الأربعاء، 20 فبراير 2013

لغة اهل الجنة ولغة اهل النار من منظور ابن حزم

وأما لغة أهل الجنة وأهل النار فلا علم عندنا إلا ما جاء في النص والاجماع، ولا نص ولا إجماع في ذلك، إلا أنه لا بد لهم من لغة يتكلمون بها ولا يخلو ذلك من أحد ثلاثة أوجه ولا رابع لها: إما أن تكون لهم لغة واحدة من اللغات القائمة بيننا الآن، وإما أن تكون لهم لغة غير جميع هذا اللغات، وإما أن تكون لهم لغات شتى: لكن هذه المحاورة التي وصفها الله تعالى توجب القطع بأنه يتفاهمون بلغة إما بالعربية المختلفة في القرآن عنهم، أو بغيرها مما الله تعالى أعلم به.
وقد ادعى بعضهم أن اللغة العربية هي لغتهم، واحتج بقول الله عز وجل
:
* (
دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين) * فقلت له: فقل إنها لغة أهل النار لقوله تعالى عنهم أنهم قالوا: * (وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا ولنصبرن على ما آذيتمونا وعلى الله فليتوكل المتوكلون) * ولأنهم قالوا : * (ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله قالوا إن الله حرمهما على الكافرين) * ولأنهم قالوا: * (وقالوا لو كنا نسمع أو نعقل ما كنا في أصحاب السعير) * فقال لي: نعم، فقلت له: فاقض أن موسى وجميع الأنبياء عليهم السلام كانت لغتهم العربية، لان كلامهم محكي في القرآن عنهم بالعربية، فإن قلت هذا كذبت ربك، وكذبك ربك في قوله: * (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه ليبين لهم فيضل الله من يشاء ويهدي من يشاء وهو العزيز الحكيم) * فصح أن الله تعالى إنما يحكي لنا معاني كلام كل قائل في لغته باللغة التي بها نتفاهم، ليبين لنا عز وجل فقط، وحروف الهجاء واحدة لا تفاضل بينها ولا قبح، ولا حسن في بعضها دون بعض، وهي تلك بأعيانها في كل لغة، فبطلت هذه الدعاوي الزائغة الهجينة، وبالله تعالى التوفيق
.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق