كتبهابلال عبد الهادي ، في 26 نيسان 2011 الساعة: 17:52 م
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد للّه الذي لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، ولا يحتاج في تدبير ملكه إلى المؤازرين ولا إلى الأنصار، ولا تسع عبارة عباده في معرفته غير الاعتراف بالإقصار عن كنه قدرها والإقصاء.نحمده على نعمه التي نوّرت بصائرنا فرفعتنا إلى معالم الهدى، وفتّحت أبصارنا فجرّتنا عن مغارم العدى، وسلّمت أفكارنا من الوقوع في أشراك الشّرك ومهاوي المهالك وموارد الرّدى.
ونشهد أن لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له: شهادةً ترقم حروفها على سرادق العرش، وتقوم بما يجب علينا في تقصير أعمالنا من الأرش، وتدغم سيئاتنا في حسناتنا كما ادغم أبو عمرو فيحصل لها تفخيم ورش.
ونشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله الذي جعل رسالته إلى الخلق نعمى، ورمى بعه الباطل فأصاب شاكلته وأصمى، وأنزل عليه في محكم الذكر " عبس وتولى أن جاءه الأعمى " .
صلى اللّه عليه وعلى آل وصحبه الذين جبر فقرهم بالصلات والعوائد، وجلسوا من كرمه الجمّ بأعطاف موائد على تلك الموائد، واصبح كلّ منهم وله من نوره المبين قائد. صلاة يتضوّع منها الأرج، وترفع بها لهم الدرج، ما أفضى مضيق إلى فضاء الفرج، وسقط عن الأعمى ثقل الحرج. وسلّم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
وبعد فإني لما وقفت على كتاب المعارف لابن قتيبة رحمه الله تعالى. وجدته قد ساق في آخره فصلاً في المكافيف. فعدّ فيهم أبا قحافة وهو والد أبي بكر الصديق رضي اللّه عنه، وأبا سفيان بن حرب، والبراء بن عازب، وجابر بن عبد الله، وكعب بن مالك الأنصاريّ، وحسّان بن ثابت الأنصاريّ، وعقيل بن أبي طالب، وأبا أسيد الساعديّ، وقتادة بن النّعمان، وأبا عبد الرحمن السّلميّ، وقتادة بن دعامة، والمغيرة بن مقسّم، وأبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، والقاسم بن محمد ابن أبي بكر الصديق رضي الله عنه ذهب بصره آخر عمره، وعبيد الله ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود، ومعاوية بن سبرة، وسعد بن أبي وقّاص ذهب بصره في آخر عمره، وعبد الله بن أبي أوفى ذهب بصره، وعليّ بن زيد من ولد عبد الله بن جدعان ولد وهو أعمى، وأبا هلال الراسبيّ وأبا يحيى بن محرز الضّبيّ.
وذكر بعد هؤلاء ثلاثة مكافيف في نسق: عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، وأبوه العباس، وأبوه عبد المطلب.
هذا جملة من وقفت على ذكره في كتاب المعارف.
ثم رأيت الحافظ جمال الدين أبا الفرج عبد الرحمن بن عليّ بن الجوزيّ رحمه الله تعالى قد ساق فصلاً في آخر كتابه تلقيح فهوم أهل الأثر في تسمية العميان الأشراف.
قال: فمن الأنبياء عليهم السلام: إسحاق، ويعقوب، وشعيب، عليهم الصلاة والسلام.
ومن الأشراف: عبد المطّلب بن هاشم، أميّة بن عبد شمس، زهرة بن كلاب، كلاب بن مرّة، مطعم بن عديّ.
ومن الصحابة رضي الله عنهم: البراء بن عازب، جابر بن عبد اللّه، حسّان بن ثابت، الحكم بن أبي العاص، سعد بن أبي وقّاص، سعيد ابن يربوع، صخر بن حرب أبو سفيان، العباس بن عبد المطلب، عبد الله بن الأرقم، عبد الله بن عمر، عبد اللّه بن العبّاس، عبد الله بن عمير، عبد اللّه بن أبي أوفى، عتبان بن مالك، عتبة بن مسعود الهذلي، عثمان بن عامر، أبو قحافة، عقيل بن أبي طالب، عمرو بن أم مكتوم، قتادة بن النعمان، كعب بن مالك، مالك بن ربيعة، أبو أسيد الساعديّ، ومخرمة بن نوفل.
قال: ومن التابعين: عطاء بن أبي رياح، أبو بكر بن عبد الرحمن، قتادة بن دعامة، أبو عبد الرحمن السّلميّ، أبو هلال الراسبيّ. هذا صورة ما ذكره ابن الجوزيّ رحمه اللّه تعالى.
فما زاد على ابن قتيبة إلا بذكر الأنبياء الثلاثة صلى الله عليهم وسلم، ورتب الصحابة على حروف المعجم لا غير.
وكان يمكن ابن الجوزي رحمه الله تعالى الزيادة على ذلك بأضعاف مضاعفة، لتأخر زمانه ووفاته على زمان ابن قتيبة ووفاته رحمه اللّه تعالى. لأنّ ابن قتيبة توفّي في سنة سبع وستين ومائتين، رحمه اللّه تعالى، وابن الجوزي توفي في سنة سبع وتسعين وخمسمائة.
ولكن يمكن الاعتذار لكليهما بأنهما لم يضعا مصنفيهما لاستيعاب ذكر العميان، وإنما ذكرا أشراف من كان أعمى.
ورأيت أبا العباس أحمد بن علي بن بانة قد ذكر في كتابه رأس مال النديم أشراف العميان. فقال: شعيب وإسحاق صلوات الله وسلامه عليهما، وزهرة بن كلاب بن كعب بن مرّة، وعبد المطلب بن هاشم، والعباس بن عبد المطلب، وعبد اللّه بن عباس، وأميّة بن عبد شمس وكان أعور، والحكم بن العاص، وأبو سفيان بن حرب، والحارث بن عباس بن عبد المطلب، ومطعم بن عديّ بن نوفل بن عبد مناف، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، وعتبة بن مسعود الهذليّ، وعبيد الله بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود، وأبو أحمد بن جحيش ابن مسعود الأسديّ، وجابر بن عبد اللّه الأنصاريّ، وعبد الله بن أرقم، والبراء بن عازب، وحسان بن ثابت، وقتادة بن النعمان، وأبو أسيد الساعديّ، وقتادة بن دعامة، ودريد بن الصّمّة الجشميّ شهد حنين أعمى فقتل يومئذ، ومخرمة بن نوفل الزّهريّ، والفاكه بن المغيرة المخزوميّ، وخزيمة بن خازم النّهشليّ.
هذا جملة من رأيته قد ذكره في كتابه، وأنت تقارب هذه الأسامي وعدتها بعضها من بعض.
وأرى أن السابق لذلك ابن قتيبة، ثم بعده هذا ابن بانة، ثم ابن الجوزيّ.
وللخطيب أبي بكر خطيب بغداد، جزء جمعه في العميان ولم أره إلى الآن.
وجرى يوماً في بعض اجتماعاتي بجماعة من الأفاضل ذكر فصل استطردت بذكره في شرح لامية العجم. ذكرت فيه جماعة من أشراف العميان، قال لي بعض من كان حاضراً: لو أفردت للعميان تصنيفاً تخصّهم فيه بالذكر، لكان ذلك حسناً.
فحداني ذلك الكلام، وهزّت عطفي نشوة هذه المدام، على إن عزمت على جمع هذه الأوراق، في ذكر من أمكن ذكره أو وقع إليّ خبره وسميته: نكت الهميان في نكت العميان وقد رتبته على مقدمات ونتيجة. أما المقدمات، فأذكر في كلّ منها فوائد لا يستغني الفاضل عن ذكرها، ولا يسعه أن يفقد شيئاً من درها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق