كل ما نكتبه يحتاج إلى إعادة كتابة أو صياغة. ولكن العمر
لا يسمح لك بذلك.
فالكتاب يتغيّر، وما الطبعات المنقحّة إلاّ اعترافات
بلانهائية ما يُكتب. كنت، ذات يوم، أشاهد مقابلة على التلفزيون مع الشاعر المصريّ أحمد
عبد المعطي حجازي، وطلب منه المذيع أثناء الحلقة قراءة بعض شعره.
كان عبد المعطي يقرأ، وكانت عدسة الكاميرا أو عين الكاميرا على الصفحة التي يقرأ منها . كنت
أتابع صوته والكلمات المكتوبة. لفت نظري أنّ الشاعر أبدل كلمة من النص المكتوب بكلمة
أخرى. تساءلت: لأفترض انّني أريد أن أحلّل القصيدة، أي قصيدة أحلّل؟ القصيدة
المكتوبة أم القصيدة المنطوقة؟ ألا تغيّر كلمة واحدة النصّ ومجريات المعنى حتّى
ولو كانت من المترادفات؟. صار النصّ نصّين. أعرف ذلك، فالأوراق التي تكون بين يديّ
تتغيّر باستمرار، ويطرأ التعديل على الشروحات. فبعد كلّ قراءة من خارج النص يتغيّر
معنى النص! النص بيانو، وكلّ موسيقار يستخرج السيمفونية الواحدة بشكل مغاير! أصابع
البيانو وأصابع الموسيقار لا يحبّان الرتابة!
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق