الأربعاء، 27 نوفمبر 2013

عن التناصّ وجيرار جينيت

ما معنى التناصّ؟
هو وجود نصّ في نصّ، وسأستعين بعبارة للناقد الفرنسيّ جيرار جينيت، وسنكتشف ان نصّ جيرار هو نصّ قديم، وقد يراه القارىء نصا جديدا ، مبتكرا، من صنع جيرار جينيت، ولكن الحقيقة النصّية تقول غير ذلك.
التناصّ قد يخفى لأسباب متعددة، كأن يعlد الكاتب الى اخفاء الأمر عبر لعبة التمويه، وقد لا يخطر بباله ان يخفي لعبته الاّ على من لم يمرّ عليه قول سابق يمسّ النصّ الجديد.
في الفرنسيّة، كما في لغات كثيرة، نجد التعبير التالي:
Rira bien qui rira le dernier.
وعربيته:
يضحك كثيرا من يضحك أخيرا.
ومفاده ان العبرة في النهاية.
اذا لم يكن هذا القول الفرنسيّ المأثور مخزونا في ذاكرة القارىء فلن يكتشف لعبة جيرار التناصيّة، فجيرار جينيت يقول:
Lira bien qui lira le dernier.
لقد قام جيرار بإزاحة حرف واحد ووضع مطرحه حرفا آخر، نسف المعنى القديم لحساب معنى جديد، ولكن هل يخطر ببال جيرار توليد نصّ جديد على هذه الشاكلة لو لم يكن في ذاكرته القول الفرنسيّ المأثور؟
حتى ولو خطر بباله، فرضا، هذا القول هل كان سيكون له الوقع نفسه ؟
يقال ان الأمثال جامدة، لا احد يلعب بها، تنقل كما هي، خرق جيرار القاعدة، ومن خلال هذا الخرق قدّم لنا عبارة غنية الدلالات، هي من أهم أدوات القارىء المحترف.
والناقد هو ، أوّلا وأخيرا ، قارىء.
لا احد يدخل عاريا الى النصّ، ولا يمكنه ان يدخل عاريا الى النصّ، ولكن قد يقوم القارىء وهو في داخل النصّ بتغيير ملابسه، فلا يدخل كما خرج،  بل يكاد يتعذّر على الشخص ان يخرج من النصّ كما دخل، اي على قولة " تيتي تيتي متل ما رحتي ما ما جيتي"،وهو قول لا ترحّب به النصوص الاّ اذا دخل المرء نصّا من لغة لا يفقه منها حرفا.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق