كتبهابلال عبد الهادي ، في 3 أيار 2012 الساعة: 15:17 م
ما ضمنوه كتبهم من الأشعار
وتكاتب به ذوو الظرف والأخطار
أنشدني بعض الأدباء:هذا كتابُ مـتـيَّمٍ | خطّت إليك أناملهْ | |
مزَج المِداد بدمعه | فبكتْ عليه عَواذلُهْ | |
أنت الطبيب فداوِهِ | يا مُبتليهِ، وقاتلُـهْ |
هذا كتاب فتىً له هِـمـمً | عطفَت إليكَ رجاءه هِمَمُهْ | |
غَلَّ الزمان يَدي عَزيمتـه | ورمى به من حالقٍ قَدَمُهْ | |
أفضى إليكَ بسـرّه قـلـمٌ | لو كان يَعقُلُهُ بكى قَلَمُـهْ |
هذا كتابي بدمعِ عيني | أملاه قلبي على بَناني | |
إلى غزالٍ كَنَيتُ عنه | يَجِلّ عن اسمه لساني |
هذا كتاب أخي هوىً وصبابةٍ | لا يستطيع لِما به كِتمـانـا | |
لاقَ الدّواة بعَبرةٍ مسفـوحةٍ | كانت لمُضمَر لاعجٍ عُنوانا | |
قَرِحَ الفؤادُ تَعوده أشجـانـه | لمّا به بَخِلَ الطبيب وخانـا |
هذا كـتـاب مُـتَــيَّمٍ | يشكو الصَّبابة في كِتابهْ | |
فاردد عـلـيه جـوابـه | كي يستريح إلى جَوابِـهْ | |
لو كان ينطق ذا الكـتـا | بُ شكا إليك عظيم ما بِهْ |
هذا كتابُ فتىً شكا سَقَـمـاً | الِف السُّهاد فشفّه سَقَـمُـهْ | |
يبكي عليه جلإون مُقلـتـه | عدد الحروف وقد بكى قَلَمُهْ | |
لولا مُراقبةُ الـعـدوّ ومـن | أضحى من الرُّقباء يتّهمُـهْ | |
لبكى علانيةً وقـال لـهـم | بَرِح الخَفاء وباح مُكتَتَمُـهْ |
هذا كتابي إليكَ أشـكـو | إن لم تجُدْ لي فما احتيالي |
كتبتُ أشكو إليكَ ما بـي | ممّا أقاسي فما تُبـالـي | |
يا حَسَن الوجه كُن شَفيعي | إليكَ إنْ لم أبُح بحـالـي | |
ما ذكر القلبُ منك شـيئاً | إلا تمثّلتَ لي حِـيالـي |
هذا كتابي فتىً لغَيبِكَ حافـظٍ | صَبٍّ بذكرك مُستهامٍ مُدنَـفِ | |
إنْ غبتَ آنسَ طرفه بدموعه | وإذا أصابك طرْفُهُ لم يَطرِفِ |
هذا كتاب أهي هوىً مشتاقٍ | قَرِحِ الجُفون بدمعه المُهراقِ | |
أملى هواه على بَنان يمينـه | فأبان كيف مَصارع العُشّاق | |
وكأنه يُنبي بما في نـفـسـه | من طول شَوقٍ واكتئابٍ باقِ |
هذا كتاب مُتـيَّمٍ مـشـتـاقٍ | يشكو إلى مستظـرَفٍ ذَوّاقِ | |
أهدى له الهجران بعد تواصُلٍ | وكذاك فعل الخائن المَـذّاقِ | |
ما هكذا فعلُ الكِرام فأجملي | وتحرّجي أن تَنقضي ميثاقي | |
وارْثي لصبٍّ هائم قد شفّـه | طول النحيب وشدّة الإقلاقِ |
هذا كتاب متيَّمٍ فـي قـلـبـه | نارٌ تَضَرَّمُ بُـكـرةً وأصـيلا | |
فإذا قرأتَ كتابه فاجعـل لـه | بعد الصُّدود إلى الوِصال سبيلا | |
فلقد تركتَ فؤاده في غَـمـرةٍ | وتركتَ في الأحشاء منه غَليلا | |
ولقد تبرّم بالحياة وطُـولـهـا | وعسى مَداه أن يكون قـلـيلا | |
لا تُغرين بـه رَداهُ وحَـينَـهُ | حاشاك أن تُردي يَداك قَتـيلا | |
حاشاك من قَلَقٍ أطارَ رُقـاده | فأبى الرُّقادَ فما يَلَـذُّ مَـقـيلا |
هذا كتابـي إلـيكَ فـاقـرأ | كتاب ذي صَبـوةٍ عَـمـيدِ | |
أقلقه شوقـه الـمُـعـنـيّ | وهـدَّه لـوعةُ الـصُّـدودِ | |
لكنّه في الـظـلام يبـكـي | بُكاءَ ذي الفَقدِ لـلـفـقـيدِ | |
إن كنتَ غضبان فارضَ عني | رِضى الموالي عن العبـيدِ |
هذا كتابـي إلـيكَ فـاقـرأ | كتابَ من شفّه الـسَّـقـامُ | |
وارثِ لسُقمي وطول صبري | فقد وَهَت منّي الـعِـظـامُ | |
ولا تُرِد قتلتـي وهـجـري | فقتلُ حِلفِ الهـوى حَـرامُ |
أثَرُ المَحو في سُطور كتابي | شاهدٌ لي بعبرةٍ وانتـحـابِ | |
وبكـائي يدُلّ أنـي سـقـيمٌ | خاضعٌ للهوى طويلُ العذابِ | |
أنا بين الرجاء واليأس وقفٌ | لستُ أدري بما يكون جوابي | |
فإذا اشتقتُ أن أراك أنـادي | فرجَ الله لي من الحُجّـابِ |
غضِبَتْ لمَحوٍ في الكتاب كثـير | قالت أراد خِيانتـي وغُـروري | |
كتب الكتاب على خلاف ضميره | والمحوُ فيه لعـلّة الـتـغـييرِ | |
ما كان دمعي للغُرور وظنّكـم | كلاًّ ولا للسهو والتـقـصـير | |
كَتَبَتْ يميني والدموع هـواطـلٌ | حَذَرَ الفِراق لما يُجَنّ ضميري | |
فالمحوُ من قِبلِ الدموع وإنـمـا | تَجري دموع العاشقِ المهجورِ |
ما زِلتُ أبكي وفي يدي قلمٌ | حتى استهلّت مدامع القَلَـمِ | |
أكتُمُ وَجدي والدمع يُظهـره | بواكفٍ كالجُمان منسَـجِـمِ | |
ما زلتُ خِلواً من الهوى فلقد | عذّبني من هويتُ بالسَّـقـمِ | |
يا سيّداً تاهَ ما يُكـلّـمـنـي | نِمتَ وعينُ الشجيّ لم تَنَـمِ | |
أنا قتيلُ الـهـوى ومـيّتُـهُ | لا عَذّب الله قاتلي بـدمـي |
إني رفعتُ إليكِ قـصة عـاشـقٍ | ورجوتُ عدلك فانظُري في قصتي | |
ولقد كتبتُ ودمع عينـي سـاكـبٌ | فإذا قرأتِ فأحسني وتـثـبّـتـي | |
إن الدموع تفجّـرت فـتـحـدّرتْ | منها فنونٌ في صفات مـودّاتـي | |
لا فَرَج الله الصـبـابة والـهـوى | عني، ولا زالت عليكِ مضجَنّتـي |
أما الرسول فقد مضى بكتابـي | يا ليتَ شِعري ما يكون جَوابي? |
وتعجّلَت روحي الظنونَ وأُشربَتْ | طمعَ الحريص ةخشيةَ المُرتابِ |
أسأل الله خير هذا الكتاب | قد أتاني برحمةٍ وعذابِ | |
أشتهي فَكّهُ فأفرَقُ منـهُ | ففؤادي مفرَّقُ الأسبابِ |
كتابُ صبٍّ بدمـع عـينٍ | يُمِلُّهُ قلـبـه الـكـئيبُ | |
يكتبه كفـه بـضـعـفٍ | وما لها في الهوى نصيبُ |
أما الكِتاب فقد مضى وأمامـه | خوفَ الرقيب وسَطوةُ الحُجّابِ | |
طلبَ الجواب فأحسِنوا في وُدّكم | لا تبخلوا عني بـردّ جَـوابِ | |
هل تُنقذون متيَّمـاً ذا صـبـوةٍ | أضحى أسير تذكُّرِ وتصابي? | |
جودوا عليه برحمةٍ وتعطُّـفٍ | فلقد أطلتُم بالصُّدود عَـذابـي | |
أما الكِتاب فمن كئيبٍ عاشـقٍ | كَلِفِ الفؤاد مواصَلُ الأوصابِ | |
لكنه غـادٍ إلـى ذي سَـلـوةٍ | متعتِّبٍ في غير كُنهِ عِـتـابِ |
لولا الكتابُ الذي جاء الرسول به | من الحبيب لذاب القلب واحترقا | |
جاء الرسول على يأسٍ بموعـده | وقد قضيتَ فأحيا لي به رَمَقـا |
صِليني بالكتاب وبالـسـلام | وزوري زَورةً في كل عامِ | |
وجودي بالكتاب وعنونـيه: | إلى الصبّ الكئيب المُستهامِ | |
من الشمس المُنيرة يوم دجنٍ | وبدرٍ لاح من بين الغَمـامِ | |
وناحلةٍ فديتُـكِ يا مُـنـايَ | أماناً للفؤاد من الـغـرامِ |
كتبت إليّ يا روحي كتابـاً | فوافق مُنيتي وبُلوغَ سُولي | |
ولولا العيب هِمتُ إليك لمّا | تناولتُ الكتاب من الرسولِ | |
مخافةَ نظرةٍ من عين واشٍ | وتشنيعِ المَقالةِ بالخـلـيلِ |
لم يزِدني الكتابُ إلا اشـتـياقـاً | واشتعالاً من الهوى في ضميري | |
بأبي أنتٍِ يا حـبـيبة قـلـبـي | ومُناي وغـايتـي وسُـروري |
كتبتَ إليّ تذكُرُ ما تُلافـي | من الشوق المبرِّح والفُراقِ | |
لعمرُك ما اتّهمتُك في ودادٍ | ولكن لم تُلاقِ كما أُلاقـي | |
فؤادي هائمٌ والعينُ تـذري | دموعاً تستهلُّ في المآقـي | |
وقد ذقتُ الفِراق وكان مُرّاً | كريهاً طعمه عند المَـذاقِ | |
على أني وإن أبديتُ صبـراً | على حدّ الصبابة غيرُ باقِ |
قولا لمن كتب الكتاب بكـفّـه | ارحَم فديتُك ذلّتي وخُضوعي | |
ما زِلتُ أبكي مذ قرأتُ كِتابها | حتى محوتُ سُطوره بدموعي |
الدمع يمحو ويدي تكـتُـبُ | عنِ الهوى وامتنعَ المَطلَبُ | |
أمارَ خَدَّي قمـرٍ زاهـرٍ | إليه من زهرته المذهَـبُ | |
لقد براني سَـقَـمٌ قـاتـلٌ | وهدّ جِسمي دَنَفٌ مُنصِبُ |
يا مُنـايَ وسـروري | جُهدنـا غـيرُ يَسـيرِ | |
والذي نشكوه في الكت | ب قليلٌ من كـثـيرِ | |
لم تُطقْ ألسنُـنـا مـن | وصفه عُشر عَشـيرِ | |
فثـقـي يا بـأبـي أن | تِ بمكنون الضمـير | |
ثمّ قولي مطلعَ الجـو | زاء والشِّعرَى العَبور: | |
حفظَ اللـه فـتـىً بـا | ت لها خيرَ سَـمـيرِ |
من الوَهم من آثار قبرٍ مُسَـنَّـمِ | وهامِ ثرى قبر القتيل المـتـيَّمِ | |
ومن طللٍ للشوق لم يعفه البِلـى | ونُؤْيِ وفاءٍ ليس بالـمـتـهـدِّمِ | |
إلى زينة الدنيا ومُنية أهـلـهـا | وأحسن من يزهو بطرفٍ وميسَمِ | |
وأملحِ خلقِ اللـه قـدّاً وصـورةً | ودَلاًّ وإدلالاً على حُبّ مُـغـرَمِ | |
سلامٌ على من شَفّني وأذابـنـي | وأسكن قلبي كُلّ وجدٍ ومـألـمِ |
ووكّلني بالنجم أرعـى أُفـولـه | وأندبُهُ بالدمع طَـوراً وبـالـدمِ | |
وأحمدُ من أبلى شبابي بحبّـكـم | على البؤس والسرّاء حين التننعُّمِ | |
وبعد فقد والله يا سولَ عبـدِهـا | ومَولاتَه أنضجتِ أحشاي فاعلمي |
مما ضمنوه كتبهم من السلام
وجعلوه تِلواً للشعر والنظام
علـيكِ سـلامٌ لا سـلامَ مـودِّعٍ | ولكن سلامٌ لم يكُن أخِرَ العـهـد | |
سلام مُحبٍّ خانه حُسنُ صـبـره | فأصبح في كَربٍ الحياة وفي جُهدِ |
عليكِ سلامُ الله ما هبّتِ الـصَّـبـا | وما قرقر القُمري في وَرَقِ السِّدرِ | |
سلام سقيمٍ مُدنَفِ القلب مُـقـرَحٍ | مَشومٍ عليلٍ مُشعّلِ القلب بالجمـرِ |
عليكِ سلام الله ما لاحَ كـوكـبٌ | بأُفقٍ لساري الليل واستوسَقَ البَدرُ | |
سلام غريبٍ شَفّه الوجدُ والهـوى | وبلّ حَشاه الهمُّ والذِّكرُ والعُسـرُ |
عليكِ سلام الله! هل أنـا مـيّتٌ | بداء هوائيكِ الشقيّ المقَلـقِـلِ | |
فعيشي بخيرٍ واسلمي ليس حبُّكُم | ولا الوجدُ عني ما حَيِيتُ بمُنجَلي |
عليكِ سلامُ الله أما قلوبُـنـا | فمرضى وأما وُدّنا فصحيحُ | |
نبيتُ بوُدٍّ خالصٍ وصَبـابةٍ | ونغدو بحُبٍّ صادقٍ ونروحُ |
عليكِ سلام الله قد شطّتِ النـوى | وقد كدتُ ألقى الله من كَمَدٍ جُهدا | |
أموتُ بوَجدٍ مُضمَرٍ وصَـبـابةٍ | وأزداد إن زدتم على نأيكم صدّا |
عليكِ سلام الله قد مُتُّ صَـبـوةً | وما لي عَزاءٌ مذ نأيتِ ولا صبرُ | |
أرى الصبرَ عنكم كاسمه مذ نأيتمُ | فقد وجَلالِ الله ضاق به الصدرُ |
عليكِ سلام الله قلـبـي مُـتَـوَّقٌ | وجسمي نحيلٌ والمدامع تـذرف | |
ومثلُ الهوى أضنى الحشا وبمثل ما | بُليتُ به تُنكى القلوب وتُشـعَـفُ |
عليكِ سلام الله قدْرَ صَـبـابـتـي | إليكِ وشَوقي إنني مُدنَفُ القـلـبِ | |
أبيتُ حليف الهمّ والوجـدِ والأسـى | رهينَ يد الأحزان والشوق والكَرْبِ |
عليكِ سلام اللـه مـا حـنّ آلـفٌ | وما اشتاق ذو وجدِ وما طلع الفجرُ | |
سلامُ مَشوقٍ نحوكم مـتـطَـلِّـعٍ | أخي حسَراتٍ خانه فيكمُ الصبـرُ |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق