تعتبر قصة الأطفال الثلاثة محمد وبهاء وآمنة، الذين قضوا في تفجير مسجد التقوى من أكثر الصور والمشاهد التي تترك في النفس آلما عميقا، وتتحدث عن مدى حقد واضع المتفجرة أمام باب المسجد غير آبها ب...ما يمكن أن تسببه من آلام للناس ومن حرق للقلوب، وقتل للأطفال والمصلين، انها جريمة لا يمكن وصفها بأن توضع المتفجرة على أبواب دور العبادة وأن تنتشل جثث الأطفال والعجائز متفحمة من بين الأنقاض، ولعل قصة بهاء ومحمد وآمنة عبوس الذين قضوا في سيارة جدهم وأبيهم محمد أحمد تركي عبوس حرقا وهم يحضنون بعضهم من أقسى الجرائم دموية في العالم. وفي التفاصيل الذي يرويها الأخير مشاهد وجدانية حزينة تقشعر لها الأبدان. انها جريمة لا يمكن وصفها يرويها الجد والأب المفجوع بفقدان ولده وحفيديه من ابنته التي فقدت زوجها منذ شهر، أبو عشير يتحدث وهو راضيا بقضاء الله وقدره ويبدأ حديثه عن ولده محمد الذي كان يتلقى علاجا خاصا وبعد معاناة مع المرض شفاه الله منه ثم ليلقى حتفه في هذه الجريمة.
ويروي القصة المحزنة قائلا: كنت في البحر أنا والأطفال الثلاثة، وعند آذان الظهر هممت الى الصلاة وذهبت وإياهم الى منزل صديق لي في منطقة ضهر العين وقمت بتغسيلهم وغيّرت لهم ثيابهم وبعد ذلك اتجهت نحو المسجد لكي أصلي ووصلت الى جامع التقوى وعند وصولي إليه لم أجد مكانا لكي أركن سيارتي، فعند وصولي الى باب المسجد التقيت ببائع ليمون صديق وسمح لي أن أقف عند باب المسجد وكأن القدر يقول لي اتركهم هنا لكي يموتوا هنا، وطلبت من بائع الليمون أن يهتم بهم، وعند دخولي الى المسجد لم أجد مكانا فجلست في الساحة الخارجية والشيخ سالم الرافعي أطال الخطبة وكأن في ذلك أمر إيجابي فلو كان مقصّرا لها لازداد عدد الضحايا عند خروج المصلين.
وأضاف: وأنا جالس في مكاني سمعت صوتا قويا فأصبت بيدي وخاصرتي وتوجهت بسرعة نحو السيارة حيث الأطفال الثلاثة، فوجدت منظرا غريبا لم أرَ مثله من قبل في حياتي، النار تلتهم المكان والدراجات النارية بالأرض فبدأت أصرخ «الأطفال.. الأطفال» فتقدّمت إليهم فوجدت باصا كالذي استقله وبسبب قوة الانفجار خرجت المياه من الأرض فركضت اطفأ الباص فعندما انتهيت من اطفائه وجدت ان الباص الذي اطفأته ليس لي، وبدأت أبحث عن الباص حيث الأطفال والدخان يملا المكان فنزعت قميصي وأغرقته بالمياه ولفيته على وجهي حتى أدخل لأجد الأطفال، فلم استطع فالنار كانت كثيفة جدا، فجاءت الاطفائية التي لم تستطع أن تعمل بالرغم من انها مدت خراطيمها فبدل أن تساعدنا أصبحنا نحن من يساعدها فأصبحت مثل المذعور من المشاهد التي أراها، رأس إنسان مقطوع والأشلاء البشرية في كل مكان، المشهد كان مريبا فاتجهت الى الجهة الثانية من الطريق حيث كانت تركن دبابة للجيش اللبناني فصعدت الى ظهرها فإذا بي أشاهد سيارتي مطفأة فنظرت الى الأولاد فشاهدت مشهدا فظيعاً ولو قالوا لي أولادك ماتوا دون أن أراهم كان أفضل لي وأنا في كل لحظة أرى مشهدهم أمامي، فإذا بهم يضمون بعضهم وهم محروقين وحتى انني لم استطع أن أميّز بينهم وميّزت ابنتي الصغيرة جالسة على الطرف فسحبتها واتجهت الى الصليب الأحمر طالبا منهم أن ياتوني ببقية الأولاد، فسحبناهم بحالة لا يشبهون فيها الانسان ودون أي ملامح بشرية كالفحم الأسود وكان المجرم الذي قام بهذا العمل يرى ان النصر بقتل الأطفال، الذين فقدوا آباهم منذ شهر ونصف، وان النصر لسلاحه وقتوته يكون بقتل الأطفال.
وتابع: ذهبت بهم الى المستشفى الإسلامي وطلبت من أحدهم أن يربط كل واحد منهم بشريط حتى أميّزهم وحتى أقوم بدفنهم على أقل تقدير وحتى لا أضيّعهم فأخذناهم الى المقبرة ودفناهم الى جانب أبوهم الذي مات منذ شهر ونصف، ودفنت الفتى محمد الى جانب أمه وقلت لهم هنيئا لكم أصبحتم تحت الأرض ووجدتم ربا رحيما ولكن من يرحمنا في هذا البلد؟ تخيّل كيف لي أن أخرج صورهم من رأسي؟ وكيف يرحم الانسان أخيه الانسان، وأقول لو كانت إسرائيل قامت بهذا الأمر لا أحزن كثيرا ولكن عندما يفعل هذه الجريمة ابن بلدك وابن دينك وابن لبنان وابن جلدتك فهذا أمر فظيع، نحن التجأنا الى بيت من بيوت الله أيعقل أن يقتل هذا المجرم المصلين في بيوت الرحمن ويتلذذ بذلك كيف يمكن ذلك؟
وإذا كنت مسيحيا أو مسلما، فالاثنان ينتظرون لقاء المهدي والمسيح معا لماذا نقتل بعضنا ولماذا نشوّه الصورة الجميلة التي خلقها الله؟ لماذا نريد أن نعيد صورة الحرب؟ لقد عشت أيام الحرب ووجدت ان لا أي فريق استطاع أن يغلب الاخر، لماذا نريد ان نحارب بعضنا؟ لماذا قتل الأبرياء ولماذا هذا الظلم؟ فهل النصر بقتل الأطفال؟ لماذا المتنافسين في لبنان لا يقتلون بعضهم ويحرّضون الناس فقط؟ يظهرون على شاشات التلفزة فقط لاستعراض قوتهم وخلافاتهم وهم لا يهتمون لأمر الناس الضحايا؟!
واستغرب ما يقوم به مقدّمي البرامج وهم يفرحون عندما يتقاتل اثنان خلال لقاء حواري يجريه أحدهم وكلامهم أدى إلى احتقان الشارع اللبناني وتحريض الناس، نطلب من وسائل الإعلام عدم بث الكلام التحريضي الذي يطلقه السياسيون، وكائنا ما كان يحمل السلاح في هذا البلد هو حرام ان كبرت ذقنه أو صغرت هذا حرام، قتل المسلم حرام وقتل الانسان حرام، فكيف سنعيش؟ الأم التي فقدت زوجها ثم فقدت أطفالها الاثنين، هل من أحد شاهد ابنتي وهي تصرخ لولديها؟ وهي تقول لي يا أبي هل يسمعني أطفالي، من يشعر معي عندما صرخت لابني محمد من بين النار ولا استطيع ان أمد يد العون له؟ ومن سمع حفيدتي تصرخ يا جدي انقذني من النار؟ ماذا أقول لها انني كنت عاجزا أن أصل إليهم لانقذهم؟ هل من مؤمن بالله يرضى بهذا الأمر؟ الاجرام الذي طال الأولاد لا يُنسى، فالمادة التي وضعت بالمتفجرة حارقة وكلما أضفت المياه عليها تزداد.
وختم قائلا: افهموا يا سياسيين ان الحرب لا تجلب الا الحرب وان القتل يجر القتل، فالذي يجب أن يعاقب اليوم هو الذي أرسل المتفجرات واستأجر الناس صاحب الاموال الضخمة وليس واضعها وعندما يحاسب مرة واحدة الزعيم يقتدي بقية الزعماء به، فعندما يكون الزعيم خط أحمر لا يحاسب يستطيع أن يفعل ما يريد ويفجر متى يشاء، أشكو أمري لله. اتمنى ان يفقد من قتل أولادي وأحفادي أولاده كما فقدتهم وكما فقدت الأم ابنتي أولادها.
كتب ح. ح في جريدة اللواء
ويروي القصة المحزنة قائلا: كنت في البحر أنا والأطفال الثلاثة، وعند آذان الظهر هممت الى الصلاة وذهبت وإياهم الى منزل صديق لي في منطقة ضهر العين وقمت بتغسيلهم وغيّرت لهم ثيابهم وبعد ذلك اتجهت نحو المسجد لكي أصلي ووصلت الى جامع التقوى وعند وصولي إليه لم أجد مكانا لكي أركن سيارتي، فعند وصولي الى باب المسجد التقيت ببائع ليمون صديق وسمح لي أن أقف عند باب المسجد وكأن القدر يقول لي اتركهم هنا لكي يموتوا هنا، وطلبت من بائع الليمون أن يهتم بهم، وعند دخولي الى المسجد لم أجد مكانا فجلست في الساحة الخارجية والشيخ سالم الرافعي أطال الخطبة وكأن في ذلك أمر إيجابي فلو كان مقصّرا لها لازداد عدد الضحايا عند خروج المصلين.
وأضاف: وأنا جالس في مكاني سمعت صوتا قويا فأصبت بيدي وخاصرتي وتوجهت بسرعة نحو السيارة حيث الأطفال الثلاثة، فوجدت منظرا غريبا لم أرَ مثله من قبل في حياتي، النار تلتهم المكان والدراجات النارية بالأرض فبدأت أصرخ «الأطفال.. الأطفال» فتقدّمت إليهم فوجدت باصا كالذي استقله وبسبب قوة الانفجار خرجت المياه من الأرض فركضت اطفأ الباص فعندما انتهيت من اطفائه وجدت ان الباص الذي اطفأته ليس لي، وبدأت أبحث عن الباص حيث الأطفال والدخان يملا المكان فنزعت قميصي وأغرقته بالمياه ولفيته على وجهي حتى أدخل لأجد الأطفال، فلم استطع فالنار كانت كثيفة جدا، فجاءت الاطفائية التي لم تستطع أن تعمل بالرغم من انها مدت خراطيمها فبدل أن تساعدنا أصبحنا نحن من يساعدها فأصبحت مثل المذعور من المشاهد التي أراها، رأس إنسان مقطوع والأشلاء البشرية في كل مكان، المشهد كان مريبا فاتجهت الى الجهة الثانية من الطريق حيث كانت تركن دبابة للجيش اللبناني فصعدت الى ظهرها فإذا بي أشاهد سيارتي مطفأة فنظرت الى الأولاد فشاهدت مشهدا فظيعاً ولو قالوا لي أولادك ماتوا دون أن أراهم كان أفضل لي وأنا في كل لحظة أرى مشهدهم أمامي، فإذا بهم يضمون بعضهم وهم محروقين وحتى انني لم استطع أن أميّز بينهم وميّزت ابنتي الصغيرة جالسة على الطرف فسحبتها واتجهت الى الصليب الأحمر طالبا منهم أن ياتوني ببقية الأولاد، فسحبناهم بحالة لا يشبهون فيها الانسان ودون أي ملامح بشرية كالفحم الأسود وكان المجرم الذي قام بهذا العمل يرى ان النصر بقتل الأطفال، الذين فقدوا آباهم منذ شهر ونصف، وان النصر لسلاحه وقتوته يكون بقتل الأطفال.
وتابع: ذهبت بهم الى المستشفى الإسلامي وطلبت من أحدهم أن يربط كل واحد منهم بشريط حتى أميّزهم وحتى أقوم بدفنهم على أقل تقدير وحتى لا أضيّعهم فأخذناهم الى المقبرة ودفناهم الى جانب أبوهم الذي مات منذ شهر ونصف، ودفنت الفتى محمد الى جانب أمه وقلت لهم هنيئا لكم أصبحتم تحت الأرض ووجدتم ربا رحيما ولكن من يرحمنا في هذا البلد؟ تخيّل كيف لي أن أخرج صورهم من رأسي؟ وكيف يرحم الانسان أخيه الانسان، وأقول لو كانت إسرائيل قامت بهذا الأمر لا أحزن كثيرا ولكن عندما يفعل هذه الجريمة ابن بلدك وابن دينك وابن لبنان وابن جلدتك فهذا أمر فظيع، نحن التجأنا الى بيت من بيوت الله أيعقل أن يقتل هذا المجرم المصلين في بيوت الرحمن ويتلذذ بذلك كيف يمكن ذلك؟
وإذا كنت مسيحيا أو مسلما، فالاثنان ينتظرون لقاء المهدي والمسيح معا لماذا نقتل بعضنا ولماذا نشوّه الصورة الجميلة التي خلقها الله؟ لماذا نريد أن نعيد صورة الحرب؟ لقد عشت أيام الحرب ووجدت ان لا أي فريق استطاع أن يغلب الاخر، لماذا نريد ان نحارب بعضنا؟ لماذا قتل الأبرياء ولماذا هذا الظلم؟ فهل النصر بقتل الأطفال؟ لماذا المتنافسين في لبنان لا يقتلون بعضهم ويحرّضون الناس فقط؟ يظهرون على شاشات التلفزة فقط لاستعراض قوتهم وخلافاتهم وهم لا يهتمون لأمر الناس الضحايا؟!
واستغرب ما يقوم به مقدّمي البرامج وهم يفرحون عندما يتقاتل اثنان خلال لقاء حواري يجريه أحدهم وكلامهم أدى إلى احتقان الشارع اللبناني وتحريض الناس، نطلب من وسائل الإعلام عدم بث الكلام التحريضي الذي يطلقه السياسيون، وكائنا ما كان يحمل السلاح في هذا البلد هو حرام ان كبرت ذقنه أو صغرت هذا حرام، قتل المسلم حرام وقتل الانسان حرام، فكيف سنعيش؟ الأم التي فقدت زوجها ثم فقدت أطفالها الاثنين، هل من أحد شاهد ابنتي وهي تصرخ لولديها؟ وهي تقول لي يا أبي هل يسمعني أطفالي، من يشعر معي عندما صرخت لابني محمد من بين النار ولا استطيع ان أمد يد العون له؟ ومن سمع حفيدتي تصرخ يا جدي انقذني من النار؟ ماذا أقول لها انني كنت عاجزا أن أصل إليهم لانقذهم؟ هل من مؤمن بالله يرضى بهذا الأمر؟ الاجرام الذي طال الأولاد لا يُنسى، فالمادة التي وضعت بالمتفجرة حارقة وكلما أضفت المياه عليها تزداد.
وختم قائلا: افهموا يا سياسيين ان الحرب لا تجلب الا الحرب وان القتل يجر القتل، فالذي يجب أن يعاقب اليوم هو الذي أرسل المتفجرات واستأجر الناس صاحب الاموال الضخمة وليس واضعها وعندما يحاسب مرة واحدة الزعيم يقتدي بقية الزعماء به، فعندما يكون الزعيم خط أحمر لا يحاسب يستطيع أن يفعل ما يريد ويفجر متى يشاء، أشكو أمري لله. اتمنى ان يفقد من قتل أولادي وأحفادي أولاده كما فقدتهم وكما فقدت الأم ابنتي أولادها.
كتب ح. ح في جريدة اللواء
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق