الأربعاء، 19 مارس 2014

من حواضر الخواطر


1- دخلت ذات يوم الى مكتبة ، وكان في المكتبة موظّفة، وأحبّ جسّ نبض الموظفين عن طريق طرح سؤال عن كتاب ما، أو مجلّة. وانتظر الجواب لأعرف تقييم الموظّف وتقييم المكتبة تقييما شخصيا.
ومن جملة الأسئلة التي أطرحها فيما بعد سؤال لحبّ الموظّف أو الموظّفة للقراءة.
قالت لي الموظفة انها لا تحبّ القراءة.
الحقّ طبعا ليس عليها، ومن حقها أن لا تحبّ القراءة.
ولكن الحق على من وظّفها. ما حجم الضرر الذي تلحقه بمكتبته؟
كيف يسمح لنفسه أن يشغّل فتاة لا تحبّ الكتاب، بل لا تعشق الورق والحبر والحروف والكلمات؟
ولقد سألتها عن كتاب فقالت لي انه غير موجود، ولكن كنت اعرف انه موجود، فذهبت وسحبته من مكانه ووضعته امام عينيها دون ان انطق ببنت شفة، ثم نقدتها سعره وتأبطته وخرجت .
ولا يعنيني عشق القراءة ولا عشق الكتاب.
أحبّ مثلا من يعمل بائع أحذية أن يشم رائحة الحذاء فيشعر انه يشمّ عطرا لم يخطر ببال عطّار!
وأن يرى في ملمس جلد الحذاء جمالا أنعم من ملمس الحرير.
اعشق مهنتك ولتكن المهنة ما تكون.
كم أتأفّف ممّن يتأفّف من مهنته!
وكم أشفق عليه!
احترم من يعشق مهنته ولو كان زبّالا أو حفّار قبور.
وأحتقر من لا يعشق مهنته ولو كان دكتور!
جاء ذات يوم شخص يريد أن يعمل في مطعم والدي. أعطيته ورقة وقلما وقلت له: اكتب لي لماذا تعشق حبّة الحمّص، وما يجذبك الى حبّة الفول؟
زاغت عيناه وهو يسمع قولي، وارتبكت شفتاه من أسئلتي.
كان جوابه المتوقّع بالنسبة لي هو الاستئذان بالانصراف.
كان بحثه عن عمل لا عن انشغاف!
#‏بلال_عبد_الهادي

2- الكتابة مثل فرم مكوّنات التبّولة وضبط كمّيات السوائل.
وكان أحد النقّاد الصينيّين يقول ان الكتابة مثل طبخ الأرزّ.
وما يجمع الكلام والطعام هو الفم.
الفم مدخل الطعام ومخرج الكلام.
والأدب والمأدبة يحضنهما جذر واحد ( أ، د، ب).
لأنّ هناك من يسألني مستغرباً: وما علاقة الأكل بالحكي؟
وفي التقليب الصوتيّ نلحظ ان علاقة ما قائمة بين " الطبيخ والخطيب" فالحروف واحدة وان اختلفت طريقة تركيب الحروف.
وأشير اخيرا الى " صحيفة " والـ"صفيحة"، وليس فقط البعلبكيّة.
مأكول الهناء ومقروء الهناء!
#‏بلال_عبد_الهادي

3- من يقول ان طرابلس هي عاصمة السنّة شخص لا يريد الخير لعاصمة الشمال.
طرابلس لكلّ الطوائف، للعلوي والماروني والأرمني والأرثوذكسي والسنّي والشيعي والدرزيّ والهندي والحبشي والنيبالي والسوري والسيريلنكيّ.
مدينة من لون طائفي واحد مدينة خاملة، كسول، تستحقّ الشفقة.
كل المدن الكبرى هي مدن كوكتيل، تختضن الأضداد.
لماذا نريد تشويه مدينة طرابلس بإعطائها صبغة طائفية معيّنة؟

4- سمعت ذات يوم هذا #‏المثل البديع من شخص بسيط ومكافح: الشغّيل مانو شغّيل.
الشغيل الأولى تعني النشيط، اما الشغيل الثانية فتعني العامل.
ويقصد بالقول: النشيط لا يرضى أن يكون عاملا أو أجيرا عند أحد ، نشاطه وشغفه بالعمل والشغل يحولانه الى ربّ عمل.

5- هذا شطر من بيت #‏شعر للمتنبي، وهذا يعني انه من قصيدة للمتنبي. اغلب العرب يستعملون هذا الشطر من الشعر في مناسبات كتيرة ، وقد يستعملون البيت كاملا، فيسبقونه بشطره الأول: ما كل ما يتمناه المرء يدركه.
اذا سألت من يستعمل هذا البيت من هو قائله فستنخفض النسبة، فكثيرون ممن يستعملونه لا يعرفون من القائل، ولا يعنيهم من القائل وهم في ذلك محقّون فليس المطلوب معرفة من القائل، ومن حسنات اغلب الأمثال انها انفصلت عن قائليها وانفصلت عن مناسبات قولها فتحررت من اغلال الزمان والمكان، وراحت تسير في الأفواه ( أليست أقوالا " سائرة"؟).
واذا سألت من يعرف هذا البيت ومن يعرف انه للمتنبي عن مطلع القصيدة التي ورد فيها هذا البيت لانخفضت النسبة أكثر وأكثر. وهذا يعني ان بيت الشعر لا يحتاج ليعيش الى شجرة عائلته وجوه اذا اعتبرنا القصيدة هي عائلة البيت أو مسكنه.
لا ننسى ان تسمية بيت الشعر بالبيت لا تخلو من حميمية، فالانسان لا يرتاح كما يقال الا في بيته!
انهي بالملاحظة التي اريد الحديث عنها وهي ان كل النصوص الكبرى هي فتافيت نصوص. هي كقطع لوحة البازل ، كل النصوص الشعرية والدينية والنثرية.
تتمزق النصوص الكبرى الى نصوص صغرى ( شواهد، اقتباسات، #‏اقوال مأثورة، #‏حكم).
وحين تتمزق الى قطع بازل تتفاوت حظوظ استعمالها، فهذا البيت للمتنبي هو اكثر استعمالا من قصيدته ككل، هو كالولد في البيت الواحد الذي يبرز اكثر من اخوته، ولا قيمة هنا للبكر الشعري اي لمطلع القصيدة.
جردة بسيطة في المستعمل المكتوب والمنطوق في حياة الناس العادية تعطي الأولوية لهذا البيت.
خذ الأمر نفسه في اسماء الله الحسنى هل لها الاستعمال نفسه؟ يمكنك ان تعرف ذلك من خلال اسماء الناس، فما هو عدد من اسمه عبد الرحمان ؟وما هو عدد من اسمه عبد الجبّار او عبد المتكبّر؟
هذه هي طبيعة اللغة تقوم على اختيارات واسباب وحظوظ في كل ميادينها ومجالاتها التي تصول فيها الألسنة وتجول.
ولكن في هذه القصيدة بيت شعر لا يخلو من طرافة عن موت #‏المتنبي وبعثه! يقول:

6- يروي الرئيس جون #‏كينيدي الحكاية التالية، يقول انه ذهب عام ١٩٦٢ الى شركة #‏ناسا الفضائية
ولفت نظره حمّال مستغرق في عمله استغراقا مذهلا، فتقدم منه كينيدي وحياه ثم قال له: انا جون كينيدي، وأنت ماذا تفعل؟
فأجابه الحمّال من دون أي تردّد: إني أساعد في ارسال رجل الى القمر سيّدي الرئيس".
الا يستحقّ هذا الحمّال أن ترفع له القبعات؟
#‏بلال_عبد_الهادي

7- كلّ من يدافع عن طرابلس بالسلاح يدمّرها. حبه لها حب جحاشي كما يقال.
هل الدفاع عنها بإغلاق متاجرها وجامعاتها ومدارسها ومصارفها؟
هل الدفاع عن طرابلس بتكريه الناس زيارتها وتطفيش أهلها منها؟
هل الدفاع عنها بتعقيد نفسيات اطفالها وارعابهم بجنونكم ايها الاغبياء الحاملون سلّم الدين بالعرض؟
هل الزعران لسان حال الأديان؟
الطائفية سرطان، سيدا، غضب الهيّ.
العلويّ مسلم كما السني كما الشيعي، وليس من حقّ طائفة ات تدّعي انها خير من طائفة.
لا يحقّ لأي طائفة أن تسرق مفاتيح الآخرة، وتدعي وحدها امتلاك بل احتكار الآخرة.
الجنّة للآدميّ من السنة والشيعة واليهود والمسيحيين والبوذيين والمجوس.
والزعرنة الى جهنم.
تعدد الطوائف في الدين الواحد نعمة.
لا تحولوه بغبائكم وقصر نظركم وضيق عطنكم الى عار مجبول بلحم الجثث.
لم يشوّه دينكم الا انتم.
انتم الذين تتآمرون على دينكم واوطانكم وتاريخكم ومستقبل ابنائكم.
كل طائفة رعناء تفرح بالتهجم على طائفة.
الشحن الطائفيّ لا ينعش الا المقابر.
حتى الشهادة تمرّغت بالوحل!

8- كل طائفة تظنّ ان الله فصّل الجنّة على مقاسها، وفصّل الجحيم على مقاس الآخرين.
لا تتدخّلوا في شؤون الآخرة، لها مالك الملك والأكوان.

 

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق