى نفسه بثلاثة آلاف بعير.
ويقولون: أفتك من البراض، وأفتك من الحارث بن ظالم.
ويقولون: أنجب من مارية، ولدت لزرارة حاجباً ولقيطاً وعلقمة؛ أنجب من بنت الخرشب ولدت لزياد العبسي بنيه الكملة وهم: ربيع الكامل، وعمارة الوهاب، وقيس الحفاظ، وأنس الفوارس؛ أنجب من أم البنين، ولدت لمالك بن جعفر بن كلاب: ملاعب الأسنة عامراً، وفارس قرزل طفيلاً، وربيع المقترين ربيعة، ونزال المضيق سلمى، ومعود الحكماء معاوية، أنجب من عاتكة، ولدت لعبد مناف هاشماً وعبد شمس والمطلب.
ويقولون: أسرع من نكاح أم خارجة، وهي بنت سعد بن قدار من بجيلة، ولدت في نيف وعشرين حياً من العرب من آباء،? وكان الرجل يقول لها: خطبٌ فتقول: نكحٌ. كذلك قال يونس بن حبيب، وقد قيل خطب ونكح. فنظر بنوها إلى عمرو بن تميم قد ورد بلادهم، فأحسوا بأنه أراد أمهم، فبادروا إليها ليمنعوه من تزوجها، وسبقهم لأنه كان راكباً، فقال لها: إن فيك لبقية، فقالت: إن شئت. فجاءوا وقد بنى عليها، ثم نقلها بعد إلى بلاده. فزعم الرواة أنها جاءت معها بالعنبر صغيراً، وأنه ابن عمرو بن بهراء، وبهراء من قضاعة، وأولدها عمرو بن تميم أسيداً والهجيم والقليب، فخرجوا ذات يوم يستسقون، فقل عليهم الماء، فأنزلوا مائحاً من تميم، فجعل المائح يملأ الدلو إذا كانت للهجيم وأسيد والقليب، فإذا وردت دلو العنبر تركها تضطرب، فقال العنبر: من الرجز


قد رابني من دلوي اضطرابها والنأي عن بهراء واغترابها
إلا تجئ ملأى تجئ قرابها

المائح الذي يستقي من أسفل البئر؛ والماتح الذي يستقي من أعلاها.
ويقولون: أسرع من العين؛ ومن طرف العين؛ ومن لمح البصر؛ وأسرع من اليد إلى الفم؛ وأعجل من نعجة إلى حوض؛ وأسرع من دمعة الخصي.
ويقولون: أعدا من السنفرى؛ أعدا من السليك، أسرع من عدوى الثؤباء، وذلك أن الإنسان إذا تثاءب أعدى غيره.
ويقولون: أبطأ من فندٍ، وهو مولى لعائشة بنت طلحة، بعثت به مولاته ليقتبس ناراً، فأتى مصر فأقام بها سنة، ثم جاء يشتد ومعه نارٌ، فتبددت ناره، فقال: تعست العجلة.
ويقولون: أحذر من غراب؛ أحذر من ذئب؛ أحذر من عقعق؛ أروغ من ثعالة؛ أختل من ثعالة، وأختل من ذئب.
ويقولون: أخنث من هيت؛ أخنث من طويس، وهما مخنثان؛ أخبث من ذئب الخمر؛ وأخبث من ذئب الغضا.
ويقولون: إنه لأصنع من تنوطٍ، وهو طائر يصنع عشه مدلىً من الشجر؛ وأصنع من سرفة، وهي دودة تكون في الحمض تصنع بيتها مربعاً من قطع العيدان.
ومن أمثالهم: هو أصدق من قطاة، وذلك لأنها تقول: قطا قطا فاسمها من صوتها، قال النابغة: من البسيط


تدعو القطا وبه تدعى إذا انتسبت يا صدقها حين تدعوها فتنتسب

ويقال: لأكذب من الشيخ الغريب؛ وأكذب من أخيذ الجيش، قيل: هو الذي يأخذه أعداؤه فيستدلونه على قومه، فهو يكذبهم بجهده، وهو أكذب من الأخيذ الصبحان؛ وأكذب من المهلب، وكان يكذب لأصحابه في الحرب، يعدهم بالنجدة والأمداد؛ وأكذب من أسير السند.
ومن أمثالهم: إنه لأحمق من تراب العقد، يعني عقد الرمل، قيل: وحمقه أنه ينهار ولا يثبت. قال الفراء: إنه لأحمق من راعي ضأنٍ ثمانين، قال وذلك أن أعرابياً بشر كشرى بشارةً سر بها فقال: سلني ما شئت، قال: أسألك ضأناً ثمانين؛ أحمق من العقعق، وحمقه أن ولده أبداً ضائع؛ أحمق من رخمة، أحمق من الحبارى، أحمق من رجلة، وهي البقلة الحمقاء؛ أحمق من الممتخط بكوعه؛ أحمق من الممهورة إحدى خدمتيها،قال: وذلك أن زوجها قضى حاجته منها ثم طلقها، فقالت: أعطني مهري، فأخذ أحد خلخاليها من رجلها فأعطاها إياه، فرضيت به وسكتت، وإنه: لأحمق من دغة، وهي امرأة عمرو بن جندب بن العنبر، وخبرها في حمقها قبيح مستهجنٌ ذكره؛ وأحمق من حمامة، وذلك أنها تبيض على الأعواد، فربما وقع بيضها فانكسر، وأحمق من الضبع؛ وأحمق من ناكثة غزلها، وهي امرأةٌ من قريش. أتيه من أحمق ثقيف وهو يوسف بن عمر. وفي الخبر: سيكون في ثقيف كذابٌ ومبيرٌ وأحمق؛ قيل: الكذاب المختار، والمبير الحجاج، والأحمق يوسف.
ومن أمثالهم: آبل من حنيف الحناتم؛ آبل من مالك بن زيد مناة.
ومنها: هو أبلغ من سحبان وائل؛ وأبين من قسٍّ؛ وأخطب من قسٍّ؛ وهو أعيا من باقل، وهو رجل من ربيعة كان عيياً فدما.
وهو أخلى من جوف حمار، وهو رجل من عاد، وجوفه وادٍ كان ينزل به، فلما كفر أخرب الله واديه.
ومنها: أخجل من مقمور.
وأطمع من أشعب.
ويقولون: أزهى من غراب، وأخيل من مذالة، يضرب للمتكبر في نفسه، وهو عند الناس مهين، والمذالة الأمة الماهنة، وهي في ذلك تتبختر، وأخيل من واشمة استها؛ و أزهى من ثعلب.
ومن أمثالهم: هو أبصر من غراب؛ أبصر من الزرقاء، وهي زرقاء اليمامة؛ ويقال: هو أسمع من فرس؛ وأسمع من قراد؛ أسمع من سمع أزل.
ويقال: هو أنوم من فهد؛ وأنوم من غزال، وأنعس من كلب، وأنوم من عبود، وهو عبد نام في محتطبه أسبوعاً، وإذا أرادوا خفة النوم قالوا: أخف رأساً من الذئب؛ وأخف رأساً من الطائر.
ويقولون: أملخ من لحم الحوار أي ليس له طعم.
ومن أمثالهم: أظلم من الحية، ومن حية الوادي، وأظلم من ذئب، أظلم من الجلندى، وأظلم من التمساح.
ومن أمثالهم: إنه لألص من شظاظ، وهو رجل من بني ضبة كان لصاً مغيراً فصار مثالاً، وله خبر غريب قد ذكر في باب الحيل؛ وأسرق من جرذ؛ وألص من عقعق؛ وأخطف من عقاب.
ويقال: إنه لأصرد من عنزٍ جرباء للذي يشتد عليه البرد.
ومن أمثالهم: إنه لأطيش من فراشة.
ويقولون: إنه لأجوع من كلبة حومل، وهي كلبة كانت في الأمم السالفة، وأجوع من زرعة وهي كلبة؛ وأجوع من ذئب؛ وأجوع من قراد.
ويقال: إنه لأفحش من فاسية، يريد الخنفساء، وذلك أنها إذا حركت نتنت، وأبذى من مطلقة؛ وأقود من ظلمة، وألوط من دبٍّ، وأسفد من ديك؛ وأسفد من عصفور، وأزنى من سجاح، وأزنى من قرد، وهو قرد بن معاوية بن هذيل؛ وأزنى من هرٍّ وهي امرأة يهودية، وهي التي قطع المهاجر يدها في من قطع من النساء حين شمتن بموت النبي صلى الله عليه وسلم؛ وأشبق من حبى المدينية؛ وأسلح من دجاجة، وأسلح من حبارى.
ويقولون: إنه لأبر من العملس، وكان رجلاً براً بأمه حتى كان يحملها على عاتقه؛ وأبر من فلحس، وهو رجل من شيبان حمل أباه على ظهره وحج به؛ وإنه لأعق من ضبٍّ وذلك لأنه يأكل ولده.
ويقولون: إنه لأحيا من ضبٍّ، من الحياة وذلك أطول من ذماءٍ الضب، وأطول ذماءً من الحية، وأطول صحبة من الفرقدين، وأطول من اللوح، وأطول من السكاك.
ومن أماثلهم: أصبر من عودٍ بدفيه الجلب، والدفان الجنبان، والجلب آثار الدبر؛ وأصبر من جذل الطعان؛ وأصبر من ضبٍّ.
ويقال: إنه لأدم من البعرة، في دمامة خلقته.
وإنه لأعرى من المغزل؛ وأكسى من البصل.
ومن أمثالهم: وإنه لأبعد من بيض الأنوق، وذلك أنها لا تبيض إلا في قلل الجبال؛ وأبعد من النجم، وأنأى من الكواكب؛ وأرفع من السماء، أبعد من مناط العيوق.
ويقولون: إنه لأنم من صبح، إذ كان لا يكتم شيئاً، وقد جاء في شعر محدث: من الوافر


أنم من النسيم على الـرياض أنم من الرياض على السحاب

أنم من الزجاج.
ومن أمثالهم: إنه لأسأل من فلحس، وهو الذي يتحين طعام الناس، يقال منه أتانا يتفلحس، وهو الذي تسميه العامة الطفيلي. وقال ابن حبيب: هو رجلٌ من شيبان، كان سيداً عزيزاً يسأل سهماً في الجيش وهو في بيته، فيعطى فإذا أعطيه سأل لامرأته، فإذا أعطي سأل لبعيره، وكان له ابن يقال له زاهر فكان مثله، فقيل له: العصا من العصية.
ويقولون: أمطل من عرقوب، وخبره يجيء فيما بعد.
ويقولون: إنه لأشهر من فارس الأبلق؛ وأشهر من الشمس، وأشهر من البدر، وأشهر من القمر؛ وأشهر من قطرب.
ومن أمثالهم: إنه لأروى من النقاقة، وهي الضفدع، وذلك أن مسكنها الماء؛ وأروى من ضب، لأنه لا يشرب الماء، وأروى من الحوت، وأظمأ من حوت أيضاً.
ومن أمثالهم: هو أشأم من خوتعة، وهو رجلٌ من بني عميلة بن قاسط، أخي النمر بن قاسط، وكان مشؤوماً؛ وأشأم من قدار، وهو عاقر الناقة؛ وأشأم من أحمر عاد، وهو عاقرها أيضاً، وإنما هو أحمر ثمود؛ وأشأم من طويس، وهو مخنث كان يقول: ولدت يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفطمت يوم مات أبو بكر رضي الله عنه، وبلغت الحنث يوم قتل عمر رضي الله عنه، وتزوجت يوم قتل عثمان، وولد لي ليلة قتل عليٌّ عليه السلام، وأشأم من الأخيل وهو الشقراق، وأشأم من منشم، وهي امرأة عطارة، قال زهير: من الطويل


تداركتما عبساً وذبيان بعدمـا تفانوا ودقوا بينهم عطر منشم

أشأم من غراب البين؛ أبين شؤماً من زحل؛ أشأم من البسوس، وهي ناقة كانت لخالة جساس بن مرة، رماها كليبٌ بسهم فاختلط لبنها ودمها، فكانت سب قتله، وفيها كانت حرب بكرٍ وتغلب.
ومن أمثالهم: هو أصح من عير أبي سيارة، قال الأصمعي: دفع بالناس من جمعٍ أربعين سنة على حماره.
ويقولون: إنه لأخيب صفقة من شيخ مهوٍ، وهم حيٌّ من عبد القيس، لهم في هذا المثل قصة قبيحة: اشترى الفسو من إياد- وكانوا يعرفون به- ببردي حبرة، فعرفت بعد ذلك عبد القيس بالفسو، ويروى أحمق من شيخ مهوٍ، ويقال: أخسر صفقةً من أبي غبشان، باع مفاتيح الكعبة من قصيٍّ بزقٍّ من خمر.
ومن أمثالهم: أهون مقتولٍ أمٌّ تحت زوجٍ، وأصله أن ربيعة البكاء، وهو ربيعة بن عامر بن ربيعة بن عامر بن صعصعة، رأى أمه تحت زوجها، فقدر أنه يقتلها، فبكى وصاح، فسمي البكاء، وقيل فيه هذا المثل، وضرب به المثل في الحمق، وقيل أحمق من ربيعة البكاء؛ وقد قال الشاعر في الحمق: من الطويل


رمتني بنو عـجـلٍ بـداء أبـيهـم وهل أحدٌ في الناس أحمق من عجل

قالوا: كان له فرسٌ جوادٌ فقيل له: لكل جوادٍ من خيل العرب اسمٌ، فما اسم جوادك? ففقأ عينه وقال: أسميه الأعور.
أهون من تبالة على الحجاج، وتبالة بلد صغير من بلدان اليمن، يقال إنها أول بلدةٍ وليها الحجاج، فلما سار إليها قال للدليل: أين هي? قال: قد سترتها عنك هذه الأكمة، فقال: أهون بعمل بلدةٍ تسترها الأكمة، ورجع.
أهون من قعيس على عمته، رهنته على صاعٍ من برٍّ فلم تفتكه. أهون هالكٍ عجوزٌ في عام سنة، أهون مظلومٍ عجوزٌ معقومة، أهون مظلوم سقاءٌ مروبٌ، أصله السقاء يلف حتى يبلغ أوان المخض، والمظلوم السقاء الذي يمخضن قبل أوان المخض، أهون من الشعر الساقط؛ أهون من ذباب.
ومن أمثالهم: أضل من موؤدةٍ؛ أضل من سنان؛ أتيه من فقيد ثقيف؛ أما سنان فهو ابن أبي حارثة المري، وكان قومه عنفوه على الجود، فركب ناقةً ورمى بها الفلاة، فلم ير بعد ذلك، وسمته العرب ضالة غطفان، وقالوا: إن الجن استفحلته تطلب كرم نجله؛ وأما فقيد ثقيف فهو الذي هوي امرأة أخيه فتآخيا، وله قصة طويلة. وهو أضل من ولد اليربوع؛ وأضل من قارظ عنزة، ويقولون: هو أهدى من النجم؛ وأهدى من اليد إلى الفم.
ومن أمثالهم: أحيا من هديٍّ؛ أحيا من فتاةٍ؛ أحيا من مخبأةٍ؛ أحلى من ميراث العمة الرقوب؛ وأحلى من الولد؛ وأحنى من الوالد؛ وقال أعرابي: هو أفرح من المضل الواجد، والظمآن الوارد، والعقيم الوالد.
ومن أمثالهم: أدهى من قيس بن زهير؛ أشد من لقمان بن عاد؛ أبطش من دوسر، وهي كتيبة النعمان، أرمى من ابن تقن، وهو رامٍ كان في زمن لقمان بن عاد، وكان ينافر لقمان حتى هم بقتله.
أفرغ من حجام ساباط؛ أفرغ من يدٍ تفت اليرمع. يقال إن حجام ساباط كان إذا أعوزه من يحجمه حجم أمه، فلم يزل بها حتى نزف دمها وماتت.
أغزل من امرئ القيس.
أكفر من ناشرة، من كفران النعمة.
أنعم من خريم، رجلٌ من ولد سنان بن أبي حارثة، كان في زمن الحجاج، أنعم من حيان أخي جابر.
ومن أمثالهم: أنكح من ابن ألغز، هو رجل من إياد كان ينام فتأتي الفصلان تحتك بذكره تحسبه أصل شجرة، وله خبر مشهور مع شيرين زوجة كسرى، ولأجله نفى إياداً إلى أرض الروم.
أنكح من جويرية، وهو رجل من عبد القيس.
أشغل من ذات النحيين، هي امرأةٌ من هذيل، وخبرها مع خواتٍ بن جبير أشهر من أن يذكر.
ويقولون: هو ألزم لليمين من الشمال؛ وألزم لك من شعرات قصك، وذلك لأنها كلما حلقت نبتت.
ويقولون: هو أندم من الكسعي، وكان أرمى الناس لا يخطئ له سهمٌ، فرمى في الليل فأنفذ، فظن أنه أخطأ، فخلع إبهامه، فلما أصبح رأى رميته فندم على ما فعل بنفسه.
ويقولون: هو أبكى من يتيم؛ أدنى من حبل الوريد؛ أحقد من جملٍ؛ أخلف من ثيل البعير؛ أشرب من الهيم؛ أغير من الفحل؛ أثقل من حمل الدهيم، وهي ناقة لها خبر يجيء في مكان آخر، أنفر من ظبي، وشرحه يرد في مكان غير هذا.
ومن أمثالهم: أقصر من أنملة؛ أقصر من ظمء الحمار؛ أقصر من إبهام القطاة؛ أقصر من إبهام الحبارى؛ أصغر من صعوة؛ أصغر من قراد؛ أقصر من إبهام الضب؛ أصغر من صؤابة؛ أضعف من بعوضة.
آمن من ظبي بالحرم؛ آمن من حمام مكة، آلف من حمام مكة؛ آلف من كلب.
أوقل من وعلٍ.
أبلد من ثورٍ؛ أبلد من سلحفاة.
أبخر من أسد؛ أبخر من صقر.
�أحرص من ذئب؛ أكسب من ثعلب، أكسب من ذر؛ أكسب من النمل.
أحرس من كلب؛ أوقح من ذئب؛ ألأم من كلبٍ عقور؛ آكل من السوس؛ أفسد من السوس، أفسد من الجراد، أحطم من جراد؛ أجرد من جراد، أجرد من صلعة؛ أجمع من ذرة؛ أدب من قراد، أدب من قرنبى؛ أنزى من الجراد، ألح من الذباب؛ ألح من الخنفساء؛ أشرد من ورل؛ أعقد من ذنب الضب؛ أسبح من نون؛ أكثر من النمل، أثبت من قراد، أكثر من الدباء؛ أخشن من الشيهم؛ أخف حلماً من العصفور.
ويقولون: هو أدب من الشمس إلى غسق الظلمة؛ أرق من الهواء، أضيع من قمر الشتاء.
أقفط من تيس بني حمان، يزعمون أنه فقط سبعين عنزاً بعد ما فريت أوداجه.


غلبة الأقدار والجدود


من أمثالهم في هذا: حارب بجدٍّ أو دع؛ ويقال: عارك.
إذا جاء القدر عشي البصر؛ قاله ابن عباس لنافع بن الأزرق لما سأله عن الهدهد ونظره إلى الماء من تحت الأرض، ولا يرى الفخ تحت التراب، وفي الخبر: لا حذر من قدر.
وقال أكثم بن صيفي: من مأمنه يؤتى الحذر. وتمثل به عمر ابن الخطاب رضي الله عنه على المنبر وقد ذكر ما كان عليه في الجاهلية وما آل أمره إليه من الخلافة: من المتقارب


هون عليك فإن الأمـور بكف الإله مقـاديرهـا
فليس بآتيك مـنـهـيهـا ولا قاصرٌ عنك مأمورها

وقال عبد الله بن يزيد الهلالي: من الكامل

الجد أملك بالفتى من نـفـسـه فانهض بجدٍّ في الحوادث أو ذر
ما أقرب الأشياء حين يسوقهـا قدرٌ وأبعدهـا إذا لـم تـقـدر

وقال السموأل بن عاديا: من المتقارب

فلسنـا بـأول مـن فـاتـه على رفقه بعض ما يطلب
وقد يدرك الأمر غير الأريب وقد يصرع الحول القلـب

وقال فيها:

ولكن لهـا آمـرٌ قـادر إذا حاول الأمر لا يغلب

وقال توبة بن مضرس: من الطويل

تجوز المصيبات الفتى وهو عاجزٌ ويلعب صرف الدهر بالحازم الجلد

ومن أمثالهم: كيف توقى ظهر ما أنت راكبه؛ وقال شريح في الذين فروا من الطاعون: إنا وإياهم من طالبٍ لقريب.
وقال نصيب: من الطويل


يبق مـالاً عـزةً وصـيانةً فلا الدهر مبقيه ولا الشح وافره
ومن يك ذا عودٍ صلـيبٍ يعـده ليكسر عود الدهر فالدهر كاسره

وقال آخر: من الرجز

والسب المانع حظ العاقـل هو الذي سب رزق الجاهل

وقال آخر: من الطويل

يخيب الفتى من حـيث يرزق غـيره ويعطى الفتى من حيث يحرم صاحبه

نظر إليه المتنبي فقال وأحسن وزاد: من الطويل

ويختلف الرزقان والسعي واحدٌ إلى أن ترى إحسان هذا لذا ذنبا

وقال بشار: من الكامل

تأتي اللئيم وما سعى حـاجـاتـه عدد الحصى ويخيب سعي الدائب

ومن أمثالهم: لا جد إلا ما أقعص عنك ما تكره، قاله معاوية حين مات عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وكان خافه على الأمر.
وقال معاوية أيضاً حين مات الأشتر من شربة عسل: إن لله جنود منها العسل، وقالت جنوب أخت عمرو ذي الكلب: من البسيط


كل امرئٍ بطوال العيش مكذوب وكل من غالب الأيام مغلـوب

وقال النابغة: من البسيط

ما يطلب الدهر تدركه مخالبـه والدهر بالوتر ناجٍ غير مطلوب

وقال آخر: من الطويل

لعمرك ما يدري امرؤٌ كيف يتقي إذا هو لم يجعل له اللـه واقـيا

وقال أبو قلابة الهذلي: من البسيط

إن الرشاد وإن الغي في قرن بكل ذلك يأتـيك الـجـديدان
لا تأمنن وإن أصبحت في حرمٍ إن المنايا بجنبي كل إنـسـان
ولا تقولن لشيءٍ لست أفعلـه حتى تبين ما يمني له المانـي

أي يقدر لك القادر الله تعالى.
وقال آخر: من الطويل


ومن كان مسروراً بطول حياته فإني زعيمٌ أن سيصرعه الدهر

وقال ابن الرومي: من الكامل

طامن حشاك فإن دهرك موقعٌ بك ما تخاف من الأمور وتكره
وإذا حذرت من الأمور مقـدراً وفررت منه فنحوه تتـوجـه

الحنكة والتجارب


ويقولون في أمثالهم: أنا ابن بجدتها.
ويقولون: حلب الدهر أشطره، أي اختبر الدهر شطريه من خيرٍ وشر. وأصله من حلب الناقة، يقال: حلبتها شطرها أي نصفها، وذلك أنه حلب خلفين من أخلافها فهو شطر، ثم يحلبها الثانية خلفين أيضاً فيقول: حلبتها شطرين، ثم يجمع فيقول: أشطر.
ويقولون: فلان مؤدمٌ مبشرٌ، وهو الذي يجمع ليناً وشدة، وأصله من أدمة الجلد، وهي باطنه، وبشرته وهي ظاهره.
ويقولون: عند جهينة الخبر اليقين، ويروى جفينة، ولذلك خبر معروفٌ متداولٌ، وهو رجل كان عنده خبرٌ من قتلٍ قد خفي أمره.
وقال المنذر بن الحباب بن الجموح الأنصاري يوم السقيفة: أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب؛ الجذيل تصغير الجذل، وهو أصل الشجرة تقطع أغصانها وتبقى قائمة، فتجيء الجرباء من الإبل فتحتك به، وهو يسمى جذل الحكاك، وأما العذيق فهو تصغير العذق، وهي النخلة نفسها إذا كرمت حملت ما لا تطيقه، فتنحني فتبنى في أصلها دعامةٌ تعتمد عليها، فذلك الترحيب.
وقال علي عليه السلام: رأى الشيخ خيرٌ من مشهد الغلام، فصار هذا الكلام مثلاً متداولاً، ويقولون في التجارب: رجلٌ منجذ. وأنشد الأصمعي: من الوافر


أخو الخمسين مجتمعٌ أشدي ونجذني مداورة الشـؤون

ويقولون في الخبر: كفى برغائها منادياً.
أعط القوس باريها.
ومن أمثالهم: من يشتري سيفي وهذا أثره، يدل أثره على مخبره.
ويقولون: أتعلمني بضبٍّ أنا حرشته.
أنت أعلم باللقمة أم من غص بها، أي الغاص باللقمة أخبر بها.
الخيل أعلم بفرسانها.
الجواد عينه فراره.
عينٌ عرفت فذرفت.
أفواهها مجاسها، أصله أن الإبل إذا أحسنت الأكل اكتفى الناظر بذلك عن معرفة سنها واستغنى عن جسها.
رب لحظٍ أصدق من لفظٍ.
ليس الخبر كالعيان.
است البائن أعلم.


كمعلمةٍ أمها البضاع.

إني إذا حككت قرحةً أدميتها، المثل لعمرو بن العاص، وكان انعزل في خلافة عثمان رضي الله عنه، فلما بلغه حصره وقتله، قال: أنا أبو عبد الله، إني إذا حككت قرحةً أدميتها، فسارت مثلاً، يعني أنه كان يظن هذا الأمر واقعاً فكان كما ظن.
ومن أمثالهم في المجرب للأمور: العوان لا تعلم الخمرة.
ويقولون: إذا هززت فاهتز، وإذا رمي بك فارتز.




الأخذ بالحزم والاستعداد للأمر


ومن كلام لرسول الله صلى الله عليه وسلم: اعقل وتوكل.
ومن كلام العرب وأمثالهم: عش ولا تغتر.
أن ترد الماء بماءٍ أكيس. معنى الأول أن يمر صاحب الإبل بالأرض المكلئة فيقول: أدع أن أعشي إبلي منها حتى أرد على أخرى، ولا يدري ما الذي يرد عليه. وتأويل المثل الثاني: أن الرجل يمر بالماء فلا يحمل منه اتكالاً على ماءٍ آخر يصير إليه، فيقال له: أن تحمل معك ماءً أحزم لك، وإن أصبت ماءً آخر لم يضرك، وإن لم تحمل فأخفقت من الماء عطبت.
قال حماد الراوية: أنشدت أبا عطاءٍ السندي هذا البيت: من المتقارب


إذا كنت في حاجةٍ مرسلاً فأرسل حكيماً ولا توصه

فقال أبو عطاء: بئس ما قال، فقلت: فكيف كان يقول? قال: كان يقول: من الوافر

إذا أرسلت في أمرٍ رسولاً فأفهمه وأرسـلـه أديبـا
فإن ضيعت ذاك فلا تلمـه على أن لم يكن علم الغيوبا

ومن أمثالهم: قد أحزم لو أعزم.
وقال الشعبي: أصاب متأملٌ أو كاد، وأخطأ مستعجلٌ أو كاد. ومنه قول القطامي: من البسيط


قد يدرك المتأني بعض حاجته وقد يكون مع المستعجل الزلل

ومن أمثالهم في الجد: اجمع جراميزك؛ واشدد حزيمك؛ بينه قول علي عليه السلام: من الهزج

اشدد حيازيمك للموت فإن الموت لا قيكـا

ويقولون في مثله: اتخذ الليل جملاً؛ هذا أوان الشد فاشتدي زيم، وزيم هاهنا اسم فرس، وهو في موضع آخر المتفرق؛ ولتخرم فإذا استوضحت فاعزم؛ قال بشار: من الطويل

وخل الهوينا للضعيف ولا تكن نؤوماً فإن الحزم ليس بنـائم

ومن أمثالهم: اشتر لنفسك وللسوق.
ومنها: قبل الرمي يراش السهم.
ومنها: قبل الرمي تملأ الكنائن.
دمث لنفسك قبل النوم مضطجعاً، وقال الحمال العبدي: من الطويل


إذا خفت في أمرٍ عليك صعوبةً فأصحب به حتى تذل مراكبه

وقال بعض بني سدوس: من الكامل

وإذا ظلمت فكن كأنك ظالمٌ حتى يفيء إليك حقك أجمع

ومن أمثالهم: رمت المحاجزة قبل المناجزة. الفرار بقرابٍ أكيس. المثل الأول لأكثم بن صيفي، والثاني لجابر بن عمرو المازني، وذلك أنه كان يسير يوماً في طريق إذ رأى رجلين شديداً كلبهما عزيزاً سلبهما، فقال: الفرار بقراب أكيس ثم مضى.
انج يا ثعالة فالقتل لا شوى له.
ويقولون: زاحم بعودٍ أو دع، أي لا تستعن إلا بأهل القوة، وقال الشاعر: من الطويل


إذا المرء لم يبدهك بالحزم كله قريحته لم تغن عنك تجاربـه

ومن أمثالهم في الاستعداد: مخرنبقٌ لينباع، أي مطرقٌ ليثب.
ونحوه: تحسبها حمقاء وهي باخس.
وقولهم: أطري فإنك ناعلة، أي اركب الأمر الشديد فإنك قويٌّ عليه. وأصل هذا أن رجلاً قال لراعية له، وكانت ترك الحزونة وترعى في السهولة، أطري: خذي طرر الوادي، وهي نواحيه. قال أبو عبيد: أحسبه يعني بالنعلين غلظ جلد القدمين.
ومن التحذير والحزم: قولهم: انج سعد فقد هلك سعيدٌ.
ومن أمثالهم في الجد: قرع له ساقه، وقرع له ظنبوبه.
ويقولون: عدوك إذ أنت ربعٌ، يؤمر الرجل بأن يأتي من الحزم ما كان يأتيه من قبل.


ما جاء في الاغترار والتحيل والإطماع


وما يقارب هذه المعاني


النساء حبائل الشيطان، قاله ابن مسعود رضي الله عنه.
ومن أمثالهم: مرعىً ولا أكولة، عشبٌ ولا بعير. وقد يقع هذان المثلان في معنى وجود الشيء حيث لا ينتفع به.
برد غداةٍ غر عبداً من ظمأ، وذلك أنه خرج في برد غداةٍ ولم يتزود الماء لما رأى من روح النهار، فلما حميت عليه الشمس بالفلاة هلك عطشاً.
ليس بأول من غرة السراب.
ومن أمثالهم: كيف بغلام قد أعياني أبوه، ومنه قول الشاعر: من البسيط


ترجو الصغير وقد أعياك والده وما رجاؤك بعد الوالد الولـدا

ويشبهه قول الفرزدق وإن كان أراد به الهجاء: من الطويل

ترجي ربيعٌ أن تجيء صغارها بخيرٍ وقد أعيا ربيعاً كبارهـا

ويقولون: يا عاقد اذكر حلاً، يضربون لمن يبالغ في الأمر وينسى عاقبته، وأصله الذي يشد عليه رحله ويسرف في الاستيثاق.
ويقولون: لا تقتن من كلي سوءٍ جرواً.
والذئب خالياً أسدٌ، ومثله قول المتنبي: من الخفيف


وإذا ما خلا الجبان بأرضٍ طلب الطعن وحده والنزالا

ويقولون في الإطماع: أما كفى العبد أن ينام حتى يحلم برتبةٍ.
إنك لا تجني من الشوك العنب.
وقال كعب بن زهير: من البسيط


فلا يغرنك ما منت وما وعدت إن الأماني والأحلام تضلـيل

يقولون: إنباضٌ بغير توتير، أي نبض القوس من غير أن يوترها.
قد نفخت لو نفخت في فحم، قاله الأغلب العجلي في شعر له.
ويقولون: هو بنت الجبل، يعنون الصدى، أي هو مع كل من يتكلم.
ويقولون أيضاً: ما أنت إلا كابنة الجبل مهما يقل تقل.
ومن كلام المهلبي في الاغترار: من ضاق الأسد قراه أظفاره، ومن حرك الدهر أراه اقتداره.


البر والعقوق والمحافظة


على الأهل والإخوان


من أمثالهم في هذه المعاني: منك عيصك وإن كان أشباً، أي منك أهلك وإن كانوا على خلاف ما تريد.
ومثله: منك أنفك وإن كان أجدع.
ومنه: الحفاظ يحلل الأحقاد، ومنه قول القطامي: وترفض عند المحفظات الكتائف والكتائف السخائم.
ويقولون: لا يعدم الحوار من أمه حنة.
لا يضر الحوار وطء أمه. وقال الشاعر: من الطويل


أخاك أخاك إن من لا أخا له كساعٍ إلى الهيجا بغير سلاح

وقال آخر: من الطويل

وإن ابن عم المرء فاعلم جناحه وهل ينهض البازي بغير جناح

والنصف الثاني من هذا البيت مثل سائر.
ويقال في الأخ متمسك بإخائه: ما عقلك بأنشوطة. ومن ذلك قول ذي الرمة: من الطويل


وقد علقت ميٌّ بقلبـي عـلاقةً بطيئاً على مر الشهور انحلالها

ويقولون: هو على حبل ذراعك.
ويقولون: لا تدخل بين العصا ولحائها.
وقال أبو الدرداء رضي الله عنه: معاتبة الأخ خيرٌ من فقده، فصارت مثلاً.
وقال طرفة بن العبد: من الطويل


وأعلم علماً ليس بالظـن أنـه إذا مات مولى المرء فهو ذليل

وقال بدر بن علماء العامري: من الطويل

إذا سيم مولاك الهوان فإنما تراد به فاقصد له وتشدد

وقال ابن المولى: من الطويل

لا تطلبي عزاً بذل عشيرةٍ فإن الذليل من تذل عشائره

ولما قال الشاعر في جرير بن عبد الله البجلي: من الرجز

لولا جريرٌ هلكت بجيلة نعم الفتى وبئست القبيلة

قال قائل: ما مدح من هجي قومه.
ومن الأمثال في العقوق: العقوق ثكل من لم يثكل.
الملك عقيم.
ومن أمثال البر قول بيهس لأمه لما قتل إخوته وعاد فحنت إليه وكانت من قبل تقصيه: الثكل أرأمها.
وقالت له: أجئت من بينهم? فقال: لو خيروك لاخترت.
ومن أمثالهم: وابأبي وجوه اليتامى، حكاه المفضل عن سعد القرقرة، وهو رجل من أهل هجر كان النعمان يضحك منه، فدعا بفرسه اليحموم، وقال لسعد: اركبه فاطلب عليه الوحش، قال سعد: إذن والله أصرع، فأبى النعمان إلا أن يركبه، فلما ركبه سعد نظر إلى بعض ولده فقال: وابأبي وجوه اليتامى.
ومن كلامهم: انصر أخاك ظالماً أو مظلوماً.
ويقولون: أعن أخاك ولو بالصوت، أي إن لم تقدر على معونته بيدك فاستصرخ له حتى يغاث.
ويقولون: مولاك ولا عناك.
ومن الأمثال في الحمية والأنفة قول أكثم بن صيفي: تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها.
الفحل يحمي معقولاً شوله.
ومنه: الخيل تجري على مساويها، أي وإن كان بها أوصابٌ وعيوب.
وقولهم: من عز بز، قاله جابر بن ألاف للمنذر.
وقولهم: محا السيف ما قال ابن دارة أجمعا، هو سالم بن دارة، هجا فزارة فأفحش فاغتاله أحدهم فقتله.
ومن الحمية قولهم: هاجت زبراء، وهي أمةٌ كانت للأحنف كان يصغي إلى قولها كثيراً، ولها معه خبر قد ورد في موضعه، والأبيات السائرة في هذا المعنى كثيرة، فمن ذلك قول عبد الله بن الزبير الأسدي: من البسيط


فلن ألين لغير الـحـق أسـألـه حتى يلين لضرس الماضغ الحجر

وقال مالك بن الريب: من الطويل

وما أنا كالعير المقـيم لأهـلـه على القيد في بحبوحة الدار يرتع

وقال النابغة: من البسيط

تعدو الذئاب على من لا كلاب له وتتقي صولة المستأسد الحامـي

وقال معارك بن مرة العبدي: من الطويل

أتطمع في هضمي لدن شاب عارضي وقد كنت آبى الضـيم إذ أنـا أمـرد

وقال منقذ الهلالي: من الوافر

ت العيش حين رأيت دهراً يكلفني التذلـل لـلـرجـال
فحسبك بالتنصـف ذل حـرٍّ وحسبك بالمذلة سـوء حـال

وقال امرؤ القيس ويروى للخنساء: من المتقارب

سأحمل نفسي على آلةٍ فإما عليها وإما لهـا

وقال أبي بن حمام بن قراد بن مخزوم العبسي: من الطويل

ولست بمهيابٍ لمن لا يهابنـي ولست أرى للمرء ملا يرى ليا

وقال العباس بن مرداس: من الطويل

فخذها فليست للعزيز بخطةٍ وفيها مقالٌ لامرئٍ متذلـل

وقال محمد بن وهيب الحميري: من الطويل

ألا ربما كان الـتـصـبـر ذلةً وأدنى إلى الحال التي هي أسمج
وقد يركب الخطب الذي هو قاتلٌ إذا لم يكن إلا علـيه مـعـرج

وقال مهيار فأحسن فجاز إلحاقه بالتمثيل بالقدماء: من المنسرح

فاقعد إذا السعي جر مهلكةً وجع إذا ما أهانك الشبـع

ومن أمثالهم: لو كرهتني يدي لما صحبتني؛ وقال الشاعر: من الطويل

فلو رغبت عني يميني قطعتها وفيها لمن رام الوصال وصال

ما جاء في الحلوم والثبات


يشبه هذا المعنى قوله صلى الله عليه وسلم: جدع الحلال أنف الغيرة.
ومن أمثالهم: إذا نزا بك الشر فاقعد أي فاحلم ولا تسارع إليه.
وقال الأحمر في مثله: الحليم مطية الجهول، يعني أنه يحتمل جهله ولا يؤاخذ به.
ومن أمثالهم: إنه لواقع الطائر.
وإنه لساكن الريح.
وهو واقع الغراب؛ واقع الطير، وقال الشاعر: من البسيط


قل ما بدا لك من زورٍ ومن كذبٍ حلمي أصم وأذني غير صمـاء

ومنه: ملكت فأسجح. قالته عائشة لعلي عليه السلام يوم الجمل.
ومن أمثالهم فيه: إذا ارجحن شاصياً فارفع يداً. يقول: إذا رأيته قد خضع واستكان فاكفف عنه، والشاصي الرافع رجله، والمرجحن الساقط الثقيل.
ومن أمثالهم في الحلم والإيقاظ له: من الطويل


لذي الحلم قبل اليوم ما تقرع العصا وما علم الإنسان إلا لـيعـلـمـا

قيل: هو عامر بن الظرب العدواني حاكم العرب، عاش حتى أنكر عقله، فكان إذا زاغ في الحكم قرعت له العصا فينتبه ويعود إلى الحق؛ وقيل: أكثم بن صيفي، وقيل: أول من قرعت له العصا سعد بن مالك الكناني، وقيل و عمرو بن حممة الدوسي.
ومن كلام العرب: عركت ذلك بجنبي أي احتملته.
ربط بالأمر جأشاً أي وطن نفسه عليه.


ما جاء في الصدق والكذب


من أمثال العرب: سبني واصدق.
إذا سمعت بسرى القين فإنه مصبح. يضرب للكذوب ولا يصدق ولو صدق، وأصله أن القين إذا نزل بالحي قال لهم: إني أسري الليلة، يحثهم بذلك على معاملته ثم يصبح بمكانه.
ويقولون في كلامهم: من عرف بالصدق جاز كذبه، ومن عرف بالكذب لم يجز صدقه.
وقال حكيم: الصدق عزٌّ والكذب خضوع.
ومن أمثالهم: لا يكذب الرائد أهله.
ومنها: الكذب داءٌ والصدق شفاءٌ.
ومنها: ليس لمكذوب رأي، كان المفضل يحدث أن صاحب هذا المثل هو العنبر بن عمرو بن تميم قاله لابنته الهيجمانة؛ وذلك أن عبد شمسٍ بن سعد بن زيد مناة بن تميم كان يزورها، فنهاه قومها فأبى، حتى وقعت الحرب بين قومه وقومها، فأغار عليهم عبد شمسٍ في جيشه، فعلمت الهيجمانة فأخبرت أباها، وقد كانوا يعلمون إعجاب الهيجمانة به كإعجابه بها.
فلما قالت هذه المقالة لأبيها قال مازن بن مالك بن عمرو بن تميم: حنت ولات هنت، وأنى لك مقروع، وهو عبد شمس بن سعد كان يلقب به، فقال لها أبوها عند ذلك: أي بنية، اصدقيني أكذاك هو فإنه لا رأي لمكذوب.
فقالت: ثكلتك إن لم أكن صدقتك فانج ولا إخالك ناجياً، فذهبت كلمته وكلمتها وكلمة مازن مثلاً.
ومن أمثالهم: إن الكذوب قد يصدق.
عند النوى يكذبك الصادق. قال المفضل: إن رجلاً كان له عبدٌ فلم يكذب قط، فبايعه رجل ليكذبنه، وجعل الخطر بينهما أهلهما ومالهما، فقال الرجل لسيد العبد: دعه يبيت عندي الليلة. ففعل؛ فأطعمه الرجل لحم حوارٍ وأسقاه لبناً حليباً في سقاءٍ قد كان فيه لبنٌ حازرٌ؛ فلما أصبحوا تحملوا وقالوا للعبد: الحق بأهلك، فلما توارى عنهم نزلوا؛ فأتى العبد سيده فسأله فقال: أطعموني لحماً لا غثاً ولا سميناً، وسقوني لبناً لا محضاً ولا حقيناً، وتركتهم قد ظعنوا فاستقلوا فساروا بعد أو حلوا، وفي النوى يكذبك الصادق، فأرسلها مثلاً. وأحرز مولاه مال الذي بايعه وأهله.
ومن أمثالهم: لا يدري الكذوب كيف يأتمر.
القول ما قالت حذام، المثل للجيم بن مصعب بن علي بن بكر بن وائل وحذام امرأته.
صدقته الكذوب أي نفسه.
صدقني سن بكره. قال علي عليه السلام في رجل أخبره بشيء فصدقه.
لا ألية لسالية، زعم يونس أن ذلك لكذبها، تحلف أنها قليلة السلاء مخافة العين.
وفي الكذوب أحاديث وبان استه حين أصعدا.
وصف الرجل بالتبريز والفعل الحميد من أمثالهم في هذا: هو نسيج وحده، إذا كان مكتفياً بنفسه.
ويقولون: هو يرقم على الماء، يضرب في الحذق.
ويقولون في المحافظة والحمى: جار كجار أبي دواد.
وفي الوفاء أنجز حرٌ ما وعد، قال ذلك الحارث بن عمرو بن حجر الكندي لصخر بن نهشل بن دارم، وكان له مرباع من حنظلة، فقال له: هل أدلك على غنيمة ولي خمسها? قال: نعم. فدله على قبيلة فأغار عليها بقومه، فتنجزه ما بذله له.
ويقولون في المجرب: جري المذكي القارح.
وقال قيس بن زهير لحذيفة بن بدر في الرهان بينهما: جري المذكيات غلابٌ.
ويقولون للرجل المبرز: ما يشق غباره، وأصله قول قصير بن سعد في العصا فرسه حين قال لجذيمة: اركبها فإنه لا يشق غبارها، والخبر مشهور.
ويقولون: ما يقعقع له بالشنان؛ ولا يصطلى بناره.
ويقولون: هو ألوى بعيد المستمر، للشرس الشديد، قاله النعمان بن المنذر لخالد بن معاوية السعدي. وقال الشاعر: من الرجز


وجدتني ألوى بعيد المستـمـر أحمل ما حملت من خيرٍ وشر

ومن أمثالهم: هل يخفى على الناس النهار.
وهل يجهل القمر. وقال ذو الرمة: من البسيط


لقد بهرت فما تخفى على أحدٍ إلا على أحدٍ لا يعرف القمرا

ومن أمثالهم: لا حر بوادي عوف، المثل للمنذر يقوله لعوف بن محلم الشيباني وقد أجار عليه، وقيل هو عوف بن كعب بن زيد مناة بن تميم، وكان يقتل الأسارى ولا يعتقهم.
ويقولون في الرجل المقدام على الأمور: ما يبالي على أي قتريه وقع، ويقال: قطريه، أي جانبيه.
ويقال: بمثلي تنكأ القرحة.
ويقولون: هو عندي باليمين عند الوصف والإحماد.
ولا تجعلني في اليد الشمال، أي لا تحقرني.
ويقولون: رجلٌ مقابلٌ مدابرٌ أي كريم الطرفين.


التمسك بالأمر الواضح


من أمثالهم فيه: من سلك الجدد أمن العثار.
ومن أمثالهم: الحق أبلج والباطل لجلج، يتردد صاحبه فيه فلا يجد مخرجاً.
ليس لعينٍ ما رأت ولكن لكفٍّ ما أخذت.
أكرمت فارتبط.
ومنه: اشدد يديك بغرزه.
ويقولون: محسنة فهيلي، يضربونه للأمر المستقيم، وأصله أن رجلاً نزل بامرأة ومعه سلف دقيقٍ، فلما غاب الرجل اغتنمت غيبته، فجعلت تهيل من سلفه الدقيق في سلفها؛ فهجم عليها غفلةً فدهشت فجعلت تهيل من دقيقها في دقيقه، فعند ذلك قال: محسنةٌ فهيلي.
ويقولون: خلاؤك أقنى لحيائك، أقنى أي ألزم، ومنه قول عنترة: من الكامل


فاقني حياءك لا أبا لك واعلمي أني تمرؤٌ سأموت إن لم أقتل

ومن أمثالهم: اقصدي تصيدي.
دع عنك بنيات الطريق، أي عليك واضح الأمر، ودع الروغان يميناً وشمالاً.


التوسط في الأمور


من ذلك قوله صلى الله عليه وسلم حين ذكر العبادة والغلو فيها: إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى. يقول إذا كلف نفسه فوق طاقتها من العبادة بقي حسيراً كالذي أفرط في إغذاذ السير حتى عطبت راحلته ولم يقض سفره.
لا تكن حلواً فتسترط ولا مراً فتعقى، أي تلفظ من المرارة، يقال: قد أعقى الشيء إذا اشتدت مرارته، قال أبو عبيدة: وقول العامة فتلفظ غير صحيح.
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: إن هذا الأمر لا يصلحه إلا لينٌ في غير ضعف وشدةٌ في غير عنف.
وقيل: خير الأمور الأوساط.
وقالوا في مثله: لا وكس ولا شطط.
وقال زهير: من البسيط


دون السماء ودون الأرض قدرهما دون الذنابى فلا فـوتٌ ولا درك

وقال عنترة: من الكامل

لا ممنعاً هرباً ولا مستسلم

وقالوا: شر السير الحقحقة.
وفي الخبر: خير الأمور أوساطها. فالوسط محمودٌ على كل حالٍ إلا في العلوم؛ فإن الغايات فيها خيرٌ وأولى. وقيل: سائر العلوم والصناعات ينفع فيها التوسط ولا يضر، كالنحو ليس يضر من أحسن باب الفاعل والمفعول، وباب الإضافة، وباب المعرفة والنكرة، أن يكون جاهلاً بقية أبواب النحو؛ وكذلك من نظر في علم الفرائض فليس يضر من أحكم باب الصلب أن يجهل باب الجد. وغاية ذلك أن يكون علم من ذلك العلم نوعاً دون نوعٍ إلا علم الطب والكلام، فأصلح الأمور لمن تكلف علم الطب أن لا يحسن منه شيئاً أو يكون حاذقاً، فإنه إن أحسن منه شيئاً ولم يبلغ فيه المبالغ هلك أو أهلك المرضى؛ وكذلك العلم بصناعة الكلام: إن قصر فيه عرضت إليه الشبهة، ولم يبلغ الغاية التي تزيلها فيضل ويضل.


التساوي في الأمر


سواسيةٌ كأسنان الحمار.
سواسيةٌ كأسنان المشط.
القوم إخوانٌ وشتى في الشيم.
هما كركبتي البعير، هذا مثل قاله هرم بن قطبة الفزاري في منافرة عامر بن الطفيل وعلقمة بن علاثة إليه.
هما كفرسي رهان.
هما زندان في وعاء.
هما كحماري العبادي حين قيل له أيهما شرٌّ? فقال: هذا ثم هذا، وهذا المثل لا يوضح في المدح.
ومن أمثالهم: وقعا كعكمي عير.
أنصف القارة من راماها. قال هشام: والقارة هم عضل والديش ابنا الهون بن خزيمة، وإنما سموا قارةً لاجتماعهم والتفافهم؛ قال أبو عبيدة: وأصل القارة الأكمة وجمعها قورٌ. قال ابن واقد: وإنما قيل قد أنصف القارة من راماها في حرب كانت بين قريش وبكر بن عبد مناة بن كنانة، وكانت القارة مع قريش وهم قومٌ رماةٌ؛ فلما التقى الفريقان راماهم الآخرون فقيل: قد أنصفكم هؤلاء إذ ساووكم في العمل الذي هو شأنكم وصناعتكم.
ومن أمثالهم: سواءٌ علينا سالباه وقاتله، وهو نصف بيت للوليد بن عقبة من شعرٍ قاله في قتل عثمان رضي الله عنه، وأصله أن رجلاً يقال له الحطم قتل فصارت خميصةٌ له إلى غير القاتل، فرؤيت معه فقال: لست بقاتله، فقيل له ذلك.
ومن أمثالهم: أشبه امرؤٌ بعض بزه، قاله ذو الإصبع العدواني، وهو خبر طويل يجيء في موضعه.
كل ذات صدارٍ خالة؛ قاله همام بن مرة الشيباني.
ويقولون: ما أشبه الليلة بالبارحة.
وحذو القذة بالقذة.
كل نجار إبلٍ نجارها.
لا تنبت الحقلة إلا بقلةً، أي لا يلد الوالد إلا مثله.


المجازاة


من أمثالهم في هذا: أضئ لي أقدح لك. ويقال: اكدح لي، أي كن لي أكن لك.
ومنها: من ينكح الحسناء يعط مهراً.
ومنها: أساء سمعاً فأساء إجابةً. قال النابغة: من البسيط


لقد جزتكم بنو ذبيان ضاحـيةً بما فعلتم ككيل الصاع بالصاع

لما مات محمد بن الحجاج بن يوسف اشتد جزع أبيه الحجاج عليه، ودخل الناس عليه يعزونه ويسلونه وهو لا يزداد إلا جزعاً، وكان ممن دخل عليه رجلٌ كان الحجاج قتل ابنه يوم الزاوية، فلما رأى جزع الحجاج وقلة ثباته شمت به وتمثل بقول طفيلٍ الغنوي: من الطويل

فذوقوا كما ذقنا غداة محجـرٍ من الغيظ في أكبادنا والتحوب

وقال حسان بن عمرو: من الطويل

متى ما يشأ مستقبض الشر يلقه سريعاً وتجمعه إليه أنامـلـه

التفوق والزيال


من أمثالهم في ذلك: أتى أبدٌ على لبدٍ، وهو نسر لقمان السابع.
من يجتمع يتقعقع عمده، أي قصاراهم التفرق.
طارت بهم العنقاء.
أودت بهم عقاب ملاع.
ذهبوا أيدي سبأ.
ويقال في مثله: خفت نعامته.
وشالت نعامته.
وزف رأله.
ويقولون: فسا بينهم ظربان.
أودى كما أودى إرم. وقال الخنوت السعدي وهو توبة بن مضرس: من الطويل


أرب بهم ريب المنون كأنـمـا على الدهر فيهم أن يفرقهم نذر

ومن أمثالهم: لكل ذي عمودٍ نوى.

حفظ اللسان


من ذلك قوله تعالى: كبر مقتاً عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون. وفي الحديث: وهل يكب الناس على مناخرهم في النار إلا حصائد ألسنتهم.
وقال أكثم بن صيفي: مقتل الرجل بين فكيه، يعني لسانه.وقال عمر بن عبد العزيز: التقي ملجمٌ.
وقال بعض العرب لرجل يوصيه: إياك أن يضرب لسانك عنقك. ومنه قول الشاعر: من المتقارب


رأيت اللسان على أهـلـه إذا ساسه الجهل ليثاً مغيرا

وقال علقمة بن علاثة: أول العي الاختلاط، وأسوأ القول الإفراط.
ومن أمثالهم: من أكثر أهجر.
اجعل هذا في وعاءٍ غير سرب.
ويقولون: صدرك أوسع لسرك.
في أمثال أكثم بن صيفي: لكل ساقطة لاقطة، يحذر به من سقط الكلام.
ومن أمثاله: رب قولٍ أنفذ من صول، يضرب لحفظ اللسان، فيما يبقى من العار. وقال طرفة بن العبد: من الطويل


وإن لسان المرء ما لم تكن له حصاةٌ على عوراته لدلـيل

وقال كعب بن سعد: من الطويل

إذا أنت جالست الرجال فلا يكن عليك لعورات الرجال دلـيل

وكان يجالس الأحنف رجلٌ يطيل الصمت حتى أعجب به الأحنف، فقال الرجل يوماً للأحنف: يا أبا بحر، هل تقدر أن تمشي على شرف المسجد? فتمثل الأحنف: من الطويل

وكائن ترى من صامتٍ لك معجبٍ زيادته أو نقصه في التـكـلـم

ومن أمثال العرب: سكت ألفاً ونطق خلفاً، قال ابن الأعرابي: الخلف الرديء من القول. يقال: فأسٌ ذات خلفين، أي ذات رأسين، والخلف الطريق وراء الجبل. ويقال: خلف صدقٍ من أبيه وخلف سوء. ويقال لمن هلك والده: أخلف الله عليك، أي كان الله خليفة والدك عليك. ويقال لمن ذهب ماله: أخلف الله عليك، وخلف الرجل الوالي إذا كان خليفته. ويقال: خلف فوه من الصيام يخلف خلوفاً إذا تغير. ويقال: هو خالف أهله وخالفه أهله إذا كان فاسداً. ويقال في مثله: خلفناةٌ وخليفة، ويقال: عبدٌ خالفٌ، أي فاسدٌ. ويقال: أبيعك العبد وأبرأ إليك من خلفته، ورجل ذو خلفة؛ والخالفة عمودٌ من أعمدة البيت، وخوالف البيت زواياه، واحدتها خلفة. قال الأصمعي: خلف فلان يخلف خلوفاً إذا فسد ولم يفلح والخوالف النساء اللواتي غاب أزواجهن عنهن وليس عندهن رجال. قال الله تعالى: رضوا بأن يكونوا مع الخوالف التوبة 87، 93 وحيٌّ خلوفٌ، أي غيبٌ، وخلوفٌ حضورٌ؛ والخلفة الورقة تخرج بعد الورق اليابس. ويقال: الليل والنهار خلفةٌ، أي إذا ذهب هذا جاء هذا. ويقال: خلف ثوبه إذا قطع وسطه وجمع بين طرفيه. ويقال: برئت إليك من خلفة العبد، أي فساده؛ والخلف طرف الضرع. ويقال: أخلف بيده إذا أهوى بها إلى خلفه ليتناول شيئاً؛ والإخلاف أن يعيد على الناقة فلا تلقح، والإخلاف أن يعد الرجل عدةً فلا ينجزها؛ والإخلاف أن يجعل الحقب وراء الثيل، والثيل وعاء مقلم البعير، وهو قضيبه؛ يقال: أخلف عن بعيرك. قال أبو زيد: الخالف الفاسد الأحمق، وقد خلف يخلف خلافةً. ويقال: جاء فلانٌ خلافي وخلفي، وهما واحد، وقد جاءت اللغتان في كتاب الله عز وجل؛ ويقال اختلف فلانٌ صاحبه في أهله اختلافاً، وذلك أن يناظره حتى إذا غاب عن أهله جاء فدخل عليهن. قال: ويقال: خلف الشراب واللبن يخلف خلوفاً إذا حمض ثم أطيل إنقاعه ففسد. وقال أبو زيد والأصمعي: خلفت نفسي عن الطعام، تخلف خلوفاً إذا أضربت عنه من مرض. وقال أبو زيد: لا يقال ذلك إلا من المرض. قال الأصمعي واللحياني في الخلف المربد يكون وراء البيت. وقال الأصمعي: الخلفة الاستقاء. يقال: من أين خلفتكم? أي من أين تستقون.
ويقال: نتاج فلانٍ خلفةٌ، أي عامٌ ذكر وعامٌ أنثى؛ والخلفة النبت في الصيف، والخلفة اختلاف البهائم وغيرها. ويقال: حلب الناقة خليف لبأها، يعني الحلبة التي بعد ذهاب اللبأ؛ والخليف الطريق في الجبل، وقال أبو نصر: هو الطريق وراء الجبل أو في أصله. وقال اللحياني: الخليف الطريق في ما وراء الجبل أو بين الجبلين؛ ويقال المخلفة: الطريق أيضاً، يقال: عليك المخلفة الوسطى.


ما جاء في التصريح والمكاشفة


من ذلك قولهم: صرح الحق عن محضه.
أبدى الصريح عن الرغوة، الرغوة والرغوة، لغتان. وهذا المثل لعبيد الله بن زياد قاله لهانئ بن عروة المرادي في شأن مسلم بن عقيل. يقال للبن حين يحلب: حليب، فإذا ذهبت رغوته فهو صريح. فإذا أمكن أن يصب في الإناء فهو صريفٌ، ثم نقيع يومه، ثم حقين إذا جعل في السقاء، فإذا أخذ طعم السقاء فهو ممحلٌ، فإذا أخذ في الحمض فهو قارسٌ، فإذا راب فأمكن أن يمخض فهو ظليمٌ ومظلومٌ، فإذا انقطع زبده فلم يخرج مستقيماً فهو مثمرٌ وثامرٌ، فإذا خرج زبده فهو رائب، فإذا اشتد حمضه فتقطع فصار اللبن ناحيةً والماء ناحيةً فهو الممذق، فإذا اشتد حمضه جداً فهو الأدل. يقال: جاءنا بأدلةٍ تروي الوجه، فإذا بلبل وغلظ فهو الهدبد والعكلط والعجلط، وهو الغنمي إذا صب فلم يسمع من خثورته، والمحض الذي لم يخالطه ماءٌ. والخامط الذي أخذ ريحاً، فإذا ذهبت عن اللبن حلاوته قبل له السامط، والحازر الذي يشتد أيضاً، والضريب الذي حقن أياماً فاشتدت حموضته، والدواية شبيه الجليدة تعلو اللبن، والرثيئة حليبٌ يصب على حامض وقد رثأته. والصير ماء الجبن والمصل- عربيٌّ صحيح- والماء الذي يسيل منه المصالة، ويقال للكشك الزهيدة، والنسء حليبٌ يصب عليه ماءٌ، نسأته أنسؤه نسئاً، والنخيسة لبن الضأن يصب عليه لبن المعزى. والضيح الذي كثر ماؤه وهو الضياح، والمذيق الذي فيه ماء. والرخف الرخو من الزبد، والنهيد الذي لم يتم روب لبنه، والصرد أن ينقطع منتفثاً لا يلتئم.
ومن أمثالهم: قد بين الصبح لذي عينين.
ومنها: برح الخفاء.
ومنها: أخبرته بعجري ويجري، أي أظهرته من ثقتي على معايبي، وأصل العجر العروق المتعقدة، فأما البحر فهي أن تكون في البطن خاصة.
ومنها: لبست له جلد النمر.
قشرت له العصا.
لا مخبأ لعطرٍ بعد عروس؛ وقد يضرب في الخطأ وترك الشيء وقت الحاجة إليه. قال أبو زيد: وأصله أن رجلاً تزوج بامرأة فوجدها تفلةً، فقال: أين الطيب? فقالت: خبأته فعنفها، قال: لا مخبأ لعطر بعد عروس. وذكر المفضل: أن المثل لامرأة عروسٍ، وكان رجلاً جميلاً يسمى عروساً، فهلك فحملت المرأة عطراً وآلة النساء والطيب، فمر بها بعض معارفها فوبخها وعنفها، فقالت عند ذلك هذا المثل.
ومن أمثالهم: لا أطلب أثراً بعد عين، وقد يضرب في الاحتياط للأمر، المثل لمالك بن عمرو الباهلي، كان له أخٌ يقال له سماك، فقتله رجلٌ من غسان، فلقيه مالكٌ فأراد قتله، فقال الغساني: دعني ولك مائةٌ من الإبل، فقال: لا أطلب أثراً بعد عين، ثم قتله.
ومن أمثالهم: ترك الخداع من أجرى من مائة، المثل لقيس بن زهير في رهان داحسٍ والغبراء لما جعل المدى مائة غلوة.
ويقولون في المكاشفة والتحذير: قد أعذر من أنذر.
وما له سترٌ ولا حجرٌ، الستر هاهنا الحياء والحجر العقل.
ويقولون في الأمر الجلي: ما يوم حليمة بسرٍّ، وحليمة بنت الحارث بن أبي شمر الغساني، ويوم حليمة من أيام العرب المشهورة، ولها فيه حديث معروف، وقد ذكر هذا اليوم في موضع آخر بشرحه.
ومن أمثالهم في الأمر الشائع: يكفيك من شرٍّ سماعه، قالته فاطمة بنت الخرشب الأنمارية أم الربيع بن زياد، وهي أم الكملة إحدى المنجبات، لقيس بن زهير، وكان الربيع أخذ منه درعاً فعرض لها قيسٌ ليرتهنها عليه، فقالت: يا قيس أترى بني زياد مصالحيك وقد ذهبت بأمهم يميناً وشمالاً فقال الناس ما شاءوا، ويكفيك من شرٍّ سماعه.
ومن أمثالهم: عند التصريح تريح.


ما جاء في التسويف والوعد والعويد


يقولون: مطله مطلاً كنعاس الكلب، وذاك أنه دائمٌ متصل.
ويقولون: أسمع جعجعةً ولا أرى طحناً، والطحن الدقيق.
ومن أمثالهم: الصدق ينبي عنك لا الوعيد، غير مهموز من نبا ينبو.
ومنها: جاء ينفض مذرويه، إذا جاء يتوعد ويتهدد، ولا يقال هذا إلا لمن يتوعد من غير حقيقة، والمذروان فرعا الإليتين.
ومنها ويقاربها قولهم: ارق على ظلعك.
والمثل السائر: مواعيد عرقوب. قالوا: كان عرقوب رجلاً من العماليق أتاه أخ له يسأله شيئاً فقال له عرقوب: إذا أطلعت هذه النخلة فلك طلعها، فلما أطلعت أتى الرجل أخاه للعدة فقال: دعها حتى تصير بلحاً، فلما أبلحت أتاه فقال له: دعها حتى تصير زهواً، فلما أزهت قال: دعها حتى تصير ثمراً، فلما أثمرت عمد إليها عرقوب من الليل فجدها ولم يعط أخاه منها شيئاً، وفيه يقول الأشجعي: من الطويل


وعدت وكان الخلف منك سجيةً مواعيد عرقوبٍ أخاه بيثـرب

ويقولون في الوعيد: برق لمن لا يعرفك.
ويقولون لمن يعد ولا ينجز وعده ذكر ولا حساس.
ومن أمثالهم في التسويف: إلى ذاك ما باض الحمام وفرخا.


المكر والمداهنة


ومن أمثالهم في ذلك: يسر حسواً في ارتغاء.
أمكرٌ وأنت في الحديد؛ قاله عبد الملك بن مروان لعمرو بن سعيد الأشدق عند قتله؛ وخبره معه طويل، وقد ذكر في موضع آخر، وقال له عمرو حين قيده: إن رأيت يا أمير المؤمنين أن لا تفضحني بأن تخرجني إلى أهل الشام فتقتلني بحضرتهم فافعل؛ وإنما أراد عمرو أن يخالفه فيخرجه، فإذا ظهر منعه أصحابه وحالوا بينه وبين عبد الملك.
ومن أمثالهم: من حفر مغواةً وقع فيها.
أعن صبوحٍ ترقق.
أصل المغواة البئر تحفر للذئب ثم يجعل فيها جديٌ أو غيره، فيسقط الذئب فيها ليأخذه فيصطاد.
والمثل الثاني: قال النمفضل الضبي فيه: كان نزل رجل بقوم أضافوه ليلاً وغبقوه فلما فرغ قال لهم: إذا أصبحتموني غداً فكيف آخذ في حاجتي? فقالوا له: أعن صبوحٍ ترقق? عاد الرمي على النزعة، والنزعة الرماة.
ومن أمثالهم في هذا المعنى: لأمرٍ ما جدع قصيرٌ أنفه، وخبر جذيمة يشتمل على هذا المثل وغيره فلا حاجة إلى إعادة ذكره.
أطرق كرى إن النعام في القرى.
ما زال يقتل في الذروة والغارب، إذا بالغ في الخداع.
الإيناس قبل الإبساس.
إياك أعني واسمعي يا جارة، المثل لسهل بن مالك الفزاري، قاله لأخت حارثة بن لأم الطائي.
ومن أمثالهم في المكر: خامري أم عامر.
ويقارب ذلك قولهم: أمر نهارٍ قضي ليلاً.
ويقولون للخب: أروغاً ثعالة.


حفظ المودة بالتباعد


من أمثالهم في هذا: فرق بين معدٍّ تحاب. وكتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى أن مر ذوي القرابات أن يتزاوروا ولا يتجاوروا، وروي عنه وابن مسعود أنهما قالا: خالطوا الناس وزايلوهم، أي خالطوهم في المعاشرة والأخلاق وزايلوهم بأعمالكم، ويحتمل المباعدة أيضاً، ويقارب هذا الكلام قول صعصعة بن صوحان: إذا لقيت المؤمن فخالطه، وإذا لقيت الفاجر فخالفه، ودينك فلا تكلمنه. ويشبه ما روي عن عيسى عليه السلام: كن وسطاً وامش جانباً.

ما جاء في الضرورة والمعذرة والاعتذار


أزهد الناس في عالمٍ جاره ويروى أهله.
ومن أمثالهم في ذلك: مكره أخوك لا بطل، خبره في قصة بيهس نعامة، وهو مذكور في مكانه من هذا الكتاب.
لو ترك القطا لنام، هو لامرأة عمرو بن أمامة، وكان نزل بقوم من مراد فطرقوه ليلاً فلما رأت امرأته سوادهم أنبهته فقالت: قد أتيت، فقال: إنما هذه القطا، فقالت: لو ترك القطا لنام. فأتاه القوم فبيتوه فقتلوه.
ومن أمثالهم: الشر ألجأه إلى مخ العراقيب، وقد يضرب عند مسألة اللئيم.
ويقولون: الطعن أظأر، يضرب للبخيل يعطي عن ضرورة، يقول: إذا خاف أن يطعنه عطفه ذلك عليه فجاد بماله خوفاً منه.
ويقولون: الخلة تدعو إلى السلة، أي الحاجة تدعو إلى السرقة.
ويقولون: لكل جوادٍ كبوة ولكل عالمٍ هفوة ولكل صارم نبوة.
ويقولون: ترك الذنب أيسر من الاعتذار.
ومن أمثالهم: حياك من لا خلا فوه، وأصله أن رجلاً سلم عليه وهو يأكل فلم يرد السلام، فلما فرغ قال هذه المقالة أي كنت مشغولاً.
ومن أمثالهم في لاضرورة: بيتي يبخل لا أنا.
شغلت شعابي جدواي.
بالساعد تبطش الكف في الضرورة، هذا المثل يضرب أيضاً في قلة الأعوان.
ومن الأعذار قول قصير بن سعد لعمرو بن عدي حين أمره أن يطلب ثأر خاله جذيمة من الزباء، افعل كذا وخلاك ذم. قال الشاعر: من الطويل


إذا ما شفيت النفس أبلغت عذرها ولا لوم في أمرٍ إذا بلغ العـذر

ومن أمثال الضرورة: يلبس الخلق من لا جديد له.

تعذر الكمال والمحض


من أمثالهم فيه: أي الرجال المهذب.

وقول أبي الدرداء رضي الله عنه: من لك بأخيك كله.

وقولهم: لا تعدم الحسناء ذاماً، مخففٌ وهو العيب.
تعلق الفعل بما يتعذر والامتناع عنه ما اتصل المانع، أو فعله ما استمر الشيء ومن أمثالهم في هذا: لا آتيك ما حنت النيب.
ومثله: لا آتيك ما أطت الإبل.
وقال أبو زيد: لا آتيك ما اختلفت الدرة والجرة، واختلافهما أن الدرة تنتقل إلى الضروع والجرة تعلو إلى الرأس.
ما اختلف الملون، وهما الليل والنهار، والواحد منهما ملى مقصور.
ومثله: ما اختلف الأجدان، وكذلك: ما اختلف الفتيان، ومنه قول الشاعر: من الكامل


ما لبث الفتيان أن عصفا بهم ولكل قفلٍ يسرا مفتـاحـا

ويقولون: ما أفعله ما سمر ابنا سمير.
ولا آتيك السمر والثقمر، يريدون ما كان السمر وما طلع القمر.
ولا آتيك سن الحسل، والحسل ولد الضب، حتى تسقط أسنانه، ويقال إنها لا تسقط أبداً حتى تموت.
قال الأحمر في هذا: لا آتيك سجيس الأوجس.
سجيس عجيس، ومعناهما: الدهر.
ولا آتيك الأزلم الجذع، وهو الدهر.
وما حي حيٌّ وما مات ميت. ويروى عن المفضل أنه قال: هذا المثل للقمان بن عاد.
ومثله: لا أفعله دهر الداهرين، وعوض العائضين.
وأبد الآبدين، وأبد الأبيد.
وما حملت عيني الماء.
وحتى يرجع السهم على فوقه وهو لا رجع أبداً إنما مضاؤه قدماً.
وقال ابن الكلبي: من هذا قولهم: لا أفعل ذلك معزى الفزر، قال: والفزر سعد بن زيد مناة بن تميم، وكان وافى الموسم بمعزى فأنهبها هنالك، فتفرقت في البلاد، فالمعنى في معزى الفزر حتى تجتمع تلك، وهي لا تجتمع الدهر كله، وإنما سمي الفزر لأنه قال: من أخذ منها واحدة فهي له، ولا يؤخذ منها فزر، قال: وهي الاثنان.
ولا أفعل ذلك حتى يؤوب القارظان، وهما من عنزة، فالأول منهما يذكر بن عنزة لصلبه، عشق فاطمة بنت خزيمة بن نهد، وخبرهما يرد في أخبار العرب، والقارظ الآخر زهير بن عامر بن عنزة خرج يجتني القرظ فلم يرجع ولا علم بخبره.
ومن أمثالهم: حتى يؤوب المنخل، وخبره شبيه بهذا الخبر.
وضع الشيء في موضعه من أمثالهم في هذا: ذكرتني الطعن وكنت ناسياً. وأصله أن رجلاً حمل على رجل ليقتله، وكان في يد المحمول عليه رمح فأنساه الدهش والجزع ما في يده، فقال الحامل: ألق الرمح، فقال الآخر: أرى معي رمحاً وأنا لا أشعر به، ذكرتني الطعن وكنت ناسياً، وكر على صاحبه فقتله أو هزمه، وقيل إن الحامل: صخر بن معاوية السلمي والمحمول عليه: يزيد الصعق الكلابي.
ومن أمثالهم: خلع الدرع بيد الزوج.
التجرد لغير النكاح مثلة، وهما مثلان قالتهما رقاش بنت عمرو ابن تغلب بن وائل، تزوجها كعب بن مالك بن تيم الله بن ثعلبة فقال لها: اخلعي درعك، فقالت: خلع الدرع بيد الزوج، فقال: اخلعيه لأنظر إليك، فقالت: التجرد لغير النكاح مثلة.
وقريب من معنى هذا الفصل قولهم: اذكر الغائب يقترب.
اذكر غائباً تره. والثاني قاله عبد الله بن الزبير وقد ذكر المختار وهو غائب فقدم عليه.
وقال عتبة بن أبي سفيان: العجب من علي بن أبي طالب عليه السلام ومن طلبه الخلافة وما هو وهي? فقال معاوية: اسكت يا اوزه، فوالله إنه فيها كخاطب الحرة إذ يقول: من الطويل


لئن كان أدلى خاطب فتعذرت عليه وكانت رائداً فتمطـت
لما تركته رغبة عن حبالـه ولكنها كانت لآخر حطـت

وقال النجاشي الحارثي: من البسيط

إني امرؤٌ قل ما أثني على أحدٍ حتى أبين ما يأتـي ومـا يذر
لا تحمدن امرءاً حتى تجربـه ولا تذمن من لم يبله الخبـر

وفي بعض الحديث: لا تعجلوا بحمد الناس ولا ذمهم، فإن أحداً لا يدري بما يختم له.
ومن أمثال العرب: لا تحمدن أمةً عام اشترائها ولا حرةً عام بنائها.
ومثله: لا تهرف قبل أن تعرف، والهرف الإطناب.
وضع الشيء في غير موضعه قال أوس بن حجر: كمن دب يستخفي وفي الحلق جلجل.
ومن أمثال العرب: خرقاء ذات نيقة.
ومنها: كالحادي وليس له بعير.
ومن أمثالهم: وحمى ولا حبل، يضربونه للشهوان وليس بجائع.
ومنها: يحمل شنٌّ ويفدى لكيز، وهما ابنا قصي بن عبد القيس، قاله شنٌّ لأمهما، وكانت تؤثر لكيزاً عليه.
ويقولون: ليس هذا بعشك فادرجي.
ويقولون: كمستبضع التمر إلى هجر.
متى كان حكم الله في كرب النخل وهو نصف بيت لجرير قاله لشاعرٍ من عبد القيس وقد حكم للفرزدق على جرير.
وقال الشاعر: من الوافر


فإنك والكتاب إلى علي كدابغة وقد حلم الأديم

يقولون: كالأمة تفخر بحجر ربتها.
وقال ابن هرمة: من المتقارب


كتاركةٍ بيضها بالـعـراء وملحفةٍ بيض أخرى جناها

قيل: أراد الكروان، فإنه يترك بيض نفسه ويحضن بيض غيره، وإن حمل على العموم كان حسناً.
وقال العديل بن الفرخ العجلي: من الطويل


وكنت كمهريق الذي في سـقـائه لرقراق آلٍ فوق رابـيةٍ صـلـد
كمرضعةٍ أولاد أخرى وضيعـت بني بطنها هذا الضلال عن القصد

وقال آخر: من الطويل

وإن كلام المرء في غير كنهه لكالنبل ترمى ليس فيها نصالها

وقال يزيد بن ضبة: من الكامل

لا تبدين مـقـالة مـأثـورةً لا تستطيع إذا مضت إدراكها

وقال آخر: من الطويل

إذا عركت عجلٌ بنا ذنب طـيءٍ عركنا بتيم اللات ذنب بني عجل

وقال حارثة بن بدر، ويروى لأنس بن زنيم الليثي: من الطويل

أهان وأقصى ثم يستنصحونـنـي ومن ذا الذي يعطي نصيحته قسرا

وقال آخر: من الطويل

ولم أر ظلماً مثل ظلمٍ ينالنا يساء إلينا ثم نؤمر بالشكر

وقال آخر: من الوافر

وكم من موقفٍ حسنٍ أحيلت محاسنه فعد من الذنـوب

ومن أمثالهم: تبصر القذاة في عين أخيك وتعمى عن الجذع في عينك، وتدع الجذع المعترض في حلقك. وقد روي هذا المثل بألفاظ مختلفة، فمنها: أن رجلاً كان أبوه صلب في حرب، ثم إنه قاول آخر وعابه، فقال له الآخر: أحدكم يرى القذاة في عين أخيه ولا يرى الجذع معترضاً في است أبيه.
ويقولون: في ذنب الكلب تطلب الإهالة والإهالة الودك، لمن يطلب الشيء من غير وجهه.


ما جاء في إصلاح المال


لا جديد لمن لا يلبس الخلق، قالته عائشة رضي الله عنها، وقد وهبت مالاً عظيماً ثم رقعت ثوباً لها.
وقال أحيحة بن الجلاح: التمرة إلى التمرة تمر؛ والذود إلى الذود إبل. ومنه: من الوافر


قليل المال تصلحه فيبقـى ولا يبقى الكثير مع الفساد

ويقولون: من ذهب ماله هان على أهله.
ويقرب منه قولهم: الشحيح أعذر من الظالم.
ومن أمثالهم: لا تفاكه أمةً ولا تبل على أكمة.


تسهيل الأمور ودفع الأقدم بالأحدث


ومن أمثالهم فيه: كان جرحاً فبرأ، قاله بعض العرب وأصيب بابن له فسئل عنه بعد مدة.
ومثله قول أبي خراش: من الطويل


بلى إنها تعفو الكـلـوم وإنـمـا نوكل بالأدنى وإن جل ما يمضي

ومنه قولهم: هون عليك ولا تولع بإشفاق.
وقال الأحوص: من البسيط


إن القـديم وإن جـلـت رزيتـه ينضو فينسى ويبقى الحادث الأنف

ويقولون: جاء ثانياً من عنانه، إذا جاء وقد قضى حاجته.
ويقولون: لا تعدم صناعٌ ثلةً: والثلة الصوف تغزله المرأة.
ولن تعدم سارقة حثيثاً.
ومن أمثالهم: أنجد من رأى حضناً، وحضنٌ جبل بنجد، يضرب ذلك لمن بلغ مقصده.
�ومن أمثالهم في تسهيل الشيء: أوردها سعدٌ وسعدٌ مشتمل، يعني أنه أورد إبله شريعة الماء ولم يوردها على بئر فيحتاج إلى الاستقاء.
�ومنه: أهون السقي التشريع.
�هذا على طرف الثمام، وذلك أن الثمام لا يطول فيشق على المتناول.
�ومنه: كلا جانبي هرشى لهن طريق، يضرب إذا سهل الأمر من الوجهين.
ومن التسهيل والمقاربة كلام ابن المعتز: أبق لرضاك من غضبك، وإذا طرت فقع قريباً.
وقال أعرابي: من الطويل


وقد غضبوا حتى إذا ملأوا الربى ولو أن إقراراً على الضيم أروح

وقال عمرو بن أسيد الأسدي: من الطويل

كأنك لم تسبق من الدهـر لـيلةً إذا أنت أدركت الذي أنت تطلب

ومثله: من الطويل

كأن الفتى لم يعر يوماً إذا اكتسى ولم يك صعلوكاً إذا ما تمـولا

�وقال النبي صلى الله عليه وسلم لما قتل القاري الأنصاري عصماء بنت مروان اليهودية وكانت تهجو النبي صلى الله عليه وسلم فطرقها ليلاً فقتلها: لا يتنطح فيها عنزان. وذلك أن العنز لا تبالغ، وإنما تشام وترجع، فهو أسهل ما يكون بين المتلاقيين. � ومن أمثالهم: كل امرئ في بيته صبي، ويراد به تسهيل الخلق.
ويقولون في التسهيل وما يجتزئ به: قد تقطع الدوية الناب.


ما جاء في العداوة والشماتة


والرمي بالعضيهة


من أمثالهم في هذا: رماه بثالثة الأثافي، وهي القطعة المتصلة بالجبل يجعل إلى جنبها اثنتان. وقال خفاف بن ندبة: من الوافر

فإن قصيرةً شنعاء منـي إذا حضرت كثالثة الأثافي

ويقولون: لا تدريه لعرضك فيلزم، تدريه تغريه ويلزم يضرى.
ويقولون: لا ترى العكلي إلا حيث يسوءك.
ويقولون: رماه بالعضيهة وبالأفيكة وبالبهيتة.
ورماه بأقحاف رأسه.
ومن أمثالهم: رمتني بدائها وانسلت، وقال المفضل: المثل لرهم بنت الخزرج من كلب وكانت امرأة سعد بن زيد مناة، وكان لها ضرائر فسابتها إحداهن يوماً فرمتها رهمٌ بعيبٍ كان في رهم، فقالت ضرتها: رمتني بدائها وانسلت، فذهبت مثلاً. ويشبه هذا المثل: من الكامل


لا تنه عن خلقٍ وتأتي مثله عارٌ عليك إذا فعلت عظيم

وقال عدي بن زيد: من الرمل

واجتنب أخلاق من لم ترضه لا تعبه ثم تقفو في الأثـر

وقال عبد الله بن معاوية الجعفري: من المتقارب

ولا تقربن الصنيع الذي تلوم أخاك على مثلـه

ومن أمثالهم في هذا: محترسٌ من مثله وهو حارس.
ويقال في العداوة: هو أزرق العين.
وهم سود الأكباد.
وهم صهب السبال، في كشف العداوة.
ويقال: بينهم داء الضرائر.
ويقولون: جلى محبٌّ نظره. قال زهير: من الوافر


فإن يك في صديقٍ أو عدوٍّ تخبرك العيون عن القلوب

وقال أكثم بن صيفي: من لا حاك فقد عاداك.
ويقولون: هو يعض على الأرم، يقال ذلك في الغيظ، يقال إنها الحصى ويقال الأضراس.
ويقولون: بينهم عطر منشم، يراد به الشر العظيم.
ويقولون: عصبه عصب السلمة، وهي شجرة لها شوكٌ إذا أرادوا قطعها عصبوا أغصانها حتى يصلوا إليها.
ويقولون في الشماتة: من ير يوماً ير به. ومنه قول نهشل بن حري: من الطويل


ومن ير بالأقوام يوماً يرونـه معرة يومٍ لا توازى كواكبـه
فقل للذي يبدي الشماتة جاهلاً سيأتيك كأسٌ أنت لا بد شاربه

وقال حارثة بن بدر: من البسيط

يا أيها الشامت المبـدي عـداوتـه ما بالمنايا التي عيرت مـن عـار
تراك تنجو سليماً من غـوائلـهـا هيهات لا بد أن يسري بك الساري

والمستحسن في ذلك قول عدي بن زيد: من الخفيف

أيها الشامت المعير بالده ر أأنت المبرأ الموفور

وقال الأخطل: من الطويل

لقد عثرت بكر بن وائل عثرةً فإن عثرت أخرى فلليد والفم

وقال تميم بن أبي بن مقبل: من الطويل

إذا الناس قالوا كيف أنت وقد بـدا ضمير الذي بي قلت للناس صالح
ليرضى صديقٌ أو ليبلغ كاشـحـاً وما كل من أسلفته الود ناصـح

وقد أحسن المتنبي في قوله: من البسيط

ولا تشك إلى خلقٍ فـتـشـمـتـه شكوى الجريح إلى الغربان والرخم

ما جاء في الاتفاق والتحاب والاستمالة


من أمثالهم في هذا: كانت لقوةً صادفت قبيساً، تضرب في سرعة الاتفاق، قال أبو عبيدة: اللقوة السريعة الحمل والقبيس العجل السريع الإلقاح.
ومنه: التقى الثريان، والثرى التراب الندي، فإذا جاء المطر الكثير رسخ في الأرض حتى يلتقي بنداه، والندى الذي يكون في بطن الأرض.
ومن أمثالهم: لا تنقش الشوكة بالشوكة فإن ضلعها معها.
ويقولون: ألقى عليه شراشره.
وألقى عليه بعاعه، أي ألقى عليه نفسه من حبه.
ويقولون: نظرةٌ من ذي علق.
ومنها: وافق شنٌّ طبقة، وفيه تأويلان: أحدهما أنهما قبيلتان كان فيهما شرٌّ فالتقتا، وشن من عبد القيس وطبقة من إياد؛ والآخر أن الشن القربة الخلق عمل منها إداوةً فجاء موافقاً، وقد فسر بوجه ثالثٍ قد ذكر في باب الكناية.
ويقولون: هما كندماني جذيمة، قيل هما مالكٌ وعقيل من بلقين كانا لا يفترقان. وقيل إن جذيمة كان لا ينادم أحداً ترفعاً وكبراً، ويقول: إنما أنادم الفرقدين، والشعر قد دل على الأول وهو الأصح.
ومن أمثالهم في الاستمالة: أرغوا لها حوارها تحن، أصله أن الناقة إذا سمعت رغاء حوارها سكنت وهدأت.
ومنه قول معاوية حين رفع قميص عثمان: حرك لها حوارها تحن.
ومنها: إن الرثيئة مما يفتأ الغضب وأصله أن رجلاً كان غضباناً على قوم، قال أبو زيد: وأحسبه كان جائعاً، فسقوه رثيئة فسكن غضبه.
ومنها: العاشية تهيج الآبية، أي تراها تأكل فتميل فتأكل بعد الإباء.


ما جاء في قوة الخلق على التخلق


من أمثالهم في هذا: إن العناء رياضة الهرم.
ويقولون: إن العروق عليها ينبت الشجر، يضربونه في شبه الفرع بالأصل. قريب من هذا المعنى.
يقولون: أعييتني بأشرٍ فكيف بدردر، يقول: لم تقبلي الأدب وأنت شابة ذات أشرٍ فكيف وقد أسننت وبدأت درادرك، وهي مغارز الأسنان.
ويقولون: أعييتني من شب إلى دب، أي من لدن شببت إلى أن دببت هرماً. وقال ذو الإصبع العدواني: من البسيط


كل امرئٍ صائرٌ يوماً لشيمته وإن تخلق أخلاقاً إلى حين

وهو القائل أيضاً: من البسيط

اعمد إلى الحق فيما أنت فاعله إن التخلق يأتي دونه الخلـق

وقال المخضع النبهاني: من الطويل

ومن يقترف خلقاً سوى خلق نفسه يدعه وترجعه إليه الـرواجـع

وقال سليمان بن المهاجر، وتروى لحاتم: من الطويل

ومن يبتدع ما ليس فيه سجـيةً يدعه ويغلبه على النفس خيمها

وقال آخر: من الوافر

وكيف ملامتي إذ شاب رأسي على خلقٍ نشأت به غلامـا

وقال عمرو بن كلثوم: من الطويل

ولكن فطام النفس أيسر محـمـلاً من الصخرة الصماء حين ترومها

وقال صالح بن عبد القدوس: من الطويل

ولن يستطيع الدهر تغيير خلقه لئيمٌ ولن يسطيعه مـتـكـرم
كما أن ماء المزن ما ذيق سائغٌ زلالٌ وماء البحر يلفظه الفـم

ما جاء في ذليل استعان بمثله


من أمثالهم فيه: مثقل استعان بدفيه، وأصله البعير يحمل عليه الحمل الثقيل ولا يقدر على النهوض، فيعتمد على دفيه على الأرض، والدف الجنب.
ومثله عبدٌ صريخه أمةٌ.
قال الفرزدق: لقد خزيت قيس وذل نصيرها.
وقال آخر: وداعيةٍ عند القبور نصيرها.
ومن أمثالهم: ذليل عاذ بقرملة، والقرمل نباتٌ كل من رآه انتزعه من أصله لضعفه.


ما جاء في النفع والضر ومعايبهما


من أمثالهم في ذلك: سبق درته غراره، الغرار قلة اللبن، والدرة كثرته. يقولون: سبق شره خيره.
ويقولون: هل بالرمل أوشال? أي لا خير عنده، كما أن الرمل لا يكون فيه وشلٌ.
ويقولون: ما يبض حجره، والبض أدنى ما يكون من السيلان.
ومن أمثالهم: ما هو في العير ولا في النفير، فالعير عير قريش والنفير نفير قريش من مكة لحماية العير، فكانت غزوة بدر.
صقرٌ يلوذ بحمام العوسج.
خير مالك ما نفعك.
لم يضع من مالك ما وعظك، وهذا المثل لأكثم بن صيفي.
ويقولون: ما عنده خلٌّ ولا خمرٌ، أي ما عنده من الخير شيء.
ويقولون: من شرٍّ ما ألقاك أهلك، يضرب لمن يتجافاه الناس ولا نفع عنده. وقال ابن لنكك البصري: من البسيط


وهبك كالشمس في حسنٍ ألم ترنا نفر منها إذا مالت إلى الضرر

وقال البحتري: من الطويل

يقل غناء القوس نبـع نـجـارهـا وساعد من يرمي عن القوس خروع

وقال عدي بن زيد: من الطويل

إذا أنت لم تنفع بودك أهلـه ولم تنك بالبوسى عدوك فابعد

وقال قيس بن الخطيم: من الطويل

إذا المرء لم يفضل ولم يلق نجدة مع القوم فليقعد بضعفٍ ويبعد

وقال عبد الله بن معاوية: من الطويل

إذا أنت لم تنفع فضر فإنمـا يراد الفتى كيما يضر وينفع

وقال آخر: من الطويل

وإن فتى الفتيان من راح أو غدا لضر عدوٍّ أو لنفـع صـديق

ومن أمثالهم مما جاء في النفع من حيث لا يحتسب حبابٌ فلا تعق آبراً: يضرب في عدم النفع، والجباب الجمار الذي لا طلع فيه، والآبر الذي يلقح النخل.

ما جاء في المبالغة


رب أخٍ لك لم تلده أمك، يقال إنه للقمان بن عاد، وذلك أنه رأى رجلاً مستخلياً بامرأة فاتهمه فقال: من هذا? فقالت: أخي، وصار قوله مثلاً لغير ما قصد له.
ويقولون: الضجور قد تحلب العلبة، ويضرب للمنوع قد ينال منه الشيء.
ويقولون: رب رميةٍ من غير رام.
وفي الخواطئ سهم صائب، وقريب منه: الأمر يجيء فوق ما في النفس.
ليس الري عن التشاف، وأصل التشاف أن يشرب الرجل الشفافة كلها، وهي بقية الماء في الإناء. يقول: قد يروى الشارب قبل بلوغ تلك وكذلك الحاجة.
ويقولون: قد يبلغ القطوف الوساع.
وقد يبلغ الخضم القضم.
يقولون: خذها ولو بقرطي مارية، وهي أم ولد جفنة الغسانيين، يقال للرجل يطلب الشيء فيحث على المبالغة فيه.
ومن هذا الفن قوله صلى الله عليه وسلم لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب لما جاء مسلماً وكان هجا النبي صلى الله عليه وسلم: كل الصيد في جوف الفرا.
ويقولون: هو بين الخلب والكبد للمبالغة في الحنو والإشفاق.
ويقولون: ليس لما قرت به العين ثمن.
ويقولون: إذا لم تسمع فألمع.
إذا ضربت فأوجع. ويكون الأول لا تترك في الأمر شبهة.


ما جاء في الأمر النادر


من أمثالهم في ذلك: إنما هو كبارح الأروى، يضرب للرجل لا يرى منه شيءٌ إلا في الزمان مرةً، لأن الأروى مساكنها الجبال، ولا تكاد ترى سانحة ولا بارحة.
استٌ لم تعود المجمر.
كانت كبيضة العقر.


ما جاء في الجبن والذل


��إن الجبان حتفه من فوقه، قاله عمرو بن مامة في شعرٍ له.
كل أزب نفور، قاله زهير بن جذيمة العبسي، وإنما كان نفار الأزب من الإبل لكثرة شعره، ويكون ذلك في عينه، فكلما رآه ظن أنه شخص يطلبه فنفر من أجله.
عصا الجبان أطول، وإنما يطيلها من جنبه إرهاباً لعدوه.
ومنها: روغي جعار فانظري أين المفر.
ومنها: أفلت وانحص الذنب، المثل لمعاوية، وكان بعث رجلاً من غسان إلى ملك الروم، وجعل له ثلاث دياتٍ على أن ينادي بالأذان إذا دخل عليه مجلسه، ففعل ذلك الغساني وعند ملك الروم بطارقته، فوثبوا عليه ليقتلوه، وثاروا إلى وجهه بالسيوف فنهاهم ملكهم وقال: كنت أظن أن لكم عقولاً، إنما أراد معاوية أن أقتل هذا غدراً وهو رسول، فيفعل ذلك بكل مستأمن منا ويهدم كل كنيسة في مملكته، فجهزه وأكرمه ورده. فلما رآه معاوية قال: أفلت وانحص الذنب، فقال: كلا إنه لبهلبه، وحدثه الحديث، فقال معاوية: لقد أصاب ما أردت.
ومن أمثالهم: أفلت وله حصاص.
أفلتني جريعة الذقن، إذا كان منه قريباً.
ويقال للخائف: أفرخ روعك، والمثل لمعاوية، قاله لزياد.


الجهل والحمق


ومن أمثالهم: لا يدري ما هرٌّ من برٍّ.
ولا يدري أي طرفيه أطول، معناه أنسب أبيه أفضل أم نسب أمه? ومنها: لا يدري أسعد الله أكثر أم جذام وهما حيان بينهما من التفاوت ما لا يخفى على جاهل، قاله حمزة بن الضليل البلوي لروح بن زنباع الجذامي.
وقال الشاعر: من الوافر


لقد أفحمت حتى لست تدري أسعد الله أكثـر أم جـذام

ويقولون: ضل الدريص نفقه، وهو تصغير الدرص، والدرص ولد اليربوع، يضرب في الحجة إذا أضلها الباغي.
قد يضرط العير والمكواة في النار، كأنه جاهل بما يراد به. ويروى هذا المثل عن عمرو بن العاص.
ويقولون: حدث حديثين امرأةً فإن أبت فأربعة.
ويروى حدث حديثين امرأة فإن لم تفهم فأربع، أي كف عنها واسكت.
ومن أمثالهم: ربما كان السكوت جواباً.
ويقولون: كالممهورة من مال أبيها.
وكالممهورة إحدى خدمتيها.
ويقولون: خرقاء عيابة.
ومن أمثالهم: من كل شيء تحفظ أخاك إلا من نفسه.
سفهٌ بالناب الرغاء، أي سفهٌ بالشيخ التصابي.


البلية على البلية


من أمثالهم في هذا: أغيرةً وجبناً، قالته امرأة من العرب لزوجها، وقال أبو عبيدة: هذه امرأة المثنى بن حارثة، قالته يوم القادسية لسعد ابن أبي وقاص، كان قد تزوجها بعد قتل المثنى.
ومن أمثالهم: هو بين حاذفٍ وقاذفٍ، والحاذف بالعصا والقاذف بالحجر.
ويقولون: ضغثٌ على إبالة، الإبالة الحزمة من الحطب، والضغث الجرزة التي فوقها.
ويقولون: أحشفاً وسوء كيلة.
ومن قول عامر بن الطفيل: أغدةً كغدة البعير وموتاً في بيت سلولية. قال الشاعر: من الكامل


غضبت تميمٌ أن تقتل عامرٌ يوم النسار فأعقبوا بالصيلم

ومن أمثالهم: كالمستغيث من الرمضاء بالنار. أخذ العسس المستهل بن الكميت بن زيد في أيام المنصور فحبس، فكتب يشكو حاله وكتب في آخر الرقعة: من الطويل

إذا نحن خفنا في زمان عدوكم وخفناكم إن البلاء لـراكـد

فقال المنصور: صدق المستهل وأمر بتخلية سبيله.
ومن أمثالهم: إن جرجر العود فزده ثقلاً.
ومنها: هل بعد السلب إلا الإسار.


خيبة الأمل والسعي


ومن أمثالهم في نحو هذا: كطالب القرن جدعت أذنه.
ومنها: كالباحث عن الشفرة.
كالشاة تبحث عن سكين جزار.
سقط العشاء به على سرحان.
كمبتغي الصيد في عريسة الأسد.
وقال جرير: من الطويل


يشق على ذي الحلم أن يتبع الهوى ويرجو من الأمر الذي ليس لاقيا
وإني لمغرورٌ أعلل بـالـمـنـى ليالي أرجو أن مـالـك مـالـيا

وقال الأقرع بن معاذ: من الطويل

وكم سقت في آثاركم من نصيحةٍ وقد يستفيد الظنة المتـنـصـح

وقال عدي بن زيد: من الرمل

لو بغير الماء حلـقـي شـرقٌ كنت كالغصان بالماء اعتصاري

ومن أمثال أكثم بن صيفي: من فسدت بطانته كان كمن غص بالماء.
ومن أمثالهم: رجع فلان من حاجته بخفي حنين، وحنين إسكافٌ بالحيرة، ساومه أعرابي بخفين فاختلفا حتى أغضبه الأعرابي، فلما ارتحل ألقى أحد خفيه في طريقه ثم ألقى الآخر في موضع آخر، فلما مر الأعرابي بأحدهما قال: ما أشبه هذا بخف حنين، لو كان معه الآخر أخذته؛ ومضى فلما انتهى إلى الآخر ندم على تركه الأول، فلما مضى الأعرابي عمد حنين إلى راحلته وما عليها وذهب بها، وأقبل الأعرابي ليس معه غير الخفين، فقال له قومه: ماذا جئن به من سفرك? فقال: قد جئتكم بخفي حنين، فصار مثلاً.
ويقال للرجل إذا جاء من حاجته فارغاً: جاء يضرب أصدريه، أي عطفيه، ويقرب من هذا المعنى قول الشاعر: من الطويل


يقولون إن العام أخلف نوؤه وما كل عامٍ روضةٌ وغدير

ويقرب من ذلك قولهم: أسمن كلبك يأكلك، ويقال سمن. قال المفضل: كان لرجل من طسم طلب يسقيه اللبن ويطعمه اللحم، وكان يأمل فيه أن يصيد، فضري الكلب على ذلك، فجاع يوماً وفقد اللحم، فجاء ربه فوثب عليه وأكل من لحمه.

ما جاء في العدة بارتحالها فيجدها


من الأمثال في ذك قولهم: إلى أمه يلهف اللهفان.
ولمثله كنت أحسيك الحسى، وأصله الرجل يغذو فرسه بالألبان فيقول ذلك عند الهرب والنجاة. ومثله قول القطامي: من الكامل


وإذا يصيبك والحوادث جـمةٌ حدثٌ حداك إلى أخيك الأوثق

ويتصل بهذا المعنى من وجه آخر قولهم: كل ضبٍّ عند مرداته، والمرادة الحجر الذي يرمي به، ويقال: إن الضب قليل الهداية فلا يتخذ جحره إلا عند حجر يكون علامةً له، فيه يرميه الطالب له، فهو كالعدة له.
ألزم الأمور بصاحبها من أمثالهم في هذا: ابنك ابن بوحك.
ابنك من دمى عقبيك. ويروى: ولدك. وكان المفضل يخبر بهذا المثل عن امرأة لطفيل بن مالك بن جعفر بن كلاب، وهي امرأة من بلقين، فولدت له عقيل بن الطفيل فتبنته كبشة بنت عروة بن جعفر بن كلاب، فقدم عقيل على أبيه يوماً فضربه، فجاءته كبشة فمنعته وقالت: ابني، فقالت القينية: ابنك من أدمى عقبيك.
ومن أمثالهم من ذلك: منك الحيض فاغسليه.
ومن أمثالهم في تقارب هذا المعنى: الحريص يصيدك لا الجواد.
وقال المساور بن هند: إن الشقي بكل حبل يخنق.
ومثله: إن الشقاء على الأشقين مصبوبٌ.
ومن أمثالهم: شنشنةٌ أعرفها من أخزم.
������لا يدعى للجلى إلا أخوها.
رب مملولٍ لا يستطاع فراقه.


رب مخالفة لا يمكن طلاقها.


لا يعجز مسك السوء عن عرف السوء.
ويقرب من هذا المعنى قولهم: أينما أذهب ألق سعداً، قاله الأضبط ابن قريع بن عوف بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم، آذته عشيرته من بني سعد، فخرج عنهم فجعل لا يجاور قوماً إلا آذوه، أي أفر من الأذى إلى مثله.


الجاني على نفسه


من أمثالهم في هذا: أتتك بحائن رجلاه.
يداك أوكتا وفوك نفخ، الأول قاله عمرو بن هند وكان آلى ليقتلن من تميم مائة رجل- في خبر طويل- وليحرقنهم، فأحرق تسعة وتسعين وأعوزه الرجل، فإذا براكب يخب وقد رأى القتار فظنه الطعام يصنع، فلما أشرف على عمرو وقال له من أنت? قال: من البراجم.
فقال له عمرو: إن الشقي راكب البراجم، فأرسلها مثلاً، ثم أحرقه؛ والمثل الثاني أصله أن رجلاً كان في بعض جزائر العرب، فأراد أن يعبر على زقٍّ قد نفخ فيه فلم يحسن إحكامه حتى إذا توسط البحر خرجت منه الريح فغرق، فلما غشيه الموت استغاث برجل فقال له هذه المقالة.
ومن أمثالهم: لا يضر الشر إلا من جناه.
لا يحزنك دمٌ ضيعه أهله.
على أهلها دلت براقش. الأول قاله جذيمة الأبرش لما قطعت الزباء رواهشه فقال قائل: احفظوا دم الملك لا يقطر منه إلى الأرض شيء فقال جذيمة عند ذلك هذا المثل. وأما براقش فهي كلبة نبحت على جيش مروا ولم يشعروا بالحي الذي فيه الكلبة، فلما سمعوا نباحها علموا أن أهلها هناك، فعطفوا عليهم فاستباحوهم.
ومن أمثالهم مما يقارب هذا: كانت عليهم كراغية البكر وهو بكر ثمود، وخبره سائر.
ويقولان: نزت به البطنة.
ومن أمثالهم : كالنازي بين القرينين، وأصله في الإبل أن يترك الذكر فيأخذ في النزوان حتى يوثق في القران، ويقرب من هذه المعاني قول ابن هرمة: من الوافر


وحسبك تهمةً بريءٍ قـوم يضم على أخي سقمٍ جناحا

ومن أمثالهم: كمجير أم عامر.
ومنها : ما لاقى يسار الكواعب، وكان من حديثه أن عبداً لبعض العرب ولمولاه بنات فجعل يتعرض لهن ويراودهن عن أنفسهن، فقلن له: يا يسار اشرب ألبان هذه اللقاح ونم في ظلال هذه الخيام، ولا تتعرض لبنات الكرام، فأبى؛ فلما أكثر عليهن واعدنه ليلاً فأتاهن وقد أعددن له موسى، فلما خلا بهن قبض عليه فجببن مذاكيره، فصار مثلاً لكل جانٍ على نفسه متعدٍّ لطوره.
ومن أمثالهم: كالكبش يحمل شفرة وزناداً.
أحسن فوق. وقال نصيب: من الطويل


وإني وإياهم كسـاعٍ لـقـاعـدٍ مقيمٍ وأشقى الناس بالشعر قائله

الإحالة بالذنب على من لم يجنه


من ذلك قول النابغة: من الطويل

وحملتني دنب امرئٍ وتـركـتـه كذي العر يكوى غيره وهو راتع

والعر داءٌ يأخذ الإبل في مشافرها وقوائمها، تزعم العرب أنهم إذا كووا الصحيح برئ السقيم، والعر بالفتح الجرب.
ومن أمثالهم: كالثور يضرب لما عافت البقر، من شرب الماء ضربوا الثور يزعمون أن الجن تركب الثيران فتصد البقر عن الشرب. قال الحارث بن حلزة: من الخفيف


عنتاً باطلاً وظلماً كـمـا تـع تر عن حجرة الربيض الظباء

كان الرجل ينذر إذا بلغت إبله أو غنمه مبلغاً ما ذبح عنها كذا، فإذا بلغت ضربها وعمد إلى الظباء يصطادها ويذبحها وفاءً بالنذر. وقال الفرزدق: من الطويل

وشيبنـي أن لا يزال مـرجـمٌ من القول مأثورٌ خفيفٌ محامله
تقوله غيري لآخـر مـثـلـه ويرمى به رأسي ويترك قائله

وقال نهشل بن حري: من الطويل

تخليت من داء امرئٍ لم يكن له شريكاً وألقى رحله في الحبائل
فإن تغرموني داء غيري أحتمل ذنوب ذئاب القريتين العواسـل

ومن أمثالهم: ما لي ذنب إلا ذنب صحر.
جزاني جزاء سنمار، وخبرهما، قال المفضل: هي صحر بنت لقمان العادي، وكان أبوها لقمان وأخوها لقيم، فخرجا مغيرين فأصابا إبلاً كثيرة، فسبق لقيم إلى منزله، فعمدت أخته صحر إلى جزور منها مما قدم به لقيم فنحرتها وصنعت منها طعاماً يكون معداً لأبيها لقمان إذا جاء تتحفه به، وكان لقمان حسد ابنه لقيماً لتبريزه- كان- عليه، فلما قدم لقمان قدمت صحر إليه الطعام وعلم أنه من غنيمة لقيم لطمها لطمة فقأت عينها، فصارت عقوبتها مثلاً لكل من لا ذنب له يعاقب.
وكان من حديث سنمار أنه كان بناءً وكان مجيداً، وهو من الروم، فبنى الخورنق الذي بظهر الكوفة للنعمان بن امرئ القيس، فلما نظر إليه النعمان كره أن يعمل مثله لغيره فألقاه من أعلى الخورنق فخر ميتاً. وفيه يقول القائل: من الطويل


جزتنا بنو سعدٍ بحسن فعالنـا جزاء سنمارٍ وما كان ذا ذنب

ومثله: إن كنت ريحاً فقد لاقيت إعصاراً.
الحديد بالحديد يفلح.
النبع يقرع بعضه بعضاً.
رمي فلانٌ بحجره.
ويقولون: ليس هو حقيقةً ولكنه قريب منه.
لئن التقى روعي وروعك لتندمن.
ويقولون: ادفع الشر بمثله إذا أعياك غيره.
وقال الفند الزماني: من الهزج


وفي الشر نجاةٌ حي ث لا ينجيك إحسان

الشيء بمثله أو أشدإن على أختك تطردين، وذلك أن فرساً نفرت فطلبت أختها، يضرب للرجل يلقى مثله في الدهاء والشجاعة أو غير ذلك.
ومثله: إن تك ضباً فإني حسله.
ويقولون: باءت عرار بكحل، وهما ثور وبقرة كانا لسبطين من بني إسرائيل، فقتل أحد السبطين الثور، فكادوا يتفانون بينهم حتى أباءوا به البقرة.
ويقولون: قد بل بعير أعزل أي يمر بين يدي عدة. إن يكن بطريراً فإني صهصلق، كلاهما بمعنى صخوب.


تنافي الحالات


من شواهد الكتاب العزيز في ذلك قوله تعالى: هل يستوي الذي يعلمون والذين لا يعلمون الزمر: 9. وقوله عز وجل: أفمن أسس بنيانه على تقوى من الله وروضوانٍ خيرٌ أم من أسس بنيانه على شفا جرفٍ هارٍ فانهار به في نار جهنم التوبة: 109. قيل نزلت في شأن مسجد قباء ومسجد الضرار الذي بناه أبو عامرٍ الراهب، أحد المنافقين، بناه ليقطع به النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين عن مسجد قباء. قوله سبحانه: أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون السجدة: 18. قيل نزلت في علي بن أبي طالب عليه السلام وعقبة بن أبي معيط، وكان عقبة فخر على علي عليه السلام فقال له عليٌّ عليه السلام: اسكت إنما أنت فاسق، فنزلت هذه الآية، وشهد ما بعدها لعلي عليه السلام بالجنة ولعقبة بالنار بقوله: أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نزلاً بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا فمأواهم النار السجدة 19، 20. ذكره الزجاج وغيره.
ومن أمثال لاعرب: ماءٌ ولا كصداء، وصداء بئر؛ وأصل هذا المثل أن ابنة هانئ بن قبيصة لما قتل عنها زوجها لقيط بن زرارة تزوجها رجل من أهلها، فكان لا يزال يراها تذكر لقيطاً، فقال لها ذات يوم: ما استحسنت من لقيط? فقالت: كل أموره كانت حسنة، ولكني أحدثك أنه خرج مرة إلى الصيد وقد انتشى، فركب ورجع بقميصه نضحٌ من صيده، والمسك يضوع من أعطافه، ورائحة الشراب من فيه، فضمني ضمةً وشمني شمة فياليتني مت ثمة، قال: ففعل زوجها مثل ذلك ثم ضمها إليه وقال: أين أنا من لقيط? فقالت: ماء ولا كصداء.
ومثله: رجل ولا كمالك، يعنون مالك بن نويرة.
ومرعى ولا كالسعدان، قالته امرأة من طيء لامرئ القيس، وكان مفركاً، فقال لها: أين أنا من زوجك الأول? فقالت: مرعى ولا كالسعدان. وأنشدوا للأسعر بن أبي حمران الجعفي: من المتقارب


أريد دماء بـنـي مـازن وراق المعلى بياض اللبن
خليلان مختلف بـالـنـا أريد العلاء ويبغي الثمن

يريد المعلى فرسه، وكانت بنو مازن قتلت أباه وكانت خالته ناكحاً في بني مازن؛ فكان الأسعر إذا وجد غفلة أغار على بني مازن فقتل فيهم؛ فقالت لهم خالته: بولوا الودق على حافة الطريق وضعوا لبناً فلعل الفرس إذا وجد ريح ذلك احتبس فأصبتموه؛ ففعلوا ذلك وأغار عليهم وانصرف كعادته يحمي أصحابه حتى إذا أراد أن تسرح الفرس طفق الفرس إلى ريح اللبن والأبوال، وكثروه حتى اكتنفوه، فلما رأى ذلك قال: واثكل أماه وخالتاه فلما سمعت ذلك خالته قالت: لا أراني إلا إحدى الثاكلتين، فنادت به أن اضرب فيه، ففعل فانسرح الفرس وذهب، وإنما أمرتهم بذلك لأن الفرس كان غذاؤه اللبن. وقال الأعشى وبيته هذا مثل سائر: من السريع

شتان ما يومي على كورها ويوم حيان أخي جـابـر

ومن أمثال العرب: أنت تئقٌ وأنا مئق فكيف نتفق ? ويروى: فمتى نتفق. التئق السريع إلى الشر، والمئق السريع البكاء. ويقال الممتلئ من الغضب.
ومن أمثالهم: ما يجمع بين الأروى وبين النعام، يقولون: تلك في رؤوس الجبال وهذه في السهولة.
ومنها: لا يجتمع السيفان في غمد. ومنه قول أبي ذؤيب: من الطويل


تريدين كيما تجمعـينـي وخـالـداً وهل يجمع السيفان ويحك في غمد

ولهذا الشعر خبر قد ذكر في موضعه.
ومنها: ما يلقى الشجي من الخلي.
ويقولون: هان على الأملس ما لاقى الدبر.


ومن أمثالهم: حن قدحٌ ليس منها، وأصله أن رجلاً مدح قوماً وأطراهم وليس منهم. ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر بضرب عنق عقبة بن أبي معيط بن أبي عمرو بن أمية بالسيف صبراً قال: أقتل من بين قريش صبراً? فقال عمر ابن الخطاب رضي الله عنه: حن قدحٌ ليس منها، أي أنك لست من قريش، وكان عمر قائفاً. ويروى أن أبا عمرو بن أمية كان عبداً في صفورية وكان أمية قد عمي فكان يقوده، فغناه بيت جرير يقوله لعدي بن الرقاع: من البسيط

وابن اللبون إذا ما لز في قـرنٍ لم يستطع صولة البزل القناعيس

وقال عدي بن الرقاع: من الكامل

والقوم أشباهٌ وبين حلومـهـم بونٌ كذاك تفاضـل الأشـياء
كالبرق منه وابلٌ متـتـابـعٌ جودٌ وآخر ما يجود بـمـاء
والمرء يورث مجده أبـنـاءه ويموت آخر وهو في الأحياء

ويقولون في تنافي الحال بين الشبيبة والهرم: كنت وما أخشى بالذئب؛ ويقال: كنت وما أخشى من الذئب.
كنت وما يقاد بي البعير، والمثل لسعد بن زيد مناة بن تميم.
ومن أمثالهم: أريها السهى وتريني القمر.
تفرق من صوت الغراب وتفرس الأسد المشتم.
بئس العوض من جملٍ قيده.
رأسٌ في السماء واستٌ في الماء.
أضرطاً وأنت الأعلى.
ويقولون: سلكى ومخلوجة، يريدون الاختلاف. ويقولون إنما السلكى المستقيمة والمخلوجة المعوجة.
ويقولون: لا تجعل قدك إلى أديمك. القد مسك السخلة، وجمعه قداد، والأديم الجلد العظيم.
ومن أمثالهم: مرةً جيشٌ ومرةً عيشٌ.
اليوم خمرٌ وغداً أمر، قاله امرؤ القيس لما ورد عليه خبر قتل أبيه، وكان يشرب فذهبت مثلاً.
ومن أمثالهم: شخبٌ في الإناء وشخبٌ في الأرض، وقد يضرب مثلاً للرجل يخطئ ويصيب.
ومثله: يشج مرة ويأسو أخرى.
ومثله: أطرقي وميشي، وأصله خلط الصوف بالشعر، وقد يضرب للرجل يخلط كلامه بين صواب وخطأ.
ومما يناسب هذا المعنى المثل السائر: شب عمروٌ عن الطوق، معناه كبر عن سن الصغير الذي يلبس الطوق.
وكذلك قولهم: جلت الهاجن عن الولد، قال أبو عبيد: الهاجن هي الصغيرة، ومنه يقال: اهتجنت الجارية إذا افترعت قبل الأوان، وإنما أرادوا صغرت. قال: وأنا أحسب هذا من الأضداد لأنهم يقولون للعظيم جلل. ويقال أيضاً في الحقير جلل؛ قال امرؤ القيس: من المتقارب


لقتل بني أسدٍ ربـهـم ألا كل شيء سواه جلل

وقال لبيد في العظيم: من الرمل

ومن الأرزاء رزءٌ ذو جلل

ومما يليق بهذا المعنى قول الشاعر: من الوافر

ألم تر أن سير الخير ريثٌ وأن الشر سائره يطـير

وقال آخر: من الطويل

إذا ما بريد الشام أقبـل نـحـونـا ببعض الدواهي المفظعات فأسرعا
فإن كان شراً سـار يومـاً ولـيلة وإن كان خيراً أبطأ السير أربعـا

وتمثل بهذا البيت الثاني معاوية لما بلغه وفاة الحسن بن علي عليهما السلام. وقال أبو ذؤيب: من المتقارب

فيا بعد داري من دراكم كبعد سهيلٍ من الفرقد

وقال المؤمل: من الكامل

والقوم كالعيدان يفضل بعضهم بعضاً كذاك يفوق عودٌ عودا

ومن أمثالهم: إن كنت ذواقاً فإني نشبة، يقول: إن كنت لا وفاء لك، فإني دائم العهد، والنشبة الذي إذا عبث بالشيء لم يفارقه.
ومنها: جل الرفد عن الهاجن. الرفد: العس، والهاجن البكرة تنتج قبل أن يخرج لها سن.


الرضا بالميسور إذا تعذر المنشود


من أمثالهم في هذا النحو: إذا عز أخوك فهن، قاله الهذيل بن هبيرة الثعلبي، وكان أغار على بني ضبة فغنم وأقبل بالغنائم، فقال أصحابه: اقسمها بيننا، قال: إني أخاف إن تشاغلتم بالاقتسام أن يدرككم الطلب، فلما لم يقبلوا قال المثل حينئذ، ثم نزل فقسم بينهم الغنائم.
ويقارب ذلك قولهم: إن لم يغلب فاخلب.
سوء الاستمساك خيرٌ من حسن الصرعة.
ويناسبه: كل الحذاء يحتذي الحافي الوقع. وأصله الرجل يمشي في الوقع- وهي الحجارة- حافياً فيصيبه الوجى.
ومنه: ولكن من يمشي سيرضى بما ركب.
ومثله: ركب الصعب من لا ذلول له.
ومنه: رضي من الوفاء باللفاء، واللفاء دون حق الرجل.
ومنه: إن تسلم الجلة فالسخل هدر.
ويقولون: ارض من المركب بالتعليق.
ويقولون: الثيب عجالة الراكب.
ويقولون: من حقر حرم، يحضون على المعروف ولا يحقر قليله. وقال الشاعر: من البسيط


وكل ما سد فقراً فهو محمود

من الرجز

يكفيك ما بلغك المحلا

وقال امرؤ القيس بن حجر: من الوافر

إذا ما لم تجد إبلاً فمعـزى كأن قرون جلتها العصـي
إذا ما قام حالبـهـا أرنـت كأن القوم صبحهم نـعـي
فتملأ بيتنا أقطاً وسـمـنـا وحسبك من غنىً شبعٌ وري

قاله امرؤ القيس بن حجر، وقد نزل على المعلى بن تيم الطائي حين طردته العرب، واتخذ هناك إبلاً فغدا قومٌ من جديلة يقال لهم بنو زيد فطردوا الإبل، وكانت لامرئ القيس رواحل مقيدة خوفاً من أن يدهمهم أمرٌ ليسبق عليهن، فخرج نفرٌ منهم فركبوا الرواحل ليطلبوا الإبل، فأخذتهم جديلة، فرجعوا إليه بلا شيء، فذلك قوله: من الطويل

فدع عنك نهباً صيح في حجراته ولكن حديثٌ ما حديث الرواحل

ففرقت عليه بنو نبهان فرقاً من معزى يحتلبها. ومن ذلك قول عمرو بن معدي كرب: من الوافر

إذا لم تستطع شيئاً فدعـه وجاوزه إلى ما تستطـيع
أمن ريحانة الداعي السميع يؤرقني وأصحابي هجوع

وريحانة أخته سباها الصمة الجشمي أبو دريد، فلم يقدر عمرو على استنقاذها، ثم تزوجها الصمة فأولدها دريداً وعبد الله وقيساً وخالداً وعبد يغوث.
ومنه قولهم: إذا لم يكن ما تريد فأرد ما يكون.
قال زياد بن منقذ: من الطويل


إذا سد بابٌ عنك من دون حاجةٍ فدعه لأخرى بنفتح لك بابهـا

وقال يحيى بن زياد: من الكامل

وإذا توعر بعض ما تسعـى لـه فاركب من الأمر الذي هو أسهل

وقال أيضاً: من الوافر

إذا كدرت عليك أمور وردٍ فجزه إلى موارد صافيات

ويقولون: إن الرشف أنقع.
وقبح الله معزى خيرها خطة.


ويقولون: كل فضلٍ من أبي كعبٍ درك، لمن يطلب المعروف من بخيل فينيل يسيراً فيرضى به.

الأمر المضاع المهمل


من أمثالهم في ذلك: صفقةٌ لم يشهدها حاطب، أصله أن بعض أهل حاطب باع بيعةً غبن فيها، فقيل ذلك.
ويقارب ذلك قولهم: يخبط خبط عشواء.
ومن أمثالهم: لا أبوك نشر ولا التراب نفد.
ومنها: لا ماءك أبقيت ولا إناءك أنقيت. قال الأحمر في المثل الأول: أصل هذا أن رجلاً قال: لو علمت أين قتل أبي لأخذت من تراب موضعه فجعلته على رأسي، فقيل له ذلك، أي لا تدرك بهذا آثار أبيك ولا ينفد التراب. وأما المثل الثاني فأصله أن رجلاً كان في السفر ومعه امرأته، وكانت عاركاً، فحضرها طهرها وعها ماءٌ يسير فاغتسلت به، فلم يكفها لغسلها وقد أنفدت الماء، فبقيت هي وزوجها عطشانين.
ومنه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: النساء لحمٌ على وضمٍ إلا ما ذب عنه.
وقول كعب بن زهير: أوسعتهم سباً وراحوا بالإبل، وكانت بنو أسد أغارت على إبلهم فهجاهم.
ويقرب من هذه المعاني قولهم: إن الموصين بنو سهوان، يراد أنهم يغفلون ويسهون عما يوصون به.
ويقرب منه قولهم: كف مطلقةٍ تفت اليرمع، كأنها تفعل فعلاً لا يفيدها .
ويقولون: بعد خيرتها يحتفظ أي راعي الغنم، يضرب في الحذر بعد الإضاعة.
كثرت الحلبة وقل الرعاء، يضرب في ضياع الأمر مع كثرة الولاة.


ارتفاع الخامل


إن البغاث بأرضنا يستنسر، وقد يريدون بذلك وصف بلادهموأن الضعيف بها الجبان يصير شجاعاً.
ومن أمثالهم في هذا المعنى: كان كراعاً فصار ذراعاً، وهذا يروى عن أبي موسى الأشعري.
ومنها: لكن بشعفين أنت جدود، وأصله أن امرأة أخصبت بعد هزل فذكرت درة لبنها ففرحت بها فقيل لها: لكن بشعفين أنت جدود، لم تكوني كذلك، وهو اسم موضع كانت تنزله.
ومن أمثالهم: استنت الفصال حتى القرعى.
ويقولون: الذئب يكنى أبا جعدة، وربما يريدون به إكرام من لا يراد إكرامه.
ويقرب من هذا في طلب الزيادة ممن ليس لها بأهل: أعطي العبد كراعاً فطلب ذراعاً، وأصله أن جارية يقال لها أم عمرو، وكانت لمالك وعقيل ندماني جذيمة، فجلس إليهما رجل طويل الشعر والأظافير هو عمرو بن عدي ابن أخت جذيمة فناولاه شيئاً من الطعام فطلب أكثر منه، فعندها قالت أم عمرو: أعطي العبد ذراعاً. ثم صاروا إلى الشراب فجعلت أم عمرو تسقي صاحبيها وتدع عمراً، ففيها يقول عمرو بن كلثوم: من الوافر


صددت الكأس عنا أم عمروٍ وكان الكأس مجراها اليمينا

فذهب كلامه وكلامها مثلين، وكان هذا كله قبل أن يعرفوه، فلما انتسب إلى مالك وعقيل فرحا وقدما به على خاله جذيمة، فكان من أمره وأمرهما ما ذكرت في موضعه.
وما أحسن ما قال البحتري في هذا المعنى: من الطويل


متى أرت الدنيا نباهة خاملٍ فلا تنظر إلا خمول نبـيه

خمول النبيه


مما يقارب ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم في استعاذته: اللهم إني أعوذ بك من الحور بعد الكور، أي من النقصان بعد الزيادة.
ومن أمثال العرب: غلبت جلتها حواشيها، الجلة مسان الإبل وحواشيها صغارها ورذالها.
ويقولون: كان حماراً فاستأتن.
ويقولون في قريب منه: أودى العير إلا ضرطاً.
ومن أمثالهم: استنوق الجمل، وهذا المثل لطرفة بن العبد، وكان عند بعض الملوك وشاعرٌ ينشده شعراً، فوصف جملاً ثم حوله إلى نعت ناقة، فقال ذلك عندها، وقد يضرب هذا المثل في التخليط.
ومن أمثالهم: الحمى أضرعتني لك.
ويقولون: لم يبق منه إلا قدر ظمء حمار، يقال: إن الحمار أقل الدواب ظمئاً.
ويقولون: كان جواداً فخصي.


ما جاء في الشر وراءه الخير


من ذلك قوله تعالى: فإن مع العسر يسراً الشرح: 5. وقوله سبحانه: عسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً النساء: 19. وعسى أن يكرهوا شيئاً وهو خيرٌ لكم البقرة: 216.
وقيل لبعض الصالحين وقد أجهد نفسه في العبادة: أتعبت نفسك قال: راحتها طلبت.
وقال يزيد بن محمد المهلبي: من الرجز


رب زمانٍ ذلـه أرفـق بـك لا عار إن ضامك دهرٌ أو ملك

وقال آخر: من الطويل

أهين لهم نفسي لأكرمها بهـم ولا يكرم النفس الذي لا يهينها

ومن أمثال العرب: لا يضر الحوار ما وطئته أمه.
ومن أمثالهم: لم يذهب من مالك ما وعظك، يقول: إذا ذهب من مالك شيء فحذرك أن يحل بك مثله، فتأدييه إياك عوضٌ من ذهابه.
ومن أمثالهم: الغمرات ثم ينجلين.
عند الصباح يحمد القوم السرى، المثلان للأغلب العجلي.
ومنها: تسمع بالمعيدي خيرٌ من أن تراه، قاله النعمان بن المنذر للصقعب بن عمرو النهدي. هذا قول ابن الكلبي، وزعم أن قضاعة ابن معد، ونهد بطنٌ من قضاعة؛ وأما المفضل فقال: إن المثل للمنذر بن ماء السماء قاله لشقة بن ضمرة النهشلي، فقال له شقة: أبيت اللعن إن الرجال ليسوا بجزر يراد منهم الأجسام، وإنما المرء بأصغريه قلبه ولسانه، ذهبت مثلاً، وأعجب المنذر ما رأى من بيانه وعقله، فسماه باسم أبيه وقال: أنت ضمرة بن ضمرة.


ما جاء في ضد ذلك


من شواهد الكتاب العزيز في هذا المعنى قوله تعالى: فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارضٌ ممطرنا بل هو ما استعجلتم به ريحٌ فيها عذابٌ أليمٌ الأحقاف: 24. وقوله تعالى: وإن أدري لعله فتنةٌ لكم ومتاعٌ إلى حينٍ الأنبياء: 111.
ومن أمثال العرب: رب صلفٍ تحت الراعدة، والصلف قلة الخير، والراعدة السحابة ذات الرعد. وقال أعرابي: رب مونق موبق. ومثله لشاعر ينهى عن تزوج الحسناوات: من البسيط


ولن تمر بمرعىً مونقٍ أبداً إلا وجدت به آثار مأكول

وقد تقدم ذكر قوله صلى الله عليه وسلم: إياكم وخضراء الدمن.
وقال رجل من عبد القيس: من الرمل


جامل الناس إذا ما جئتـهـم إنما الناس كأمثال الشجـر
منهم المذموم في منـظـره وهو صلبٌ عوده حلو الثمر
وترى منه أثـيثـاً نـبـتـه طعمه مرٌّ وفي العود خور

وقال آخر: من البسيط

ألح جوداً ولم تضرر سحـائبـه وربما ضره في الحاجة المطر

وقال أبو نواس: من البسيط

بل استترت بإظهار البشاشة لي بالبشر مثل استتار النار بالعود

ومن أمثالهم: يا حبذا الميراث لولا الذلة، قاله نعامة حين قتل إخوته.
نعم كلبٍ في بؤس أهله، يقول: إذا وقع الموت في مواشي القوم نعم كلبهم.
ومثله: سمن كلب ببؤس أهله. وقال زهير: من الكامل المرفل


والستر دون الفاحشات وما يلقاك دون الخير من ستر

ويقارب هذه المعاني قولهم: رب عجلة تهب ريثاً.
من سره بنوه ساءته نفسه، هذا المثل لضرار بن عدي الضبي، وكان طعنه عامر بن مالك فأرداه عن فرسه، فأشبل عليه بنوه حتى استشالوه. ودخل ضرار على المنذر فقال له: ما الذي نجاك يومئذ? قال: تأخير الأجل وإكراهي نفسي على المق الطوال.
ومن أمثالهم: رب أمنيةٍ قادت إلى منية.
ويقولون: شر يوميها وأغواه لها، أصله أن امرأة من طسم يقال لها عنز سبيت فحملوها في هودج وألطفوها بالقول والفعل فقالت هذه المقالة. ولها يقول الشاعر: من الرمل


شر يوميها وأغواه لهـا ركبت عنزٌ بحدجٍ جملا

ويقولون: تجنب روضةً وأحال يعدو، أي ترك الخصب واختار الشقاء.
ويقولون: تبرد هذا الضب فذنب، أي أخرج ذنبه فحان، أراد أن يقع في الخير فوقع في الشر.


الخطأ والاختلاط


إن أخا الظلماء أعشى بالليل، يضرب لمن يخطئ حجته ولا يبصر المخرج منها.
ومن أمثالهم: أساء رعياً فسقى، وأصله أن يسيء الراعي رعي الإبل نهاره، حتى إذا أراد أن يريحها إلى أهلها كره أن يظهر سوء أثره فيسقيها الماء فتمتلئ أجوافها.
ويقولون في الاختلاط: اختلط الحابل بالنابل.
ويقولون: اختلفت رؤوسها فرتعت، يضرب مثلاً في الاختلاط واختلاف الكلمة.


الجميل يكدر بالمن


قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمن والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر، فمثله كمثل صفوانٍ عليه ترابٌ فأصابه وابلٌ فتركه صلداً، لا يقدرون على شيءٍ مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين. البقرة: 264.
ومن أمثال العرب: شوى أخوك حتى إذا أنضج رمد، وينسب إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه. وقال الحطيئة: من الطويل


وإن أنعموا لا كدروها ولا كدوا

ومن أمثالهم: ما ضفا ولا صفا عطاؤك، كدره ما قال أحباؤك، أي يمنون علي والمنة تكدر المعروف.

ما جاء في اغتنام الفرصة


من أمثالهم في ذلك: خذ من جذعٍ ما أعطاك. قال المفضل: كان من حديثه أن غسان كانت تؤدي إلى ملوك سليح دينارين كل سنة عن كل رجل، فكان الذي يلي ذلك سبطة بن المنذر السليحي. فجاء سبطة بن المنذر إلى جذع بن عمرو الغساني يسأله الدينارين، فقال: أعجل لك أحدهما وأخر علي الآخر حتى أوسر، فقال سبطة: ما كنت لأؤخر عليك شيئاً، فدخل جذع إلى منزله ثم خرج مشتملاً على سيفه، فضرب سبطة حتى سكت ثم قال: خذ من جذعٍ ما أعطاك. فذهب مثلاً، وامتنعت غسان من الدينارين بعد ذلك.
ومنه قولهم: أسر وقمرٌ بدرٌ.
ويقاربه قولهم: إذا أصبت إبلاً فاذهب بها وأبعدن مراحها من ريها، يقال هذا للرجل بين القوم فيؤمر أن ينأى عنهم كيلا يصيبوه بمثل ما أصابهم.
ومن أمثالهم في اللقاء يقولون في اللقاء عن قرب: لقيته أدنى ظلم.
ولقيته أول عين، أي أول شيء.
ولقيته أول ذات يدين.
ولقيته شد النهار ومده، ومده ارتفاعه.
ولقيته سراة اليوم، أي أوله.
ولقيته أديم الضحى، أي أوسطه وأوله ولقيته التقاطاً. قال الشاعر: من الرجز ومنهلٍ وردته التقاطاً ويقال في المواجهة: لقيته كفاحاً.
ولقيته صراحاً.
ولقيته كفةً.
وإذا لقيته في اليومين أو الثلاثة قلت: لقيته في الفرط. قال الأحمر: ولا يكون الفرط في أكثر من خمس عشرة ليلة.
فإن لقيته بعد شهر أو نحوه قلت: لقيته عن عفر.
فإن لقيته بعد الحول قلت: لقيته عن هجرٍ.
ويقولون: لقيته بين سمع الأرض وبصرها، إذا كان يأتيه ثم يمسك ثم يأتيه، والاعتمار الزيارة متى كانت، قال أعشى باهلة: من البسيط


وراكبٍ جاء من تثليث معتمرا

وقال أبو عبيدة: هو المعتم بالعمامة، وكل شيء جعلته على رأسك من عمامة أو قلنسوة أو تاجٍ أو إكليل فهو عمار.

تعذر الأمر وما يعرض دونه


من أمثالهم في ذلك: من لي بالسانح بعد البارح؛ وأصله أن رجلاً مرت به ظباء بارحة فكره ذلك، فقيل إنها ستمر بك سانحة، فعندها قال ذلك.

ومنها: لا تك كالمختنقة على آخر مدها، وذلك أنها طحنت طحينها فلما بقي مدٌّ انكسر قطب الرحى.
ومن أمثالهم: حيل بين العير والنزوان. قال الشاعر: من الطويل


أهم بأمر الحزم لو أستطيعه وقد حيل بين العير والنزوان

ويقولون: قد علقت دلوك دلواً أخرى، يريدون أنها تعلق بها فتمنعها من الصعود، وقد يقال ذلك في الاشتراك. قال الشاعر: من الطويل

وفي نظر الصادي إلى الماء حسرةٌ إذا كان ممنوعاً سبيل الـمـوارد

ومن أمثالهم: حال الجريض دون القريض، والمثل لعبيد بن الأبرص في قصته مع النعمان.
ومنها: سد ابن بيض الطريق. أصله أن رجلاً في الزمن الأول يقال له ابن بيض عقر ناقةً على ثنيةٍ فسد بها الطريق، فمنع الناس من سلوكها. وقال المفضل: كان ابن بيض رجلاً من عاد وكان تاجراً مكثراً، وكان لقمان بن عاد يحفره في تجارته، ويجيره على خرجٍ يعطيه ابن بيض يضعه له على ثنية إلى أن يأتي لقمان فيأخذه، فإذا أبصره لقمان قد فعل ذلك قال: قد سد ابن بيض السبيل. يقول: إنه لم يجعل لي سبيلاً على أهله وماله حتى وفى لي بالجعل الذي سماه.
ويقرب منذ لك قولهم: من لك بذناب لو؛ أي من لك بأن يكون لو حقاً.


ما جاء في طلب الحاجة وما يليق بذلك


ومن أمثالهم: أتبع الفرس لجامها، يضرب للحاجة يطلب تمامها. المثل لعمرو بن ثعلبة الكلبي أخي عدي بن جناب، وكان ضرار بن عمرو الضبي قد أغار عليهم فسبى يومئذ سلمى بنت وائل الصائغ، وكانت يومئذ أمةً لعمرو بن ثعلبة وكان له صديقاً، فقال له: أنشدك بالإخاء والمودة إلا رددت علي أهلي، فجعل يرد شيئاً بعد شيء حتى بقيت سلمى، وكانت قد أعجبت ضراراً فأبى أن يردها، فقال عمرو: يا ضرار أتبع الفرس لجامها، فأرسلها مثلاً. وردها عليه ضرار.
ومن أمثالهم: تمام الربيع الصيف، وأصله في المطر، فأوله الربيع والصيف الذي يليه.
ومنها: السراح مع النجاح.
ومنها: ألق دلوك في الدلاء. قال الشاعر: من الوافر


وليس الرزق عن طلبٍ حثيثٍ ولكن ألق دلوك في الـدلاء
تجيء مليئةً طوراً وطـوراً تجيء بحمأةٍ وقـلـيل مـاء

ويقولون: لا يرسل الساق إلا ممسكاً ساقاً، يضربونه مثلاً لمن يسأل حاجةً بعد حاجة قضيت له.
ومن أمثالهم في الطلب من أجدب انتجع.
إن جانب أعياك فالحق بجانب.
ومثله: وفي الأرض للحر الكريم منادح. والندحة السعة.
ويقولون: النفس تعرف من أخوها النافع.
ومن كلامهم: أدرها وإن أبت.
سبق سيله مطره.
ويقولون إذا اهتم بها: جعلها نصب عينيه.
وفي ضده: جعلها بظهره.


ما جاء في التعجيل وفوت الأمر


من أمثالهم في هذا: انقطع السلا في البطن، أي فات الأمر.
ويقولون للساهي يفوته الأمر: يذهب يوم الغيم ولا تشعر به. قال البعيث: من الطويل


ولا تبكين في إثر شيءٍ ندامةً إذا نزعته من يديك النوازع

ومن أمثالهم: لا أدري أي الجراد عاره، للأمر يفوت، أي أي الناس آخذه.
ويقولون: ضح رويداً، أي لا تعجل.
وزمن أمثالهم: سبق السيف العذل، كان المفضل يحدث بهذا المثل عن ضبة بن أد، وبدء ذلك أنه كان له ابنان سعد وسعيدٌ، فخرجا في طلب إبل لهما، فرجع سعد ولم يرجع سعيد، وكان ضبة كلما رأى شخصاً مقبلاً قال: أسعدٌ أم سعيد? فذهبت هذه كلمته مثلاً. قال: ثم إن ضبة بينما هو يسير ومعه الحارث ابن كعب في الشهر الحرام إذ أتيا على مكان فقال الحارث لضبة: أترى هذا الموضع فإني لقيت به فتى من هيئته كذا وكذا فقتلته وأخذت منه هذا السيف، وإذا هو صفة سعيد؛ فقال له ضبة: أرني السيف أنظر إليه، فناوله فعرفه ضبة، فقال عندها: إن الحديث ذو شجون.
فذهب كلمته هذه الثانية مثلاً، ثم ضرب به الحارث حتى قتله، قال: فلامه الناس في ذلك وقالوا: أتقتل في الشهر الحرام? فقال سبق السيف العذل. فذهبت هذه الثالثة مثلاً.
ومن أمثالهم في ترك التعجيل: الليل طويلٌ وأنت مقمرٌ، قاله السليك لما هجم عليه الرجل وجلس على صدره وقال استأسر، يريد بالكلمة لا تعجل حتى تصبح.
الحذر قبل إرسال السهم، أي لا تفعل ما تخاف أن يفوت.
ويقولون: لا يملك حائنٌ دمه.
لا عتاب على الجندل، أي قد وقع الأمر الذي لا مرد له.
ومن أمثالهم في الفوت: هلك القيد وأودى المفتاح.
ومن الفوت قولهم: الصيف ضيعت اللبن، المثل لعمرو بن عمرو بن عدس، وكانت عنده دختنوس ابنة لقيط بن زرارة، وكان ذا مال كثير إلا أنه كان كبير السن، ففركته فلم تزل تسأله الطلاق حتى فعل، فتزوجها بعده عمرو بن معبد بن زرارة ابن عمها، وكان شاباً إلا أنه معدم، فمرت إبل عمرو ابن عمرو ذات يوم بدختنوس فقالت لخادمتها: انطلقي فقولي له يسقينا من اللبن، فقال لها هذه المقالة، فذهبت مثلاً؛ قال: ولعله كان طلقها بالصيف.


ما جاء في سوء المكافأة وظلم المجازاة


من أمثالهم في هذا المعنى: من استرعى الذئب ظلم.
وقال أكثم بن الصيفي: ليس من العدل سرعة العذل.
ومن كلامهم: رب لائمٍ مليم.
ومن أمثالهم: الحرب غشوم، أي يقتل فيها من لم يكن له فيها جناية ولا ذنب.
ويقولون: الظلم مرتعه وخيم. قال الشاعر: من الكامل المجزوء


البغي يصرع أهلـه والظلم مرتعه وخيم

ومن أمثالهم: أحشك وتروثيني، يخاطب فرساً له، يقول: أعلفك الحشيش وأنت تروثين علي.
ومن أمثالهم: شر الرعاء الحطمة. وقال الشاعر: من الوافر


أعلمه الرماية كـل يومٍ فلما اشتد ساعده رماني

ومن أمثالهم: لو ذات سوارٍ لطمتني.
لا تبل في قليبٍ شربت منه، أي لا تذمن من أسدى إليك معروفاً.


ما جاء في الظن


قال الله سبحانه: يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيراً من الظن إن بعض الظن إثم الحجرات: 12.
ومن أمثالهم: الشفيق بسوء الظن مولعٌ.
وقال أكثم بن صيفي: من أحسن الظن أراح نفس.
وقالوا: من يسمع يخل.
وقال الطرماح: من الطويل


متى ما يسؤ ظن امرئٍ بصديقه وللظن أسبابٌ عراض المسارح
يصدق أموراً لم يجئه يقينـهـا عليه ويعشق سمعه كل كاشـح

وقال ابن مقبل: من المتقارب

سأترك للظن مـا بـعـده ومن يك ذا ريبةٍ يستبـن
ولا تتبع الظن إن الظنون تريك من الأمر ما لم يكن

وقال يحيى بن زياد: من البسيط

وسوء ظنك بالأدنـين داعـيةٌ لأن يخونك من قد كان مؤتمنا

وقال أيضاً: من الطويل

إذا أنت خونت الأمين بـظـنةٍ فتحت له باباً إلى الخون مغلقا
فإياك إياك الظنون فـإنـهـا وأكثرها كالآل لما ترقـرقـا

وقال آخر: من الطويل

إذا أنت لم تبرح تظن وتقتـضـي على الظن أردتك الظنون الكواذب

ويقرب من البناء على الظن قولهم: من يرقد يحلم.

ما جاء في التبري من الأمر


من أمثالهم في هذا: لا ناقة لي في هذا ولا جمل، قاله الحارث عباد في قتل جساس كليباً.
ويقولون: ما لي بهذا الأمر يدان.
ويقولون: هذا أحق منزل بترك.
ويقاربه: لا يطاع لقصيرٍ أمرٌ، قاله قصير بن سعد صاحب الزباء حين أشار على جذيمة فصدف عن رأيه.
ويقولون: خل سبيل من هى سقاؤه، أي خل سبيل من لا يريد صحبتك.
ومثله: إنما يضن بالضنين. قال لبيد: من الكامل


فاقطع لبانة من تعرض وصله ولخير واصل خلةٍ صرامهـا

ومن أمثالهم: لا قرار على زأرٍ من الأسد.
ويقولون: خل امرءاً وما اختار، وإن أبى إلا النار.
ويقولون: ألق حبله على غاربه، وأصله الناقة إذا أرسلت ترعى ألقي حبلها على غاربها؛ ولا يترك ساقطاً فيمنعها من الرعي.


ما جاء في الاستهانة وقلة الاحتفال


يقولون: على غريبتها تحدى الإبل، يريدون به تهاون الإنسان بمال غيره.
والمثل السائر: أحق الخيل بالركض المعار.
ومن أمثالهم: عثيثة تقرض جلداً أملساً، قاله الأحنف لحارثة بن بدر الغداني وعابه عند زياد، وذلك أنه طلب إلى علي عليه السلام أن يدخله في الحكومة، فلما بلغه عيب حارثة إياه قال الأحنف ذلك. وهو مثل يضرب عند احتقار الرجل واحتقار كلامه.
ويقولون: من باع بعرضه فقد أنفق، أي من أهان عرضه للشتم وجده حاضراً.
ومن أمثالهم: احمل العبد على الفرس فإن هلك هلك وإن ملك ملك.
ترى من لا حريم له يهون.
ومما يشبه ذلك ويضرب في من يفعل أمراً عظيماً ولا يحتفل به ويظن أنه لم يصنع شيئاً، ما حكاه يونس عن العرب: أن غلاماً أخذ بعيراً فشق نصفه ثم أخرج مصيره وجعل يطويه فمر به قوم فقالوا: مه يا غلام? فقال: إني لا أضيره وإنما أطوي مصيره.
ومن أمثالهم: أهون هالكٍ عجوزٌ في عام سنة.
ويقال: خله درج الضب، أي يذهب حيث يشاء.
ويقولون: أجع كلبك يتبعك.
وقال البريق الهذلي: من الطويل


وكنت إذا الأيام أحدثن هالـكـاً أقول شوىً ما لم تصب بصميم

تصب من صاب أي قصد.
وقال الفرزدق في الاستهانة: من الكامل


ما ضر تغلب وائلٍ أهجوتها أو بلت حيث تناطح البحران

وقال آخر: من الرمل

ما يضر البحر أضحى زاخراً أن رمى فيه غلامٌ بحـجـر

وقال آخر: من الطويل

ورب أمورٍ لا تضيرك ضيرةً وللقلب من مخشاتهن وجيب

وقال آخر: من الطويل

أنا النار في أحجارها مـسـتـكـنةً فإن كنت ممن يقدح النار فـاقـدح
أنا الليث وابن الليث في حومة الوغى فإن كنت ممن ينبح الليث فـانـبـح

وقال ابن الرومي: من البسيط

لينبح الكلب ضوء البدر ما نبحا

وقال الأخطل: من الطويل

عتبتم علينا آل غيلان كلكـم وأي عدوٍّ لم نبته على عتب

وقال آخر: من الطويل

أهينوا مـطـاياكـم فـإنـي رأيتـه يهون على البرذون موت الفتى الندب

وقال آخر: من البسيط

لا يجفل البرد من يبلي حواشيه ولا يبالي على من راحت الإبل

وقال آخر: من الطويل

ألا لا يبالي البرد من جر فضله كما لا تبالي مهرةٌ من يقودها

المشاركة في الرخاء والخذلان في الشدة


من أمثالهم في ذلك: يربض حجرةً ويرتعي وسطاً.
ومثله: من الوافر


موالينا إذا افتقروا إلـينـا وإن أثروا فليس لنا موالي

وقريبٌ منه: من البسيط

لا أعرفنك بعد الموت تندبني وفي حياتي ما زودتني زادي

ويقولون: من فاز بفلان فاز بالسهم الأخيب، لمن يخذل في وقت الحاجة، وقاله علي عليه السلام فيما كان يستبطئ به أصحابه.

ما جاء في الرخاء والسعة


يقولون في ذلك: هم في شيء لا يطير غرابه. ومن شعر النابغة: ليس غرابها بمطار. وأصله أن الغراب إذا وقع في موضعه منه لم يحتج أن يتحول إلى غيره. وقد يضرب هذا المثل في الشدة أيضاً.
ويقرب منه قوله: وجد ثمرة الغراب، إنما ينتقي من الثمر أطيبه وأجوده.
ويقولون: هم في مثل حدقة البعير، يريدون الخصب والعشب.
جاء بالضح والريح. الضح الشمس.
وجاء بالطم والرم، يريدون الكثرة.
ومن أمثالهم: إن أضاخا منهلٌ مورود.
ومنها: يوم توافى شأوه وأنعمه، لمن يملك أمره ويكثر جمعه.
ومنها: تتابعي بقر، خبر ذلك أن بشر بن أبي خازم خرج سنةً أسنت فيها قومه فمر بصوارٍ من البقر وإجلٍ من الأروى فذعرت منه فركبت جبلاً وعراً ليس له منفذ، فلما نظر إليها قام على شعبٍ من الجبل وأخرج قوسه وجعل يشير إليها كأنه يرميها، فتلقي أنفسها فتكسر، وجعل يقول: من الرجز


أنت الذي تصنع ما لم يصنع أنت حططت من ذرا مقنع
كل شبوبٍ لهقٍ مقـنـع

ويقول: تتابعي بقر، فخرج إلى قومه فدعاهم إليها فأصابوا من اللحم ما شاءوا وانعشوا.
ومن أمثالهم في السعة لمن يفسد في المال ويضيعه: ليس عليك نسجه فاسحب وجر.
وقعت في مرتعة فعيثي.
عبدٌ وحليٌ في يديه.
عبد ملك عبداً.
ارعي فزارة لا هناك المرتع.


عيثي جعار


خلا لك الجو فبيضي واصفري. وتمثل بذلك عبد الله بن العباس لما خلت مكة لعبد الله بن الزبير وسار الحسين بن علي عليهما السلام إلى العراق.
ومن أمثالهم في نحو ذلك: كل ذات ذيلٍ تختال.
من يطل ذيله ينتطق به.


المعجب بخاصة نفسه


من أمثالهم في ذلك: كل مجرٍ بالخلاء يسر.
زين في عين والد ولده.
كل فتاةٍ بأبيها معجبة، يروى هذا المثل للأغلب العجلي في شعر له، وقيل هو للعجفاء بنت علقمة، وقيل هو لكاهنة منهم تنافر إليها نسوانٌ كل واحدةٍ منهن تذكر مجد أبيها وتفخر به. وأنشد الرياشي: من المنسرح


زينه الله بالفخار كمـا زين في عين والدٍ ولده

وقال أبو تمام: من الكامل

ويسيء بالإحسان ظناً لا كمن هو ابانه وبشعره مفـتـون

الساعي لنفسه وفي خلاصه


من أمثالهم في هذا: سمنكم هريق في أديمكم؛ لمن ينفق على نفسه ويمنع الناس.
كل امرئ قي شأنه ساع.
كل جانٍ يده إلى فيه. أصل المثل أن جذيمة الأبرش نزل منزلاً وأمر الناس أن يجنوا الكمأة، فكان بعضهم إذا وجد شيئاً يعجبه آثر به نفسه، وكان عمرو ابن عدي يأتيه بخير ما يجده فعندها قال عمرو بن عدي: من الرجز


هذا جناي وخياره فيه وكل جانٍ يده إلى فيه

وتمثل بذلك علي عليه السلام لما جنيت إليه العراق، فنظر إلى فتنتها وذهبها: يا حمراء يا بيضاء: احمري وابيضي، غري غيري.

هذا جناي وخياره فيه وكل جانٍ يده إلى فيه

وقال أكثم بن صيفي: من ضعف عن كسبه اتكل على زاد غيره.
ويقولون في الرضا بما في اليد والإياس مما في يد الغير: ملء عينيك وشيء غيرك.


اليسير يجني الكثير


من أمثالهم: الشر تبدوه صغاره.
قال مسكين الدارمي: من الكامل المجزوء


ولقد رأيت الشر بـي ن الحي تبدوه صغاره
ولو أنهـم يأسـونـه لتنهنهت عنهم كبـاره

ومنها: إن دواء الشق أن تحوصه، وأصل الحوص الخياطة، يعني قبل تفاقمه.
وقال طرفة بن العبد: من الكامل


قد يبعث الأمر الكبير صغيره حتى تظل له الدماء تصبب

وقال يزيد بن الحكم: من الكامل المجزوء

اعلم بنـي فـإنـه بالعلم ينتفع الحكيم
إن الأمور دقيقهـا مما يهيج له العظيم

وقال أنس بن مساحق العبدي: من المتقارب

بأن الدقيق يهيج الجليل وأن العزيز إذا شاء ذل

وقال عقيل بن هاشم القيني: من البسيط

فبينما المرء تزجيه أصاغـره إذ شمرت فحمة شهباء تستعر
تعيي على من يداويها مكايدها عمياء ليس لها سمعٌ ولا بصر

ويقارب هذه المعاني قول ابن نباتة: من المتقارب

فلا تحقرن عـدواً رمـاك وإن كان في ساعديه قصر
فإن الحسام يجز الـرقـاب ويعجز عما تنـال الإبـر

ومن كلام العرب يقولون: الحرب أولها كلام.
ويقال: صغارها شرارها، أي أصغرهن أكثرهن شراً.
ومن أمثالهم: إن الخصاص يرى في جوفه الرقم، أي أن الشيء الحقير الصغير يرى فيه العظيم، والخصاصة الفرجة بين الشيئين والرقم الداهية.


ما جاء في الشدة والداهية


قولهم: جاوز الماء الزبى.
وبلغ الحزام الطبيين.
جرحه حيث لا يضع الراقي أنفه، أي لا دواء له.
ومثله: غادر وهياً لا يرقع، أي فتق فتقاً لا يقدر على رتقه.
ويقال: جاء فلان وقد لفظ لجامه، إذا جاء مجهوداً.
ومثله: جاء وقد قرض لنا رباطه.
ويقال في الشدة: جاء بعد اللتيا والتي.
ولقيت منه عرق القربة.
المنايا على الحوايا، والحوايا ها هنا مراكب، واحدتها حوية، كل ذلك في الشدة.
ويقولون في مثله: رأى فلان الكواكب مظهراً، معناه أظلم عليه يومه حتى رأى الكواكب عند الظهر.
ويقولون: قد أخذ منه بالمخنق.
ويقولون: لقي منه الأمرين، والفتكرين، والبرحين.
ولقيت منه بنات برح.
ويقولون: تركته على مثل ليلة الصدر، يعنون نفر الناس وصدرهم من حجهم، يضرب في الاصطلام.
ومثله: تركته على مثل مشفر الأسد.
وتركته على مثل مقلع الصمغة.
وتركته على أنقى من اراحة.
ويقولون: صبراً وإن كان قتراً، والقتر شدة الزمان.
وصبراً وإن كان جمراً.
ومنه: أساف حتى ما يشتكي السواف، يعني أنه اعتاده، والإسافة ذهاب المال واجتياحه.
ويقولون: ما له ثاغية ولا راغية.
ويقولون للرجل إذا كان داهية: صل أصلال؛ وهتر أهتار.
وهو حولٌ قلبٌ.
وهو عضلة من العضل.
وداهية الغبر؛ وصماء الغبر.
ويقولون في الدواهي: قد بدت جنادعه.
وقع في أم جندب.
وقع في هياط ومياط وهو الصخب والضجر.
و وقع في الدهيم، وأصله أن إخوة قتلوا فحملوا على ناقة يقال لها الدهيم، فصارت مثلاً.
ويقولون: أتتكم الدهيم ترمي بالنشف والتي بعدها ترمي بالرضف.
وجاء بالداهية الدهياء، والزباء والشعراء.
وجاء بالعنقفير.
وجاء بإحدى بنات طبق، وأصلها من الحيات.
ويقولون: صمي صمام.
وصمي ابنة الجبل.
ويسمون الدواهي المآود واحدتها موئدة.


في الدعاء


يقولون في الدعاء: هوت أمه.
وهبلت أمه، ويريدون بذلك المديح، وكأنه أخرج مخرج التفجع.
قال أعشى باهلة: من الطويل


ألا هبلت أم الـذين غـدوا بـه إلى القبر ماذا يحملون إلى القبر

ويقولون في الدعاء له: نعم عوفك، أي نعم بالك.
ويقولون في الدعاء عليه: لا نعم عوفك.
لا قبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، فالعدل الفرض والصرف التطوع.
ويقولون: رماه الله بالطلاطلة والحمى المماطلة، الطلاطلة سقوط اللهاة، ويقال: الذبحة.
ويقولون في الشماتة: لليدين وللفم، والمثل لعائشة رضي الله عنها.
و للمنخرين، أي أكبه الله على منخريه، والمثل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، قاله لرجل أتي به سكران في شهر رمضان.
ويقال: بجنبيه الوجبة، يعني الصرعة.
و من كلا جانبيك لا لبيك.
به لا بظبي.
لا لعاً لفلان.
وقولهم: بفيه الحجر.
وبفيه الأثلب والكثكث.
تم الباب بحمد الله ومنه والحمد لله وحده، ويتلوه إن شاء الله تعالى الباب الثالث والثلاثون في الحجج البالغة والأجوبة الدامغة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق