زيادَةُ المَرء في دُنياهُ نقصانُ | وربْحُهُ غَيرَ محض الخَير خُسرانُ |
| وكُل وِجدانِ حَظٍّ لاثَباتَ لَهُ | فإنَّ مَعناهُ في التَّحقيق فِقْدانُ |
| يا عامِراً لخَرابِ الدَّهرِ مُجتهِداً | تاللهِ هل لخَرابِ الدَّهرِ عُمرانُ |
| ويا حَريصاً على الأموالِ يَجمَعُنا | أنْسِيتَ أنَّ سُرورَ المالِ أحْزانُ |
| زَعِ الفؤادَ عنِ الدُّنيا وزُخْرُفِها | فصَفْوُها كَدَرٌ والوَصلُ هِجْرانُ |
| وأَرعِ سَمعَكَ أمثالاً أُفَصِّلُها | كما يُفَصَّلُ يَاقوتٌ ومَرْجانُ |
| أحسِنْ إلى النّاسِ تَستَعبِدْ قُلوبَهُمُ | فطالَما استبَعدَ الإنسانَ إحسانُ |
| وإنْ أساءَ مُسيءٌ فلْيَكنْ لكَ في | عُروضِ زَلَّتِهِ صَفْحٌ وغُفرانُ |
| وكُنْ على الدَّهر مِعواناً لذي أمَلٍ | يَرجو نَداكَ فإنَّ الحُرَّ مِعْوانُ |
| واشدُدْ يَدْيكَ بحَبلِ الدِّينِ مُعتَصِماً | فإنَّهُ الرُّكْنُ إنْ خانَتْكَ أركانُ |
| مَنْ يَتَّقِ الله يُحْمَدُ في عَواقِبِه | وَيكفِهِ شَرَّ مَنْ عزُّوا ومَنْ هانُوا |
| مَنِ استعانَ بغَيرِ اللهِ في طَلَبٍ | فإنَّ ناصِرَهُ عَجزٌ وخِذْلانُ |
| مَنْ كانَ للخَيرِ مَنّاعاً فليسَ لَهُ | على الحَقِيقَةِ إخوانٌ وأخْدانُ |
| مَنْ جادَ بالمالِ مالَ النَّاسُ قاطِبَةٌ | إلَيهِ والمالُ للإنسان فَتّالُ |
| مَنْ سالَمَ النّاسَ يسلَمْ من غوائِلِهمْ | وعاشَ وَهْوَ قَريرُ العَينِ جَذْلانُ |
| مَنْ كانَ للعَقلِ سُلطانٌ عَلَيهِ غَدا | وما على نَفسِهِ للحِرْصِ سُلطانُ |
| مَنْ مّدَّ طَرْفاً بفَرطِ الجَهلِن نحو هَوىً | أغضى على الحَقِّ يَوماً وهْوَ خَزْيانُ |
| مَنْ عاشَرَ النّاسَ لاقى مِنهُمُ نَصبَاً | لأنَّ سوسَهُمُ بَغْيٌ وعُدْوانُ |
| ومَنْ يُفَتِّشْ عنِ الإخوانِ يقلِهِمْ | فَجُلُّ إخْوانِ هَذا العَصرِ خَوّانُ |
| منِ استشارَ صُروفَ الدَّهرِ قامَ لهُ | على حقيقةِ طَبعِ بُرهانُ |
| مَنْ يَزْرَعِ الشَّرَّ يَحصُدْ في عواقبِهِ | نَدامَةً ولِحَصدِ الزَّرْعِ إبّانُ |
| مَنِ استَنامَ إلى الأشرار نامَ وفي | قَميصِهِ مِنهُمُ صِلُّ وثُعْبانُ |
| كُنْ رَيَّقَ البِشْرِ إنْ الحُرَّ هِمَّتُهُ | صَحيفَةٌ وعَلَيها البِشْرُ عُنْوانُ |
| ورافِقِ الرَّفْقَ في كُلَّ الأمورِ فلَمْ | يندّمْ رَفيقٌ ولم يذمُمْهُ إنسانُ |
| ولا يَغُرُّكَ حَظُّ جَرَّهْ خرقٌ | فالخُرْقُ هَدمٌ ورِفقُ المَرءِ بُنْيانُ |
| أحسِنْ إذا كانَ إمكانٌ ومَقدِرهٌ | فلن يَدومَ على الإنسانِ إمكانُ |
| والرَّوضُ يَزدانُ بالنُّوَّارِ فاغِمةً | والحُرُّ بالأصلِ والإحسانِ يَزْدانُ |
| صُنْ حُرَّ وَجهِكَ لا تهتِكْ غْلائلَهُ | فكُلُّ حُرٍّ لُحرَّ الوَجهِ صَوّانُ |
| وإنْ لقِتَ عدُوّاً فَالْقَهُ أبَداً | والوَجهُ بالبِشْرِ والإشراقِ غَضّانُ |
| دَعِ التكاسُلَ في الخَيراتِ تطلُبها | فليسَ يسعَدُ بالخَيراتِ كَسْلانُ |
| لا ظِلَّ للمَرءِ يعرى من تُقىً ونُهىً | وإن أظلَّتْهُ أوراقٌ وأغصانُ |
| فالنّاسُ أعوانُ مَنْ وَالتْهُ دولَتُهُ | وهُمْ علَيهِ إذا عادَتْهُ أعوانُ |
| سَحْبانُ من غَيرِ مالٍ باقِلٌ حَصراً | وباقِلٌ في ثَراءِ المالِ سَحْبانُ |
| لا تُودِعِ السَّرَّ وَشّاءً يبوحُ بهِ | فما رعى غَنَماً في الدَّوِّ سِرْحانُ |
| لا تَحسِبِ النَّاسَ طَبْعاً واحِداً فَلهُمْ | غرائزٌ لسْتَ تُحصِيها وَأكْنانٌ |
| ما كُلُّ ماءٍ كصَدّاءٍ لوارِدِه | نَعَمْ ولا كُلُّ نَبْتٍ فهو سَعْدانُ |
| لا تَخدِشَنَّ بِمَطْلٍٍ وَجْهَ عارِفَةٍ | فالبِرُّ يَخدِشُهُ مَطْلٌ ولَيّانُ |
| لا تَستشِرْ غيرَ نَدْبٍ حازِمٍ يَقِظٍ | قدِ اسْتَوى مِنهُ إسْرارٌ وإعْلانُ |
| فللِتدابيرِ فُرْسانٌ إذا ركَضوا | فيها أبَرُّوا كما للِحَربِ فُرْسانُ |
| وللامُورِ مَواقيتٌ مُقَدَّرَةٌ | وكُلُّ أمرٍ لهُ حَدُّ ومِيزانُ |
| فلا تكُنْ عَجِلاً في الأمرِ تطلُبُهُ | فليسَ يُحمَدُ قبل النُّضْجِ بُحْرانُ |
| كفى مِنَ العيشِ ما قدْ سَدَّ من عَوَزٍ | وفيهِ للحُرِّقُنْيانٌ وغُنيانُ |
| وذو القَناعَةِ ؤاضٍ في مَعيشَتِهِ | وصاحبُ الحِرْصِ إن أثرى فَغَضبْانُ |
| حَسْبُ الفتى عقلُهُ خِلاًّ يُعاشِرُهُ | إذا تحاماهُ إخوانٌ وخُلاّنُ |
| هُما رضيعا لِبانٍ حِكَمةٌ وتُقىً | وساكِنا وَطَنٍ مالٌ وطُغْيانُ |
| إذا نَبا بكريمٍ موطِنٌ فلَهُ | وراءهُ في سَنَةٍ فالدّهرُ يَقظانُ |
| ما استَمْرأ الظُّلْمَ لو أنصْتَ آكِلُهُ | وهلْ يلَذُّ مَذاقٌ وهْوَ خُطْبانُ |
| يا أيُّها العَالِمُ المَرضِيُّ سيرَتُهُ | أبشِرْ فأنتَ بغَيرِ الماءِ رَيانُ |
| ويا أخَا الجَهلِ قد أصبَحْتَ في لُجَجٍ | وأنتَ ما بينَها لاشَكَّ عَطْشانُ |
| لا تحسِبَنَّ سُروراً دائماً أبَداً | مَنْ سَرَّهُ زمَنٌ ساءتْهُ أزمانُ |
| يا رافِلاً في الشَّبابِ الوَحْفِ مُنتشِياً | مِنْ كأسِهِ هلْ أصابَ الُّشْدَ نَشْوانُ |
| لا تَغتَرِرْ بشَبابٍ وارِفٍ خَضِلٍ | فكَمْ تَقدَّمَ قَبَ الشّيْبِ شُبّانُ |
| ويا أخَا الشَّيبِ لو ناصَحتَ نفسَكَ لم | يكُنْ لمثِلكَ في الإسرافِِ إمعانُ |
| هبِ الشَّبيبَةَ تُبْلي عُذرَ صاحبها | ما عُذْرُ أشَيبَ يَستهويهِ شَيْطانُ |
| كُلُّ الذُّنوبِ فإنَّ الله يغفِرها | إن شَيَّعَ المَرءَ إخلاصٌ وإيمانُ |
| وكُلُّ كَسْرٍ فإنَّ الله يَجبُرُهُ | وما لِكَسرِ قَناةِ الدِّينِ جُبْرانُ |
| إذا جَفاكَ خليلٌ كنتَ تألفُهُ | فاطلُبْ سِواهُ فَكُلُّ النَّاسِ إخوانُ |
| وإن نّبَتْ بِكَ أوطانٌ نَشَأُتَ بها | فارحَلْ فكلُّ بِلادِ اللهِ أوطانُ |
| والصّداِقُ البرُّ في الدُّنيا مُسَيْلمَةٌ | والأحَمَقُ الغُرُّ في النَّعْماءِ لُقمانُ |
| فأكْيَسُ النّاسِ مَنْ في كيسِهِ كِسَرٌ | لا مَنْ يُمَدُّ له في الفَضلِ مَيْدانُ |
| النّاسُ هَضْبُ شِمامٍ حَيْثُ مَيْسَرَةٌ | لَكِنَّهُمْ حَيْثُ مالَ المالُ أإصانُ |
| كُنّا نرى إنّما الإحسانُ مَكْرُمَةٌ | فاليَوْمَ مَنْ لا يَضُرُّ النَّاسَ مِحْسانُ |
| خُذْها سوائِرَ أمثالٍ مُهَذَّبَةٍ | فيها لِمَنْ يَبْتَغي التِّبيانَ تِبيانُ |
| ما ضَرّ حَسّاَنها والطَّبعُ صائَغُها | إنْ يقُلْها قَريعُ الشَّعرِ حَسّانُ |
الجمعة، 2 مايو 2014
نونية البستيّ الحكمية
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق