سيدة "طروبلوس" الاولى "إم سيمي" لا تحوّل بصرها عن الحياة اليومية، بل هي شديدة التوق للتنزه في رواق الأيام. رحلاتها مع الكلمات قصيرة و"ملغومة" في آن. شعبيتها "مُثيرة للإستهداف" على اعتبار ان النساء في الحارة يغرن منها، وفي الوقت عينه يستخلصن من كلماتها العبر لأنها "بتفهم". هي من قبر الزينة في باب التبانة (جبل النار) ولكنها على معرفة مُطلقة بالشاردة والواردة في مُختلف حارات طرابلس. تنتقد كل ما يجري في "البلد" (الطرابلسي يُطلق على مدينته إسم البلد) وتنتهز الفرصة لتعبّر عن رأيها في كل ما يحصل في الشارع الطرابلسي. إبتدعتها مُخيلة الكاتب والصحافي الشاب صهيب أيوب(24 سنة)، ولكنها أمست بعد 6 سنوات على انطلاقتها الأولى، ملكاً للجميع... للكبار والصغار وكل من حلم يوماً بالتغيير وبالعودة إلى طرابلس القديمة. تلك الطرابلس التي اشتهرت بنسائها "الوقورات" اللواتي يحلو لنا أن ندعو الواحدة منهن "يا خالتي"، أو بالّلهجة الطرابلسية "يا خولتي". والخالة، عادةً، "بتمون" وإن كانت قاسية في انتقاداتها، إذ انها تُريد الأفضل للأولاد. وفي نظر "خولتي إم سيمي"، كُلنا أولاد. كان صُهيب ينتحل شخصيتها ويكتب النص يليه الآخر على صفحته الخاصة على "فايسبوك"، فإذا ببعض الأشخاص يأخذون هذه النصوص التي تُعبّر من خلالها "إم سيمي" عن رأيها بكل ما يحصل، ويُسجّلونها لتُنتقل بوقت قصير إلى الهواتف الخليوية. فما كان من صهيب الا أن قرر أن يكون لسيدة "طروبلوس" الأولى صفحتها الخاصة… وهذا ما حصل. وُلدت الصفحة قبل فترة وجيزة (إم سيمي-سيدة طروبلوس الاولى) فإذا بـ800 Likes تنهال عليها خلال أيام، وهي اليوم تضم فوق الـ1500 مُعجب.
يقول عنها صُهيب، "هي طرابلسية 100%، ليبراليّة، بسيطة وشعبية...قيمها الليبرالية تجعلها مؤمنة بالزواج المدني، بالإختلاط، بحقوق المثليين، وهي مع وجود المسيحيين في طرابلس، وهي أيضاً فخورة بذكريات المدينة القديمة...وتذكر جيداً كيف كانت طرابلس مُتحرّرة...وإم سيمي ناقدة من الطراز الأول...تنتقد كل ما يحدث في طرابلس...كما تنتقد الإعلام الذي يكتب الأمور الخاطئة عن مدينتها
بعض الصحافيين في بيروت يتمثلون بسيدة "طروبلوس" الأولى، ويأخذون مُقتطفات من النصوص التي يدوّنها صهيب على "فايسبوك". ويؤكد الشاب الموهوب ان هذه الشخصية النصيرة للحق ستنتقل قريباً إلى مسلسل تعرضه الـ"يوتوب"، كما تنتظرها مشاريع عدة نتحدث عنها في أوانها. ولكن، كيف أبصرت "إم سيمي" النور وما هي تفاصيل القصة؟ يروي صُهيب انه، وضمن عمله الصحافي الميداني في مجال التحقيقات، غالباً ما كان يمضي ساعات طويلة في الحارات والأزقة الطرابلسية الخالصة. من حارة التنك إلى حارة النشّار، الدبابسة، العوينات، عقبة الكوت، عقبة الأحدب، زقاق الحمص، زقاق الصنّة...وغيرها من الاماكن الشعبية. "كانت تحقيقاتي تتمحور هناك...وغالباً ما كنت أمضي أياماً كاملة مع السكّان، تُرافقني صديقتي ليال حبلص، وهي أيضاً صحافية. كنا ندخل المنازل...نقرع الباب بكل بساطة...نأكل مع الناس...شو ما كان...وفي المقابل، نُدرّس الأولاد مجاناً كي تتسنى لنا فرصة مراقبة حياتهم". سُرعان ما تحوّلت الزيارات، مسألة دائمة. وخلال تلك الزيارات الطويلة، في الاماكن الطرابلسية الشعبية، كان مركز "الخانكة"، وهو للأرامل والمُطلقات المسنّات اللواتي يعشن فيه. "وهن طرابلسيات حقيقيات...وكنا نخرج من عندهن أنا وليال وقد تقمّصنا شخصياتهن بعفوية... وهناك ولدت شخصية إم سيمي...حتى انني وليال عندما كنا نتحدث على الهاتف، كنا نتحاور من خلال شخصيات النساء في المركز". إنضم إليهما الأصدقاء: غايدة بكري خاجة التي صارت "إم إسماعيل"، وهي السيدة التي تقف في وجه "إم سيمي" ولا تهابها، محمد الحلو "يتناوب شخصيات عدة"، محمد فنون، "يضطلع بأدوار أولاد إم سيمي"، غسان البكري، وميساء حكيم، أيضاً في مختلف الأدوار. مع الوقت راحت هذه الشخصيات تعيش أيامها من خلال صهيب والأصدقاء أينما وجدوا: في المقاهي، في التاكسي، خلال الزيارات الرسمية والإجتماعية: "عندما كنا نتقمّس الشخصيات في سيارات الإجرة، غالباً ما كان السائق في هذه السيارة أو تلك يعيش سعادة كبرى فينقلنا إلى حيث نريد مجاناً وغالباً ما يطيل الرحلة كي يستمتع أكثر بالحوارات الإرتجالية التي كنا كأصدقاء نستلذ بها". ولأن صُهيب وضع صورته على صحفة إم سيمي مُتقمساً شخصياتها وهي تقوم بال"جلي"، غالباً ما يتعرّف إليه الناس في الطريق، فيهتفون: "يي! خالتو إم سيمي!". يُعلّق صهيب:" الأب الروحي لإم سيمي، زكي محفوض يساعدني ويشجعني كثيراً...وأنا أعشق هذه الشخصية وأحاول أن أنفصل عنها ولكنني لا أقدر...حتى الأصدقاء ينادونني :إم سيمي...والزملاء في العمل كذلك...كما ان مسؤولة القسم في الموقع الذي أعمل فيه تتعامل معي وكأنني بالفعل إم سيمي، وهي تُشجعّ هذه الشخصية". الناس اليوم يُطالبون بأن تنتقل هذه السيدة الطرابلسية المرموقة إلى خشبة المسرح، وقد يُلبّي صهيب الطلب...وفي الإنتظار ستبقى بالنسبة إليه وإلى المئات الذين يتابعون "فشّات خلقها" على "فايسبوك" "التنفيس الداخلي" الذي يُسعفهم في أيامهم...وللمناسبة، "إم سيمي" مستاءة جداً و"مسمومة" من الوضع الراهن الذي يُسيطر على حبيبتها "طروبلوس".
http://www.annahar.com/article/35461-ام-سيمي-سيدة-طروبلوس-اولي-ولدت-من-مخيلة-صهيب:-قاهرة-نساء-حارة...نصيرة-حق...وكلماتها-ثائرة-ملغومة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق