كتبهابلال عبد الهادي ، في 4 أيار 2011 الساعة: 21:13 م
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي جعل للعاشقين بأحكام الغرام رضا وحبب إليهم الموت في حب من يهوونه فلا تكن يا فتى بالعدل معترضاً فكم فيهم من عاشق ومحب صادق:رأى فحب فرام الوصل فامتنعوا | فسام صبراً فاعياً نيله فقـضـا |
طور إيمان إذا لاقيت ذا يمن | وإن لقيت معدياً فعدنانـي |
ولو أن ما بي من حبيب مقنع | عذرت ولكن من حبيب معمم |
أما بعد فإن كتابنا هذا كما قيل.
كتاب حوى أخبار من قتل الهوى وسار بهم في الحب في كل مذهب مقاطعيه مثل المواصيل لم تزل تشبب فيه بالرباب وزينب فهم ما هم تعرفهم بسيماهم قد تركهم الهوى كهشيم عقال المحتظر وأصبحوا من علة الجوى على قسمين فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر فهم ما بين قتيل وشهيد وشقي وسعيد على اختلاف طبقاتهم وأشكالهم وتباين مراتبهم وأحوالهم وغير ذلك مما تصبح به أوراقه يانعة الثمر وتمسي به صفحاته في كل ناحية من وجهها قمر فإذا نظرت إلى الوجود بأسره شاهدت كل الكائنات ملاحاً على أن جماعة من العصريين غلبوا من تقدم بالتأليف في هذا الباب ولم يفرق غالبهم في التشبيب بين زينب والرباب:
وكل يدعى وصلا بليلى | وليلى لا تقر لهم بذاكا |
وعذرت طيفك في الجفـاء | يسري فيصبح دوننا بمراحل |
فيا دارها بالخفيف إن مزارها | قريب ولكن دون ذلك أهوال |
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى | ما الحب إلا للـحـبـيب الأول | |
كم منزل في الأرض يالفة الفتى | وحنينـه أبـداً لأول مـنـزل |
أفخر بآخر من كلفت بحبـه | لا خير في الحبـيب الأول | |
أتشك في أن النبي محمـداً | ساد البرية وهو آخر مرسل |
كذب الذين تحدثوا عن الهوى | لا شك فيه للحبـيب الأول | |
ما لي أحن إلى خراب مقفر | درست معالمه كأن لم يوهل |
كذب الذين تخرصوا في قولهم | ما الحب إلا للحبيب المقبـل | |
أفطيب في الطعم ما قد ذقتـه | من مأكل أو طعم ما لم يؤكل |
أرغب عن الحب القـديم الأول | وعليك بالمستأنف المستقـبـل | |
نقل فؤادك حيث شئت فلن ترى | كهوى جديد أو كوصل مقبـل |
زادوا على المعنى فكل محسنٍ | والحق فيه مقالة لم يجـهـل | |
الحب للمحبوب ساعة وصلـه | ما الحب فـيه لآخـر ولأول |
أغار إذا آنست في الحي أنة | حذاراً وخوفاً أن تكون لحبه |
تبـادره بـالـبـدر مـنـه بـوادره | وتحلو له عنـد الـمـرور نـوادره | |
ففـيه لـه فـي كـل يوم ولــيلة | حبـيب مـلـم أو نـديم يسـامـره | |
ولي فيه نظم أن تـضـوع نـشـره | ففي طيه حلـو الـكـلام ونـادره | |
ولي فيه منثور غدا فـي مـقـامـه | وعرف سناه مشرق الروض عاطره | |
ولي فيه من سحر الـبـيان رسـائل | إذا ما جفاني أحور الطرف ساحـره | |
ولي فيه أسـرار الـحـروف لأنـه | ينقطه دمعـي فـتـبـدو سـرائره | |
فنثور دمعي مثل نظـيم سـطـوره | خدودي إذا ما خط فيهـا دفـاتـره | |
تمـد مـداد الـدمـع أقـلام هـديه | فدمعي حبري والسواد مـحـابـره | |
خدمت بديوان الـصـبـابة عـامـلا | فباشر قتلي من سبـاتـي نـاظـره | |
فلولا الهوى ما مات مثلي عـاشـق | ولا عمرت بالعامـري مـقـابـره | |
وفي غزلي ذكر الغـزال ومـربـع | تطار حتى فـيه الـحـديث جـآذره | |
أنزهه عن وصـف خـدر عـنـيزة | ومنزل قفر سرن عـنـه ابـاعـره | |
تجر قوافـيه مـعـال غـدا بـهـا | جرير كعبـداً وثـقـتـه جـرائره | |
يشـيب بـهـا فـود الـولـيد لأنـه | يسير وجنح الليل سـود ضـفـائره | |
ولست أرى يوماً بـدارة جـلـجـل | سوى شاعـر دارت عـلـيه دوائره | |
إذا ما نسي ذكر حـبـيب ومـنـزل | فإني لمن أهواه ما عشـت ذاكـره | |
أجاور في سفح المـقـطـم جـيرة | فيا حبذا المحبوب حـين تـجـاوره | |
فيا طيف من أهواه طرفي إن غـفـا | أتهـجـره بـالـلـه أم أنـت زائره | |
وحقك لو سـايرتـه بـعـض لـيلة | لسايرت صيامات في الحب سـائرة | |
ويا تيه طيف من خـيالـك طـارق | فيطرق إجلالاً كـأنـك حـاضـرة | |
وبي من يحج الغصن رمح قوامـهـا | إذا بات في الروض النضير بناظره | |
إذا قبلت في الحلي والطيب قيل لـي | حبيبك بستـان تـضـوع أزاهـره | |
وإن رمت منها وهي غضبى التفـاتة | ثنت عواطفها نحو الغزال تشـاوره | |
أيبرد ما ألقاه من حـر هـجـرهـا | وقد حميت يوماً علـي هـواجـره | |
تحصنت في حصن الهوى من عواذلي | وبات لقلبي جيش هـم يحـاصـره | |
ولو لم يكن أعمى البصيرة عـاذلـي | لما عميت عمن هـويت نـواظـره | |
يشبهها بالغصن والغصن عـنـدهـا | يشاهدها يغضي ويطـرق نـاظـره | |
أللغصن خد كـالـشـقـيق إذا بـدا | وشعر كجنح اللـيل سـود غـدائره |
لئن طاب ذلي في هواها فـإنـنـي | وحقك ممن عز في مصر ناصـره | |
مليك يهز الرمـح أعـطـاف قـده | كما اهتز غصن طار في الـحـب | |
مليك تريه قبل ما صار هـو كـائن | بصيرته أضعاف ما هـو نـاظـره | |
يليك إذا ما جئته حـسـن الـلـقـا | مجبل المحيا بارع الحسـن بـاهـر | |
مليك إذا ما صار كالبدر في الدجـى | فأولاده مثل الـنـجـوم تـسـايره | |
مليك أرى من حولـه كـل عـالـم | يذكره في العلـم مـا هـو ذاكـره | |
ملـيك لـه فـي كـل يوم ولــية | بشير توالت بالـهـنـاء بـشـائره | |
مليك أسود الغاب تـحـذر بـأسـه | لأن ملوك الأرض طرا تـحـاذره | |
تروعهم شهب السـمـاء وبـروقـه | وما هـي إلا سـمـره وبـواثـره | |
إذا افترعت أشكال حال اجتماعـهـم | فأي ضمير لم يدس فيه ضـامـره | |
أي كماة لم بحرها يرعهـم نـزالـه | وأيّ مكان ما علـتـه مـنـابـره | |
وأي قصيد بخـرهـا لـم يرق لـه | وغائص فكري ناظم الدر نـاثـره | |
ولي فيه من غر التصانيف خـمـسة | وهذا الذي طوق الحمامة عـاشـره | |
يضوع به المنثور كالزهر عنـدمـا | تراوحه ريح الصبـا وتـبـاكـره | |
فكم فيه لي من مرقص حول مطرب | بتشبيبه في الحي يطـرب زامـره | |
ولو لم يكن مثل السكر دان ما غـدا | بحضرته يوماً تطـيب حـواضـره | |
نعم الفته باسم مولانا السلطان علـى | الوجه المشروح وتولـيت لأجـلـه | |
عمله بنفسي فجاء كما قيل عـمـل | … …. … … … الروح للـروح | |
أهيم بمن هام الحـبـيب بـحـبـه | ألا فاعجبوا من ذا الغرام المسلسـل | |
وسلكت في تأليفـه الاخـتـصـار | والاقتصار على النوادر القـصـار | |
لأنه كان يقال الوضـع وضـعـان | وضع له افتخار ووضع له نـجـار |
ما يعلم الشوق إلا من يكابده | ولا الصبابة إلا من يعانيها |
قلما يبرح المطيع هواه | كافا ذا صبابة وجنون |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق