طرابلس: سوسن الأبطح
لليوم الرابع على التوالي، أبقيت اجتماعات رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي مع وزراء ونواب طرابلس مفتوحة أمس، وذلك بهدف التوصل إلى تهدئة في المدينة التي تعيش حربا حقيقية منذ يوم الأحد الماضي، بين منطقتي جبل محسن ذات الغالبية العلوية، وباب التبانة ذات الغالبية السنية، أسفرت عن سقوط ما يقارب 30 قتيلا وأكثر من 240 جريحا.
لليوم الرابع على التوالي، أبقيت اجتماعات رئيس حكومة تصريف الأعمال اللبنانية نجيب ميقاتي مع وزراء ونواب طرابلس مفتوحة أمس، وذلك بهدف التوصل إلى تهدئة في المدينة التي تعيش حربا حقيقية منذ يوم الأحد الماضي، بين منطقتي جبل محسن ذات الغالبية العلوية، وباب التبانة ذات الغالبية السنية، أسفرت عن سقوط ما يقارب 30 قتيلا وأكثر من 240 جريحا.
الاتصالات استمرت أمس قائما بين المجتمعين من الوزراء والنواب وقادة المحاور من المسلحين في باب التبانة، وأجريت مفاوضات صعبة عرض خلالها هؤلاء شروطهم التي بدت عصية على التنفيذ. وخرج المسؤولون الرسميون المجتمعون في منزل ميقاتي ببيان فضفاض أكدوا خلاله على دور الجيش اللبناني، والأجهزة الأمنية كافة في حماية السلم الأهلي في المدينة، وقمع كل محاولة للعبث بالأمن، من خلال التطبيق العادل والمتوازن للقوانين دون تمييز بين منطقة وأخرى.
وشدد المجتمعون على أن «طرابلس المدينة العريقة في انفتاحها وتعايشها وتنوعها، تؤكد على وحدة كل أبنائها، وتأسف للتطاول عليها، ولكل التهديدات التي أطلقت، وتسببت بترويع المواطنين من أي جهة أتت». ودعا المجتمعون النيابة العامة إلى استكمال «التحقيق الجدي في جريمة تهديد وتنفيذ قصف طرابلس وما نتج عنه».
ومن ناحية ثانية، طالب المجتمعون بتشديد إجراءات الجيش، وقمع كل عمليات القنص المستمرة «لأنه رغم انتشار الجيش في منطقة جبل محسن، استمرت عمليات القنص، وتسببت بسقوط ضحايا، والوقف الفوري لكل أشكال المظاهر المسلحة وإزالتها، ورفض كل محاولات تعميم الفوضى الأمنية في المدينة». ولكن ما إن صدر البيان حتى اشتدت وتيرة الاشتباكات، وجابت سيارة ودراجات نارية شوارع طرابلس وأطلقت النار في الهواء وروعت السكان. واعتبرت قيادة الحزب العربي الديمقراطي في جبل محسن أن الاجتماع الذي عقد في طرابلس لا يعنيها وأنها ليست ملزمة بتنفيذ أي من بنوده كونها لم تكن ممثلة فيه، مع تشديدها على «أن الطرف الوحيد الذي تتعامل وتنسق معه لوقف إطلاق النار هو الجيش اللبناني حصرا» مع ترحيبها بأي مسعى لوقف إطلاق النار وانتشار الجيش اللبناني في المحاور كافة.
وبدا وكأن الاجتماعات الرسمية وما صدر عنها لم يرض أي من الطرفين. وفي الإطار نفسه، كشف مصدر مطلع على الاجتماعات الدائرة منذ أربعة أيام لـ«الشرق الأوسط» أن لقاء عاصفا جرى بين رئيس شعبة المعلومات العميد عماد عثمان، مساء الأربعاء، ضم مشايخ نافذين وبعض قادة المجموعات المسلحة في باب التبانة، طالب خلاله المشايخ بحل جذري لقضية معارك باب التبانة وجبل محسن التي وصلت إلى جولتها الـ16 منذ عام 2008. واعتبر هؤلاء أن كل الحلول المجتزئة لم تسفر عن نتيجة. واقترحوا في الوقت نفسه على العميد عثمان حلا مفاده أن طرابلس التي يقطنها نصف مليون نسمة قرارها مصادر من جبل محسن الذي يقطنه 20 ألف نسمة. والحل لهذه المشكلة ذات الجذور القديمة، التي تعود إلى ثمانينات القرن الماضي، لا يكون بنقل الأغلبية السكانية من مكانها، ولا بتهجير الطائفة العلوية، وإنما المشكلة هي في نحو 500 عنصر، هم أعضاء الحزب العربي الديمقراطي التي تقود جبل محسن عسكريا على رأسهم عائلة عيد. واعتبر المجتمعون، أن «ترحيل هذه المجموعة، ونشر الجيش اللبناني في الجبل مكانها، هو الضامن الأكبر للطائفة العلوية في طرابلس، وليس مجموعة من المسلحين تعلن ولاءها للنظام السوري الذي أذل طرابلس وسكانها خلال وجود جيشه في لبنان». واشترط فريق آخر لوقف القتال محاكمة رفعت عيد بتهمة تهديد طرابلس والاعتداء على أمنها، نظرا لتصريحات أطلقها عيد منذ أيام.
وقال المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه: «هذا الحل طرح على العميد عثمان بجدية، وهذه هي مطالب قادة المسلحين في باب التبانة الذين باتوا لا يقبلون بأقل من ذلك، وطالما أن هذا الحزب لم يرحل، فإن المشكلة ستبقى قائمة، والجميع يدفع الثمن».
وعلى الأثر سطر النائب العام الاستئنافي في الشمال القاضي عمر حمزة، يوم أمس، استنابة إلى الأجهزة المختصة لتزويده بشرائط التسجيل العائدة لمسؤول العلاقات السياسية في الحزب «العربي الديمقراطي» رفعت عيد، للاطلاع عليها واتخاذ الموقف المناسب بشأنها، بناء لتوجيهات النائب العام التمييزي القاضي حاتم ماضي في أي حال، في غياب أي حلول ترضي جميع الأطراف، بقيت طرابلس أمس تعيش على وقع أصوات القذائف وتحت حمى القنابل ونيران الرشاشات، وتوترت الأوضاع في أكثر من منطقة، خارج باب التبانة. ومن مستجدات الأحداث يوم أمس، الاعتداء على محلات بتفجيرها وإطلاق النار عليها تعود إلى تجار مسيحيين في المدينة. ولقد عبر السكان عن سخطهم من استهداف مسيحيين، بعد أن كانت محلات تجارية تعود لأبناء الطائفة العلوية قد أحرقت ونهبت طوال الأشهر الماضية. واعتبر طرابلسيون هذا التحول مؤشرا خطيرا يذكر بأيام استيلاء حركة التوحيد الإسلامي على طرابلس في ثمانينات القرن الماضي، خلال الحرب الأهلية. واستهدف مسلحون المدنيين برصاص القنص، كما لم تسلم سيارات الإسعاف.
وأصدرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي، بيانا، أمس عبرت فيه عن قلقها البالغ إزاء «العواقب الإنسانية» الناجمة عن العنف المسلح في طرابلس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق